تجارب بعض الدول في مجال الإصلاح المالي
لقد برزت العديد من التجارب العربية والإقليمية في مجال الإصلاح المالي، نتطرق إلى التجارب التي يمكن أن تكون متقاربة مع أوضاعنا الاقتصادية اليمنية، وعلى النحو الآتي:
النموذج السنغافوري يُعد من أهم النماذج المعاصرة رغم افتقارها إلى كثير من الموارد واعتمد بصورة أساسية على إشراك القطاع الخاص ودوره في تمويل الاستثمار فضلًا عن دوره في زيادة كفاءة المدخرات المحلية[1].
وقد اعتمدت هذه التجربة على مجموعة من الأسس والإجراءات، أبرزها ما يلي:
تعرض الاقتصاد السوداني لكثير من التشوهات الاقتصادية نتيجة زيادة الإنفاق الحكومي وزيادة السيولة النقدية وإسهام السياسة الاقتصادية في هيمنة القطاع العام وما ترتب على كل ذلك من تعميق الاختلالات والتشوهات الاقتصادية فارتفع عجز الميزانية إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفع معدل التضخم لأكثر من 155% وارتفعت المديونية الخارجية إلى حوالي 300% من الناتج المحلي الإجمالي[2].
تبنت الحكومة السودانية برنامجًا اقتصاديًا بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، كان المحور الأساسي لهذا البرنامج السيطرة على التضخم ووقف تدهور الوضع الخارجي واستقرار سعر الصـرف وخفض عجز الموازنة، عن طريق خفض الإنفاق العام وإصلاح الهيكل الضـريبي والسيطرة على معدلات نمو الكتلة النقدية، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص، وقد أدت هذه الإصلاحات إلى نتائج إيجابية على صعيد الاستقرار والنمو الاقتصادي، لاسما فيما يتعلق بعجز الميزانية.
اتجهت السودان إلى تدابير رئيسة لتحيق الاستقرار وتندرج تلك السياسات تحت صنفين:
الغرض من تلك السياسات هو تعديل مستوى النشاط الاقتصادي عن طريق تخفيض الطلب الكلي، وتتمثل في تلك التدابير الأساسية؛ لتحقيق خفض الإنفاق في السياسة المالية العامة (التي تتعلق بالضرائب والإنفاق الحكومي).
هي التدابير التي تنطوي على تحويل الإنفاق بين القطاع الداخلي والخارجي، وعادة ما يكون ذلك عن طريق زيادة الصادرات من السلع والخدمات وخفض الواردات منها.
أما السياسات الهيكلية التي اتبعتها السودان كانت تهدف إلى التأثير في الطاقة الإنتاجية وعلى معدلات إنتاجية الاقتصاد السوداني عن طريق رفع كفاءة استخدام عوامل الإنتاج وتخصيص الموارد، بالإضافة إلى ذلك اتخاذ تدابير تتعلق بتغير النظم القانونية والإدارية أو تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لتخفيض تكلفة التصحيح الهيكلي[3].
اتخذت الحكومة الأردنية إجراءات تتعلق بالإصلاح المالي للخروج من الأزمات الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد الأردني بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
فقد عملت الحكومة الأردنية مجموعة من الإجراءات والسياسات المالية، كاستراتيجيات مالية ترمي الحكومة عن طريقها تحقيق نجاحات، سواء في إعادة جدولة الديون عن طريق تطوير سوق أدوات الدين العام، وتحرير التجارة الخارجية وإزالة العوائق على الاستيراد، وكذلك إلغاء التعرفة الجمركية والتوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى إعطاء الصادرات الأردنية ميزة الدخول إلى تلك الأسواق، وأيضًا تخفيض الرسوم الجمركية على تلك الصادرات[4].
إنشاء المناطق الحرة الصناعية، ثم إنشاء منطقة العقبة الخاصة لتشجيع التجارة والاستثمار التي قدمت عن طريقها كثير من الامتيازات لتشجيع الاستثمار الأجنبي في قطاعات السياحة والصناعة والخدمات التجارية.
كذلك من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية لتحسين وضع المالية العامة هي الرفع التدريجي للدعم عن السلع الرئيسة مثل الحبوب والنفط.
اتخذت - أيضًا - إجراءات متعلقة بالخصخصة وتحسين بيئة العمل وتشـريع قانون يحكم عملية الخصخصة، ولقد رافق برنامج الخصخصة العديد من الإصلاحات القانونية؛ من أجل تحسين بيئة العمل، حيث هدفت هذه الإصلاحات إلى تحقيق الأهداف الآتية:
ويمكن استعراض أهم الأدوات التي استخدمتها السياسة المالية خلال مرحلة تطبيق برامج التصحيح كانت ترمي إلى الحد من الطابع التوسعي؛ بهدف احتواء العجز المزمن في الموازنة تدريجيًا، وذلك عن طريق العمل على تنمية الإيرادات المحلية وترشيد الإنفاق العام، وفي سبيل ذلك اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات التي من شأنها العمل على تنمية الإيرادات المحلية وزيادة مرونتها ومن أبرز تلك الإجراءات ما يلي:
في مجال الضـرائب الجمركية وضمن سعي الحكومة لتوسيع هامش حرية التجارية وتشجيع الاستثمار وزيادة القدرة التنافسية للصناعة الأردنية أجرت الحكومة تخفيضات جوهرية على الرسوم المفروضة على السلع المستوردة خاصة المواد الأولية والوسيطة.
إصدار قانون توحيد الرسوم والضـرائب جرى بموجبه توحيد الرسوم والضـرائب كافة؛ بحيث يجري استيفاء هذه الرسوم والضرائب في بند واحد ووفق جدول واحد.
في مجال الإصلاح الجمركي عملت دائرة الجمارك على اعتماد النظام المنسق للتعرفة الجمركية، وهو عبارة عن جدول دولي متطور لتصنيف وتبويب السلع وفق أسس علمية ثابتة وضمن مجموعات رئيسة.
في إطار الإصلاح الضـريبي الشامل - الذي يهدف إلى تطوير نظام النظام الضـريبي وزيادة مرونته واستقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية - عدلت الحكومة قانون ضريبة الدخل وتفعيل إجراءات ونظام التقدير الذاتي لضـريبة الدخل والبدء بأسلوب اختيار العينات في تدقيق الكشوفات.
في جانب النفقات العامة عملت الحكومة الأردنية مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى تقليص النفقات العامة وتخفيض نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي، عن طريق ضبط الإنفاق الجاري لاسيما النفقات التحويلية منها، ومن أبرزها دعم الموارد والتموين والمؤسسات بالإضافة إلى جانب ترشيد مشتريات الحكومة من السلع والخدمات وضبط النمو في فاتورة الأجور والمرتبات.
اتخذت الحكومة الجزائرية مجموعة من الإجراءات والتدابير المتعلقة في جانب الموازنة عن طريق[5]:
اتبعت مصـر برنامجًا للإصلاح الاقتصادي؛ بسبب اختلال الناتج عن عجز الموازنة العامة وعدم قدرة المدخرات المحلية بتغطية الاستثمارات المطلوبة بالإضافة إلى اختلال هياكل القطاعات الاقتصادية والوحدات الإنتاجية، ومن ثم تدهور أداء وحدات القطاع العام، ومن ثَمَّ زيادة العبء على الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى عدم القدرة على تحويل الاستثمارات الخاصة بإقامة البنية الأساسية وإحجام القطاع الخاص عن الإسهام في المشـروعات التنموية الأساسية.