رؤية مستقبلية للحكومة الإلكترونية في الجمهورية اليمنية
لم تعد الحكومة الرقمية أداة مساعدة أو قائمة بذاتها، كما أنها لا تمثل حلًا سحريًا لأوجه القصور أو عدم الكفاءة الحكومية، يجب أن يكون اعتبارها جزءًا لا يتجزأ ومتكاملا مع الأداء المادي للمؤسسات العامة وتقديم الخدمات. إن التنمية الرقمية حتمية، والتقاعس عن العمل أو الإجراء الخاطئ يمكن أن يكون مكلفًا من حيث ضياع فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويزيد من المخاطر لا سيما تلك المرتبطة بقضايا الأمن الإلكتروني والخصوصية.
يستلزم تنفيذ الحكومة الإلكترونية تخصيص موارد مالية ضخمة التي تستلزم التفكير والدراسة بعناية حيث إنَّ الحكومة الإلكترونية مصممة لتقليل حالات الفشل، ومن ثَمَّ خسارة العائد المتوقع على الاستثمار. يعد التصميم الدقيق للحكومة الإلكترونية أمرًا ضروريًا؛ لأنه من الحقائق المعروفة أن تنفيذ الحكومة الإلكترونية قد يكون حلمًا يصعب تحقيقه عندما لا تتوافر الأساليب التي تساعد على تنفيذه بنجاح؛ لأنه من الحقائق الثابتة أن معظم عمليات تنفيذ الحكومة الإلكترونية تفشل[1].
في الجمهورية اليمنية تواجه الحكومة الإلكترونية تحديات هائلة على مستويات متعددة؛ نتيجة للصـراعات المستمرة وعدم الاستقرار السياسي، هذه التحديات يمكن أن تقوض التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، حيث يتفاقم النقص الحاد في الموارد و "هجرة العقول" (هجرة رأس المال البشـري)، ومع ذلك فإن هناك -أيضًا- فرصًا كبيرة لتطوير الحكومة الإلكترونية في اليمن وتوفير الخدمات التي تركز على الناس بطريقة تقوي الثقة في الحكومات والمؤسسات العامة، عن طريق استغلال الموارد المتاحة والتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين.
من المهم أن يرى رأس الهرم القيادي للدولة، وكذلك أن ترى الحكومة أن تنفيذ الحكومة الإلكترونية يعتبر أولوية لإصلاحات الخدمة العامة، كما يجب أن تتهيأ البيئة والظروف المناسبة وتتظافر الجهود لتنفيذ مشـروع الحكومية في اليمن بنجاح، وسنستعرض أهم العوامل والمجالات التي يجب أخذها بالاعتبار لتنفيذ الحكومة الإلكترونية في اليمن في الفقرات الآتية:
هناك حاجة إلى القيادة المناسبة للحفاظ على مجموعة القواعد وتنسيقها لتوجيه مبادرات الحكومة والمعايير والاتفاقيات التي تحدد العلاقات بين مختلف أصحاب المصلحة في الحكومة الإلكترونية[2].
لذلك تعد القيادة عنصرًا أساسيًا في تطوير الحكومة الإلكترونية؛ لأنها توفر خرائط طريق استراتيجية يجب اتباعها في تطوير الحكومة الإلكترونية، إضافة لذلك ولأن التكنولوجيا تتغير باستمرار فهناك حاجة إلى قيادة حكيمة لكي تتمكن الحكومة الإلكترونية من مراقبة طبيعتها القابلة للتطوير وتكون قادرة على التكيف في الوقت المناسب.
يتضح من مساعي مختلفة لتطبيقات الحكومة الإلكترونية أنه لا يمكن أن تنجح (الحكومة الإلكترونية) دون الالتزام والدعم المناسبين من التسلسلات الهرمية للقيادة والفاعلين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذين يجب أن يأخذوا دورًا رائدًا في مساعي التنفيذ. يتطلب نجاح الحكومة الإلكترونية أن يعمل مختلف أصحاب المصلحة المشاركين في تنفيذها، مثل: (الموظفين العموميين، والقادة السياسيين، والأفراد) بشكل جماعي معًا بحيث يمكن أن تسفر جهودهم المنسقة من جبهات متعددة عن نتائج إيجابية.
