الرئيسية | دراسات أُسس | الوظائف في اليمن

الوظائف في اليمن

بين القطاع العام والقطاع الخاص

20 مارس 2025
د. عباس علي الشطبي

ملخص

تتناول هذه الدراسة واقع الوظائف وسوق العمل في اليمن، مسلطة الضوء على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر بشكل مباشر على القوى العاملة ومنظومة الأجور والمرتبات. تشير الدراسة إلى أن اليمن تواجه أزمة بطالة حادة نتيجة عدم التوازن بين النمو السكاني السريع والموارد الاقتصادية المحدودة. كما تبرز الفجوة في تنظيم سوق العمل وضعف سياسات التوظيف التي تفاقمت بفعل النزاعات المستمرة. بالإضافة إلى ذلك، تتناول الدراسة تأثير تراجع الإيرادات الحكومية وعجز الدولة عن تغطية رواتب موظفي القطاع العام. ومن خلال استعراض تجارب دولية ناجحة مثل سنغافورة وماليزيا، تقدم الدراسة رؤى حول كيفية تحويل هذه التحديات إلى فرص، من خلال إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية. تُختتم الدراسة بوضع رؤية مستقبلية تهدف إلى تقليل معدلات البطالة وتحسين نظم الأجور، مع اقتراح إصلاحات هيكلية تعزز من دور القطاع الخاص في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

كلمات مفتاحية: سوق العمل، التوظيف، البطالة، التنمية الاقتصادية، القطاع الخاص، الإصلاحات الهيكلية، القطاع العام، اليمن.

Abstract

This study explores jobs and the labor market in Yemen, highlighting economic and social challenges affecting the workforce and wage system. Yemen’s severe unemployment crisis stems from rapid population growth and limited resources, exacerbated by conflicts and weak employment policies. Additionally, it addresses the impact of declining government revenues and unpaid public wages further strain the labor market. By examining successful models like Singapore and Malaysia, the study offers insights into turning challenges into opportunities. It concludes with a vision for reducing unemployment, improving wages, and implementing reforms to boost private sector contributions to sustainable development.

Keywords: labor market, employment, unemployment, economic development, private sector, structural reforms, public sector, Yemen.

‌1- الإطار العام للدراسة

1-1 . مقدمة

العمل يُعدُّ من الأنشطة الإنسانية الأساسية التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بتنمية الأفراد والمجتمعات. فهو ليس فقط الوسيلة الأساسية لكسب العيش، بل أيضًا الأداة التي تُسهم في بناء الاقتصاد وتعزيز العلاقات الاجتماعية. ولهذا السبب، اهتمت المجتمعات الحديثة بإنشاء منظومات متكاملة لتنظيم سوق العمل وضمان حقوق العاملين.

في الدول المتحضرة، أصبح العمل نشاطًا مُنظمًا يخضع لقوانين وسياسات مدروسة تهدف إلى تحقيق التوازن بين احتياجات الأفراد وسوق العمل. يتم إخضاع العاملين لاختبارات مهنية تضمن كفاءتهم وإسهامهم الإيجابي في الاقتصاد.

على مستوى الفرد، يحقق العمل العديد من الفوائد التي تمتد إلى المجتمع بأسره، أهمها:

  1. تطوير المعرفة والخبرة: كلما زادت خبرة الفرد في مجال عمله، زادت معرفته وكفاءته، مما ينعكس إيجابيًا على مستوى دخله وحياته الشخصية.
  2. النمو الشخصي: يعزز العمل المسار الوظيفي ويمنح الأفراد الشعور بالإنجاز.
  3. التكامل الاجتماعي: يساعد في بناء علاقات إنسانية إيجابية ويقلل من الشعور بالعزلة.
  4. تحسين الصحة النفسية والجسدية: من خلال الحد من الشعور بالضغوط النفسية الناتجة عن البطالة.
  5. الإسهام في تقليل البطالة: مما يؤدي إلى تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. في اليمن، تتولى وزارة الخدمة المدنية بالتعاون مع وزارة العمل والهيئة العامة للتأمينات مسؤولية تنظيم العمل، مع التركيز على تحسين نظام الأجور والحوافز بما يتماشى مع احتياجات السوق المحلية ومتطلبات العيش الكريم.

2-1 . مشكلة البحث

تواجه بلادُنا تحدياتٍ سكانيةً كبيرةً ناجمةً عن انعدام التوازن بين عدد السكان من حيث الحجم والتركيب والتوزيع، وبين الموارد الطبيعية والاقتصادية المتاحة الأمر الذي يؤدي إلى العديد من الاختلالات والإخفاقات التي تواجه خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية[1]، وتمثل القوى العاملة نبض الاقتصاد الحيوي، كما تمثل وقودًا وطاقةً للمجتمع لتحقيق التنمية المنشودة. وفي اليمن، من المتوقع أن يصل حجم القوى العاملة في عام 2035 إلى حوالي 13 مليون عامل، مقارنة بـ 4.2 مليون عامل عام 2004. وبذلك، سيتضاعف حجم القوى العاملة ثلاث مرات تقريبًا بحلول نهاية فترة الإسقاط، مقارنةً بالوضع الحالي. والمعيار الفعلي في هذا الجانب هو القدرة على تهيئة وإيجاد فرص عمل للقوى العاملة، إضافةً إلى القدرة على التأهيل والاستيعاب والاستفادة من هذه الأعداد الكبيرة، التي يمكن أن تكون وسيلةً مثلى لتحقيق التنمية، وتغيير الواقع المعيشي، والوصول بالمجتمع إلى مستوى جيد، وتوفير متطلباته، وتحقيق طموحاته، وبدون ذلك، ستصبح هذه الأعداد عبئًا على المجتمع، حيث تزداد نسبة الجريمة مع وضع كهذا، وتتسع رقعة الإرهاب والفساد الاجتماعي والسياسي، وتسوء الأحوال المعيشية[2] ، ويمكن اختصار أهم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر بشكل مباشر على سوق العمل في اليمن في:

  1. خلل التوازن السكاني: ينعكس في التفاوت بين عدد السكان المتزايد والموارد المحدودة، مما يؤدي إلى ضغوط هائلة على سوق العمل.
  2. تراجع الإيرادات الحكومية: خاصة بعد عام 2016، حيث عجزت الدولة عن تغطية رواتب موظفي القطاع العام، مما أدى إلى تراكم الديون وتفاقم الأزمات المالية.
  3. البطالة: مع تضاعف القوى العاملة المتوقعة بحلول عام 2035، تبرز الحاجة الماسة لإيجاد حلول عملية ومبتكرة.

وبالنظر إلى التجارب الدولية، مثل سنغافورة وماليزيا، التي نجحت في تحويل التحديات إلى فرص من خلال تعزيز دور القطاع الخاص، يبدو من الضروري دراسة هذه التجارب واستلهام أفضل الممارسات.

3-1 . أسئلة البحث

  1. ما هو واقع الأجور والمرتبات في اليمن؟ وكيف تأثرت بالأوضاع الحالية؟
  2. ما هي الإصلاحات والمبادرات التي تم تنفيذها لتحسين منظومة الأجور؟
  3. ما الدروس المستفادة من تجارب الدول الرائدة «سنغافورة وماليزيا» في هذا المجال؟
  4. ما هي الرؤية المستقبلية لإشراك القطاع الخاص في عملية التنمية والحد من البطالة؟

4-1 . أهداف البحث

  1. تحليل منظومة الأجور والمرتبات في اليمن، لفهم أبعاد المشكلة وآثارها على الاقتصاد.
  2. استعراض التجارب الدولية الرائدة في إشراك القطاع الخاص لاستخلاص الدروس ذات الصلة.
  3. تطوير رؤية مستقبلية: تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في إصلاح نظام الأجور وتحقيق التنمية المستدامة.

5-1 . منهجية البحث

يعتمد هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على:

  1. وصف وتحليل واقع منظومة الأجور والمرتبات في اليمن.
  2. دراسة تجارب الدول الرائدة وتحليل مدى إمكانية تطبيقها في السياق اليمني.
  3. استخدام مصادر موثوقة، مثل التقارير الحكومية والدراسات الأكاديمية.

6-1 . حدود البحث

يغطي البحث الفترة الزمنية الممتدة من 1962 إلى 2014، ويدرس تطور منظومة الأجور والمرتبات في اليمن خلالها، كما يستعرض تجارب دول مثل سنغافورة وماليزيا لتقديم مقترحات قابلة للتطبيق في السياق اليمني، وقد تم اختيار هذه الدول للتعرف على بدايات انطلاقها نحو التنمية الإدارية والاقتصادية، والعوامل التي أسهمت في ذلك، خصوصًا أنها كانت دولًا فقيرة الموارد وتعاني من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية سيئة للغاية، لكنها أصبحت اليوم في مصاف الدول المتقدمة.

7-1 . خطة البحث

تم تقسيم البحث إلى:

  1. المبحث الأول: الإطار العام للدراسة.
  2. المبحث الثاني: واقع الأجور والقطاع الخاص في اليمن «1962-2022».
  3. المبحث الثالث: التجارب العالمية الرائدة في إصلاح نظام الأجور.
  4. المبحث الرابع: رؤية مستقبلية لإشراك القطاع الخاص والعام وإصلاح منظومة الأجور.

8-1 . الدراسات السابقة

  1. استراتيجية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي «2024-2026»[3]

    هدفت إلى دعم جهود التنمية في مجال إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي، وأبرزت أهمية الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز القدرات الإنتاجية للقطاع الخاص، كما أكدت أهمية دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها المحرك الرئيسي لخلق فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي.

  2. دراسة فليم «2018»[4]

    تناولت دور القطاع الخاص في مرحلة ما بعد النزاع في اليمن، وأوصت بتعزيز بيئة العمل من خلال تحسين الوصول إلى التمويل، ودعم ريادة الأعمال، وإعادة بناء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما شددت على أهمية الاستفادة من القطاع الخاص كمحرك رئيسي لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.

  3. دراسة الإسكوا «2022»[5]

    قَيَّمَت سياسات الوظائف والأجور في اليمن، وخلصت إلى أن التوافق مع مبادئ العدالة الاجتماعية لا يتجاوز 9.1 ٪ موضحةً أن هذا التراجع مرتبط بانهيار الاقتصاد والصراع المستمر. كما أكدت أهمية مواءمة الحد الأدنى للأجور مع تكاليف المعيشة، واعتماد إصلاحات شاملة لتحسين العدالة الاجتماعية.

  4. دراسة قطرية للإسكوا: تحديات التنمية في اليمن[6]

    ركّزت على تحليل العوامل المعيقة للتنمية في اليمن والتحديات الهيكلية التي تواجه البلاد، مثل ضعف البنية التحتية، وارتفاع مستويات الفقر، وضعف الموارد البشرية. كما تضمنت الدراسة توصيات لتحسين أداء القطاعات الإنتاجية عبر تعزيز كفاءة الإدارة وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية، مشددةً على أهمية دور المانحين الدوليين في تقديم الدعم المالي والفني لتعزيز التنمية المستدامة.

2- مفاهيم ومصطلحات البحث

1-2 . الأجور والتنمية

1-1-2 . مفهوم الأجور والمرتبات

تُعَدّ الأجور من الأدوات الفعالة المؤثرة على أداء الفرد، وهذا ما جعل البعض يُسمِّي الاقتصاد المعاصر «اقتصاد الأجور»، نظرًا لأهميته الكبيرة كعنصر تنموي يساهم في تكوين طبقة عاملة فعالة ومنتجة، وكعامل استقرار اجتماعي يحفز الطاقات البشرية على تطوير المنتج وتحسينه وترقيته.

وبشكل عام، تشير الأجور أو المرتبات إلى التعويض المالي الذي يتلقاه العامل مقابل العمل الذي يؤديه، سواء كان بشكل يومي، أسبوعي، أو شهري. أمّا قانون الأجور والمرتبات اليمني رقم «43» لسنة 2005، فقد عرَّف الراتب بأنه: الراتب الأساسي الشهري الذي يستحقه الموظف بمقتضى الهيكل العام المحدد في هذا القانون، مقابل قيامه بمهام الوظيفة التي يشغلها، ولا يشمل البدلات المرتبطة بالبعد الجغرافي أو بطبيعة الوظيفة[7]، كما حدد قانون العمل اليمني رقم «5»[8] لسنة 95 والمعدل بالقانون رقم «25» لسنة 97 في مادته رقم «2» مفهوم الأجور وقام بتقسيمه إلى قسمين:

  • الأجر الأساسي: هو ما يحصل عليه العامل لقاء ساعات العمل المحددة، سواء كان مقابلً نقديًا أو عينيًا يمكن تقويمه بالعملة، لا يدخل في ذلك المستحقات الأخرى غير الأجر الأساسي أيًا كان نوعها.
  • الأجر الكامل: هو ما يدفعه صاحب العمل للعامل لقاء عمله، سواء كان مقابلً نقديًا أو عينيًا يمكن تقويمه بالعملة، مضافًا إليه سائر الاستحقاقات الأخرى، أيًّا كان نوعها.

