دور القطاع الخاص في التنمية في اليمن
يتناول هذا القسم من الدراسة تحليل وتشخيص تجربة دور القطاع الخاص في التنمية من حيث التنوع الاقتصادي والاستثمار والمساهمات الاجتماعية والدور الإنساني مدة الحرب وهي تجربة حيوية للقطاع الخاص في اليمن، كما يتناول التحولات الاقتصادية في اليمن وتأثيرها في القطاع الخاص، بالإضافة إلى تحليل واستعراض التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه القطاع الخاص.
يمثل القطاع الخاص محور عملية التنمية الاقتصادية في معظم دول العالم والمتقدمة والنامية؛ نظرا لما يتمتع به من مزايا وإمكانات في الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والصناعية، ويمكن تحليل تجربة القطاع اليمني في الإسهام في الأنشطة الإنتاجية والصناعية بالمقارنة مع القطاع العام، ويظهر الجدول (5) النتائج الآتية:
وهذه النتائج تظهر أهمية تعزيز إسهام القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية وتحقيق التنوع في قاعدة الإنتاج في الأنشطة الاقتصادية الزراعية والصيد، والصناعة التحويلية والبناء والتشييد، ومن ثَمَّ تتضح أهمية ظاهرة الإصلاح الإداري الشامل في الجمهورية اليمنية بما من شأنه تحقيق تطورًا مهمًا تنويع القاعدة الإنتاجية والاقتصادية في اليمن عن طريق تقديم مزيد من التسهيلات والامتيازات والمزايا.
تضم الأنشطة الاقتصادية الخدمية كل من تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والنقل والتخزين والاتصالات والتمويل والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال، وتسهم في تنمية القطاعات السلعية والخدمية والارتقاء بمستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، كما تسهم في توليد الناتج المحلي وتوليد الدخول وفرص عمل. ويظهر الجدول (6) النتائج الآتية:
الأنشطة الخدمية الأخرى: تضم الأنشطة الخدمية الأخرى كل من نشاط الصيانة والإصلاح، ونشاط العقارات وخدمات الأعمال. ونشاط المطاعم والفنادق، ويهيمن القطاع الخاص على هذه الأنشطة بنسبة 100% لمتوسط المدة 2012-2021م[1] مما يعزز من تجربة القطاع الخاص في تركيب الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الخدمات وتوليد الدخول وفرص عمل لفئات اجتماعية واسعة.
يشكل الاستثمار الخاص حوالي ثلاثة أضعاف الاستثمار العام كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي. ويلاحظ أن الأهمية النسبية للاستثمار الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي هي الأكبر من الاستثمار العام، حيث شكلت متوسط سنوي بلغ 11.5% خلال المدة 2012-2020م، أما الاستثمار العام فقد شكل متوسط سنوي بلغ 3.2% خلال المدة نفسها.
جدول رقم (4) الناتج المحلي الإجمالي بسعر المنتج بحسب القطاعات للأعوام 2009 - 2021م (بالأسعار الثابتة بملايين الريالات) 2012= 100
هذه النسب تعكس الدور الكبير العام للقطاع الخاص بصفته جهازًا إنتاجيًا وخدميًا؛ لكون اليمن من الدول الناميـة التي تقتـضي فيها الأمور تزايد تحفيز وتنمية القطاع الخاص خاصة في ظل الحاجة إلى إعادة الاعمار واستعادة التعافي الاقتصادي.
ويمكن للإصلاح الإداري الشامل في اليمن أن يسهم في تطوير القطاع الخاص الذي يمثل أداة حيوية. حيث إنَّ الطريق إلى التنمية طويلة المدى والسلام يعتمد على وجود قطاع خاص متعافٍ [2]؛ لذلك تعتبر عملية تنمية القطاع الخاص من الأمور الحتمية في عملية خلق فرص العمل وتوليد الدخل أن تستمر بعد انتهاء الأعمال الطارئة قصيرة المدى التي تمولها الجهات المانحة.
يؤدي القطاع الخاص دورًا حيويًا في تحريك عجلة النشاط الاقتصادي في اليمن، حيث يسهم بحوالي 53.7% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية عام 2014م (بدون إسهام القطاع الخاص في قطاع النفط)، ويشغل القطاع الخاص حوالي 19.6% من إجمالي السكان العاملين (وإذا تم اعتبار كل العاملين في غير القطاع العام أنهم قطاع خاص فسترتفع نسبة إسهام القطاع الخاص في تشغيل العاملين إلى 69.4%)، وفي مجال الاستثمار، يسهم القطاع الخاص بحوالي 65% من الاستثمار الإجمالي عام 2013م، وفي قطاعات كالرعاية الصحية، يقدم القطاع الخاص أكثر من نصف الخدمات، ومن ثَمَّ، بدون قطاع خاص قابل للحياة، فإن العواقب الاقتصادية والإنسانية وخيمة.