إن إنشاء هيئة مختصة بالحكومة الإلكترونية؛ بحيث تكون قائدة تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية وتتبع أعلى الهرم القيادي في أجهزة الدولة يعد أولوية قصوى، سيتم تفصيل عملها في الفقرات الآتية.
أدى المركز الوطني للمعلومات دورًا مهما في تطوير مجتمع المعلومات كما أشرنا لذلك سابقًا، وأشرنا سابقًا إلى عدم التنسيق وعدم وضوخ المهام والاختصاصات لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والمركز الوطني للمعلومات والتهميش الذي حصل للمركز الوطني للمعلومات واستئثار الوزارة بتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية في اليمن.
إن تحديد الأدوار والمهام بشكل جيد للجهات الحكومية المسؤولة بشكل أساسي عن تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية في اليمن سيكون عاملًا مهمًا وحاسمًا في توحيد الجهود والتعاون المشترك وتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية بشكل فعال.
وبعد الاطلاع على تجارب دول أخرى نقترح الآتي:
هي قائدة تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية، والجهة المنظمة لأعمال الحكومة الرقمية في الجهات الحكومية، وراسمة السياسات والخطط التنفيذية والمسؤولة عن متابعة تنفيذها في الجهات الحكومية المختلفة، وكذلك المسؤولة عن قياس أداء الجهات الحكومية وقدراتها في مجال الحكومة الرقمية ورضا المستفيد؛ من أجل الوصول إلى حكومة رقمية قادرة على تقديم خدمات رقمية ذات كفاءة عالية، وتحقيق التكامل في مجال الحكومة الرقمية بين كافة الجهات الحكومية، وبعبارة أخرى مختصـرة، هي الجهة المختصة بكل ما يتعلق بالحكومة الرقمية، وتعد المرجع الوطني في شؤونها، ولتحقيق ذلك يجب أن تتبع أعلى الهرم القيـادي المؤسسي المتمثل في رئاسة الجمهورية.
إن إنشاء الهيئة سيوقف الجهود غير المنسقة بين الجهات الحكومية لتنفيذ الحكومة الإلكترونية وما يترتب عليها من إهدار كبير للموارد الشحيحة والجهود، كما أن تبعية الهيئة لأعلى الهرم القيـادي المؤسـسي سيعطيهـا السلطات اللازمة لتوحيد الجهود وتنسيقها والإشراف على التنفيذ في الجهات الحكومية المختلفة.
المركز بأهدافه الحالية يتقاطع بشكل كبير مع أهداف وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومرتبط بشكل كبير في تحقيق أهدافه بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات؛ لذا يجب إعادة كتابة أهدافه واستبعاد الأهداف المرتبطة بتنفيذها بشكل مباشر بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات.
دور المركز كبير جدًا في تنفيذ مشروع الحكومة الرقمية ويمكن تطوير مهامه؛ بحيث تشمل:
في البداية من المهم الإشارة إلى أن توفر الإرادة السياسية القوية لتنفيذ برنامج الحكومة الإلكترونية يعد فرصة يجب استغلالها للنهوض بالبلاد، والإصلاح الشامل يتطلب إعداد خطة التنمية المستدامة لليمن طويلة المدى في جميع القطاعات مع التركيز على قطاعات مهمة كأولوية ملحة، ويجب أن تقسم إلى مراحل، ويفضل أن تكون كل مرحلة من خمس سنوات لديها أهدافها وخططها التنفيذية وآليات التقييم المستمر.