وبالنسبة للإسكوا[9] فقد عرّفت الأجور والمرتبات على أنها: تشمل قيمة أي مساهمات اجتماعية وضرائب دخل وما إلى ذلك، مستحقة للدفع من قبل الموظف حتى وإن تم فعليًا اقتطاعها من قبل صاحب العمل لتيسير سير عمل الشؤون الإدارية أو لغير ذلك من الأسباب، وتم دفعها بشكل مباشر لبرامج أو الأنظمة الضمان الاجتماعي أو للسلطات الضريبية وما إلى ذلك نيابة عن المستخدم.

كما قدمت الاتفاقية رقم «100»[10] من الدليل التعريفي للمساواة في الأجور، تعريفًا للأجر بحيث يشمل الأجر أو المرتب العادي، الأساسي أو الأدنى، وجميع التعويضات الأخرى التي يدفعها صاحب العمل للعامل بصورة مباشرة أو غير مباشرة، نقدًا أو عينًا، مقابل استخدامه له، ويشمل ذلك:

  1. الأتعاب المدفوعة للأجير، نقدًا أو عينًا، مقابل العمل الذي يؤديه إضافة لأجر الوقت الذي لم يعمل فيه.
  2. المكاسب الصافية من العمل للحساب الخاص.
  3. المكاسب الإجمالية من الوظيفة والعمل للحساب الخاص.

2-1-2 . علاقة الوظائف والأجور بالتنمية

المرتبات والأجور عنصر أساسي في الاقتصاد والمجتمع، فهي حق جوهري للموظفين والعاملين وتعويض مباشر لجهودهم، وقد أكد الإسلام على ضرورة دفعها في وقتها، كما قال الرسول أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه». وتمثل الأجور أهمية مزدوجة، فهي تؤثر في العلاقات الاجتماعية بين أصحاب العمل والعمال، كما تعد عاملًا حاسمًا في التنمية الاقتصادية، إذ ينعكس مستوى الأجور على رضا العاملين وإنتاجيتهم، مما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي ورفاهية المجتمع. وترتبط التنمية الاقتصادية ارتباطًا وثيقًا بالعدالة الاجتماعية من خلال توزيع الدخل القومي، حيث يجب أن تؤدي زيادة الدخل إلى تحسين مستوى معيشة الأفراد، مما يجعل السياسة الأجرية أداة حيوية لتحقيق هذا التوازن، عبر ربط الأجور بمعدلات التضخم، لضمان قدرة العاملين على تلبية احتياجاتهم الأساسية. كما أن ارتفاع تكاليف المعيشة يقلل من الأجر الحقيقي، مما ينعكس سلبًا على مستوى المعيشة والإنتاجية والولاء المؤسسي، ولذلك تلجأ الدول والمؤسسات إلى وضع سياسات أجرية مرنة تواكب التضخم، للحفاظ على الأداء الإنتاجي، وضمان استقرار الإيرادات، وتعزيز القدرة التنافسية.

2-2 . الشراكة مع القطاع الخاص

1-2-2 . مفهوم القطاع الخاص

يعرف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة القطاع الخاص في استراتيجيته العالمية «2025-2023» بأنه «النشاط التنظيمي الأساسي للنشاط الاقتصادي في اقتصاد السوق» [11]، حيث تُعتبر الملكية الخاصة والمنافسة من العوامل الأساسية التي تدفع عجلة الإنتاج، أما أشكاله فهي تشمل:

  • المؤسسات التجارية الهادفة للربح.
  • مؤسسات الأعمال المملوكة للدولة، والتي تعمل بآليات القطاع الخاص.
  • جمعيات وائتلافات الأعمال.
  • الشركات التابعة للقطاع الخاص المحلي والدولي.

وتؤكد العديد من الدراسات أن القطاع الخاص يساهم في خلق نمو اقتصادي سريع ويستمر على المدى الطويل، انطلاقا مما يتميز به من مزايا عديدة مقارنة بالقطاع العام، وذلك كما يلي:[12]

  1. ارتكاز نشاطه الاقتصادي على تحقيق الربح مقارنة بالقطاع العام، الذي يغيب عن نشاطه مفهوم الربح ويطغى عليه الهدف الاجتماعي ذات الخلفية السياسية.
  2. الكفاءة في إدارة الموارد، نظرًا لما يتحمله من تكاليف في مقابل الحصول عليها، في حين أن القطاع العام يتميز في الغالب بالتبذير وعدم الرشادة في استخدام الموارد.
  3. قدرة القطاع الخاص على خلق وتوفير الحوافز لعنصر العمل بما يضمن ارتفاع الإنتاجية والصرامة في الأداء.
  4. كفاءة الإدارة في النشاط الاقتصادي بالنسبة للقطاع الخاص انطلاقًا من استهدافه للموارد البشرية المؤهلة ذات الخبرة والمهارة والكفاءة العالية.
  5. التميز بروح المبادرة وديناميكية الإبداع، والابتكار والتجديد في النشاط الاقتصادي، ليضمن القدرة على المنافسة والبقاء في السوق بخلاف القطاع العام.

شكل «1»
الموارد البشرية اللازمة للتنمية
صورة الشكل «1»

2-2-2 . الشراكة مع القطاع الخاص

يُعد مصطلح الشراكة مع القطاع الخاص من المفاهيم الحديثة في أدبيات العلوم الإنسانية والاجتماعية، ولم تحظَ بتعريف شامل وقاطع كغيرها من المفاهيم، ورغم ذلك، فقد اصبح في الوقت الراهن من المصطلحات الأكثر شيوعًا في معظم مناحي الحياة نتيجة للدور الذي تقوم به هذه الشراكة بين القطاعات والمؤسسات المختلفة لتحقيق الأهداف، وقد تم تداول مفهوم الشراكة بين الحكومة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص لأول مرة على نطاق واسع خلال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي انعقد في القاهرة عام 1994، ويمكن تعريفها بشكل دقيق بأنها «تكوين علاقة تعاونية بين شريك أو أكثر من الجهات الحكومية مع شريك أو أكثر من تكوينات أخرى حكومية أو غير حكومية وتكوينات أخرى كالمنظمات المحلية أو الخارجية أو القطاع الخاص، مرتكزة على أساس من الثقة والاحترام المتبادل بين طرفين أو الأطراف من أجل تحقيق الأهداف» [13]، والشراكة تعدّ أحد المحاور الأساسية لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق التوازن الاقتصادي، لا سيما في الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية مزمنة، وتشمل هذه الشراكة:

  1. إعادة توزيع الأدوار: تقوم الحكومة بإعادة توزيع الأدوار الاقتصادية مع القطاع الخاص، حيث تركز على وضع السياسات والتنظيم، بينما يتولى القطاع الخاص تنفيذ المشاريع والإدارة التشغيلية.
  2. برامج الخصخصة وإعادة الهيكلة: أظهرت التجارب الدولية أن خصخصة بعض القطاعات أو إدخال القطاع الخاص كشريك يمكن أن يُخفف العبء المالي عن الحكومة، مع تحسين الكفاءة والجودة.
  3. تحفيز الاستثمار: توفير بيئة قانونية وتشريعية تضمن حقوق المستثمرين وتسهل الدخول في شراكات طويلة الأمد.
  4. تعزيز الشفافية والمساءلة: يتم ذلك من خلال بناء آليات رقابة ومتابعة تضمن تحقيق الأهداف المتفق عليها دون انحراف أو استغلال.

كما يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورًا فاعلً في تحسين منظومة الأجور العامة من خلال:

  1. تعزيز بيئة العمل: عبر تقديم حوافز مرتبطة بالإنتاجية لزيادة تحفيز العاملين.
  2. زيادة فرص التدريب والتأهيل: لرفع كفاءة العاملين وتزويدهم بالمهارات المطلوبة.
  3. تطبيق أنظمة أجور مرنة: ترتبط بأداء الموظفين وتتناسب مع تكاليف المعيشة.
  4. تشجيع الابتكار وريادة الأعمال: توفير دعم مادي وفني للمشاريع الناشئة.

3-2 . خلاصة

استعرض هذا الباب الإطار العام للدراسة، أهدافها ومنهجيتها والدراسات السابقة التي ناقشت موضوع سوق العمل اليمني، كما شرح تعريف مصطلح الأجور، وكذا علاقته بالتنمية، كما تطرق إلى تعريف القطاع الخاص والشراكة معه ودور هذا القطاع في تحسين منظومة الأجور، مما يمهد لفهم أعمق للتحولات والتحديات المرتبطة بأسواق العمل والتي سنناقشها في المباحث اللاحقة.

3- واقع الأجور والقطاع الخاص في اليمن

1-3 . خلفية

شهدت اليمن توسعًا ملحوظًا في قطاعيّ الأعمال العام والخاص، إلا أن القطاع العام تحمل عبء توفير الوظائف لليمنيين بغض النظر عن الحاجة الفعلية، مدفوعًا برغبة المواطنين في الاستقرار الوظيفي وضمان استمرارية الأجور بعد التقاعد أو الوفاة. وقد أسهمت العشوائية في التوظيف، الناجمة عن الوساطات والمحسوبيات والسعي لبسط النفوذ داخل مؤسسات الدولة، خصوصًا العسكرية، في تضخم هيكل الأجور بشكل كبير. وفي الوقت ذاته، لم يُطبق قانون التقاعد بفاعلية، حيث يتجنب الموظفون الإحالة للتقاعد خشية فقدان الامتيازات المالية التي كانوا يحصلون عليها أثناء الخدمة.

يتناول هذا المبحث أبرز القوانين والقرارات والتشريعات اليمنية المتعلقة بالوظائف والأجور منذ عام 1963 وحتى صدور القانون رقم «43» لسنة 2005، والذي لا يزال ساري المفعول حتى اليوم. كما سيتم استعراض الخطوات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة لإصلاح منظومة الأجور والمرتبات، إضافةً إلى تحليل المسوحات الخاصة بالقوى العاملة خلال الفترة من 1990 حتى «2013-2014».

2-3 . البنية القانونية

يمكن استعراض أهم قوانين وتشريعات الخدمة المدنية في اليمن بخصوص الأجور كالتالي:

1-2-3. القانون رقم «2» لسنة 1963 [14]

  • يعتبر أول قانون ينظم شئون الخدمة المدنية في البلاد.
  • تضمن ثلاثة جداول مرتبات لموظفي القطاع العام، تشمل الوظائف الإدارية والعمال والوظائف العليا.
  • لم يتضمن القانون امتيازات إضافية بجانب الراتب سوى العلاوة الدورية كل سنتين، ولم يشمل شروط شغل الوظائف أو تدريب الموظفين.

2-2-3. القانون رقم «5» لسنة 1971 [15]

  • أضاف شروطًا لشغل الوظائف مثل الشهادة العلمية، لكنه افتقر للدقة ولم يتطرق لتنمية القيادات الإدارية وأسس اختيارها.

3-2-3. القانون رقم «49» لسنة1977 [16]

  • صدر هذا القانون بعد استقرار النظام السياسي في اليمن وانتهاء الحرب، ليمهد الطريق نحو التخطيط الشامل بدءًا بالبرنامج الإنمائي الثلاثي. آنذاك، بلغ إجمالي القوى العاملة في الجهاز الإداري للدولة 18,910 موظفًا، بينهم 193 في مناصب قيادية، لكن 90 منهم كانوا بلا مؤهل، و 29 يحملون شهادات ثانوية أو إعدادية، بينما شكل غير الحاصلين على أي مؤهل النسبة الأكبر ب 11,227 موظفًا. تعكس هذه الأرقام النقص الحاد في الكوادر المؤهلة عند انطلاق أولى تجارب خطط التنمية، رغم الجهود المبذولة عبر إنشاء المعهد الوطني للعلوم الإدارية عام 1963 لتدريب وتأهيل موظفي الخدمة العامة. وقد أحدث هذا القانون تغييرات جوهرية في الوظيفة العامة، أبرزها استحداث حوافز لحملة المؤهلات الجامعية والفنية، والسماح بمنح علاوة تشجيعية للموظفين الذين يجتازون دورات تدريبية لا تقل عن ستة أشهر، مما يعكس إدراك السلطات لأهمية التدريب في رفع كفاءة الموظفين.

4-2-3. القانون رقم «1» لسنة 1988 [17]

  • شهدت هذه المرحلة تطورًا نوعيًا وكميًا كبيرًا في مختلف المستويات التعليمية، حيث بلغ عدد الطلاب في عام 1987 أي في بداية الخطة الخمسية الثالثة 1,197,022 طالبًا، منهم 52,225 في المدارس الثانوية والفنية، بينما بلغ إجمالي خريجي الجامعات الذين تم توظيفهم في سنة إصدار القانون 2,207 خريج. أما القوى الوظيفية في أجهزة الخدمة المدنية، فقد تجاوزت 60,000 موظف وموظفة، مما يعكس حالة من التضخم الوظيفي مقارنة بالإمكانات المتاحة آنذاك.

    تميزت عملية التعيين والاختيار في هذا القانون بعدة ملاحظات، أبرزها أن شغل منصب وكيل وزارة أو وكيل مساعد لم يكن مشروطًا بأي مؤهل علمي، بل يتم الاختيار من بين الوظائف الإدارية القيادية الأدنى. أما باقي الوظائف القيادية، فقد اشترط القانون أن يكون المرشح قد شغل منصبًا قياديًا أدنى لمدة ثلاث مراتب في معظم الحالات، مع اجتياز برنامج تدريبي، وهو ما أدى إلى تقليل الاهتمام بالمؤهل العلمي مقارنة بالسابق، إذ أصبح التركيز على الخبرة والاختبار عند وجود أكثر من مرشح. ومع ذلك، بقي المؤهل الجامعي شرطًا أساسيًا للوظائف التخصصية.