إن الإصلاح الإداري الشامل يمكن أن يسهم في تعزيز تجربة فاعلية القطاع الخاص في المنشآت الأصغر والصغيرة والمتوسطة عن طريق مجالات التعافي التي تمثل أولوية على المدى
القصير، على النحو الذي يوفر أجواء ملائمة وآمنة للنمو والاستثمار للقطاع الخاص وخلق فرص عمل مدرة للدخول، حيث تؤدي زيادة استثمار القطاع الخاص إلى: زيادة التوظيف، ارتفاع الدخل، زيادة الإنتاجية، زيادة إنفاق الأسر. وبالنتيجة: نمو اقتصادي، خدمات أحسن مقدمة للفقراء، انخفاض معدل الفقر والبطالة.
تعد المســؤولية المجتمعية للقطــاع الخاص مــن العناصــر الأساسية على المستويات المحلية والدوليــة كافة، نظــرا لمردودها الايجابي على صعيد تحسين مستوى المعيشة، ومواجهـة العديـد مـن المشكلات الاقتصادية والاجتماعيــة الــي تواجــه المجتمعات؛ لذلك أصبح التعاون العربي في المسؤولية الاجتماعية ضرورة ملحة، حيث أصبح من الأهمية بمكان أن تسن الحكومات التشـريعات اللازمة لتمكين القطاع الخاص من أداء دوره المجتمعي في تطوير ودعم التعليم والتدريب وريادة الأعمال لخلق أجيال منتجة وتواكب التطورات [3]، وهذا مما يجعل المسؤولية الاجتماعية ضرورة ملحة ووسيلة فعالة؛ من أجل التطور والنمو وتحفز القطاع الخاص وفي إطار الإصلاح الإداري الشامل.
يمثــل القطــاع الخــاص اليــوم - أيضــًا - مصــدر دخــل مهم لملاييــن اليمنييــن بالرغــم مــن محدوديـة عملـه، فـي وقـت لا يسـتلم فيـه مئـات الآلاف مـن موظفـي القطـاع العـام رواتبهـم بشـكل منتظم منذ 2016م.
إن الدور المعول عليه في امتصاص أعداد متزايدة من العمالة سيكون للقطاع الخاص، إذا توافرت له الظروف المناسبة، مثل تهيئة البيئة المحيطة للاستثمار؛ ذلك أنه سيكون الأسرع في معدل النمو، إن التطوير الذي سيلحق القطاع الخاص غير المنظم سيحوله إلى قطاع منظم.
قدرة القطاع الخاص على استيعاب أعداد متزايدة من موظفي الدولة في ظل انقطاع الرواتب.
قدرة القطاع الخاص على تخفيف حدة المعاناة وتداعيات الحرب الجارية عن طريق: تدريب الأسر الفقيرة على الأعمال الحرفية والصناعات الصغيرة، إنشاء الصناعات الصغيرة والصناعات الحرفية، دعم وإنشاء مؤسسات التمويل الصغير والأصغر، تسويق المنتجات الحرفية ومنتجات الصناعات الصغيرة، ويتطلب ذلك في المدى القصير تعزيز مجالات التعاون بين القطاع الخاص ومنظمات الاغاثة الدولية.
تتعزز تجربة القطاع الخاص في الحياة الاجتماعية والعمل الخيري عن طريق العديد من الأنشطة:
تجربة القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية خلال مدة الحرب عن طريق مبادرات عديدة أبرزها:
يؤدي القطاع الصحي دور مباشر في تعزيز التنمية البشـرية عن طريق الحفاظ على صحة الفرد ورفع إنتاجيته، ومن ثَمَّ زيادة فرص الدخل وتحسين مستوى المعيشة للسكان، والقطاع الخاص اليمني أسهم بشكل فاعل وقدمت شركات القطاع الخاص على نحو مماثل الخدمات الصحية التي عوضت عن انهيار الدولة، وتعليق معظم نفقات التشغيل في القطاع الصحي.
ويتطلب الأمر توفير البيئة المناسبة للقطاع الخاص في المجالات الصحية من حيث صياغة رؤية عملية لشـراكة استراتيجية بين القطاعين الخاص والعام في نطاق الخدمات الصحية وتأمين احتياجات القطاع الصحي.
يشكل التعليم أحد أهم الخدمات الاجتماعية، وتزداد الأهمية في اليمن التي يقتـضي تسـريع عملية التنمية. وقد تعاظم دور القطاع الخاص في مختلف مجالات التعليم من منظور:
وإلى جانب مبادرة اتحاد الغرف التجارية والصناعية عام 2012م حول المسؤولية الاجتماعية، هناك عدد قليل من مؤسسات الأعمال الكبيرة في اليمن، التي تنشط في المجالات الخيرية الإنسانية، وفي بعض نشاطات التنمية المستدامة، وتشير الدراسات إلى إن القطاع الخاص في اليمن، كما في العديد من البلدان، يسعى غالبًا إلى تعظيم أرباحه وتحقيق مكاسب كبيرة لا تتناسب مع العائد الاجتماعي المفترض؛ إذ إن أرباحه المحققة لا تعكس في الواقع إسهام ملموسة في الإنتاجية وخلق فرص العمل وفي جوانب التنمية المستدامة... حتى مع تفشـي جائحة كورونا وحالة الدمار والحصار جراء الحرب وتفاقم حدة الفقر والبطالة[4].
