التجارب العالمية في الحكومة الالكترونية وتطورها
ماتزال الحكومة الإلكترونية مفهومًا جديدًا في العديد من البلدان النامية [1]، ومن الواضح أن عددًا من البلدان النامية لايزال يبني البنى التحتية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبعضها لايزال في المراحل الأولية لتوضيح رؤية الحكومة الإلكترونية، مثل رسم سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتكون بمقام عوامل للحكومة الإلكترونية[2]. ويمكن القول بأنه لا تزال الحكومة الإلكترونية في مرحلة التصور في معظم البلدان النامية، حيث إن الأدبيات المتعلقة بتجارب تنفيذ الحكومة الإلكترونية في البلدان النامية نادرة.
لقد جرى إحباط أجندات التنمية في العديد من البلدان بسبب عدم وجود مساءلة صريحة عن الأولويات، وعدم وجود إدارة فعالة للموارد الوطنية، والافتقار إلى عملية صنع القرار التشاركية والشفافة من قبل المواطنين العاديين، وارتفاع مستويات الفساد[3].
تحاول جميع دول العالم تنفيذ الحكومة الإلكترونية بهدف تقليل تكلفة تقديم الخدمات العامة، وقام العديد الدول إلى حد ما بدمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في سلاسل القيمة والعمليات التجارية الخاصة بها واستهدفت زيادة الفعالية اللاحقة[4].
ولفهم الاهتمام بالحكومة الإلكترونية في العالم النامي يلزم النظر في الوضع الحالي لتطوير الحكومة الإلكترونية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، ومن الواضح أن الحكومة الإلكترونية هي مشـروع مهم للغاية، كما يتضح من عدد البلدان التي تنفذها بجدية في سلاسل قيمة الحوكمة الخاصة بها.
من أجل تقدير الأوضاع المختلفة لتنفيذ وتطوير الحكومة الإلكترونية في العالم يبحث هذا القسم في مستويات النضج المختلفة لتنفيذ الحكومة الإلكترونية والتدخلات التي جرى اتخاذها لتشجيع اختراق وتبني تطبيقات الحكومة الإلكترونية بشكل أسرع.
تناقش الأقسام الفرعية الآتية تطور الحكومة الإلكترونية في مجموعة مختارة من البلدان.
لعدة سنوات، كانت كندا رائدة في مجال الحكومة الإلكترونية وهي واحدة من أوائل الدول التي أظهرت التزاماً غير مسبوق تجاه تطوير تدخلات الحكومة الإلكترونية التي تركز على المستخدم[5]. في الوقت الحالي، هناك العديد من التفاعلات بين الحكومة والمواطنين [6]، وغير المواطنين أو الشركات على الإنترنت. في استطلاع الحكومة الإلكترونية لعام 2022، احتلت كندا المرتبة 32 عالمياً في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية[7].
جدول أعمال الحكومة الإلكترونية الكندية مليء بالتحديات، مثل: الحواجز المتعددة الثقافات والوضع الثنائي اللغة لكندا، حيث إنَّ اللغتين الإنجليزية والفرنسية هما اللغتان الرئيسة[8]. وللتخفيف من هذه العوائق ومختلف العوائق الأخرى وضعت حكومة كندا - بالتعاون مع شركائها المتعاونين - تدابير تهدف إلى ضمان التنفيذ السـريع للحكومة الإلكترونية[9]. تكون إدارة جدول أعمال الحكومة الإلكترونية بواسطة كبير موظفي المعلومات (CIO) بتمويل للحكومة الإلكترونية يقدمه الصندوق المركزي وتكمله وكالات فردية. إن الحكومة عبر الإنترنت (GOL) [10]، هي مبادرة من الحكومة الفيدرالية لكندا التي ضمنت إمكانية الوصول إلى خدماتها العامة، ولديها محتوى واضح ومفهوم باللغتين، ويوفر بوابة متكاملة كمدخل واحد للخدمات الحكومية.