    أما التطور الوظيفي، فقد أصبح في الغالب أفقيًا عبر العلاوات السنوية والتشجيعية، بينما بات التطور الرأسي نحو المناصب الأعلى أمرًا نادرًا، مما أثر على حوافز الترقية والتدرج الوظيفي.

5-2-3. القانون رقم «19» لسنة 1991 [18]

  • يُعد هذا القانون، الصادر عقب وحدة اليمن عام 1990 ، الإطار التشريعي الأساسي الذي لا يزال معمولً به حتى اليوم، وقد صدر بشأنه القرار رقم 122 لسنة 1991 المتعلق باللائحة التنفيذية، ولم يبتعد هذا القانون كثيرًا عن المبادئ الأساسية التي شكلت ملامح القانون السابق رقم 1 لسنة 1988 ، الذي كان معمولً به في الشطر الشمالي قبل الوحدة، خاصة فيما يتعلق بنظام الوظائف، تقسيماتها، والحركة الوظيفية، إضافة إلى شروط شغل الوظائف والتطور المهني للموظف، وكان أبرز ما استجد في هذا القانون هو:
    • تعديلات على آلية التعيين في الإدارة العليا: حيث أصبح التعيين في مجموعة الإدارة العليا مشروطًا بالاختيار من بين شاغلي وظائف الفئة الأولى مباشرة، مع اشتراط خبرة عملية قد تصل إلى أكثر من 15 سنة، تُحدد وفقًا للمؤهل العلمي.
    • تعديلات على آلية التعيين في الإدارة العليا: حيث أصبح التعيين في مجموعة الإدارة العليا مشروطًا بالاختيار من بين شاغلي وظائف الفئة الأولى مباشرة، مع اشتراط خبرة عملية قد تصل إلى أكثر من 15 سنة، تُحدد وفقًا للمؤهل العلمي.
    • تشديد شروط شغل وظائف الإدارة العليا: في التشريع السابق، كانت وظائف وكيل وزارة ووكيل مساعد تُشغل بالاختيار فقط من قبل السلطات المختصة، أما في القانون الجديد فقد تم التشديد على الشروط بسبب التشبع الكبير في أجهزة الخدمة المدنية.
    • ارتفاع حاد في عدد الموظفين: بلغ عدد موظفي الخدمة المدنية عام 1990 نحو 267,423 موظفًا، وارتفع عام 1992 إلى 354,037 موظفًا، أي بزيادة قدرها 86,614 موظفًا خلال عام واحد فقط، وتعود هذه الزيادة إلى سياسة المحاباة والترضية بعد تحقيق الوحدة اليمنية، حيث سعى النافذون في الشطرين إلى توظيف أكبر عدد من الموالين لهم، مما أدى إلى تضخم الجهاز الإداري بشكل غير منظم.

6-2-3. القانون رقم «43» لسنة 2005 [19]

صدر هذا القانون بناءً على الاستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات التي اقرّتها الحكومة في شهر فبراير 2005 لكافة موظفي وحدات الخدمة العامة للدولة بهدف تحقيق ما يلي:

  • بناء هيكل موحد للأجور والمرتبات يعتمد على ربط الراتب بالوظيفة ونوع العمل المؤدى، مع إعادة التوازن بين الراتب والبدلات.
  • تمكين الدولة من استقطاب الكفاءات من خلال تحسين بيئة العمل وهيكل الأجور.
  • إنشاء جهاز حكومي كفء وفعال قادر على تقديم خدمات نوعية عالية الجودة للمواطنين، وتعزيز المناخ الملائم للاستثمار.
  • معالجة الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية من حيث التوزيع العادل للوظائف والمرتبات.
  • تقليل التفاوت في سلم الرواتب بحيث لا يتجاوز الحد الأعلى ثمانية أضعاف الحد الأدنى.
  • تحديث وتبسيط الهيكلة الحالية وإزالة السلبيات مع ضمان سهولة الإدارة.
  • تحقيق الاستغلال الأمثل للموازنة العامة للدولة المخصصة للأجور وما في حكمها.
  • رفع الحد الأدنى للأجور ليواكب خط الفقر ويضمن مستوى معيشيًا مناسبًا للموظفين.

جدول «1»
القوانين والقرارات المنظمة للأجور والمرتبات في اليمن، ميزاتها وتأثيراتها

القانون

العام

الميزات الأساسية

التأثيرات

«2»

1963

تنظيم شؤون الخدمة المدنية؛ 3 جداول مرتبات

لم يتضمن شروط شغل الوظائف أو تدريب الموظفين؛ افتقر إلى الحوافز الإضافية.

«5»

1971

إضافة شروط مثل الشهادة العلمية

افتقر للدقة ولم يتطرق إلى تنمية القيادات الإدارية.

«49»

1977

استحداث حوافز للمؤهلات الجامعية؛ علاوات تشجيعية

أبرز ضعف المؤهلات العلمية في الجهاز الإداري؛ تطور طفيف في الحوافز التعليمية.

«1»

1988

التركيز على التطور الأفقي في الوظائف

تجاهل المؤهلات للوظائف العليا؛ اعتماد الخبرة أكثر من التعليم.

«19»

1991

شروط أكثر تشددًا لشغل وظائف الإدارة العليا

أدى إلى تضخم القوى العاملة بسبب التعيينات العشوائية.

«43»

2005

بناء هيكل موحد للأجور؛ تحسين توزيع الرواتب بين المناطق

محاولة تقليل الفجوة بين الحد الأدنى والأقصى للرواتب.

3-3 . إحصائيات القوى العاملة في اليمن

1-3-3. مسح القوى العاملة 1999 [20]

  • وهو أول مسح ميداني لوحدات جهاز الإدارة العامة في يوليو 1998 ، وصدر التقرير النهائي بنتائجه بين أبريل وديسمبر 1999 ، وكانت أبرز نتائجه كما يلي:
  • إجمالي القوى العاملة: 419,410 موظف.
  • نسبة الموظفين الثابتين: 96.5٪، والمتعاقدين: 3.5٪.
  • نسبة الذكور: 84.2٪، والإناث: 15.8٪.
  • نسبة العاملين في قطاع التعليم: 53.3٪.
  • نسبة العاملين في الجهاز الإداري «بما فيها السلك القضائي»: 80.2٪.

3-3-2. مسح القوى العاملة 2013/2014

  • جاء هذا المسح بعد تنفيذ مسح عام 1999 ، لكنه كان آخر مسح أُجري بسبب الأوضاع التي شهدتها اليمن لاحقًا، حيث أُجري في أعقاب الاضطرابات السياسية والاقتصادية الناجمة عن انتفاضة اليمن عام 2011 ، والتي أسفرت عن انخفاض حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي، مما فاقم أزمة البطالة، إضافة إلى نقص المعلومات المحدثة حول خصائص البطالة، وهو ما قيّد قدرة الحكومة على تطوير مشاريع فعالة لمعالجتها، وقد نُفّذ هذا المسح بالتعاون مع منظمة العمل الدولية لتحقيق فهم أعمق لواقع القوى العاملة، وكانت أبرز أهدافه هي:
    • توفير بيانات حديثة عن العاملين، والعاطلين عن العمل، والبطالة الجزئية، موزعة حسب الخصائص الديمغرافية والاجتماعية، لدعم زيادة المشاركة في سوق العمل.
    • جمع بيانات عن مؤهلات القوى العاملة ومشاركة الشباب في برامج التدريب المهني.
    • قياس حجم المغتربين اليمنيين ودراسة خصائصهم الديموغرافية والاقتصادية.
    • توفير معلومات عن الأجور والدخل في مختلف المهن والقطاعات الاقتصادية.
    • جمع بيانات لتقييم المشاريع الصغيرة الممولة من الصندوق الاجتماعي للتنمية ومدى تأثيرها على سوق العمل.

    أما أبرز نتائج المسح، فكانت كما يلي:

    • بلغ عدد السكان في سن العمل «15 سنة فأكثر» 13.4 مليون نسمة، يشكل الرجال منهم نسبة 50.8٪، كما بلغت نسبة المشاركة في قوة العمل 36.3٪، وكانت 65.8٪ للرجال و60٪ للنساء.
    • بلغ عدد العاملين 4.2 مليون شخص، منهم 7 فقط نساء، واستحوذ القطاع غير الرسمي على 73.7٪ من العمالة، كما بلغت نسبة السكان العاملين الذين سبق لهم أن انخرطوا في العمالة غير الرسمية أكثر من 81٪ بما في ذلك حوالي 8٪ عملوا في وظائف عمالة غير رسمية داخل مؤسسات ومشاريع القطاع الرسمي.
    • لم يُكمل التعليم الثانوي أو التعليم العالي سوى أقل من ثلث القوى العاملة، في حين أن 83٪ يعانون من عدم تطابق المهارات مع وظائفهم، و3.4٪ لديهم تعليم يفوق متطلبات عملهم.
    • نصف العاملين تقريبًا يعملون بأجر، بينما 42.2٪ يعملون لحسابهم الخاص أو ضمن أسرهم، وقد تركزت العمالة في قطاع الخدمات 55.6٪، خاصة في التجارة 22.7٪ والإدارة العامة 12.7٪، أما الزراعة فقد ساهمت بنسبة 29.2٪ من إجمالي العمالة مقارنة بنسبة 14.5٪ لقطاع الصناعة.
    • بلغ معدل البطالة العام 13.5٪، مرتفعًا بين النساء بنسبة 26.1٪، مقارنة بالرجال 12.3٪، ووصل معدل بطالة الشباب إلى 24.5٪، وهو ضعف المعدل الوطني.
    • بلغ عدد المنخرطين في أنشطة إنتاجية للاستخدام الشخصي 3.27 مليون شخص، معظمهم من النساء.
    • بلغ متوسط ساعات العمل الأسبوعية 44 ساعة «للرجال 45 ساعة، للنساء 34 ساعة»، و6.8٪ من العاملين لديهم أكثر من وظيفة أو نشاط واحد خلال الأسبوع.
    • بلغ متوسط الكسب الشهري في الوظيفة الرئيسية 52,500 ريال وينخفض هذا المبلغ بالنسبة للنساء إلى 40,400 ريال مقارنة بالرجال 53,300 ريال، بينما يتقاضى حوالي 23.8٪ من العاملين أقل من ثلثي متوسط الدخل الشهري 35,000 ريال.
    • شارك 87,500 شخص في برامج تدريب خلال العام السابق، معظمهم رجال، ونفذت الحكومة جزءًا كبيرًا منها، كما بلغ عدد اليمنيين المقيمين في الخارج 103,000 شخص، معظمهم رجال وعاطلون سابقون من المناطق الريفية.

جدول «2»
أهم أرقام مسح القوى العاملة «2013-2014»

البيان

العدد

البيان

النسبة

سكان في سن العمل «15 سنة فأكثر»

13,378,000

معدل مشاركة قوة العمل

٪36.3

قوة العمل

4,850,000

نسبة العمالة إلى السكان

٪31.4

العاملين

4,197,000

معدل البطالة

٪13.5

شكل «2»
تحليل توزيع العمالة وفق مسح القوى العاملة «2014–2013»
صورة الشكل «2»
المصدر: مسح القوى العاملة اليمنية «2013-2014»
- تحليل نتائج مسح القوى العاملة «2013-2014»

يعطينا مسح القوى العاملة للعام «2013-2014» رؤية واضحة عن وضع سوق العمل في اليمن، ومن خلال النتائج التي استعرضناها سويًا يمكن الخلوص إلى ما يلي حول وضع سوق العمل في اليمن:

  1. تركز العمالة في قطاعات غير رسمية: يعكس نقص الفرص الرسمية وضعف سياسات سوق العمل.
  2. ارتفاع البطالة بين النساء والشباب: يعكس غياب برامج التدريب والتوظيف.
  3. تفاوت الدخول: أظهرت البيانات انعدام المساواة في الدخل الشهري، حيث يكسب 23.8٪ من العاملين أقل من ثلثي الدخل الشهري الوسطي، والمحتسب عند 35,000 ريال في الشهر.

كما أنه وفي إطار هذا المسح، تم قياس حالة العمل للسكان العاملين في وظائفهم الرئيسية وكانت النتيجة هي أن نصف السكان العاملين يعملون كموظفين في القطاع العام بنسبة 30.6٪ وبنسبة 19.6٪ في القطاع الخاص، أما النصف الآخر فيعملون في وظائف تشغيل ذاتي موزعة كالتالي:

  • ٪6.9 أرباب عمل.
  • ٪31.0 عمال لحسابهم الخاص.
  • ٪11.4 عمال مساهمين في الأسرة.
- واقع القطاع العام من مسح القوى العاملة «2013-2014»

من واقع التحليل السابق للقوى العاملة نجد أن نسبة 30.6٪ من القوى العاملة يعتمدون في معيشتهم على الرواتب الحكومية، ورغم أن القطاع العام يستوعب حوالي ثلث العمالة في البلد أو اقل بقليل لكن هذه الإحصائية ليست دقيقة نظرًا لانتشار ما يسمى الازدواج الوظيفي «حصول بعض العاملين في المؤسسات العامة على وظيفتين أو أكثر»، أو «العاملين الوهميين» وهم الموظفون الذين ليس لهم وجود فعلي، بل هي أسماء وهمية يقوم رؤساءهم غالبًا بتحصيل رواتبهم.