إن تجربة القطاع الخاص اليمني في التنمية الاقتصادية والاجتماعية تسعى إلى تحقيق نمو مستدام وإنشاء مجتمع قائم على تكافؤ الفرص وتوفير مستوى معيشـي لائق وبيئة سمتها التفاعل الإيجابي بين كافة أطراف الإنتاج, في إطار مساعي الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030م، حيث تعتبر الكفاءة المهنية في المسؤولية الاجتماعية والشفافية والكفاءة في المنظمات غير الحكومية ذات أهمية حاسمة للنمو، وهذا يجعل المسؤولية الاجتماعية ضرورة ملحة ووسيلة فعالة؛ من أجل التطور والنمو وتحفز القطاع في صياغة الإصلاح الإداري الشامل في الجمهورية اليمنية.
دور القطاع الخاص في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية: يعتمد اليمن عادة على الواردات لتلبية ما يصل إلى 90% من احتياجات سكانه الغذائية، وفقًا لمجموعة اللوجستيات التابعة للأمم المتحدة، بين يناير ومارس 2017م شكل الاستيراد التجاري 96.5 % من الأغذية التي دخلت البلاد؛ في حين شكلت الجهات الفاعلة الإنسانية نسبة 3.5%، كما سهلت الأعمال التجارية عملية انتقال سريعة وواسعة نحو الطاقة الشمسية بالنسبة للكثير من الأسر في العديد من المناطق، مع توفير الوصول إلى المولدات والمعدات وقطع الغيار الصناعية والخبرات للإبقاء على مختلف شبكات المياه ومرافق الرعاية الصحية في المدن اليمنية الرئيسة، لاسيما صنعاء والحديدة وتعز، كما ظلت العديد من المرافق الطبية الخاصة مفتوحة – غالبًا لتقديم خدماتها للأشخاص غير القادرين على الدفع – في المناطق التي شهدت إغلاق العيادات العامة، هذا بينما سهلت الشـركات اليمنية تدفق الإمدادات الطبية إلى الصيدليات والمرافق العامة والخاصة والإنسانية في أنحاء البلاد.
في استبيان أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أغسطس 2017م ضم 53 ممثل لمؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في اليمن، في جميع القطاعات الصناعية، أفاد أن أربع من بين كل خمس من هذه المنظمات تساعد الأشخاص المتضـررين من النزاع. كما ذكرت هذه المؤسسات أن أهم أشكال المساعدة التي تقدمها تشمل المالية والغذائية والصحية.
يعتقد غالبية أصحاب الأعمال أن مشاركتهم في أنشطة المسؤولية الاجتماعية للشـركات هي نوع من مساهمتهم في العمل الإنساني، وقد أفاد أحدهم بأنه يملك مؤسسة خيرية، في حين يوزع الآخرون الدعم عن طريق شركاتهم، وفيما يتعلق بهؤلاء الآخرين عملت الشـركات لأغراض توزيع المعونة على تطوير وحماية قواعد بيانات للمستفيدين باستخدام شبكات غير رسمية من أسر وأصدقاء وجيران، وبشكل عام يقدم الدعم موظفو الشـركات من ذوي الخبرة في مجال الإغاثة الإنسانية. كما ذكر أصحاب الأعمال أن أنشطة المسؤولية الاجتماعية للشـركات سابقة على الصـراع الحالي، ومع ذلك، ومنذ بدء الصـراع الحالي انخفض مستوى أنشطة المسؤولية الاجتماعية نسبيا عن تلك التي كانوا قد اعتادوا على الانخراط فيها.
العلاقات مع الجهات الفاعلة الإنسانية الدولية: أدت الشـركات الخاصة دورًا أساسيًا في توزيع المساعدات الإنسانية الدولية في اليمن، بما في ذلك التحويلات النقدية والسلع المادية. فعلى سبيل المثال، سجل أحد مصارف التمويل الأصغر في اليمن عام 2017م نحو 1.5 مليون تحويل نقدي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 29.5 مليار ريال يمني؛ وذلك لمستفيدين من المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء اليمن. في مثال آخر، من عام 2015م، كانت لدى الوكالات الإنسانية 63 شاحنة تحمل إمدادات الإغاثة، بما في ذلك السلال الغذائية والأدوية تقطعت بها السبل في صنعاء بسبب العمليات القتالية، وقد تدخلت شبكات الأعمال في القطاع الخاص، مما سهل المفاوضات بين الأطراف المتحاربة على الأرض، وأدى في النهاية إلى إطلاق سراح الشاحنات ووصول المساعدات إلى أربع مناطق محاصرة في تعز وأربع أخرى في عدن.