بدأت أولى مبادرات الحكومة الإلكترونية في كندا في عام 1994 عندما جرى إطلاق صندوق الاستثمار الكندي [11]، وقد مكّن هذا الصندوق شركات التكنولوجيا الكندية الرائدة من تحسين نشـر التكنولوجيا وابتكارها. في نفس العام أُطلق برنامج الوصول إلى المجتمع (CAP)، وكان يهدف إلى تزويد الكنديين بإمكانية الوصول إلى الإنترنت بتكلفة معقولة وتمكينهم من المعرفة بمهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ذات الصلة للمشاركة في الاقتصاد القائم على المعلومات والمعرفة الذي كان في طور التكوين[12].
كشفت دراسة أجراها Ipsos-Reid [13] أنه على الرغم من التحسينات الكبيرة في تنفيذ الحكومة الإلكترونية بشكل عام في كندا، إلا أن 70% من الكنديين ما زالوا مترددين في تقديم معلومات سرية وشخصية عبر الإنترنت. كشفت الدراسة أن غالبية الكنديين يفتقرون إلى الثقة في منصات الحكومة الإلكترونية مما أسهم في إدراك كندا أن هناك حاجة إلى وضع سياسة تقييم تأثير الخصوصية (PIA) التي تحدد عمليات التقييم للخدمات الجديدة أو المعاد تصميمها التي تثير قضايا الخصوصية[14].
يذكر[15] اعتراف الحكومة الكندية بتصورات المستخدمين التي تعتمد على تأكيدهم لمدى أمان معلوماتهم عند تعاملاتهم عبر الإنترنت، وقدموا بنية تحتية أمنية حديثة تسمى PassK ، كما أنشأت الحكومة الكندية قناة كندا الآمنة (SC) التي تتكون أساسًا من البنية التحتية للشبكة والعمليات وخدمات الأمن والمصادقة التي تدعم مشروع الحكومة الإلكترونية[16].
يشير استطلاع EKOS الذي تم في عام 2005 أن 74% من الكنديين واثقون من أمان معلوماتهم على منصات الحكومة الإلكترونية، ويتوج هذا بزيادة المشاركة في تطبيقات الحكومة الإلكترونية من المواطنين والشـركات، ونتيجة لهذه التدخلات المناسبة زادت المشاركة الإلكترونية (استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمشاركة في مختلف سلاسل القيمة الاجتماعية والاقتصادية)، ومما سبق يتبين أن الثقة هي أحد أهم ركائز نجاح تطبيقات الحكومة الإلكترونية.
البرازيل إحدى الدول الناشئة التي لها أجندة للحكومة الإلكترونية، حصلت البرازيل على المرتبة 48 عالميًا في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية[17]. خلال التسعينيات تطورت الحكومة الإلكترونية لاسـيما على المستوى المؤسسي [18]، وتتصدر جدول أعمـال الحكومة الإلكترونية في البرازيل اللجنة التنفيذية للحكومة الإلكترونية (CEGE)، التي يرأسها كبير موظفي الرئيس، ولديها بوابة مخصصة للحكومة الإلكترونية[19] تتيح التفاعل المناسب بين الحكومة والمواطنين أو الشركات.
في عام 2000، حددت الورقة الخضـراء بشأن الحكومة الإلكترونية (Livro Verde) خارطة الطريق لتحويل البرازيل إلى مجتمع معلومات، مما يمهد الطريق أمام الحكومة الفيدرالية لتقديم الخدمات على الإنترنت عبر بوابة RedeGoverno حيث يتوافر أكثر من 4800 نوع من المعلومات[20]. كما تتيح البوابة تقديم الخدمات العامة مثل شهادات سداد الضـرائب، وإقرار ضريبة الدخل، والتسجيل للموردين الحكوميين، ومتابعة الإجراءات القضائية. يجري تعزيز أجندة الحكومة الإلكترونية عن طريق وضع معايير مختلفة مثل معايير الحكومة الإلكترونية لقابلية التشغيل البيني (e-PING).