وحقيقة فإن التجارب اليمنية سيئة في هذا المجال، وإعداد خطة تنمية طموحة ومستدامة وطويلة الأجل تتطلب وجود خبراء محليين وإقليميين أو دوليين لإنجاز مشـروع بهذا الحجم الكبير؛ بحيث تكون الأهداف والخطط واقعية وواضحة المعالم، ويقرأ من تجارب اليمن السيئة في هذا المجال أن الخطط لم تعد بشكل جيد، كما أنها لا تشمل خطط تنفيذية تتضمن الجدول الزمني للأنشطة، وكذلك الموارد البشرية والمادية المطلوبة بدقة.
ومن المهم أن تتضمن خطة التنمية لليمن إعادة النظر في الإجراءات والممارسات الإدارية للقضاء على العوائق الإدارية والروتين والإجراءات غير الضـرورية الموجودة في الدوائر الحكومية، وكذلك هدف تحقيق المرونة التنظيمية للمؤسسات الحكومية لتمكينها من أن تكون أكثر قدرة على الاستخدام الفعال والمناسب للاتصالات وتقنيات المعلومات.
الاستراتيجية الوطنية للحكومة الإلكترونية هي خطة طويلة المدى لتطوير الحكومة الإلكترونية تحدد الرؤية والأهداف وكيفية تحقيق هذه الأهداف بناءً على القدرات الداخلية واحتياجات أصحاب المصلحة والعوامل الخارجية الأخرى، عن طريق مجموعة متماسكة من المبادرات الملموسة، كما تحدد المبادرات ذات الأولوية والتحديات والسياسات واللوائح والتدابير المطلوبة لتحقيق النجاح.
يجب مراجعة الاستراتيجية الوطنية للحكومة الإلكترونية وتطويرها؛ لتكون قوية وتلائم خطة التنمية المستدامة لليمن والتطورات والواقع اليمني، ويجب إشراك الجهات ذات العلاقة والاستعانة بالخبرات الوطنية والإقليمية أو العالمية لتجهيز الاستراتيجية وخططها التنفيذية المستدامة وطويلة المدى.
كما يجب عدم التسـرع في تجهيز الاستراتيجية الوطنية وخططها التنفيذية، حيث إنَّ التخطيط الجيد سيؤدي إلى نتائج إيجابية جدًا وملموسة لأنها قدمت خريطة طريق وآليات لتنفيذ الحكومة الإلكترونية واضحة المعالم، وسيؤدي ذلك - أيضًا - لتوفير الجهد والموارد، كما يجب أن تتواكب مع خطة التنمية المستدامة لليمن ومراحلها وتسعى لتحقيق أهداف خطة التنمية، وأن تكون واقعية ومستدامة وطويلة الآجل مقسمة إلى مراحل، ويفضل أن تكون كل مرحلة من خمس سنوات، وتتضمن آليات التقييم المستمر.
لا بد أن تتضمن الاستراتيجية الوطنية للحكومة الرقمية السياسات والتـشريعات اللازمة لتنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية، وقد قطعت اليمن شوطًا لا بأس به كما هو موضح في القسم و- من الفصل السابق مع أنه لا يطبق - فعليًا - أيٌّ منها، ومع ذلك فإصدارها يعتبر خطورة جيدة.
يجب أن تُراجع السياسات والقوانين الموجودة وإصدار البقية؛ بحيث تتواكب مع التطورات وتستفيد من تجارب الدول الأخرى وتراعي الخصوصية اليمنية أهمها:
البنية التحتية للاتصالات ضعيفة جدًا في اليمن وتحتاج إلى إمكانات وجهود ضخمة لتطويرها في جميع المجالات، يجب إدراك أن تحسين البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات يساعد على بناء أساس متين لتسريع الانتقال إلى الحكومة الإلكترونية.