كما أن الجهات الفاعلة في المجال الإنساني تعتمد على القطاع الخاص لتوفير خدمات سلسلة الإمداد، مثل النقل والتخزين وخدمات التخليص الجمركي وإعادة الشحن، وبين أبريل وسبتمبر 2017م، اعتمدت معظم الجهات الفاعلة الإنسانية العاملة في جهود الاستجابة للكوليرا على الشـركات اليمنية للحصول على المستلزمات الطبية اللازمة؛ يرجع ذلك إلى تفاقم الأزمة وعدم قدرة الجهات الفاعلة الإنسانية على شراء الإمدادات اللازمة بسـرعة من خارج اليمن.
يتناول هذا الجزء تحليل تجربة التحولات الاقتصادية وتأثيره في القطاع الخاص في اليمن عن طريق التركيز على القطاع الخاص في الخطط الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتجربة الشـراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام وأبرز التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه القطاع الخاص.
احتل القطاع الخاص دورًا محوريًا في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية انطلاقًا مما يتميز به من إمكانات وخصائص تؤهله للتأثير في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما يزيد من أهميته ودوره في النشاط الاقتصادي بشكل يدفع بصانعي السياسة الاقتصادية إلى ضرورة التركيز على آليات تطويره وتوفير المناخ المناسب لنشاطه، وقد استهدفت الخطط الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للتخفيف من الفقر في الخطط الثلاث الأولى 1996 - 2000م والثانية 2001 - 2005م والثالثة 2006 - 2010م وكذلك مشـروع الخطة الرابعة 2011 - 2015م والبرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012 - 2014م، بالإضافة إلى الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة 2030م، وبصورة عامة توسيع دوره الاقتصادي أحد أهم الأسس التي تقوم عليها على اعتبار أن القطاع الخاص هو القطاع القائد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، حيث ركزت على استكمال تهيئة البيئة الاستثمارية اللازمة لتوسيع وتنويع مشاركة القطاع الخاص في التنمية، بما في ذلك تعزيز فرص اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات الإنتاجية والخدمية وقطاعات النفط والغاز والثروات المعدنية ومعالجة الصعوبات التي تواجهه، بالإضافة إلى تطوير وتفعيل آليات وأطر الشراكة بين القطاع الخاص والعام عن طريق:
إن التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة لا يمكن أن تتحقق بجهود الدولة وحدها، ولا يمكن أن تتحقق بجهود القطاع الخاص وحده، فالشـراكة بين الدولة والقطاع الخاص ضرورة حتمية؛ من أجل النهوض بالتنمية ورفع مستوى المعيشة للمواطنين، وفي هذا الاتجاه عملت الحكومة على إشراك القطاع الخاص في رسم السياسات الاقتصادية وبحث السبل الكفيلة بتنفيذها. ويمكن استعراض تجربة الشـراكة بين القطاع الخاص والدولة في اليمن على النحو الآتي:
خلال الثلاثة العقود الماضية شهدت مستويات الشـراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تناميًا ملحوظًا عن طريق البنـاء التشـريعي والمؤسسي الداعم لنشـاط القطـاع الخاص وزيادة دوره الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب تبني العديد من الخطط والاستراتيجيات التنموية؛ لتعزيز الشـراكة مع القطاع الخاص وتوسيع دوره الاقتصادي والاجتماعي باعتبار أن القطاع الخاص هو القطاع القائد والرائد الحقيقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومع ذلك فإن مستويات الشـراكة مع القطاع الخاص ما تزال دون المستوى، وقد بدا ذلك واضحًا في محدودية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في تحريك عجلة النمو الاقتصادي والتنموي، الأمر الذي يتطلب وجود سياسات وآليات تنفيذية فاعلة ومؤثرة تعمل على تعزيز جوانب الشـراكة التنموية بين كل من الحكومة والقطاع الخاص، وبصورة تمكن القطاع الخاص من المشاركة وبفاعلية مع الحكومة في رسم السياسات التنموية وتحديد الخيارات وآليات العمل المشتركة اللازمة لتفعيل العمل التنموي.