وإدراكًا لأهمية الإرادة السياسية في نجاح تنفيذ الحكومة الإلكترونية هدف مشـروع البرازيل الإلكترونية إلى زيادة الوعي بفوائد استراتيجية التنمية الإلكترونية قادة الحكومة [21]، وأكد Bertot, Jaeger, and McClure (2008) أنه على الرغم من أن الحكومة الإلكترونية قد وصلت إلى مستويات عالية من التطور، إلا أن المشاركة الديمقراطية للأفراد العاديين لا تزال مفهومًا جديدًا نسبيًا.
حتى الآن تُستُخدم منصة الحكومة الإلكترونية في مجموعة متنوعة من التطبيقات في البرازيل، كتقديم إقرار ضريبة الدخل السنوي بأكثر من 96% عبر وسائط الإنترنت (Leão, 2006)، والتصويت الإلكتروني منذ عام 1988، ومعلوما عطاءات وعقود القطاع العام (بوابة المشتريات الإلكترونية للحكومة الفيدرالية)، وتعزيز "الإدماج الرقمي" للأفراد المهمشين والديمقراطية الإلكترونية، ويوجد - أيضًا - مركز شامل لتقديم الخدمات العامة الذي يكامل مختلف مستويات الحكومات، ويستضيف نقاط الوصول العامة إلى الإنترنت (Telecentros)، ومختبرات الحكومة الإلكترونية لتعزز شـراكات الحكومات والمنظمات الأكاديمية.
وبشكل عام اعتمدت الإدارة العامة في البرازيل استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أنشطتها اليومية، في مدينة سانتا أندريه مثلاً، تُستُخدم تكنولوجيا نظم المعلومات الجغرافية في إصدار تصاريح البناء وعمليات التفتيش [22]، وفي نظام الحكومة الإلكترونية الحالي تمتلك أكثر من 358 بلدية مواقع إلكترونية أو بوابات، وتطبيق آخر للحكومة الإلكترونية يستخدم في مدينة سانتا أندريه هو تنفيذ نظام الصحة العامة المتكامل (SISP) الذي يهدف إلى توفير خدمة صحية عامة أسرع لعامة الناس، ويرتبط SISP ويتكامل مع النظام الصحي الفيدرالي والبطاقة الممغنطة للنظام الصحي الوطني (SUS)، يُستُخدم النظام البرازيلي المتكامل لإدارة المالية والميزانية والأصول (SIAFI) لتحقيق الشفافية في القطاع العام، ومن ثَمَّ الإسهام في مكافحة الفساد.
ويؤكد Kažemikaitiene and Bilevičiene (2008) أن البرازيل شرعت في تطوير تطبيقات الحكومة على الموبايل (m-Government)، باستخدام منصات خاصة بأجهزة الموبايل. ويرجع ذلك إلى الانتشار السـريع والكبير للهواتف المحمولة، وبذلك من المتوقع أن يجري الوصول إلى المزيد من المواطنين وسيكونون قادرين على استخدام الحكومة الإلكترونية.
لقد أظهرت السويد التزام الحكومة تجاه تطوير الحكومة الإلكترونية. إنها واحدة من أنجح الجهات المنفذة للحكومة الإلكترونية في جميع دول الشمال [23]، وقد حصلت على المرتبة الخامسة عالميًا في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية[24].بدأ تطوير الحكومة الإلكترونية في السويد مع إطلاق استراتيجية الحكومة الإلكترونية السويدية في عام 2009، ويقود وفد الحكومة الإلكترونية السويدي جدول أعمال الحكومة الإلكترونية، يفترض Axelsson and Lindblad-Gidlund (2009) أن هناك أولويات مختلفة يكون أخذها في الحسبان عند إعداد استراتيجيات الحكومة الإلكترونية، حيث يعطي بعض الاستراتيجيين وزنًا أكبر لتحسين خدمة العملاء (الفاعلية)، وبعضها الآخر لتبسيط العمليات أو تقليل التكاليف، بالنسبة للسويد الملاحظ أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد جرى غرسها في جميع سلاسل القيمة التقليدية للإدارة العامة تقريبًا (Wihlborg & Palm, 2008).