كما يجب تخفيض تكلفة الاشتراك واستخدام الإنترنت في اليمن بما يتناسب مع متوسط الدخل القومي الإجمالي للفرد، هذا التحدي يجعل من الصعب تضييق الفجوات في تطور الحكومة الإلكترونية وسد الفجوات الرقمية، ويجب كسـر الاحتكار وفتح المجال أمام القطاع الخاص؛ للإسهام في تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وفتح باب المنافسة مع القطاع العام في خدمة تزويد الإنترنت، وكذلك الحال مع خدمات الإنترنت مثل خدمات الاستضافة والحوسبة السحابية والإيميلات وتأجير السيرفرات وغيرها.
لا بد من الإقرار بالدور الاستراتيجي الذي يؤديه صانعو السياسات المحليون عوامل محفزة للتغيير، وكذلك بالدور الحاسم للحكومات المحلية في تحقيق التنمية المستدامة، حيث إنَّ معظم أهداف التنمية المستدامة لها أهداف ترتبط ارتباطًا مباشرًا أو غير مباشر بالحياة على الصعيد المحلي؛ إذ تتمتع السلطات المحلية بتفاعل مباشر أكبر مع السكان، ووضعها يؤهلها لتكييف الأهداف الإنمائية مع الحقائق المحلية وضمان الاستثمار المجتمعي في عمليات التنمية ونتائجها.
إن توفير الخدمات العامة المحلية إلكترونيًا خطوة لا بد منها في طريق تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية، ومن المهم للغاية أن يجرب جمع واستغلال البيانات على الصعيدين العام (على مستوى البلاد) والمحلي (السلطة المحلية)؛ لأن ذلك يمكن أن ييسـر التخصيص الأمثل للموارد المستهدفة ويزيد من القيمة العامة.
يجب التركيز على المجالات الاستراتيجية للسياسة الرقمية التي تهدف إلى تطوير مؤسسات وحوكمة عامة محلية فاعلة وخاضعة للمساءلة وشاملة، كما يجب وضع الأطر المؤسسية والقانونية والاستراتيجية الجيدة على مستوى البلديات، ويجب صياغة استراتيجية الحكومة الإلكترونية المحلية بشكل جيد؛ بحيث تسهم بشكل فاعل في تنمية وتعزيز نموذج الإدارة المحلية المستدامة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يمكن أن كون تنفيذ مشـروع المدن الذكية أحد الأهداف بعيدة المدى، حيث يمكن استخدام تكنولوجيات إنترنت الأشياء وغيرها من وسائل التكنولوجيا المرتبطة في المدن الذكية والنقل الذكي والزراعة الدقيقة والرعاية الصحية وغيرها من المجالات والقطاعات الرئيسة.
يمكن تعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد بنشـر المعلومات الحكومية على المواقع الإلكترونية وإنشاء قنوات للتواصل مع المواطنين والمجتمع المدني، حيث يعد إتاحة البيانات والمعلومات والموارد الرقمية الحكومية بسهولة للجمهور أمرًا بالغ الأهمية ليس فقط لتحسين العمليات الإدارية وتقديم الخدمات العامة، ولكن - أيضًا - للمشاركة مع المجتمعات وبناء الثقة.
تعمل الحكومات على تعزيز الثقة عن طريق نشـر مجموعات البيانات في أشكال مجانية ومفتوحة للاستخدام العام، ويساعد الوصول إلى بيانات الحكومة المفتوحة على منع التلاعب بالمعلومات ويسهم في جهود القطاع العام الرامية إلى زيادة الشفافية ومكافحة الفساد وتعزيز مساءلة القطاع العام.
يجب أن يصبح الأفراد والشركات قادرين على التفاعل بشكل متزايد مع المؤسسات العامة عن طريق المنصات عبر الإنترنت، والحصول على معلومات عن التشـريعات المتعلقـة بحرية المعلومات، والوصول إلى المحتوى العام والبيانات.
تشكل الجريمة السيبرانية مصدر قلق متزايد للدول على جميع المستويات نتيجة للارتفاع الكبير في الجرائم الإلكترونية والهجمات الإلكترونية في السنوات الأخيرة، فضـريبة الاعتماد الكبير على التكنولوجيا هو فتح الأبواب أمام التهديدات السيبرانية المتزايدة، مثل الاختراقات الإلكترونية والهجمات الضارة وسرقة البيانات. هذه التهديدات قد تؤدي إلى تعطيل الخدمات الحكومية، وتسرب المعلومات الحساسة، والتأثير في الاستقرار الاقتصادي والأمن القومي.