شهدت السنوات القليلة الماضية قيام الحكومة باتخاذ عدد من التدخلات والسياسات والإجراءات العملية اللازمة؛ لتعزيز الشـراكة مع مؤسسات القطاع الخاص، ويأتي على رأس تلك الإجراءات إنشاء مجموعة من الآليات العملية التي تسهم في تعزيز جهود الشـراكة في التنمية، أبرزها[7]:
من ناحية ثانية شهدت الأعوام الماضية جهودا كبيرة على صعيد القوانين والتشريعات الرامية إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وزيادة دوره الاقتصادي والتنموي، وأهمها[11]:
إن نتائج الإجراءات والسياسات المتعلقة بالإصلاح الإداري والمؤسسـي، على تحسين وتحقيق الشـراكة بين القطاع الخاص والحكومة مازالت متواضعة ومحدودة، وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية والتحديث في اليمن، وما جرى اتخاذه من خطوات إصلاحية في المجال الاقتصادي والإداري، إلا أنه لا تزال هناك معوقات ومشكلات ساهمت في عدم ارتقاء العلاقة الحالية بين الحكومة والقطاع الخاص إلى شراكة إيجابية تخدم مصالح الشـركاء على حد سواء. وسنتناول فيما يلي استعراض لتلك المعوقات والمشكلات[16]:
يمكن تقسيم التحديات التي تواجه القطاع الخاص إلى ثلاثة مكونات أساسية، وهي التحديات الخارجية التي تمثل خارج سيطرة القطاع الخاص، والتحديات الداخلية، وهي التحديات من القطاع الخاص نفسه، والتحديات المستقبلية، وبالمجمل فإن هذه التحديات هي تحديات إدارية كون المتغيرات الإدارية هي الأساس في الإصلاحات الشاملة.
يمكن تأطيرها في التحديات التي تشكل القضايا المجملة بما في ذلك تحديات الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي وتحديات بيئة الأعمال وتحديات تشـريعية وقضائية والأراضي، حيث مازال القطاع الخاص في اليمن يعاني من مجموعة من المشاكل والعوائق التي تحول دون تطوره.
تفاقم العجز الكلي للموازنة العامة للدولة خلال مدة المقارنة 2010 - 2020م، حيث ارتفعت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي من 5.4% عام 2012م إلى 14.7% عام 2015م، ثم تراجعت قليلًا إلى 9.2% عام 2020م، بمتوسط بلغ 9.1% خلال المدة 2012 - 2020م، وهذه النسبة تجاوزت الحدود الآمنة وبالذات خلال عامي 2015، 2016م، حيث بلغت حوالي 14.7% و 14.5% على التوالي، في ظل تفاقم العجز في الموازنة العامة للدولة ووجود صعوبة في تمويله من موارد حقيقية؛ بسبب فقدان أغلب الإيرادات العامة للدولة، فقد لجأت الحكومة إلى الدين العام المحلي لتمويل العجز المتفاقم، ونتيجة لذلك تزايد الدين العام بشكل مستمر، حيث ارتفعت أهميته النسبية إلى الناتج المحلي من 55.1% عام 2012م إلى 100.4% عام 2020م، وبلغت في المتوسط خلال المدة نفسها حوالي 84.0% من الناتج المحلي الإجمالي[17].
كان القطاع المصـرفي والنقدي من أشد القطاعات تضـررًا، وبالرغم من استخدام البنك المركزي اليمني أدوات السياسة النقدية للحفاظ على الاستقرار النقدي، إلا أن الأزمة وآثار الصـراع كانت قوية وترتب عنها العديد من الاختلالات في القطاع المصـرفي والنقدي، ومن أهم تلك الآثار على هذا القطاع: أن الحكومة حصلت على النصيب الأكبر حيث بلغ نصيبها من إجمالي القروض والسلفيات كمتوسط خلال المدة 2012 - 2020م نحو 73.9% يليها القطاع الخاص بنسبة 25%، وأخيرًا قروض المؤسسات العامة بنسبة 1.1%، الأمر الذي يعني أن الحكومة تسيطر على معظم السيولة وأصول البنوك التجارية التي بدورها تضيق على القطاع الخاص فرص الحصول على المزيد من الموارد النقدية للاستثمار، وهي بهذه المزاحمة التي توجه السيولة النقدية نحو تمويل الإنفاق الاستهلاكي في الغالب ويعكس هذا التوجه قصور السياسة النقدية في كفاءة توظيف الموارد المتاحة نحو الجوانب التنموية والأكثر أهمية من التوجيه نحو الإنفاق الاستهلاكي، وترجع تلك التطورات غير المنتظمة إلى تشتت إدارة السياسة النقدية والمالية بين السلطات النقدية والمالية في عدن وصنعاء[18].