تركز العديد من المبادرات على تعزيز تطوير الحكومة الإلكترونية في السويد. في عام 2004 عينت الحكومة السويدية مجلس التشغيل البيني الحكومي (GIB لتعزيز التبادل الآمن للمعلومات داخل الإدارة العامة والمواطنين (Löfgren, 2007))، وقد وضع المجلس القواعد الارشادية الآتية: إرشادات للمواقع الإلكترونية الحكومية، إرشادات للاستخدام الحكومي للشهادات والتوقيعات الإلكترونية، إرشادات لواجهات المستخدم التي تلبي المتطلبات القانونية.
تتمتع السويد عمومًا بتطبيق سريع لتكنولوجيا المعلومات للأغراض الإدارية؛ مما يُترجم إلى ممارسات إدارية محسنة في جميع أنحاء الخدمة العامة، وتبين حالة السويد أنه وضِعت استراتيجيات محددة لتشجيع تطوير الحكومة الإلكترونية، وقد توجت الاستراتيجيات المحددة بالتطور السريع للحكومة الإلكترونية في السويد، ومن الواضح أن تنفيذ الحكومة الإلكترونية الجديدة يتضمن التخطيط الاستراتيجي لنشر الأنشطة وخطط التنفيذ.
هناك العديد من التدخلات التي تم وضعها الحكومة لتشجيع انتشار تطبيقات الحكومة الإلكترونية في اليونان [25]، وقد حصدت نتائجها إذا حصلت على المرتبة 33 عالمياً في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية[26].
جرت مناقشة العديد من المبادرات الأساسية حيث كانت اليونان تهدف إلى تحويل نفسها إلى مجتمع معلومات وذلك بالبدء باستراتيجية لتقليل الفجوة الرقمية التي أعاقت المشاركة الإلكترونية. لقد توصلت اليونان إلى استراتيجية لمجتمع المعلومات منذ عام 1995 [27]. والهدف الرئيسـي من ذلك هو تقليص الفجوة الرقمية وزيادة تعزيز اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قبل غالبية الشركات اليونانية. وهدفت اليونان أن تصبح مجتمع معلومات، كما هدفت أيضاً إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبالتالي تشجيع المعاملات الإلكترونية مع عامة الناس. وتركز مبادرات الحكومة الإلكترونية في اليونان بشكل كامل على جوانب التكامل الرأسي والأفقي لتقديم خدمات القطاع العام.
أحد البرامج الأولى لتشجيع تغلغل الحكومة الإلكترونية في اليونان كان برنامج كليسثينيس (Kleisthenis) لعام 1994 [28]، تم تكليف هذا البرنامج بتحديث الإدارة العامة على مدى خمس سنوات (1994-1999). كانت إحدى المكونات الرئيسة لبرنامج كليسثينيس هو تطوير نظام للخدمات الضـريبية الإلكترونية (TAXISnet) وإنشاء شبكة وطنية للإدارة العامة.
وفي عام 1997 اعتُمدت خطة استراتيجية للإصلاح الإداري كان هدفها العام هو إعادة هيكلة نظام الإدارة العامة وتشجيع اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل أسرع في مساعي الحكومة التجارية، وقد بدأ ذلك بإنشاء خدمة مركز الاتصال عبر موقع عام.
وبهدف تنفيذ استراتيجية نظم المعلومات ذات الصلة والمتماسكة لإنشاء مجتمع المعلومات المنشود، اعتُمد البرنامج التشغيلي لمجتمع المعلومات (OPIS) في عام 2000 [29]، يشمل تنفيذ OPIS جميع الإدارات الحكومية وجرى دمجه في مبادرة eEurope استنادًا إلى استنتاجات قمة لشبونة في مارس 2000.