هنا تأتي أهمية إنشاء هيئة مختصة بالأمن السيبراني؛ بحيث توفر الحماية والاستعداد للتهديدات السيبرانية للحكومة الإلكترونية وبقية القطاعات الرقمية، وتعمل على تعزيز الثقة في الخدمات الرقمية وتعزيز الأمان والاستقرار في البنية التحتية الرقمية؛ ما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المستدامة، وهنا نذكر أبرز المهام التي يجب أن تقوم بها الهيئة:
يعد تنفيذ مشروع الهوية الرقمية أحد الأركان الرئيسة لتنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية؛ لما له من أهمية كبيرة في تطوير الخدمات الحكومية وتحسين التفاعل بين المواطنين والحكومة، نوجز في النقاط الآتية بعض ميزات مشروع الهوية الرقمية:
تعاني اليمن من الافتقار إلى نظام عنونة يسهل الوصول للمواقع السكنية والتجارية والحكومية، حيث يكون الوصول في الوضع الحالي عن طريق الوصف وتحديد أقرب معلم، وهذه مشكلة كبيرة تواجه الحكومة والقطاع التجاري والتجارة الإلكترونية والدفاع المدني والاسعاف وغيرها الكثير.
يعد مشـروع العنوان الوطني أحد أهم عناصر نجاح مشـروع الحكومة الإلكترونية، كأداة حيوية في تحقيق الحكومة الإلكترونية وله أهمية كبيرة في تنفيذها بنجاح. كالآتي:
تعد البيانات المكانية ذات أهمية كبيرة لتحقيق نجاح مشـروع الحكومة الرقمية. يشير مصطلح "البيانات المكانية" إلى البيانات التي تحتوي على معلومات عن المواقع الجغرافية والمعالم والمسارات والعناصر الأخرى ذات الصلة بالمكان، وفيما يلي أهمية تنفيذ مشـروع البيانات المكانية في تنفيذ مشـروع الحكومة الرقمية.
يوفر تطبيق البيانات المكانية في مشـروع الحكومة الرقمية إمكانية تحديد وتحديد المواقع الجغرافية للمستفيدين من الخدمات الحكومية، ويمكن استخدام هذه المعلومات لتوجيه الخدمات والموارد بطريقة فاعلة وفاعلة إلى المناطق التي تحتاج إليها بشكل أكبر، من ثَمَّ تحسين توصيل الخدمات الحكومية وتلبية احتياجات المواطنين والمؤسسات.
يمكن أن توفر البيانات المكانية للحكومة مصدرًا قويًا للمعلومات الجغرافية والتحليلات المكانية، فباستخدام تقنيات التحليل المكاني والذكاء الاصطناعي يمكن للحكومة استخدام هذه البيانات لاتخاذ قرارات أفضل وأكثر ذكاءً على سبيل المثال: يمكن استخدام البيانات المكانية لتحديد الأماكن التي تحتاج إلى توسيع البنية التحتية أو تحسين الخدمات العامة، مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة وتوفير الموارد.
توفر البيانات المكانية مستوىً جديدًا من الشفافية والمساءلة في الحكومة الرقمية، وتسجيل وتوثيق جميع الأنشطة الحكومية التي تتعلق بالمواقع الجغرافية والمعالم والخدمات المقدمة، بفضل هذه البيانات يمكن للمواطنين والمؤسسات الوصول إلى معلومات محددة حول المشاريع والخدمات والأنشطة التي تتعامل معها الحكومة، وتعزيز الشفافية والثقة بين الحكومة والمواطنين وتشجيع المشاركة المدنية.