مع تفاقم الوضع المالي والنقدي مما يُضعف القوة الشـرائية للعملة الوطنية، ويقود لتآكل المدخرات وتخفيض القيمة الحقيقية للدخل، ومن ثَمَّ انخفاض الاستهلاك الحقيقي وانزلاق مزيد من السكان تحت خط الفقر، لاسيما أن اليمن مستورد صافي للغذاء والدواء والكساء، ويتولد عن هذا الفارق في سعر الصـرف أضرارًا كبيرة لكثير من الأسر التي تتلقى تحويلات بين المحافظات الجنوبية والشمالية، حيث تقدَّر تكلفة الحوالة المصـرفية نسبة قد تتجاوز حوالي 50% من قيمة المبلغ المحول[19] وغيرها من الأضرار المعيشية، وارتفاع سعر الصـرف تباينه بين أجزاء الوطن يعد أحد المخاطر الرئيسة التي تهدد استقرار الاقتصاد الوطني والمستويات المعيشية للأسر المتوسطة والفقيرة على وجه الخصوص، كما أن انخفاض قيمة الريال (ارتفاع سعر الصـرف) بنسبة 10% يؤدي إلى زيادة معدل الفقر بما يتراوح بين 2.3 إلى 5.6 نقطة مئوية، تبعًا للزيادة في أسعار المواد غير الغذائية [20]، وبسب استمرار الحرب فقد الريال اليمني حوالي 176% من قيمته خلال سنوات الحرب وخسـر حوالي 12% من قيمته خلال الخمسة الأشهر الأولى من عام 2020م، ولاستمرار الانقسام في الإدارة المصـرفية بين عدن وصنعاء خسـر الريال اليمني - أيضًا - حوالي 15% من قيمته بسب هذا الانقسام[21] وفي الوقت الحالي في 12 أغسطس بلغ سعر الصرف 529 ريال للدولار في صنعاء مقابل 1417 ريال للدولار في عدن[22].
يشكل عدم الاستقرار الاقتصادي والنقدي تحديات كبيرة ومشاكل كبيرة على القطاع الخاص، حيث يؤثر تفاقم عجز الموازنة العامة وتدني النفقات العامة وتوقف صرف المرتبات في كثير من المحافظات على مستويات الدخل والطلب على منتجات القطاع الخاص، وتدهور القوة الشـرائية للريال وزيادة معدل التضخم وارتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على العملة الأجنبية، وتولد معوقات أمام القطاع الخاص تتعلق بالتمويل والبنوك والمصارف، وتتمثل مشكلة السيولة النقدية في مشكلة المديونية (الدين الداخلي) التي على شكل أذون خزانة وطباعة النقود. واختلال سياسات الصرف (لتعدد السلطات) [23].
انقسام المؤسسات الاقتصادية وتعارض/ تعطل السياسات واتساع نشاط الصـرافين غير الرسمي على حساب البنوك، بالإضافة إلى القيود على نقل السيولة داخليا وخارجيًا.
ارتفاع المخاطر وتكاليف النقل والتأمين على الشحنات الواردة للموانئ اليمنية، وهذا يعني زيادة الطلب على النقد الأجنبي لمواجهة الارتفاع في تكاليف النقل والتأمين، ومن ثَمَّ ارتفاع سعر الصـرف، مما عكس آثارًا اقتصادية شديدة غطت بظلالها على الوضع المعيـشي للمواطن اليمني نتيجة لحدوث زيادة فورية في أسعار السلع الأساسية المستوردة والوقود؛ مما يؤثر سلبًا في الوضع المعيشـي للمواطنين، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على الواردات في تغطية احتياجات السوق المحلي من تلك السلع.
ارتفاع سعر صرف الدولار نتيجة للمضاربة في سوق الصـرافة، وتقييد الواردات وزيادة رسوم التأمين على البواخر الناقلة وتأخرها أسابيع وأشهر حتى يؤذن لها بالدخول.
عوائق النقل الداخلي والازدواج الجمركي وضعف الرقابة على الأسعار المحلية، مما دفع بالمزيد من السكان إلى دائرة الفاقة والحرمان.
عدم وجود مؤسسات تمويل لمشاريع القطاع الخاص لاسيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الإنتاجية، وصعوبة فتح الاعتمادات المستندية عبر البنك المركزي وعبر البنوك التجارية[24].
تدهور القطاع الخارجي نتيجة للظروف غير المواتية التي يمر بها اليمن بصورة عامة، ويرجع ذلك التدهور في الصادرات إلى تدهور الصادرات النفطية وإلى الخسائر المادية التي لحقت بالبنية التحتية التي أدت إلى انخفاض قيمة الصادرات بشكل عام، وانخفاض قيمة الصادرات النفطية بشكل خاص، بنسبة وصلت بالسالب إلى 27.1% في المتوسط خلال المدة 2015 - 2020م، فبعد تراجع نمو الصادرات النفطية خلال المدة 2013 - 2015م بنسبة بلغت في المتوسط سالب 59% تقريبًا عاودت تحقيق معدلات نمو موجبة استقرت عند 10.3% عام 2019م، بينما تراجعت عام 2020م إلى نحو سالب -27.1% كما يتضح من الشكل (28)، بينما تزايدت الواردات عام 2013م بنسبة 44% مقارنة بالعام السابق، إلا أنها تراجعت عام 2016م إلى سالب -81%، بينما ارتفع معدل النمو بين عامي 2017 - 2019م إلى نحو 369.9% و -41.3% على التوالي، ثم تراجعت لتحقق نموًا سالبًا بلغ -61.4% عام 2020م. انظر الشكل (9).