وقد شكلت رواتب القطاع العام قبل اندلاع النزاع أحد أكبر بنود الإنفاق العام في إطار الموازنة العامة للدولة، وبنسبة وصلت إلى 32٪ من الإنفاق الحكومي بين عامي 2001 و 2014 ، حيث بلغ إجمالي الإنفاق على الرواتب في عام 2014 حوالي 1.14 تريليون ريال يمني أي حوالي 53 مليار دولار أمريكي وقد توزعت هذه النفقات على النحو التالي:

  • القطاع الإداري المدني: 546.9 مليار ريال «48٪»
  • الخدمات العسكرية والأمنية: 430.2 مليار ريال «38٪».
  • القطاع الاقتصادي والصناديق والهيئات المستقلة: 162.4 مليار ريال، مع تمويل جزء كبير منها من عوائد مستقلة عن الموازنة العامة.
جدول «3»
نسب أجور القطاعات ونسبتها من إجمالي أجور القطاع العام

القطاع

نسبة الرواتب من الإجمالي

المبلغ «مليار ريال»

القطاع الإداري المدني

٪48

546.9

الخدمات العسكرية والأمنية

٪38

430.2

القطاع الاقتصادي والصناديق

٪14

162.4

هذا مع العلم أن جزءًا كبيرًا من رواتب القطاع الاقتصادي يدفع من عوائد منفصلة عن الموازنة العامة للدولة، فمثلًا أنفقت الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات حوالي 648 مليار ريال يمني عام 2014 لدفع معاشات المتقاعدين المسجلين في كشوفاتها، ولم تخصم نفقات المعاشات من ميزانية الدولة، وإنما تم اقتطاعها من رواتب العاملين المدنيين.21"[21]

ويمكن من خلال السياسات والنتائج السابقة استخلاص التالي حول واقع الوظائف في القطاع العام:

  • شهد القطاع توظيفًا مفرطًا في المجالات العسكرية والإدارية دون مراعاة للاحتياج الفعلي، مما زاد من الأعباء المالية.
  • أدى الازدواج الوظيفي ووجود موظفين وهميين إلى تحميل الحكومة أعباء إضافية غير ضرورية.
  • لم يتمكن القطاع من تحقيق توزيع كفء للموارد البشرية، مما انعكس سلبًا على الإنتاجية العامة وجودة الخدمات المقدمة.

4-3 . القطاع الخاص اليمني.. التحديات والإسهامات

بالاستناد إلى الدراسات والتقارير الاقتصادية والتنموية، يتضح أن القطاع الخاص في اليمن يعمل في ظل بيئة اقتصادية واستثمارية صعبة وغير محفزة، مع مواجهته لتحديات كبيرة تعيق نموه وتطوره. وقد تفاقمت هذه التحديات بشكل كبير خلال سنوات الصراع والحرب، ما ألحق أضرارًا بالغة بالقطاع الخاص سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن أبرز هذه التحديات:

1-4-3 . تحديات الاستقرار السياسي والأمني

  • غياب حكومة مركزية فعّالة، وتعدد السلطات الحاكمة في اليمن، فغياب الاستقرار السياسي يمثل عقبة رئيسية لحوالي 40٪ من المنشآت الخاصة.
  • انتشار العنف والفوضى وارتفاع معدلات الفساد والجريمة.
  • الازدواج الضريبي والجمركي بين السلطات التنفيذية المنقسمة، مما يزيد من الأعباء على المنشآت الخاصة، وبالذات ضريبة القيمة المضافة والتي يتم دفعها بنسبة 5٪ في ميناء عدن، ودفعها مرة أخرى في المنافذ الجمركية التابعة لحكومة صنعاء
  • ارتفاع تكاليف التأمين والشحن إلى الموانئ اليمنية، حيث تراوحت زيادة رسوم التأمين بين 500 و1000 دولار أمريكي لكل حاوية.
  • ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين نتيجة انقطاع الرواتب ومحدودية فرص العمل.

2-4-3 . تحديات النقل

  • الإغلاق المتعمد للطرق الرئيسية وتحويل الحركة نحو طرق فرعية ذات تكلفة عالية ومخاطر.
  • زيادة التقطعات على الطرقات من قبل المليشيات والعصابات الإجرامية.
  • فرض جبايات غير قانونية من النقاط الأمنية على الطرق، حيث تشير بعض التقديرات إلى وجود ما بين 37 و40 نقطة تفتيش على الطريق من عدن إلى صنعاء، تفرض إتاوات ورسومًا تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 3 ملايين ريال.

3-4-3 . تحديات السوق والمنافسة

  • ارتفاع التكاليف الإنتاجية والتسويقية مقارنة بالسلع المستوردة.
  • انتشار السلع المهربة وضعف المنافسة العادلة.
  • فرض غرامات غير مبررة واحتجاز البضائع في المنافذ الجمركية، إلى جانب إلغاء الإعفاءات الجمركية للمستثمرين المنصوص عليها في قانون الاستثمار، الأمر الذي يزيد من حجم التكاليف المالية للمواد الأولية والوسيطة والسلع النهائية، ووفقًا لمسح بيئة الأعمال في اليمن 2019 فقد أكدت 72٪ من إجمالي المنشآت الاقتصادية الخاصة العاملة في اليمن حدوث زيادات في نفقاتها التشغيلية جراء ظروف الصراع والحرب والعوامل المرتبطة بها خلال «2017-2019».

4-4-3 . ضعف المؤسسات الحكومية والبنية التحتية

  • الانقسام المؤسسي بين صنعاء وعدن.
  • تفشي الفساد في المؤسسات الحكومية، توقف الاستثمارات الحكومية والتي كانت أحد مصادر الطلب الكلي في الاقتصاد.
  • شح مصادر الطاقة اللازمة للتشغيل وعدم توفر المناطق الصناعية الملائمة.

5-4-3 . تحديات التمويل والسياسة النقدية

  • التدهور المتواصل في قيمة العملة المحلية والتي وصلت إلى مستويات قياسية خلال سنوات الحرب، وبمعدل تراجع سنوي تراوح ما بين 7.3٪ و50٪ خلال الأعوام 2015 إلى 2020، هذا إلى جانب تعدد أسعار الصرف بين المحافظات المختلفة.
  • محدودية مؤسسات ومصادر التمويل المتاحة في الاقتصاد واعتماد أكثر من 60٪ من المنشآت الخاصة على مصادر التمويل الذاتية المحدودة وحوالي 14٪ منها على مقرضون أفراد، فيما بلغت نسبة المنشآت الخاصة التي حصلت على تمويل من القطاع المصرفي المحلي في اليمن لعام 2020، 4٪ فقط، مقارنة بحوالي 23٪ من المنشآت على المستوى العربي.
  • ازدواجية المعايير بين السلطات النقدية في صنعاء وعدن.

6-4-3 . أثر التحديات على القطاع الخاص

  • تراجع كبير في الإنتاجية وفرص التوظيف.
  • تسريح العمالة وتوقف العديد من المنشآت عن العمل.
  • انخفاض العمالة بشكل كبير بعد أحداث 2011، مما يشير إلى تدهور مناخ الأعمال بشكل عام.

5-3 . خلاصة

يعاني نظام الأجور والمرتبات في اليمن من تحديات كبيرة تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والإنتاجية. يلعب القطاع الخاص دورًا حيويًا في معالجة هذه التحديات إذا تم دعمه بسياسات تعزز بيئة العمل وتوفر تمويلً مستدامًا. كما أن تحقيق الاستقرار السياسي والأمني يعد شرطًا أساسيًا لتحسين واقع الأجور والوظائف في اليمن. يتطلب الأمر تكامل الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص لإحداث تغييرات ملموسة ومستدامة.

4- تجارب رائدة في مشاركة القطاع العام والخاص

من المفيد دراسة التجارب الرائدة في برامج إشراك القطاع الخاص في توفير الوظائف وتحمل فاتورة المرتبات والأجور والحد من البطالة، للاقتداء بها والسير على نهجها للخروج من الأزمة الحالية التي يمر بها الشعب اليمني، والمتمثلة في البطالة وانقطاع المرتبات والملقاة في الأغلب على كاهل كون هاتين الدولتين قد مرتا ،» سنغافورة وماليزيا « القطاع العام، وقد تم التركيز على تجارب دولتي بنفس الظروف التي تمر بها اليمن الآن واستطاعتا الخروج من الأزمات التي أحاطت بهما وخاصة فيما يتعلق بالبطالة واستغلال القطاع الخاص لتوفير فرص العمل، كما سيقوم البحث بالتطرق في الأخير للتجربة المغربية كونها تجربة إقليمية ذات عوامل كثيرة متشابهة مع الواقع اليمني.

1-4 . تجربة سنغافورة

سنغافورة، التي انفصلت عن ماليزيا عام 1965، كانت تعاني من الفقر، البطالة المرتفعة، والأمية التي شملت نصف سكانها. كان اقتصادها يعتمد على تجارة إعادة التصدير وإيجار القواعد العسكرية البريطانية في الجزيرة، اذ كانت دولة بموارد طبيعية محدودة ومساحة صغيرة تبلغ 682.7كم² فقط، لكنها تمكنت من تحقيق تحول اقتصادي استثنائي لتصبح واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم. واليوم، تحتل سنغافورة المركز الثالث عالميًا في الناتج القومي الإجمالي للفرد، الذي تجاوز 60 ألف دولار، مع معدل بطالة لا يتجاوز 2٪، تتميز باقتصاد حر متطور، وهي مركز رئيسي للاستثمارات الأجنبية والخدمات اللوجستية، بل يُطلق عليها «بلد المليارديرات» لكثرة الأثرياء فيها مقارنة بعدد سكانها، ويمكن استعراض أبرز مظاهر النهضة الاقتصادية في سنغافورة من خلال المؤشرات التالية:22" [22]

  • نتيجة نجاح العديد من برامج التنمية والخطط الاقتصادية، ارتفع إجمالي الدخل الوطني السنغافوري بالأسعار الجارية للدولار الأمريكي من 717.6 مليون دولار أمريكي عام 1960 ليصل عام 2018 إلى 339.5 مليار دولار أمريكي.
  • ارتفاع احتياطيات سنغافورة من العملات الأجنبية من 826.63 مليون دولار أمريكي عام 1969 إلى 287.46 مليار دولار أمريكي عام 2018.
  • نجحت سنغافورة بالرغم من قلة مواردها الطبيعية والمالية من تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تظهر في تطور نصيب الفرد من إجمالي الدخل الوطني حسب طريقة الأطلس وبالأسعار الجارية للدولار الأمريكي من 490 دولارًا أمريكيًا عام 1962 ليتجاوز 58,770 دولار أمريكي عام 2018 بعد قرابة نصف قرن فقط من العمل.
  • كانت هناك مستويات منخفضة من التضخم، أي حوالي 2٪ سنويًا خلال العقود الستة الماضية تقريبًا، ما عدا في السبعينيات عندما ارتفع إلى 5.8٪ سنويًا ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى أزمة النفط والاتجاهات التضخمية في الاقتصادات الغربية.
  • تحقيق سنغافورة لمعدل نمو سنوي بلغ في المتوسط 8٪ من عام 1961 إلى عام 2018 رغم تعرضها لعدة نكسات خلال مسيرتها التنموية.
  • تغيرت مساهمة القطاعات الاقتصادية في التشغيل وفي الناتج المحلي الإجمالي بسبب التغير الهيكلي للاقتصاد السنغافوري نحو الأنشطة الأكثر مردودية، حيث قدرت عام 1965 نسب مساهمة قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات في التشغيل بـ 5٪ و 27٪ و68٪ على الترتيب، مقابل 0.28٪ و35.17٪ و64.55٪ على الترتيب عام 1991، والتي ما فتأت أن تطورت الى 0.46٪ للزراعة و16.6٪ للصناعة 82.94٪ للخدمات عام 2018. في حين، قدرت نسب مساهمة قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات في الناتج المحلي الإجمالي بـ 3.70٪ و10.57٪ و74.51٪ على الترتيب عام 1960، مقابل 0.25٪ و25.45٪ و62.81٪ على الترتيب عام 1991، والتي ما فتأت أن أصبحت عام 2018 بالشكل التالي: 0.02٪ للزراعة و20.81٪ للصناعة 69.37٪ للخدمات.
  • تحتل سنغافورة حسب تقرير أدلة التنمية البشرية ومؤشراتها لعام 2018 المرتبة التاسعة من أصل 189 دولة، إذ بلغت علامتها 0.932 على دليل التنمية البشرية الذي وضعه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو يمثل تحسنًا كبيرًا مقارنة بعام 1990 الذي بلغت فيه العلامة 0.718، وحسب نفس التقرير فقد بلغت نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة للفئة العمرية 15 سنة وأكثر 97٪ كمتوسط للفترة «2006-2016».