تؤدي البيانات المكان دورًا مهمًا في إدارة الكوارث والأزمات، حيث يمكن استخدام البيانات المكانية لتحديد المناطق المتأثرة بالكوارث وتحليل انتشارها وتقدير الأضرار وتوجيه جهود الإغاثة والإنقاذ. يمكن - أيضًا - استخدام البيانات المكانية لتنظيم عمليات الإجلاء وتحسين استجابة الحكومة للكوارث وتقليل الخسائر البشرية والمادية.
توفر البيانات المكانية قاعدة قوية للابتكار والتطوير في مشـروع الحكومة الرقمية؛ لاستخدام البيانات لتطوير تطبيقات وخدمات جديدة تستفيد من المعلومات الجغرافية، مثلًا تطوير تطبيقات الهاتف المحمول لتوفر خدمات الإرشادات التوجيهية لخط السير المناسب وبحث الأماكن وتتبع المواصلات العامة؛ يؤدي هذا الابتكار والتطوير إلى تحسين تجربة المستخدم وتعزيز الاستخدام الفعال للتكنولوجيا في الحكومة والقطاع التجاري والتجارة.
خطت الحكومة اليمنية خطوة مهمة في تنفيذ مشروع البيانات المكانية عن طريق إنشاء المركز اليمني للاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية تحت إدارة وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومازال المركز يبذل جهود طيبة ويحتاج إلى دعم في الموارد والتدريب والتأهيل لتنفيذ خططه في جمع البيانات وتشكيل الخرائط المكانية لأهميتها الموضحة أعلاه، فيما يلي قائمة بأهم الخرائط المكانية التي يجب تكوينها و/أو استكمالها:
تهدف الحكومة الإلكترونية إلى تحسين تفاعل الحكومة مع المواطنين والشـركات وتسهيل توفير الخدمات الحكومية بشكل فعال ومريح عبر الإنترنت، وتتضمن الاستراتيجية الوطنية للحكومة الإلكترونية الخطط التنفيذية والمراحل الزمنية لتنفيذ الحكومة الإلكترونية، ومن بينها الخدمات الإلكترونية، في حالات كثيرة يرتبط وجود أو تقديم خدمة إلكترونية حكومية بوجود خدمات أخرى أساسية فمثلًا لا يمكن تقديم خدمة إصدار بطاقة الهوية الوطنية أو جواز السفر أو البطاقة العائلية أو شهادة الميلاد أو الوفاة وغيرها من غير وجود نظام للهوية الرقمية، حيث يمكن التحقق من هوية الشخص من دون حضوره إطلاقًا لمقر الجهة الحكومية المسؤولة عن الخدمة، كما لا يمكن إيصال الوثيقة إلى مقر جهة العمل للشخص أو المنزل من دون عنوان وطني؛ بحيث تصل الوثائق إلى الشخص بدقة ولا تصل إلى أيدي أشخاص آخرين غير معنيين، وبدون خدمة العنوان الوطني سيضطر الشخص إلى الحضور إلى مقر الجهة الحكومية المعنية.
توفر الحكومات عادة بوابة رئيسة واحدة "المحطة الشاملة" لتقديم جميع الخدمات الإلكترونية للأفراد والشـركات؛ بحيث يسهل الوصول لها، يجب أن تتضمن الاستراتيجية الوطنية للحكومة الإلكترونية أولوية تقديم الخدمات الإلكترونية الحكومية للقطاعات الأكثر أهمية مثل الصحة والتعليم والتوظيف والبيئة والحماية الاجتماعية والقضاء، حيث يمكن للمستخدمين تقديم طلبات الاستشارة القانونية وتقديم الشكاوى ورفع القضايا ومتابعة حالاتهم القضائية.
أيضًا عمل أولوية للخدمات الإدارية، مثل إصدار الهوية الشخصية والبطاقة العائلية وشهادة الميلاد والوفاة وتجديد جوازات السفر وتراخيص القيادة والتسجيل العقاري والتصاريح بأنواعها. والحال مع المنصات التي تعزز الرقابة وتكافح الفساد مثل كالمشتريات الإلكترونية، تقديم الإقرارات الضريبية ودفع الرسوم والضـرائب عبر الإنترنت، وخدمات الجمارك.