في عام 2001 شُكِّلت شبكة حكومية Syzefxis كشبكة إنترانت وطنية للقطاع العام اليوناني مع القدرة على ربط أكثر من 1700 منظمة عامة في جميع أنحاء اليونان [30]، ولتعزيز تبادل البيانات بين المنظمات المختلفة شُغِّل نظام P2P بين Syzefxis والشبكة اليونانية للأبحاث والتكنولوجيا (GRNET) لأول مرة في عام 2006 [31]، واستكمال ذلك عن بسماح الوصول لشبكة الخدمات الآمنة عبر أوروبا للتواصل بين الإدارات (TESTA)، وتصميم وتنفيذ شبكات MAN، والبنى التحتية لحلقات الألياف الضوئية ومجموعة متنوعة من شبكات النطاق العريض[32].
ومن المبادرات الأخرى تجاه مجتمع المعلومات تنفيذ شبكة IKAne والتي تنقسم إلى فئتين: خدمات المعلومات وخدمات المعاملات، كما أُنشئت مراكز اتصال للمواطنين للاتصال برقم هاتف مكون من أربعة أرقام، حيث سُجلت طلباتهم لاتخاذ مزيد من الإجراءات[33].
لقد وضع النهج الاستراتيجي المبدئي للحكومة الإلكترونية في اليونان في ورقة بيضاء بعنوان "اليونان في مجتمع المعلومات: الاستراتيجيات والإجراءات" التي نُشـرت في عام 1999 وتم تحديثها في عام 2002. يعد ARIADNI (تطوير وتشغيل المعلومات الرئيسة والدعم ونظام الربط البيني لمركز خدمة المواطنين) إحدى المبادرات التي تهدف إلى تحسين خدمات الإدارة العامة في الإدارات الإقليمية والمحلية عن طريق السماح للمواطنين والشـركات بالتفاعل معهم باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وهناك - أيضًا - برنامج Politeia الذي يهدف إلى تحسين الخدمات المقدمة لعامة الناس [34]، هدفه الرئيس هو إيجاد وتوظيف الموارد البشـرية المختصة التي يمكنها استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل مناسب في نماذج الإدارة المالية، واعتماد الأساليب الحديثة للإدارة العامة والرقابة، وضمان سيادة الشفافية والحد من الفساد في الخدمة العامة.
إحدى أهم مبادرات الحكومة الإلكترونية المعاصرة تنفيذ "الاستراتيجية الرقمية اليونانية" المخصصة للتنفيذ خلال الفترة 2013-2016م[35]. تحتوي وتحوي قائمة شاملة (65 بندًا) لأولويات التنفيذ لتشجيع استيعاب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والحكومة الإلكترونية في المجتمع اليوناني عامة [36]، ويتولى التنسيق الشامل لجميع مبادرات الحكومة الإلكترونية هذه الأمانة العامة للإدارة العامة والحكومة الإلكترونية التي كان إطلاقها في عام 2006 [37] أصبحت الاتجاهات الناشئة للحكومة المتنقلة واضحة الآن في اليونان بسبب الانتشار الأسرع للهاتف المحمول[38].
سنغافورة إحدى الدول الرائدة في مجال تطوير الحكومة الإلكترونية بين الدول النامية والناشئة [39]، وحصلت على المرتبة 12 عالميًا في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية[40]. حققت نجاحات في تحويل البلاد إلى مجتمع معلومات والاستخدام المتقدم لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمشاركة في سلاسل القيمة الاجتماعية والاقتصادية والتجارية العالمية، وكان حصول النجاحات عن طريق مبادرات مثل استثمار أكثر من 1.3 مليار دولار سنغافوري لترقية خدماتها العامة عبر الإنترنت[41]. تعد هذه المبادرة تكملة لخطة عمل الحكومة الإلكترونية الثانية (eGAPII)، وهي استمرار لبرنامج مماثل (eGAPI) تم تنفيذه بتكلفة قدرها 1.5 مليار دولار سنغافوري[42].