التي أثرت بشكل سلبي في الميزان التجاري والقطاع الخاص، ومن أبرز النتائج: تفاقم الوضع المالي وشح المعروض من النقد الأجنبي، والتغيرات التي أثرت في القدرة الشـرائية والاستهلاكية والإنتاجية للمواطنين، فاختلاف اتجاهات وتفضيلات المستهلكين لها أثر في الواردات، إضافة إلى تأخر دخول وتخليص السفن في الموانئ اليمنية، والقيود على المنافذ البرية والجوية الرئيسة وتعرضها لبعض الأضرار المادية التي لحقت بها جراء الحرب، إضافة إلى مغادرة شركات النفط والغاز الأجنبية من اليمن وتأثر إنتاجية النفط، إضافة إلى القيود المفروضة على التصدير.
وتأتي هذه التطورات انعكاسًا لتوقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية، لاسيما قطاع النفط والغاز الذي يعد المصدر الرئيس للصادرات اليمنية، كما كانت صادرات النفط والغاز أهم روافد العملة الصعبة اللازمة لتغذية الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي وتمويل الواردات السلعية ودعم استقرار سعر الصـرف، حيث تراجعت نسبة الصادرات النفطية من 89.6% عام 2012م إلى 55.8% عام 2014م ثم إلى 0.2% عام 2015م، ثم عاودت الارتفاع لتتراوح بين 67.6% - 63.1% عامي 2019 - 2020م على التوالي إلى إجمالي الصادرات [25]؛ ما يؤثر في تحديات كبيرة أمام القطاع الخاص من أبرزها[26]:
وفضلًا عن ذلك يواجه القطاع الخاص تحديات مزمنة أبرزها:
يرتبط نشاط القطاع الخاص - المحلي والأجنبي - واستثماراته بصورة أساسية بطبيعة ومستوى الأوضاع والعوامل التي تشكل في مجملها ما يعرف ببيئة أداء الأعمال من ناحية ومناخ الاستثمار من ناحية أخرى؛ لذلك فإن تشخيص الوضع الراهن لطبيعة ومستوى هذه الأوضاع والعوامل وفقًا للمؤشرات الدولية من ناحية ورؤية القطاع الخاص اليمني من ناحية أخرى يشكل الخطوة الضـرورية واللازمة لتحديد الإجراءات المطلوبة لحفز وتوسيع أنشطة القطاع الخاص الاقتصاد والتنموية وزيادة استثماراته.
يقيِّم تقرير ممارسة أنشطة الأعمال[28] اللوائح التنظيمية أو القوانين التي تؤثر بشكل مباشر على الأعمال التجارية والاستثمارية ومستوى سهولة ممارستها بمقياس يتراوح من 1 إلى 190، حيث يمثل الرقم 1 الدولة ذات الأداء الأفضل بينما يمثل الرقم 190 الدولة ذات الأداء الأسوأ؛ بغرض تقييم بيئة أداء الأعمال في 10 مجالات رئيسة، وقد نفذت العديد من الإصلاحات على مستوى دول العالم، حيث قامت (115) دولة من أصل (190) بتنفيذ 294 إصلاحًا تنظيميًا لأنشطة الأعمال وفقًا لتقرير 2020م، وقد احتلت اليمن الترتيب 187 على المستوى العالمي في تقرير بيئة أداء الأعمال 2020م. أنظر الشكل (10).
وهذا المؤشر يضع اليمن ضمن أدنى أربع دول على خارطة بيئة أداء الأعمال في العالم، فليس هناك أدنى من اليمن سوى فنزويلا (188)، وأرتيريا (189)، والصومال (190)، ولقد تراجع موقع اليمن بصورة ملحوظة من المرتبة 129 عام 2013م إلى المرتبة 187 عام 2019، 2020م مما يصعب على اليمن ليس فقط جذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن - أيضًا - استعادة رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة والشركات الأجنبية التي غادرت البلاد، كل ذلك أدى إلى أن تأتي في مراكز متأخرة على المستوى العالمي والإقليمي في معظم المؤشرات كما يوضحه الجدول (8) خاصة في مؤشر التجارة عبر الحدود (188 من 190 دولة)، ومؤشر الحصول على الكهرباء (187).
ومؤشر استخراج تصاريح البناء (186)، ولم تحقق اليمن نتائج مرتفعة نسبيًا في الترتيب سوى في مؤشري: تسجيل الملكية (86) ومؤشر دفع الضـرائب (89)، ويعود ذلك إلى حصول اليمن على درجات لا بأس فيها في قيمة كلا المؤشرين تصل إلى (65.2) في مؤشر تسجيل الملكية و(74.1) في مؤشر دفع الضـرائب [29]، كما يبين التقرير 2020م حدوث تحسن طفيف في مؤشر بدء النشاط التجاري مقارنة بالتقرير السابق 2019م.