خدمات الأعمال الإلكترونية يجب أن تأخذ نصيبها - أيضًا - في أولوية التنفيذ لما لأهميتها في تنشيط القطاع التجاري بحيث يمكن للشـركات والأفراد تقديم طلبات التسجيل وإصدار التراخيص.
وفي الخلاصة يجب أن تكون الخدمات المقدمة شاملة وتتوافق مع احتياجات المجتمع وتسهم في تحسين تجربة المستخدم وتحقيق الشفافية والكفاءة في العمل الحكومي.
عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية فإن تقليل الأمية والفجوة الإلكترونية يعد أمرًا حاسمًا، فالهدف من هذا المشـروع هو توفير خدمات حكومية متاحة للجميع بشكل شامل وعادل، ويتطلب تجاوز تحديات تواجهها الشـرائح السكانية ذات الوصول المحدود للتكنولوجيا والمعرفة.
تعد الأمية والفجوة الإلكترونية عائقين رئيسين يمكن أن تواجه المواطنين في الوصول إلى خدمات الحكومة الإلكترونية، ومن المتوقع أن يوفر مشـروع الحكومـة الإلكترونيـة خدمات حكومية متاحة للجميع بشكل شامل وعادل، وذلك يتطلب تجاوز التحديات التي تواجهها الشـرائح السكانية ذات الوصول المحدود للتكنولوجيا والمعرفة.
ومع ذلك فهناك عدة أسباب تجعل تقليل الأمية والفجوة الإلكترونية أمرًا ضروريًا ومهمًا:
وباختصار لتقليل الأمية والفجوة الإلكترونية في تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية، يجب اتخاذ عدة إجراءات، يشمل ذلك توفير التعليم والتدريب على المهارات الرقمية للأفراد، وتوفير الوصول إلى البنية التحتية التكنولوجية والإنترنت في المجتمعات النائية والمهمشة، وتبسيط وتصميم واجهات المستخدم لتكون سهلة الاستخدام ومفهومة للجميع.
تطوير قدرات تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية عنصـر أساسي لنجاح المشـروع وتحقيق فوائده المتعددة، يشمل وتعزيز المهارات والمعرفة لدى الموظفين الحكوميين والمواطنين الذين يتعاملون مع الحكومة الإلكترونية، ويمكن أن تؤدي متابعة التحول الرقمي دون إعادة التأهيل المناسب للموظفين الحكوميين إلى فقدان الوظائف، وكذلك إلى فشل تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية.
النقاط الآتية توضح أهمية تطوير القدرات في تنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية:
باختصار فإن تطوير القدرات في تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية يعزز الفاعلية والكفاءة، ويعزز الشفافية والمساءلة، ويعزز التفاعل والمشاركة، ويحسن جودة الخدمات، ويعزز الابتكار والتطوير في القطاع الحكومي. لذا، يجب أن يكون تطوير القدرات أحد الأولويات في تنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية لاستفادة كاملة من فوائدها وتحقيق التحول الرقمي الشامل في الحكومة.