وحدد تقرير المائدة المستديرة بعض خدمات الحكومة الإلكترونية الأساسية التي جرى تنفيذها، وتسمح بوابة المواطن الإلكتروني في سنغافورة[43] للمواطنين بالوصول لأكثر من 1600 خدمة تقدمها المؤسسات العامة، وتتيح تقديم نماذج التقديم لوظائف شاغرة، وتسجيل الناخبين، وبحث معلومات المدرسة، والمشاركة في المناقشات (المنتديات الإلكترونية) مع الحكومة فيما يتعلق ببعض عمليات صنع القرار. يبلغ معدل زيارة البوابة 3.1 مليون شهريًا مما يؤكد حقيقة أن عددًا أكبر بكثير من الأشخاص والشـركات يشاركون في التفاعل مع الحكومة؛ بهدف ضمان الوصول الواسع إلى المعلومات الحكومية والخدمات الإلكترونية، أنشئت شبكة من مراكز مساعدة المواطن الإلكتروني في عام 2001م، وأنشئت مركز الأعمال الإلكترونية الحكومي في سنغافورة (GeBiz) عام 2000 لمساعدة الحكومة في مشترياتها وأنشطة المناقصات بهدف الحد من الفساد في عملية المشتريات العامة[44].
يوضح Tan, Pan, and Cha التدخلات المختلفة للحكومة الإلكترونية التي حدثت في سنغافورة، ومن أجل النهوض بتنمية الحكومة الإلكترونية صممت سنغافورة مبادرات إدارية استراتيجية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في منصات الإدارة العامة تسمى "خطط المعلومات والاتصالات الحكومية"، ويكون فصل هذه الخطط في طبقات مختلفة ولها نتائج متوقعة محددة: الطبقات الأولى (1980-1999) هي برنامج حوسبة الخدمة المدنية (CSCP)، والثاني (2000-2003) هو خطة عمل الحكومة الإلكترونية الأولى، والثالث (2004-2006) هو خطة عمل الحكومة الإلكترونية الثانية؛ والرابع (2006-2010) هو iGov2010 (2006-2010).
كان إطلاق CSCP استجابة لخطة الحوسبة الوطنية (NCP) لحكومة سنغافورة لتحويل حكومتها إلى مستغل فعال وفعال لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الناشئة، وشُكِّلت خطة عمل الحكومة الإلكترونية الأولى، بالتعاون مع هيئة تنمية المعلومات والاتصالات (IDA)؛ من أجل "تطوير سنغافورة لتصبح عاصمة معلوماتية عالمية تتمتع باقتصاد إلكتروني مزدهر ومجتمع إلكتروني متمكن من المعلومات"[45].، وكانت المبادرة الثانية خطة عمل الحكومة الإلكترونية الثانية، عبارة عن مخطط لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بقيمة 900 مليون دولار أمريكي؛ يهدف إلى تحويل تقديم الخدمات العامة في سنغافورة إلى حكومة شبكية توفر خدمات إلكترونية متكاملة وسهلة الوصول وذات قيمة مضافة للشعب، وكانت نتيجة eGAPII هي إعادة إطلاق بوابة حكومة سنغافورة الإلكترونية في عام 2004 (راجع: www.gov.sg)، ودمج البوابات الثلاث الحالية للحكومة (SINGOV)، والمواطنين (e-Citizens)، ومجتمع الأعمال (EnterpriseOne) لتوفير خدمة حكومية إلكترونية أكثر شمولًا، وقد أسهمت هذه المبادرات الإستراتيجية المختلفة بشكل إيجابي في تطوير الحكومة الإلكترونية في سنغافورة، وكانت بمقام دروس للدول أو المناطق الأخرى التي هي في طور تنفيذ الحكومة الإلكترونية.