لم تكن هذه المؤشرات لتتحقق إلا نتيجة تنفيذ الحكومة السنغافورية العديد من البرامج الاقتصادية والتنموية، التي ركزت بشكل أساسي على تطوير العنصر البشري ومشاركة كافة القطاعات في العملية التنموية ومنها القطاع الخاص، والذي نوجز مساهمته في التنمية الاقتصادية وخاصة فيما يتعلق منها بتوفير الوظائف ومشاركة القطاع العام بالتالي:

1-1-4 . دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة

تظهر التجارب العملية للصناعات الصغيرة في بعض الدول المتقدمة إن الحاجة تقتضي وجود مثل هذا النوع من المشاريع، وذلك انطلاقًا من الدور الحيوي لهذه الصناعات في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية مما دعا الكثير من الدول للقيام ببرامج متعددة لتنمية هذه المشاريع. وتؤكد تجارب العديد من الدول، مثل اليابان والصين والهند وغيرها من الدول الأسيوية أن دعم وتشجيع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة حقق طفرة نوعية ملحوظة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. مما جعل الاهتمام بهذا النوع من المشاريع يصل إلى الحد الذي تم فيه تشكيل وزارات خاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة كما حدث في فرنسا والهند وسيريلانكا وماليزيا.

وتشكل المشاريع الصغيرة نسبة 95٪ من إجمالي المشاريع في العالم. وتختلف النسبة من دولة إلى أخرى بسبب اختلاف المعيار الذي يتم على أساسه تصنيف هذه المنشآت، مع الأخذ بعين الاعتبار التفاوت النسبي الكبير بين المشروع الصغير في البلدان الصناعية المتقدمة مقارنة بالمشروع الصغير في البلدان النامية، من حيث معياري حجم رأس المال والعمالة. ففي الولايات المتحدة واليابان وبلدان الاتحاد الأوروبي، نرى أن سقف رأس المال للمشاريع الصغيرة يتجاوز 20 مليون دولار مع أكثر من مائة عامل، في حين أن معظم المشاريع الصغيرة في البلدان النامية يتراوح حجم رأس المال في الواحدة منهما بين «20-50» ألف دولار وعمالة بين «1-20» عامل. وتصل نسبة المنشآت التي توظف أقل من 100 عامل إلى 98.2٪ في أمريكا، 99.5٪ في الاتحاد الأوروبي، 97٪ في اليابان، 95٪ في بريطانيا. أما في الولايات المتحدة تحديدًا فقد استوعبت المنشآت الصغيرة حوالي 39.2٪ من إجمالي العاملين في القطاع الخاص، وأسهمت بنحو 50٪ من الناتج الإجمالي المحلي للقطاع الخاص. وبلغت مساهمة هذه المشاريع في إجمالي الصادرات نحو 60٪ في الصين 56٪ في تايوان 70٪ في هونج كونج و43٪ في كوريا23" [23].

وبالعودة إلى الشأن السنغافوري تساهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 12٪ في الناتج المحلي الإجمالي السنغافوري، وتوظف أكثر من نصف القوى العاملة السنغافورية. رفعت أفضل 500 مؤسسة صغيرة ومتوسطة من إجمالي مبيعاتها بنسبة 30٪ لتبلغ 13.5 مليار دولار وتضاعفت أرباحها الصافية تقريبا لتصل إلى 630 مليون دولار خلال فترة خمسة أعوام24"[24]، حققت من بين أفضل 500 مؤسسة احتلت المراتب الأولى من حيث المبيعات 53 شركة مبيعات بقيمة 50 مليون دولار أو أكثر، علاوة على 30 شركة 6٪ من هذه الشركات لديها متوسط مبيعات شهري يزيد عن 5 ملايين دولار شهريًا، وهذا ليس إنجازًا بسيطًا بمعظم المقاييس.25"[25]

وتأتي أعلى زيادة من قطاعي التصنيع والبيع بالجملة، حيث زاد متوسط عدد الموظفين في هذين القطاعين بنسبة 33٪ و56٪ على التوالي مقارنة بعام 2006، ومن حيث التوظيف، توظف الشركات الصغيرة والمتوسطة المصنفة ضمن أفضل 500 شركة من حيث المبيعات حاليًا ما مجموعه 24,294 موظفًا، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 41٪ مقارنة بتلك المصنفة في عام 2006. وفي قدرتها على توليد الأرباح تحتل الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطاعات القابضة والتمويل والعقارات المراكز الثلاثة الأولى من حيث متوسط هامش الربح، وفي حين أن عدد الشركات في هذه القطاعات الثلاثة لا يشكل سوى نسبة صغيرة من أفضل 500 شركة، فإنها قادرة على توليد صافي ربح متوسط قدره 1.3 مليون دولار، وقد حققت الشركات الصغيرة والمتوسطة في سنغافورة أداءً جيدًا إلى حد ما؛ على مر السنين، زادت الشركات الصغيرة والمتوسطة القيمة المضافة للشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تراكمية بلغت 7.4٪ على مدى السنوات الخمس الماضية من 2003 إلى 2007، وتمثل 46٪ من إجمالي القيمة المضافة في اقتصاد سنغافورة مع تطوير العديد من استراتيجياتها التنافسية على نطاق واسع استنادًا إلى عوامل النجاح الرئيسية.26"[26]

2-1-4 . واقعية منظومة الأجور في النظام السنغافوري

إنَّ الأمور الهامة والأساسية في الدولة تُؤخذ بمأخذ الجد، بمعنى أنَّ السلطات تتعامل معها بواقعية، وفي الوقت نفسه بصرامة. ومن الواقعية في سياسة هذه الدولة أنها تدفع رواتب عادلة وفقًا لسعر السوق. لماذا؟ يجيب أحد قادتهم: «حتى نتمكن من جذب أشخاص أكفاء للعمل.» فالرواتب عندما تتماشى مع سعر السوق، تساهم بشكل كبير في استقطاب الكوادر من ذوي الكفاءات والخبرات وتوظيفهم، ليشكّلوا إضافةً إلى المؤسسات، ويزداد إنتاجها وتتعاظم أرباحها، مما يساهم في النمو بصفة عامة. وذلك على عكس ما يحدث في العديد من الدول، حيث ترصد رواتب لا تتماشى مع سعر السوق، مما أدى إلى تفشي بؤر الفساد في مؤسساتها، وتعطل الإنتاج، وتراجع وتيرة النمو الاقتصادي.

ولهذا، لا بد لأي دولة، إن أرادت النجاح وضمان استمرارية النظام، أن تنتهج أسلوب النزاهة والصرامة في التعامل. كما يقول رئيس وزراء سنغافورة الأسبق لي كوان يو «1923-2015»، الذي اشتهر بصفته مؤسس الدولة وناقِلها من العالم الثالث إلى العالم الأول خلال أقل من جيل: «أعتقد أننا ركزنا بشكل كبير على الحفاظ على نزاهة نظامنا، فنحن نتعامل بصرامة مع الفساد، كما نركز بشكل كبير أيضًا على الكفاءات في تشغيل النظام، مما يجعل القيادة فاعلة وقادرة على الإبداع، والترقيات من نصيب الأفضل، أو الرجل المناسب في المكان المناسب.» فالإصلاح الإداري من أجل القضاء على البيروقراطية والفساد كان بالنسبة إلى القادة السنغافوريين أولوية الأولويات، إذ كانوا متيقنين من أنَّ الفساد، إذا تمكن من مفاصل الدولة، أتى على الأخضر واليابس. ولذلك، فإن المخالفين للتشريعات والقوانين تطالهم العقوبات، مهما كانت صفاتهم أو رتبهم الوظيفية، وغالبًا ما تكون العقوبات قاسية جدًا.27" [27]

3-1-4 . القضاء على البطالة

كانت البطالة من بين أهم المشكلات الملحّة التي واجهت سنغافورة في عهد «لي كوان يو»، الذي كانت لديه قناعة تامة بأن «الثروة في العقول وليس في آبار النفط». حيث انحصر الاقتصاد في سنغافورة أثناء الحقبة الاستعمارية في التجارة الوسيطة، التي لم تُتح سوى فرص ضئيلة للعمل، مما زاد من الضغوط الشعبية لخلق المزيد من فرص العمل الجديدة. لذا، شرع في تنفيذ برنامج شامل للتصنيع مع التركيز على الصناعات كثيفة العمالة، الأمر الذي شكّل صعوبة في بادئ الأمر، نظرًا لافتقار البلاد إلى قاعدة صناعية، وكذلك قلة الخبرة وضعف الأسواق المحلية. ولمواجهة هذه الصعوبات، اضطرت سنغافورة إلى البحث عن فرص فيما وراء حدودها، لتمضي في تنفيذ خطتها التنموية، واستطاعت أن تقيم علاقات تجارية مع أوروبا وأمريكا. ثم أنشأ كوان يو ما عُرف باسم «مجلس التنمية الاقتصادية»، الذي تولّى عملية جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، من خلال إجراء عمليات تطهير موسعة وإقصاء كل من ثبت فساده، حتى أصبحت سنغافورة تتمتع بالشفافية ووضوح الرؤية، مع قدر كبير من الاستقرار. كما ساهم موقعها المتميز وإطلالتها على مضيق ملقا، بين ماليزيا وسومطرة، وميناؤها، الذي يُعدّ من أهم الموانئ التجارية في العالم، في جعلها منطقة مثالية للتصنيع والتصدير.

4-1-4 . الشفافية في التوظيف

من ناحية أخرى، اعتمدت سنغافورة على بيروقراطية مهنية صغيرة الحجم، ذات درجة عالية من الكفاءة، وإرساء أسس وظيفية نزيهة، من بينها التعيين في مختلف الوظائف عبر مناظرات عامة مفتوحة للجميع. كما يحصل موظفو القطاع العام على رواتب تنافسية مثل القطاع الخاص، إن لم تكن أعلى. فضلًا عن ذلك، فإن انخفاض نسبة الفساد الإداري والمالي جعل سنغافورة تتصدر حاليًا مؤشر الشفافية الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.28"[28]

5-1-4 . دروس تجربة سنغافورة

  1. تساهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في توظيف أكثر من نصف القوى العاملة السنغافورية، مما يدل على دعم الحكومة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. ويظهر هذا الدعم من خلال قيام بنك التنمية السنغافوري بتوفير المساعدات المالية لهذه المشاريع بسعر فائدة ثابت وأقل من الأسعار التجارية، وانضم إليه بعد ذلك عدد كبير من البنوك الأخرى. وهذا ما لا نجده متوافرًا إلا بشكل محدود في اليمن، حيث توفر بعض حاضنات الأعمال اليمنية وبعض البنوك تمويلًا للمشاريع الريادية الصغيرة والمتوسطة، إلا أن هذه التمويلات غالبًا ما تكون محدودة، مما لا يسهم في نجاح هذه المشاريع واستدامتها.
  2. العدالة والواقعية التي تتبناها الحكومة السنغافورية في مسألة الأجور مكّنتها من جذب أشخاص أكفاء للعمل، وساهمت في استقطاب الكوادر من ذوي الكفاءات والخبرات، فشكّلوا بذلك إضافةً للمؤسسة، وبالتالي ازداد إنتاجها وتعاظمت أرباحها، مساهِمةً بذلك في رفع معدّل النمو بصفة عامة. أما إذا نظرنا إلى قيمة الأجور في اليمن، لوجدنا أنها لا تتماشى مع سعر السوق، مما سمح بتفشي بؤر الفساد في مؤسساتها، وأدى إلى تعطل الإنتاج وتراجع وتيرة النمو الاقتصادي.
  3. يُعد انتهاج أسلوب النزاهة والصرامة في التعامل، أو في ضمان سيرورة النظام، من خلال الحفاظ على نزاهة الأنظمة وتجفيف بؤر الفساد، والعمل على تحقيق الاكتفاء في تشغيل النظام، عاملًا أساسيًا في جعل القيادة فاعلة وقادرة على الإبداع، بحيث تكون الترقيات من نصيب الأفضل، أو الرجل المناسب في المكان المناسب. أما في الشأن اليمني، فإن مبدأ العدالة في التوظيف ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب قد يكون منعدمًا، إذ تُعدّ المحسوبيات، وتعيين الأقارب، والإخلال بالمعايير في التوظيف، صفات مستمرة في القطاع العام. كما أنها موجودة - وإن بنسبة قليلة - في القطاع الخاص، مما أدى إلى ضعف الإنتاجية، وسوء الإدارة، وضياع أغلب المؤسسات.
  4. تنفيذ برنامج شامل للتصنيع مع التركيز على الصناعات كثيفة العمالة، والبحث عن فرص فيما وراء حدودها لتمضي في تنفيذ خطتها التنموية، واستطاعت بذلك أن تقيم علاقات تجارية وطيدة مع أوروبا وأمريكا. وللأسف الشديد أن الحال في اليمن هو العكس تماما فاهتمام الدولة بمجال التعليم العالي والتخصصات النظرية هو أكثر من اهتمامها بالتعليم الفني والتخصصات العملية، برغم أن الأخيرة هي التي ستعمل على التخفيف من البطالة والحد من الفقر من خلال المهارات العملية التي يكتسبها الطالب في الدراسة الفنية.
  5. جذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد، من خلال إجراء عمليات تطهير موسعة وإقصاء كل من ثبت فساده، حتى أصبحت سنغافورة تتمتع بالشفافية ووضوح الرؤية مع قدر كبير من الاستقرار. ويستلزم ذلك من اليمن تهيئة البيئة المناسبة للاستثمار الأجنبي وتوفير الضمانات للمستثمرين الأجانب بالإضافة إلى توفير الحماية وضمان الحقوق.
  6. حصول موظفو القطاع العام على رواتب تنافسية مثل القطاع الخاص إن لم يكن أعلى، فضلًا عن انخفاض نسبة الفساد الإداري والمالي إلى حد تصدرت سنغافورة حاليًا مؤشر الشفافية الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية. وهذا عكس ما نجده في اليمن حيث يتميز موظفي القطاع الخاص بالحصول على رواتب ذات مستوى اعلى مما يحصل عليه الموظف بالقطاع العام.