وتراجع اليمن المستمر في مؤشر بيئة أداء الأعمال خلال السنوات العشـر الأخيرة، حيث تراجعت اليمن من المرتبة 129 عالميًا عام 2012م إلى المرتبة 187 عالميًا عام 2020م، ويعود التراجع المستمر في وضع اليمن في هذا التقرير إلى ظروف الصـراع والحرب التي من نتائجها وآثارها السلبية[30]:
وبالإضافة إلى ذلك فإن القطاع الخاص يواجه تحديات أبرزها ما يلي[31]:
تمثل التحديات الداخلية التحديات التي تحت سيطرة القطاع الخاص نفسه، بما في هيكلة القطاع الخاص ومكوناته وغياب استراتيجية لتطوير القطاع الخاص نفسه، وبالتوازي مع الإصلاحات الإدارية الشاملة في الجمهورية اليمنية سيحتاج القطاع الخاص إلى أن يحسن من تنظيم نفسه والقيام بدور استباقي؛ لتحمل مسؤولية إدارة بعض المكونات الرئيسة الاستراتيجية...
وتتعلق هذه التحديات والصعوبات بالمشاكل والتحديات التي يعاني منها بنيان وهيكل القطاع في اليمن أبرزها ما يلي:
ضعف وهشاشة بنيان القطاع الخاص ويتضح ذلك عن طريق ما يلي[32]:
ضعف هيكل القطاع الخاص ويتضح ذلك من الخصائص الآتية[33]:
تشمل مشاركة القطاع الخاص في مواجهتها بما في ذلك تحديات إعادة الإعمار وتحديات التنمية المستدامة وتحديات التغيرات المناخية.
توضح التجربة العملية لكثير من الدول التي سبقت اليمن أن سياسات القطاع الخاص وتوجهاته الاستثمارية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بطبيعة الدور الذي تقوم به الدولة وبطبيعة التوجهات العامة للسياسات والقرارات التي تتخذها، والإجراءات والتدابير التي تنفذها، وتسهم بخلق بيئة ملائمة ودائمة لأنشطة القطاع الخاص ومحفزة لاستثماراته، أو بيئة معيقة ومحبطة، وفي بعض الأحيان بيئة طاردة؛ لذلك فإن مستقبل دور القطاع الخاص وتوسيع مشاركته في النشاط الاقتصادي ومساهمته في عملية التنمية الاقتصادية في اليمن يواجه العديد من التحديات المستقبلية ومنها:
تحديات إعادة الإعمار وبناء التنمية في اليمن: وتشمل، مدى قدرته على المشاركة الفاعلة في تنفيذ وإدارة المشـروعات الاستراتيجية في عملية إعادة الإعمار، ومن أبرزها: محدودية الثقة لدى مؤسسات القطاع الخاص بالسياسات الحكومية تجاهها، تحديات الاستقرار السياسي والأمني وتحديات التمويل ومحدودية رؤوس الأموال، إعادة تأهيل قطاع المقاولات الوطنية، ضعف رؤية القطاع الخاص في إعادة الإعمار، حيث يرى القطاع الخاص أن جانب السياسات العامة والخطط الاستراتيجية ذات العلاقة بإعادة الإعمار هي المجالات الأكثر أولوية لمؤسسات ومنظمات القطاع الخاص [34]، وإصدار قانون الشـراكة بين القطاعين العام والخاص[35].
تحديات التنمية المستدامة: وهي تحديات مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص على المشاركة؛ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030م خاصة المتعلقة بالتعليم - الصحة - الأمن الغذائي - النمو والعمل اللائق ومواجهة التغيرات المناخية.
تحديات مواكبة التطورات العالمية: تطوير الشمول المالي والتطوير الرقمي.
تحديات إنشاء سوق للأوراق المالية في اليمن: يعد إقامة سوق للأوراق المالية في اليمن تعمل بكفاءة مطلبا أساسيا في إطار الإصلاحات الإدارية الشاملة وتحقيق الاستثمار والتنمية والتنوع الاقتصادي، ويتطلب ذلك قيام قطاع خاص له قدرة تنافسية عالية، وموارد رأسمالية ونطاق واسع، ومتطلبات دور القطاع الخاص في تعزيز مجالات الاندماج بين الشركات.
تحديات بطء مسار التسوية السياسية: يرفع التشاؤم بمستقبل التنمية ويضعف الثقة.
وبالرغم من تلك التحديات التي تواجه القطاع الخاص إلا أنه لا يزال يسهم في عملية التنمية، ولهذا وبمعيار أداء للحوكمة الرشيدة وفي إطار الإصلاحات الإدارية الشاملة مستقبلا ينبغي العمل على إعداد وتنفيذ استراتيجية؛ لتطوير القطاع الخاص في اليمن، بحيث تعتمد هذه الاستراتيجية لتطوير القطاع الخاص على الهيكلية المؤسسية القائمة، والتركيز على تعزيز مجالات التنسيق والاتساق والتضامن والتشاور بين مكونات القطاع الخاص؛ بما يسهم في رفع قدرة القطاع الخاص على إدارة الاقتصاد والتنمية في اليمن. وتعزيز مجالات التنسيق ما بين الجهات الحكومية التي تقدم خدمات للمستثمرين والقطاع الخاص.