تواصل حكومة سنغافورة التدخلات للتأكد من أن "المعزولين رقميًا" يُمنحون - أيضًا - فرصة متساوية للوصول إلى محتوى الحكومة الإلكترونية [46]، ومن البرامج التي جرى اتباعها في هذا المجال برنامج CARE لعام 2004 الذي يوفر التدريب للشـركات على كيفية الاستفادة من الخدمات الإلكترونية المتوفرة في البوابة.
تسترشد الإدارات الحكومية المختلفة التي قد ترغب في تصميم مواقع الويب الخاصة بها بمجموعة من معايير واجهة الويب (WIS) التي جرى تأسيسها في عام 2004 لتحديد أطر تصميم المواقع الحكومية، ومن المبادرات البارزة الأخرى إدخال البنية التقنية على مستوى الخدمة (SWTA)، وهي إطار تقني للمبادئ والمعايير والإرشادات التوجيهية بشأن استخدام مكونات التكنولوجيا، وكان تقديم SWTA لأغراض تسهيل التشغيل البيني وتبادل المعلومات عبر الوكالات الحكومية والوزارات التنفيذية الأخرى. تعد SWTA جزءًا من بنية المؤسسات الحكومية الأوسع في سنغافورة (SGEA)، وهو مخطط هدفه الرئيس تحقيق عملية تجارية كاملة وقابلية التشغيل البيني للمعلومات في القطاع العام.
مبادرة أخرى هي برنامج Igov2010 الذي واصل العمل الذي أنجزته eGAPII إلى مستوى آخر، وتهدف هذه المبادرة إلى تحقيق التنوع في نوع المستخدمين الذين يصلون إلى تطبيقات الحكومة الإلكترونية، وقد أظهرت حالة سنغافورة أن هناك التزامًا كبيرًا من جانب الحكومة وأصحاب المصلحة الآخرين في تعزيز تطوير الحكومة الإلكترونية، ويترتب على ذلك أنه لابد من السعي إلى مشاركة أصحاب المصلحة عند رسم الحكومة الإلكترونية[47].
تعد كوريا الجنوبية حاليًا الرائدة عالميًا في تطوير الحكومة الإلكترونية [48]، حيث حصلت على المرتبة الثالثة في مؤشر تطور الحكومة الرقمية، لقد أظهرت هذه الدولة نموًا مثيرًا للإعجاب في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والابتكار، وحققت الكثير في أخذ مكانها الصحيح في مجتمع المعلومات[49]. تتمتع كوريا بقدر كبير من النضج في اختراق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو حاليًا أعلى معدل انتشار للإنترنت والهواتف المحمولة في العالم للفرد[50].
وقد جرى تنفيذ العديد من المبادرات لوضع كوريا في مكانة تنافسية في مجال اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها ضمن أطرها الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، يفترض H. Lee and Yun أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كوريا مخصص ومتحرر بالكامل ويرتكز على مبادئ السوق غير الخاضعة للتنظيم وعلى جبهة السياسات، وتعمل وزارة المعلومات والاتصالات الكورية (MIC) على تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات عالية السـرعة وتشجع الاستخدام المكثف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلف سلاسل القيمة الاجتماعية والاقتصادية للاقتصاد الكوري[51].
وجرى تنفيذ مبادرات جوهرية ومبدئية أخرى في كوريا بهدف إلى سد الفجوة الرقمية وتشجيع النفاذ العالمي إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لجميع المواطنين بصـرف النظر عن وضعهم، وقد نُفِّذت التدخلات المتنوعة المتعلقة بالفجوة الرقمية في كوريا في إطار الشـراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، حيث تعاون القطاع الخاص (المنظمات غير الحكومية، كيانات الأعمال الخاصة، المجتمع المدني، المواطنون) مع الحكومة، يتألف PPP من أكثر من 679 عضوًا من مختلف قطاعات الاقتصاد.