ختاما، يمكن تلخيص أبرز السياسات المتبعة في النظام السنغافوري بالتالي:

  1. تطوير التعليم والتدريب المهني:
    • أنشأت الحكومة السنغافورية برامج تعليمية متقدمة تركز على المهارات التي يحتاجها السوق.
    • دعمت الشراكات مع القطاع الخاص لإنشاء مراكز تدريب لتحسين كفاءة القوى العاملة.
  2. تحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة:
    • قدمت الحكومة دعمًا ماليًا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر برامج قروض ميسرة.
    • أسست منصات لربط هذه المشاريع بالشركات الكبرى لتوفير الدعم الفني واللوجستي.
  3. إدارة الرواتب:
    • تبنت الحكومة سياسة دفع رواتب تنافسية تتماشى مع معدلات السوق لجذب الكفاءات.
    • وضعت نظامًا صارمًا لمراقبة الأداء وضمان النزاهة.

2-4 . تجربة ماليزيا

وفقًا لتقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتي اعتبرت ماليزيا واحدة من الدول التي اتخذت مجموعة من التدابير الفعالة لمحاربة الفقر وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، حيث تهدف رؤية ماليزيا 2020 إلى القضاء على الفقر بكافة أشكاله29"[29]. وطبقًا للتقرير الصادر عن وزارة التجارة والصناعة الدولية الماليزية «MITI» لعام 2014، فإن الاقتصاد الماليزي يُعتبر اقتصادًا متنوعًا ولديه قدرة كافية لمواجهة أي عقبات أو أزمات، وتواصل الدولة تحسين وتعزيز قدراتها التنافسية وتنفيذ الإصلاحات المالية لمواجهة أي صدمات خارجية مستقبلية. كما تمتلك ماليزيا رصيدًا ضخمًا من الاحتياطي النقدي الدولي لدى بنك نيجارا «البنك المركزي الماليزي» بلغ قدره 386 مليار رينجيت في عام 2015، أو ما يعادل مائة وعشرة مليار دولار أمريكي. أما تقرير البنك الدولي لعام 2008، فقد أطلق على ماليزيا اسم «المعجزة الاقتصادية»، إذ استطاعت تحقيق معدلات نمو مرتفعة بلغت قرابة 7٪ طوال 25 عامًا، ويمكن إيضاح معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط ذلك المعدل كل خمس سنوات بيانيًا خلال الفترة «1961-2015» كما في الشكل «3».30"[30]

كما أنه، وانطلاقًا من المبادئ الإسلامية التي يؤمن بها الشعب الماليزي، فإن مفهوم القدرة الدفاعية للوطن من منظور الإسلام الحضاري لا يقتصر على القوة الحربية فحسب، فعلى المستوى الإجرائي والعملي، اهتمت ماليزيا بتحقيق التنمية الشاملة لكل من المظاهر الاقتصادية والاجتماعية، مع مراعاة التوازن بين الأهداف الكمية والأهداف النوعية، مع الاهتمام بهذه الأخيرة من خلال العناصر التي سنستعرضها تاليًا:31"[31]

شكل «3»
تطور متوسط معدل الناتج المحلي الإجمالي السنوي في ماليزيا
صورة الشكل «3»
المصدر: المنار، فيصل، وشاهين، عبدالحليم (2017)«تجارب تنموية رائدة-ماليزيا نموذجًا»: 12.

1-2-4 . العدالة

في مجال التنمية المادية، عملت ماليزيا على تحقيق العدالة بين المناطق، بحيث لا يتم تنمية منطقة على حساب أخرى، فازدهرت مشروعات البنية الأساسية في كل الولايات، كما اهتمت بتنمية النشاطات الاقتصادية جميعها، فلم يهمل القطاع الزراعي في سبيل تنمية القطاع الصناعي الوليد أو القطاع التجاري الاستراتيجي، وإنما تم إمداده بالتسهيلات والوسائل التي تدعم نموه، وتجعله السند الداخلي لنمو القطاعات الأخرى، كما عملت الحكومة على تحويل ملكية مختلف المشروعات الاقتصادية إلى القطاع الخاص، وبالتالي نمّت مسؤولية الأفراد وشركتهم عمليًا في تحقيق الأهداف القومية، واحتفظت بسهم خاص في إدارة المؤسسات ذات الأهمية الاجتماعية والاستراتيجية لتستمر بدورها في الرقابة والإشراف عليها. ومن ناحية أخرى أسهمت الحكومة في التقليل من الآثار السلبية للتحول إلى القطاع الخاص عن طريق منح تأمين ضد البطالة للعاملين في الخدمات التي تم تحويلها إلى القطاع الخاص، مع وعدهم بأجور أعلى في المدى القريب.

2-2-4 . تعزيز دور الموارد البشرية في التنمية

استهدفت السياسة الاقتصادية الجديدة في ماليزيا، رسم الخطوط العريضة لاستثمار الموارد البشرية وذلك بداية الخطط التنموية الثلاثة «1970-1990»، مستندة على إطار اقتصادي سعت من خلاله إلى النمو الاقتصادي السريع معتمدة الاستراتيجيات الآتية:32"[32]

  • تنمية صناعية تسمح بخلق فرص عمل متوازنة مع القطاعات الاقتصادية التقليدية.
  • زيادة الإنتاجية والدخل لتحسين مستوى المعيشة وإعادة هيكلة المجتمع الماليزي بتشجيع الصناعات الصغرى والمتوسطة وتموينها.
  • تحديث القطاع الريفي وتعزيز القطاع الزراعي القائم على تعزيز الأمن الغذائي، وزيادة الإنتاجية والمنافسة في هذا القطاع وتعميق الروابط بين القطاع الفلاحي والقطاعات الصناعية.
  • توسيع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بهدف الإسراع في النمو الاقتصادي، لتحقيق رفاهية المجتمع حيث حقق القطاع الخاص نسبة 30٪ من الأرباح التجارية.
  • تشجيع الملايو على الدخول السريع في إنجاز المشاريع الضخمة لتحسين مستويات الدخل ونوعية حياة سكان الريف.
  • تشجيع التدريب والبحوث التي تتعلق بالتصنيع ومشاركة الملايو في التنمية الصناعية.
  • الاعتماد على سياسة التنمية القومية «1990–2000»، التي استهدفت تطوير الموارد البشرية وتنميتها، إلى جانب زيادة فاعلية الاستثمار، وتحفيز الادخار نحو القطاعات الإنتاجية، حيث استهدفت تحقيق تنمية متوازنة تجمع بين النمو الاقتصادي والعدالة، بالإضافة إلى تصميم أبعاد جديدة تهدف إلى القضاء على الفقر.
  • تعزيز العلم والتكنولوجيا الحديثة وزيادة مهارات البوميبترا «سكان ماليزيا الأصليين» في مجال إدارة وتنظيم المشاريع وترسيخ معالم تنمية مستديمة من خلال تكنولوجيا متطورة تستند إلى قاعدة صناعية كثيفة رأس المال.

3-2-4. السياسة الاقتصادية الجديدة33"[33]

تميّزت السياسة الجديدة التي اتّبعتها ماليزيا في مرحلتها الأولى «1970-1980» بدور أساسي للحكومة في توفير التمويل والبنية التحتية والتنظيمية لمختلف الهياكل الإنتاجية والخدماتية، مثل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى تقديم المساعدات للفقراء وغيرهم من الفئات المحرومة، وذلك عن طريق منظمات المجتمع المدني. كما شهدت هذه المرحلة زيادة في عدد المدارس العامة والخاصة والمستشفيات، إلى جانب الاهتمام المتزايد بالمناطق الريفية، حيث كان أغلب سكانها من الملايو المحرومين. وقد تجلّى ذلك في جهود بناء وتحسين الطرق والجسور ومكاتب البريد، إضافةً إلى توفير الكهرباء والمياه وخدمات الهاتف.

أما المرحلة الثانية «1980-1990»، فقد ركّزت على تشجيع استثمارات القطاع الخاص، واعتمدت على برامج إعادة الهيكلة والخصخصة لتقليل العبء المالي على القطاع العام. ومع تقدّم عمليات إعادة الهيكلة، أدركت الحكومة الحاجة إلى زيادة الضرائب والدين العام للحفاظ على مستوى الخدمات الأساسية في مختلف المناطق. ولكن الأزمة الاقتصادية التي ضربت المنطقة عام 1997 أثّرت بشكل كبير على الاقتصاد، مما انعكس على الوضع الاجتماعي العام للبلاد، وأدى إلى تبنّي سياسة التقشف والمواجهة الذاتية لهذه الأزمة. ومع ذلك، استطاعت ماليزيا تجاوز هذه الأزمة بفضل حنكة وخبرة رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، إضافةً إلى تضامن الشعب الماليزي ووطنِيَّته، حيث قدّم مدّخراته لدعم الاقتصاد والبنوك المنهارة.

4-2-4. سياسة التنمية القومية رؤية «2020»

بدأت هذه السياسة سنة 1990 في عهد رئيس الوزراء الماليزي البارز مهاتير محمد، الذي سطر برنامجًا لتحقيقها امتدّ حتى عام 2020، وهدفت هذه السياسة إلى المحافظة على توازن الحالة الاقتصادية الجديدة للمجتمع، والانتقال بماليزيا إلى مصاف الدول المتقدمة بحلول 2020، وارتكزت الرؤية المهاتيرية، أو رؤية 2020، على أربعة عناصر:34"[34]

  1. تنمية القومية الماليزية: عن طريق تقوية الشعور بالمواطنة لدى جميع الأعراق في المجتمع الماليزي، من أجل دعم وحدة العيش المشترك.
  2. تقديم نموذج للتنمية الرأسمالية: يرتكز على تكثيف التصنيع وتطوير تكنولوجيا المعلومات عن طريق دعم المشاريع الخاصة، وجذب الاستثمار الخارجي والاتجاه شرقًا من أجل الاستفادة من الخبرات اليابانية والكورية نظرًا لتشابه القيم والثقافات، وخلق جيل جديد من الكفاءات الاقتصادية المتطورة القادرة على مواكبة التطورات الصناعية الحديثة من خلال الالتزام بأخلاقيات قيمة العمل وأتباع السياسة المنهجية في التصنيع تأثرًا بالتجربة اليابانية، فاليابانيون كما قال مهاتير محمد ليست لديهم المعرفة فقط وإنما يتمتعون بتقاليد عمل راقية، فهم جادون في عملهم ومنضبطون ويتقنون ما يعملونه، كما أنهم أوفياء للشركة التي يعملون لحسابها.
  3. الاهتمام بتفعيل القيم الإسلامية باعتبارها قوة دفع إضافية للتنمية: للوصول إلى تحقيق التعايش بين الإسلام والتكنولوجيا المعاصرة عن طريق تشجيع بناء مؤسسات اقتصادية وتعليمية إسلامية.
  4. التركيز على الدور القوي للدولة في الاقتصاد والسياسة: فالخصخصة لا تعنى انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي العام ولكنها تعنى القدرة على المراقبة والتوجيه والتخطيط الرشيد.

5-2-4. التحولات الاقتصادية35"[35]

الاقتصادية المبرمجة لفترة «1970-1991»، غير أنه استخدم مهاراته القيادية في تصحيح المسار الاقتصادي من خلال سلسلة من الإجراءات والقرارات المهمة، خاصة أنه في فترة الثمانيات عرفت البلاد نوعًا من الركود الاقتصادي وانهيار أسعار السلع الأساسية، وازدادت مشاكل الحكومة بسبب ذلك، مما كثف الجهود لتعزيز الاقتصاد من خلال عدم تشجيع الصناعات ذات الاستهلاك العالي، بالإضافة إلى دعم رأس المال والتوجه نحو الصناعات المحلية، بحيث اتخذ مهاتير محمد استراتيجيات اقتصادية تهدف إلى زيادة القدرة التنافسية وتوسيع الصناعة وتنويعها، إضافة إلى زيادة تفعيل القطاع الخاص وتكثيف الكفاءة وتعبئة الموارد المحلية، وإحياء القطاع الزراعي توازيًا مع القطاع الصناعي، ويمكن إيجاز أهم تلك التحولات الاقتصادية في:

  • أ. تفعيل قطاع الصناعات الثقيلة:

    حيث تم إنشاء شركة ماليزيا للصناعات الثقيلة سنة 1981 بموجب قانون الشركات العام 1965 ، وكانت هذه الشركة مملوكة للحكومة ومسئولة عن تصميم وإدارة ومراجعة الصناعات الثقيلة، وكان الهدف الأبرز لها هو تقوية وتحديث القطاع الصناعي وخلق روابط بين الصناعات المختلفة، بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الدول المتقدمة وزيادة مساهمة القطاع الخاص في قطاع الصناعات الثقيلة.