من الحلول التي اعتمدتها الدول المشاركة في التحول الرقمي، التكنولوجيا السحابية تسمح للوكالات الحكومية تبسيط إدارة موارد تكنولوجيا المعلومات وتحسينها وتسهيل اعتماد تكنولوجيات رقمية جديدة. ومميزات استخدام الحوسبة السحابية في تنفيذ الحكومة الإلكترونية:
السحابة العامة (سحابة تجارية) | السحابة الخاصة | السحابة المختلطة | السحابة متعددة الموردين | |
الطرف المالك للسحابة | الشركة التجارية مقدمة الخدمة السحابية (الطرف الثالث) | الحكومة | (الطرف الثالث) / الحكومة | (الطرف الثالث) / الحكومة |
موقع السحابة | مراكز البيانات التابع للطرف الثالث سواء داخل البلد أو خارجه. |
|
||
المميزات |
|
- الحكومة تتحكم في السحابة بالكامل، حيث يمكن للحكومات أن تمارس سيطرة أكبر على خصائص البنية التحتية والخدمات، وخصوصًا فيما يتعلق بالأمن. |
|
|
العيوب | الحكومة تتنازل عن التحكم بإدارة البيانات لأطراف ثالثة | العيب الرئيس هو أن البنية التحتية قد لا توفر قابلية التوسع اللازمة للتعامل مع الذروة غير المتوقعة في الطلب. |
يتمثل أحد الهموم الرئيسة بشأن التكنولوجيا السحابية في أن الحكومات تتنازل بشكل فعال عن التحكم بإدارة البيانات لأطراف ثالثة، مما يتطلب مستوى عال من الاستئمان والثقة في أن مقدمي الخدمات السحابية يمكنهم الامتثال لقواعد وأنظمة البيانات وتوفير مستوى الأمان المطلوب، قبل اعتماد أي حلول سحابية، تحتاج الحكومة إلى تحديد ما يمكن وما لا يمكن القيام به عبر السحابة وما إذا كانت هناك حاجة إلى أطر سياسية وتنظيمية جديدة لتحسين العمليات والأمن، وهي بحاجة إلى وضع استراتيجية وطنية تحدد أفضل الحلول السحابية التي تدعم العمليات الحكومية القائمة على البيانات، وهي استراتيجية تضمن الاستقلال الذاتي والمرونة الاستراتيجيين، وتعالج الشواغل الأمنية، وتسمح للحكومات بالاحتفاظ بالتحكم الكامل بالبيانات والخدمات.
إن لدى القطاعات الحكومية كالدفاع والأمن والطاقة والعدالة تقبلًا أقل للمخاطر والخطأ، تلك القطاعات مترددة في تجربة التكنولوجيا بسبب المخاوف الأمنية وضعفهم الخاص أمام التحديات والاضطرابات التي تصاحب التغيير المؤسسـي، حتى الخطأ التشغيلي الصغير أو خرق البيانات يمكن أن يلحق ضررًا ذا تأثير سلبي طويل المدى. تحتاج الحكومات التي تعتمد تكنولوجيا الخدمات السحابية إلى معالجة مصادر القلق هذه، خصوصًا تلك المتعلقة بأمن البيانات، عن طريق التخطيط المسبق، ومن الضـروري اعتماد تدابير ونظم أمنية تدار مركزيًا وتستكمل بانتظام في جميع المجالات.
إن مواكبة ركب التطور التكنولوجي ضرورة لتنفيذ الحكومة الإلكترونية في اليمن، واستخدام تكنولوجيا الحوسبة السحابية لتنفيذ الحكومة الإلكترونية في اليمن ضرورة حتمية، ويمكن تحقيق ذلك ومراعاة المخاوف الأمنية بشأن الأمن وحماية البيانات عن طريق تشجيع الاستثمار الحكومي والخاص في خدمات الحوسبة السحابية لتحقيق الاستقلالية الوطنية والنهوض بهذا المجال.
لقد بدأ القطاع الحكومي الاستثمار في الحوسبة السحابية في شركة سحبكم المملوكة للدولة، ويمكن للدولة توحيد الجهود وتوفير الكثير من الموارد البشرية والمادية والوقت عن طريق الاستثمار بشكل أكبر في شركة سحبكم لتطويرها والاستفادة من خبراتها لإنشاء مركز خدمات سحابية خاصة وعامة للحكومة الإلكترونية في مقر المركز الوطني للمعلومات، أو الاتفاق مع شركة سحبكم لتخصيص موارد للسحابة الحكومية الخاصة والعامة مع الامتثال لقواعد وأنظمة البيانات وتوفير مستوى الأمان المطلوب وتحت إدارة المركز الوطني للمعلومات.