نوضح هنا بعض التدخلات الرئيسة التي جرى تنفيذها عن طريق ترتيبات الشـراكة بين القطاعين العام والخاص في كوريا: في عام 1997، تم الشـروع في مشـروع البنية التحتية للمعلومات عالية السـرعة، وكانت هذه بداية عصر الإنترنت الذي يمثل بداية خدمات التجارة الإلكترونية، استمرت مبادرات التميز الرقمي في عام 1999 تقريبًا عندما شرعت الحكومة والشركاء المتعاونون في إنشاء برنامج "Cyber Korea21" الذي ركز على الانتقال الرقمي عبر الهاتف المحمول وخدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول.
في عام 2002 أُطلقت "رؤية كوريا الإلكترونية 2006" التي أرست الأساس للحكومة الإلكترونية وأطلقت أول تقنية لاسلكية في العالم لخدمة الاتصالات المتنقلة الدولية-2000 (الجيل الثالث، 3G) لزيادة نقل البيانات بين الهواتف المحمولة والهوائيات الأساسية، علاوة على ذلك في عام 2004، جرى رسم وتنفيذ عدد قليل من المبادرات مثل خطة تنفيذ شبكة تقارب النطاق العريض (BcN)، وشبكة u-Sensor، والخطط الرئيسة لـ IPv6 [52]، وقد مكن هذا معاملات التجارة الإلكترونية من الارتفاع إلى عدة ملايين من الدولارات.
كان عام 2005 بداية عصـر التقارب الرقمي الذي شهد إطلاق خدمات البث الرقمي متعدد الوسائط (DMB) الأرضية والفضائية، في عام 2006، كان هناك انتقال نحو العالم المفتوح، وقد جرى تعزيز ذلك عن طريق إنشاء "الخطة الرئيسة لكوريا الجنوبية"، وإطلاق الخدمات التجارية مثل BcN، وWiBro، وHSDPA، وشهدت هذه التدخلات طفرة في وصول المواطنين العاديين إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وحصول الدولة على المرتبة الأولى في العالم باستخدام معيارDOI [53].
كما تجدر الإشارة إلى العديد من المبادرات نحو تطوير الحكومة الإلكترونية في كوريا: 1987 - 1997 وضع الإطار القانوني والتنظيمي، شمل قانون شبكات الكمبيوتر لعام 1986 وقانون تعزيز المعـلوماتية لعام 1995، و 1998 - 2002 أنشـئ مشـروع البنية التحتيـة للمعـلومات (KII) وتضمن الإطار القانوني قانون الفجوة الرقمية لعام 2001، وقانون إدارة موارد المعرفة لعام 2000، وقانون الحكومة الإلكترونية لعام 2001. وفي 2003 - 2007، كان هناك ترويج نشط لصناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع أنحاء البلاد، وشهد ذلك تنفيذ 31 مشـروعًا لخارطة طريق الحكومة الإلكترونية في عام 2003، وتنفيذ رؤية كوريا لتكنولوجيا المعلومات ذات النطاق العريض لعام 2007، وخطة BcN لعام 2004م[54].
مبدئيًا سُنَّ إجمالي 101 قانون، بما في ذلك قانون التوقيع الإلكتروني وقانون الترويج الصناعي للمحتوى الرقمي عبر الإنترنت؛ من أجل التطوير المناسب لصناعة تكنولوجيا المعلومات في كوريا. ويجري استخدام معظم ابتكارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في سياق الحكومة الإلكترونية.
في التجربة الكورية جرى اعتماد استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية مثل التعليم (التعلم الإلكتروني) بسـرعة بسبب القبول الثقافي لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات [55]، وقد أثر ذلك بشكل إيجابي في عملية نشـر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتعلق الآباء والتلاميذ بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بعدها وسيلة للتعليم تنطوي على إمكانات كبيرة لمستقبل واعد، ولذلك شجعوا وسهلوا اعتمادها.