  • ب- اعتماد سياسة الخصخصة:

    حيث اعتمدت الحكومة الماليزية مجموعة من السياسات التي هدفت من خلالها الي رفع معدلات التنمية الاقتصادية في ماليزيا عن طريق سياسة الخصخصة والتي بدأ تنفيذها عام 1983، ويقصد بالخصخصة في المفهوم الاقتصادي «الانتقال الكامل أو الجزئي للملكية العامة وما تقدمه للقطاع الخاص، أو تفويض مؤسسات القطاع الخاص لتولي إدارتها وتصريف شؤونها بطرق مختلفة، أبرزها البيع العام أو الكامل للأصول»، أما أسلوب الخصخصة فيتمثل في توكيل المؤسسات الخاصة للقيام بأداء الخدمات الحكومية للجمهور.

    ولقد كانت ماليزيا من أوائل الدول النامية التي طرقت أبواب خصخصة شركات القطاع العام وتحويلها إلى القطاع الخاص، وذلك بهدف تحقيق معدل نمو أكبر، فأساس الخصخصة التي اعتمدتها ماليزيا هو بيع الأصول والشركات الحكومية للمواطنين الماليزيين وليس للمستثمرين الأجانب، حيث تم إنشاء جهاز خزانة لإدارة أصول الدولة، وتحملت الحكومة في البداية خسائر القطاع العام واعتبرته الثمن الذي يتعين عليها دفعه لنقل الخبرة والمهارات إلى الملاوي، ولمعالجة الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، لكن هذه السياسة في المقابل أدت إلى ارتفاع معدل دخل الفرد وارتفاع مدخرات الحكومة، مما خفف الأعباء عليها، كما مهّدت لظهور جيل جديد من رجال الأعمال جاهز للمنافسة في السوق العالمية.

  • ج- تسهيلات الاستثمار:

    تبنّت حكومة مهاتير، في الثمانينيات والتسعينيات، سلسلة من الإعفاءات الضريبية والمزايا للمستثمرين الأجانب، خاصةً في مجال الصناعات الموجّهة للتصدير، وذلك بهدف جذب المستثمرين. وكانت هذه الحوافز تُراجع بصفة دورية وتُعدَّل لمقابلة الاحتياجات المختلفة للمستثمر، مما أوجد حوافز تغطي العديد من الأنشطة اللازمة لدفع التنمية الصناعية وتحقيق النمو . وشملت تلك التسهيلات قانون تنسيق الاستثمار لعام 1985 ، وقانون تحفيز الاستثمار لعام 1986 ، وقانون دخل الضرائب لعام 1987 ، بالإضافة إلى سلسلة من القوانين الأخرى الداعمة لجذب المستثمرين الأجانب، والتي أُعلن عن أهمها في عام 1986 ، خلال ندوة المجموعة الأمريكية الدولية للاستثمار. وكان من بين أهم مبادئه:

    1. حرية التملّك الكامل للمشروعات، بشرط تصدير المستثمر 50٪ أو أكثر من الإنتاج.
    2. حرية التملّك للمشروعات دون قيود، بشرط تشغيل أكثر من 350 عاملًا ماليزيًا بدوام كامل.
    3. يتمتع المستثمر الأجنبي بحرية كاملة في مجال حركة الأموال والأرباح.
    4. المرونة في تطبيق القواعد الخاصة بحجم العمالة الأجنبية في هذه المشروعات وتأثيرات إقامتها.

    وفي عقد التسعينيات، قامت الحكومة بتخفيف القيود الخاصة بالاستثمار الموجّه إلى السوق المحلي، كما ألغت ضريبة الـ 10٪ على أرباح المستثمرين الأجانب في الاستثمارات غير المباشرة. وقد صرّح رئيس الوزراء مهاتير محمد، خلال حوار مع قيادات المشاريع التجارية في طوكيو عام 1997، بأن «ماليزيا كانت دائمًا تشجع الاستثمار الأجنبي نظرًا لمساعدته في تحقيق النمو السريع في الاقتصاد الماليزي، وستظل هذه السياسة تلعب دورًا رئيسيًا في جهودنا لنصبح مجتمعًا صناعيًا بشكل كامل بحلول عام 2020.»وبالفعل، فقد كانت الاستثمارات الأجنبية في قطاع التصنيع وحده في ازدياد مستمر، حيث إنه وبحلول أكتوبر 1997، وصلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد إلى 34.78 مليار دولار. وقد احتلّت اليابان المرتبة الأولى في تلك الاستثمارات بما قيمته 7.39 مليار دولار، كما كانت الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا من بين أهم المستثمرين بقرابة 5 مليارات دولار.

  • وختاما، يمكن تلخيص أبرز السياسات المتبعة في التجربة الماليزية بالتالي:

    1. خصخصة المؤسسات العامة:
      • نقلت الحكومة مسؤولية العديد من المشاريع إلى القطاع الخاص، مع ضمان الاحتفاظ بإشرافها على المشاريع الاستراتيجية.
    2. برامج الحد من البطالة:
      • أنشأت برامج شراكة مع القطاع الخاص لتوظيف العاطلين عن العمل، كما قدمت حوافز ضريبية للشركات التي تساهم في توفير فرص عمل جديدة.
    3. تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي:
      • حسنت بيئة الأعمال من خلال إزالة العقبات البيروقراطية وتقديم حوافز للمستثمرين.

3-4 . تجربة المغرب

يعد المغرب نموذجًا إقليميًا في التنمية الاقتصادية من خلال إشراك القطاع الخاص في عملية الإصلاح وتحقيق التنمية المستدامة. خلال العقود الماضية، واجه المغرب تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، من بينها ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب وضعف التنمية في المناطق الريفية. بيد أن المغرب تمكن من تجاوز العديد من هذه التحديات عبر برامج إصلاحية تهدف إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، نستعرض في التالي أهم ملامحها:

1-3-4 . التنمية الزراعية

أطلق المغرب «المخطط الأخضر» عام 2008، كبرنامج طموح لتطوير القطاع الزراعي، وقد ركز المخطط على تحسين الإنتاجية الزراعية من خلال تشجيع الاستثمارات الخاصة في قطاع الزراعة وتحديث التقنيات الزراعية. كما سعى المخطط إلى تحويل الزراعة من قطاع تقليدي منخفض الإنتاجية إلى قطاع حديث يلبي متطلبات السوق المحلية والدولية.

2-3-4 . الطاقة المتجددة

أصبح المغرب رائدًا في قطاع الطاقة المتجددة بفضل مشاريع شراكة مع القطاع الخاص. كان لمشاريع مثل مجمع «نور» للطاقة الشمسية في منطقة «ورزازات» تأثير كبير في تعزيز استدامة الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. وقد ساهمت هذه المشاريع في جذب استثمارات ضخمة من الداخل والخارج، ووفرت فرص عمل كبيرة.

3-3-4 . التنمية الصناعية

عمد المغرب إلى إنشاء مناطق صناعية متطورة كجزء من استراتيجيته لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ساهمت هذه المناطق في توفير بيئة أعمال مواتية، مدعومة بتسهيلات ضريبية ولوجستية. ركزت الحكومة على صناعة السيارات والطيران، مما جعل المغرب مركزًا إقليميًا للتصنيع.

4-3-4 . التعليم والتدريب المهني

أدركت الحكومة المغربية أهمية التعليم المهني في سد الفجوة بين متطلبات السوق وقدرات القوى العاملة. لذلك، تم إنشاء مراكز تدريب مهني بالتعاون مع شركات خاصة لتطوير المهارات اللازمة. هذه الجهود ساعدت في تقليل معدلات البطالة وزيادة إنتاجية العمل.

5-3-4 . تعزيز السياحة

لعب القطاع الخاص دورًا بارزًا في تطوير البنية التحتية السياحية بالمغرب، حيث ساهمت الشركات المحلية والأجنبية في إنشاء منتجعات وفنادق عالمية المستوى. كان لهذه الجهود أثر إيجابي في جذب ملايين السياح سنويًا، مما دعم الاقتصاد الوطني.

6-3-4 . إدارة الأزمات

خلال جائحة كوفيد 19 -، تعاون القطاع الخاص مع الحكومة لتوفير المعدات الطبية وتنفيذ حملات تطعيم واسعة النطاق. ساعد هذا التعاون في تقليل الأثر الاقتصادي والاجتماعي للأزمة.

وختاما، يمكن تلخيص أبرز السياسات المتبعّة في النموذج المغربي بالتالي:

  1. الشراكة مع القطاع الخاص:
    • إطلاق برنامج شامل تطوير القطاع الزراعي وإشراك القطاع الخاص في تمويل مشاريع زراعية كبرى وهو ما ساهم في تحسين الإنتاجية الزراعية وخلق فرص عمل في المناطق الريفية.
  2. تشجيع الاستثمار الصناعي:
    • أطلقت الحكومة مبادرات لتطوير المناطق الصناعية وتقديم حوافز للشركات المحلية والأجنبية.
    • تم تأسيس مشاريع مشتركة بين القطاعين العام والخاص في قطاعات مثل الطاقة المتجددة.
  3. تطوير التعليم والتدريب المهني:
    • تم إنشاء مراكز تدريب مهني بالتعاون مع الشركات الكبرى لتوفير العمالة الماهرة.
    • تم التركيز على تلبية احتياجات السوق من خلال مناهج تدريبية مخصصة.

جدول «4»
ملخص لأهم عناصر الشراكة مع القطاع الخاص في التجارب الدولية المختلفة

العنصر

سنغافورة

ماليزيا

المغرب

التركيز الأساسي

التعليم والتدريب المهني

الخصخصة والشراكة

الزراعة والصناعة

أبرز التحديات

نقص الموارد الطبيعية

الاعتماد على الاقتصاد الزراعي

الفقر والبطالة في الريف

السياسات الناجحة

دعم المشاريع الصغيرة

خصخصة المؤسسات

المخطط الأخضر

التطبيق المحلي

التدريب والشراكة

دعم الاستثمار

تطوير المناطق الريفية

4-4 . إمكانية تطبيق التجارب في السياق اليمني

يشهد اليمن تحديات اقتصادية واجتماعية معقدة تعيق عملية التنمية، من أبرزها تدهور البنية التحتية، والانقسام الجغرافي والسياسي، وارتفاع معدلات البطالة، وضعف الموارد المالية. ومع ذلك، فإن التجارب الدولية والإقليمية الناجحة في إشراك القطاع الخاص مع القطاع العام توفر دروسًا قيمة يمكن تكييفها لتناسب الواقع اليمني.

يعد استغلال الفرص المتاحة في القطاعات الحيوية، مثل الزراعة والطاقة المتجددة والتعليم المهني، مدخلً رئيسيًا لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي. لتحقيق ذلك، يتطلب الأمر وضع سياسات استراتيجية تستند إلى تجربة دول مثل سنغافورة وماليزيا والمغرب، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية والتحديات الفريدة التي تواجهها اليمن والتي يتمثل أهمها في:

  1. عدم الاستقرار السياسي: يشكل غياب حكومة مركزية فعالة عائقًا كبيرًا لتنفيذ البرامج التنموية.
  2. ضعف البنية التحتية: يتطلب تحقيق التنمية استثمارات ضخمة في تحسين شبكات الطرق، والكهرباء، والمياه.
  3. الانقسام الجغرافي: يؤدي الانقسام السياسي والجغرافي إلى تعقيد تنفيذ السياسات على المستوى الوطني.
  4. غياب التمويل: يعاني اليمن من ضعف الموارد المالية اللازمة لتنفيذ برامج التنمية وإشراك القطاع الخاص.
  5. انعدام البيئة التشريعية المناسبة: القوانين الحالية لا تشجع على الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

5-4 . خلاصة

يمكن لليمن الاستفادة من هذه التجارب عبر مواءمتها مع سياقها الخاص، مع التركيز على تحسين الاستقرار السياسي وتطوير البنية التحتية كأولوية لتحقيق التنمية المستدامة، وبينما قدم المبحث الثالث نظرة شاملة للتجارب الدولية والإقليمية في إشراك القطاع الخاص لدعم القطاع العام، يتناول المبحث الرابع رؤية مستقبلية توضح كيف يمكن لليمن الاستفادة من تلك التجارب عبر تطوير شراكات استراتيجية وتحقيق تكامل بين القطاعين، وسيتم التركيز على وضع إطار عملي يضمن استدامة هذه الشراكة ويعزز النمو الاقتصادي والاجتماعي من خلال استراتيجيات مدروسة وتوصيات قابلة للتطبيق.

5- النتائج والتوصيات

1-5 . النتائج

من خلال ما سبق يتبين أن الغرض من هدف إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية تحقيق التنمية الاقتصادية حيث تسمح الشراكة في تنفيذ وإكمال المشاريع الحكومية واسعة النطاق، مثل الطرق والجسور والمستشفيات بتمويل خاص. وتعمل هذه الشراكات بشكل جيد عندما تتحد تكنولوجيا القطاع الخاص والابتكار مع حوافز القطاع العام لإكمال العمل في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية، كما تساعد على حل المشكلات الكبيرة التي تواجه الدول وهي إيجاد التمويل اللازم لتمويل المشاريع خاصة مع العجز الدائم والمستمر في موازناتها. وبالنظر إلى الشأن اليمني نجد أن هناك العديد من النتائج التي نستطيع من خلالها توضيح الرؤية المستقبلية لتشاركية القطاع الخاص مع القطاع العام، وهو ما سيتم مناقشته فيما يلي:

من خلال ما سبق وباستعراض واقع القطاع الخاص في اليمن للفترة من 1962 حتى 2014 ، يمكن استعراض اهم التحديات التي تقف في وجه الشراكة بين القطاع الخاص والعام بالآتي:

  1. تحديات الاستقرار السياسي والأمني.
  2. تحديات النقل.
  3. تحديات السوق والمنافسة.
  4. ضعف أداء المؤسسات الحكومية وتدهور البنية التحتية.
  5. تحديات التمويل والسياسة النقدية.

2-5 . التوصيات

  1. تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي
    • التوصل إلى اتفاقات تدريجية للسلام، بدءًا بتمديد الهدنة لتعافي الاقتصاد.
    • إعادة تشغيل القطاعات النفطية والغازية، بما في ذلك المصافي، لتخفيف الأزمات الطاقية.
    • تعديل آليات تفتيش السفن ونقل الإجراءات إلى الموانئ اليمنية لتسريع تدفق السلع وخفض التكاليف.
    • توحيد مؤسسات الدولة، خاصة البنك المركزي، لضمان استقرار السياسات المالية والنقدية.
    • صرف رواتب الموظفين المتوقفة لتعزيز القوة الشرائية ودعم الاقتصاد الوطني.
  2. تعزيز الاتصال والتواصل بين القطاعين
    • نشر الوعي بين المسؤولين حول أهمية الدورة الاقتصادية ودور القطاع الخاص في الاستثمار.
    • تنظيم ندوات وورش توعوية تشرح تأثير الضرائب والسياسات الجبائية على الاقتصاد الوطني.
    • دعم القطاع الصناعي لإنتاج سلع بديلة محليًا وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
    • الاستمرار في المطالبة بتحييد الاقتصاد، بما في ذلك البنك المركزي والسياسات النقدية.
    • تفعيل مبادرات القطاع الخاص لفتح والموانئ والمطارات، وتعزيز حوكمة منظومات الأعمال.
  3. تطوير البنية التحتية
    • إنشاء صناديق استثمارية لتمويل مشاريع البنية التحتية عبر الاكتتاب العام وإشراك المغتربين.
    • تبني استراتيجية وطنية لإعادة الإعمار وتشجيع المانحين على المساهمة.
    • عقد شراكات لإنشاء محطات توليد كهرباء عبر أنظمة «BOT» أو «BOOT»، مع التركيز على الطاقة المتجددة.
    • استخدام الصكوك الإسلامية كآلية تمويل لمشاريع البنية التحتية.
    • تحويل المشروعات المتعثرة إلى القطاع الخاص مع احتفاظ الحكومة بسهم إشرافي لضمان الرقابة.
    • توفير تأمين ضد البطالة للعاملين في المؤسسات التي يتم خصخصتها وإلزام القطاع الخاص بالتأمين الاجتماعي.
  4. تعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص
    • رفع القيود الإدارية والمالية التي تعيق الاستثمار، خصوصًا في الجمارك والضرائب.
    • إصدار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان تنظيم التعاون الاقتصادي.
    • تمكين القطاع الخاص من المشاركة في المفاوضات السياسية وإدماج رؤاه الاقتصادية في السياسات الوطنية.
    • دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بأسعار فائدة ثابتة ومنخفضة.
    • التركيز على الصناعات كثيفة العمالة وعقد شراكات دولية لتعزيز التنمية.
  5. إعادة هيكلة القطاع الصناعي
    • تحويل المنشآت الفردية إلى شركات مساهمة لتعزيز قدرتها على المنافسة والاستمرارية.
    • تشجيع الصناعات ذات المدخلات المحلية لتنشيط الاقتصاد وتقليل البطالة.
    • دعم البحث والتطوير عبر شراكات بين القطاع الخاص، المؤسسات الأكاديمية، والمنظمات المانحة.
    • تحسين جودة الإنتاج لزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المحلية وتعزيز الصادرات.
    • تعزيز الإنتاجية وزيادة الدخل لتحسين مستوى المعيشة ودعم الصناعات الصغرى والمتوسطة.

3-5 . التدخلات الطارئة

استنادًا إلى التوصيات والسياسات المقترحة لتحسين واقع الأجور، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في اليمن، والتي خلصت لها هذه الدراسة، يقترح البحث التدخلات الطارئة المطلوبة، بالإضافة إلى خطة مصغّرة عملية لتنفيذ تلك التدخلات على المدى القصير، وهي خطة يمكن أن تكون حجر الأساس لعملية الإصلاح الشاملة، ويمكن تطويرها بمرور الوقت لتغطي كافة السياسات المطلوبة في هذا المجال، وأهم التدخلات الطارئة في هذه الخطة المصغرة فيمكن إيجازها في النقاط التالية:

  1. تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص: إنشاء منصات وطنية للشراكة، بمشاركة الوزارات المعنية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، والتركيز على المشاريع ذات الأولوية مثل الطاقة والزراعة.
  2. تطوير التدريب المهني والتعليم: استحداث مراكز تدريب متخصصة بالشراكة مع الشركات الكبرى لتأهيل الشباب، وتحديث المناهج التعليمية لتتوافق مع متطلبات السوق المحلي.
  3. تحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة: إنشاء صندوق تمويل لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يقدم قروضًا ميسرة، وتقديم الإعفاءات المطلوبة.

1-3-5 . الخطة المصغرة لتنفيذ التوصيات

  1. البدء بمشاريع تجريبية صغيرة في مناطق مستقرة نسبيًا لتقييم النجاح قبل التوسع.
  2. الاستفادة من الدعم الدولي في تمويل البرامج التدريبية ومشاريع البنية التحتية.
  3. إنشاء مراكز أبحاث لمتابعة تنفيذ السياسات وتقييم أثرها على المدى الطويل.

جدول «5»
الخطوط الرئيسية للخطة الطارئة المقترحة لتحقيق الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في اليمن

المرحلة الزمنية

النشاطات الرئيسية

الجهات المسؤولة

الأولى

«1-2 سنوات»

- وضع الإطار القانوني والسياسي للشراكة بين القطاعين.

- إنشاء مراكز تدريب وتجريب برامج شراكة.

الحكومة، القطاع الخاص، المنظمات الدولية

الثانية

«3-5 سنوات»

- توسيع نطاق المشاريع الناجحة.

- تطوير البنية التحتية الأساسية.

- تعزيز تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

الحكومة، البنوك، المستثمرون

الثالثة

«5-7 سنوات»

-دمج التجارب الناجحة في سياسات التنمية الوطنية.

- تقييم الأثر وتطوير السياسات المستقبلية.

الحكومة، مراكز البحوث، القطاع الخاص

6- خاتمة

تكشف هذه الدراسة بعمق عن التحديات الجوهرية التي تواجه سوق العمل في اليمن، موضحةً التباين الكبير بين القطاعين العام والخاص، وتأثير الأزمات الاقتصادية والسياسية على منظومة الأجور والوظائف. إن الأزمات المتراكمة لم تؤثر فقط على معدلات البطالة بل أسهمت أيضًا في تعميق الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها القوى العاملة، مما يستدعي تدخلات إصلاحية جذرية لضمان استدامة الاقتصاد الوطني.

من خلال استعراض تجارب دولية ناجحة مثل سنغافورة وماليزيا، يتضح أن إشراك القطاع الخاص في عملية التوظيف، وتطوير سياسات الأجور، وتعزيز بيئة الأعمال، ليست مجرد حلول نظرية، بل استراتيجيات عملية أثبتت فعاليتها في ظروف مشابهة. هذه التجارب تقدم دروسًا مهمة يمكن الاستفادة منها لإعادة هيكلة سوق العمل في اليمن، من خلال تحفيز الاستثمارات، وتطوير بيئة العمل، وإصلاح السياسات العامة المرتبطة بالأجور والمرتبات.

توصي الدراسة بإعادة النظر في الأطر التشريعية والإدارية لسوق العمل، وتبني سياسات مرنة تدعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب الاستثمار في رأس المال البشري من خلال التعليم والتدريب المهني. إن نجاح أي إصلاح مستقبلي يعتمد على توافر بيئة سياسية واقتصادية مستقرة، وإرادة حقيقية لتنفيذ إصلاحات هيكلية تستند إلى استراتيجيات مدروسة.

ختامًا، لا يقتصر الحل على تحسين الأجور أو خلق فرص عمل جديدة فحسب، بل يمتد ليشمل بناء اقتصاد تنافسي قادر على مواجهة التحديات المستقبلية. إن الرؤية الاستراتيجية التي تسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة وعدالة اقتصادية يجب أن تكون مبنية على أسس متينة من الإصلاح المؤسسي، وتمكين القطاع الخاص، وتعزيز دور القوى العاملة في دفع عجلة التنمية. وبهذا، ومع تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص، يمكن لليمن أن يتحول من اقتصاد يعاني من الأزمات إلى اقتصاد مزدهر يحقق تطلعات أجياله القادمة.

إخفاء المراجع

المراجع

  • المجلس الأعلى للسكان (2007) (دليل إدماج الأهداف السكانية في خطط التنمية) رئاسة الوزراء، ص 3.
  • المجلس الأعلى للسكان (2010) (السكان والتنمية في اليمن وتحديات المستقبل) رئاسة الوزراء، ص 17.
  • برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2024). (UNDP). إستراتيجية مشاركة القطاع الخاص في اليمن (2024-2026) (ص. 15). المكتب القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، صنعاء https://undp.org/yemen
  • فليم، أ. ن. (2018). بعيدًا عن نهج سير الأعمال: كالمعتاد مشاركة القطاع الخاص في مرحلة ما بعد النزاع في اليمن. مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بالتنسيق مع شركاء المشروع (ديب روت للاستشارات ومركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق–CARPO) متاح على carpo-bonn.org.

  • اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا) (2022): (التقرير الوطني حول مدى توافق سياسة الأجور مع مبادئ العدالة الاجتماعية في الجمهورية اليمنية). الأمم المتحدة، بيروت، لبنان unescwa.org.
  • اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا) (2022): (تحديات التنمية في اليمن). الأمم المتحدة، بيروت، لبنان متاح على worldbank.org.
  • وزارة الخدمة المدنية. (2005). قانون نظام الوظائف والأجور والمرتبات. الجريدة الرسمية، العدد (...)، ص.
  • قانون العمل اليمني رقم (5) لسنة (1995)، وزارة الخدمة المدنية متاح على yemen-nic.info.
  • لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، الأجور والرواتب، متاح على unescwa.org
  • مارتن أولز، شونا أولني، مانویلا تومي؛ (2013) (المساواة في الأجور-دليل تعريفي) مكتب العمل الدولي، إدارة معايير العمل الدولية، إدارة ظروف العمل والمساواة – جنيف: منظمة العمل الدولية ilo.org.
  • برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2024) (UNDP). إستراتيجية مشاركة القطاع الخاص في اليمن (2024-2026). المكتب القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، صنعاء. الصفحة 15. متاح عبر الرابط https://undp.org/yemen.
  • بودخدخ، كريم، وبودخدخ، مسعود (2011) (رؤية نظرية حول استراتيجية تطوير القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي) ورقة بحثية مقدمة ضمن فعاليات الملتقى الوطني الأول حول: مشاركة القطاع الخاص في رفع تنافسية الاقتصاد الجزائري والتحضير لمرحلة ما بعد البترول، (20-21) نوفمبر، كلية الاقتصاد والعلوم التجارية وعلوم التيسير- جامعة محمد بن الصديق يحي-جيجل، الجزائر. mpra.ub.uni-muenchen.de
  • المجلس الوطني للسكان (2020) (تعزيز الشراكة لتنفيذ الأهداف السكانية للتنمية المستدامة - حالة سكان اليمن 2020) ص 19.
  • وزارة الخدمة المدنية، قانون رقم (2) لسنة (1963).
  • وزارة الخدمة المدنية، قانون رقم (5) لسنة (1971).
  • وزارة الخدمة المدنية، قانون رقم (49) لسنة (1977).
  • وزارة الخدمة المدنية، قانون رقم (1) لسنة (1998)
  • وزارة الخدمة المدنية. (1991). قانون رقم (19) لسنة (1991). متاح عبر الرابط mocsi.gov.ye
  • وزارة الخدمة المدنية. (2005). قانون نظام الوظائف والأجور والمرتبات لسنة (2005). الجريدة الرسمية. متاح عبر الرابط mocsi.gov.ye
  • شمسان، نبيل (2004) (تجربة إصلاح وتحديث نظام الادارة العامة – الجمهورية اليمنية) الملتقى العربي الثاني لتحديث القطاعات العامة في الوطن العربي، المنامة-البحرين، (24-25) مايو (2004)، ص. 16.
  • البشيري، منصور (2019) (الاجراءات الاقتصادية لبناء الثقة: رواتب موظفي الخدمة المدنية) ورقة سياسات، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ديب روت للاستشارات بالتنسيق مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ومركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع (CARPO) متاح على مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.
  • سعد الله، عبد الله، وشتوح، وليد (2022) (قراءة في التجربة التنموية السنغافورية: أسرار النجاح) مجلة نماء للاقتصاد والتجارة، م6، ع2، ص (341-359).
    The World Bank. (2019). World Development Indicators. worldbank.org
  • الصوص، سمير زاهر. (2010) بعض التجارب الناجحة في تنمية وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة: نماذج يمكن الاحتذاء بها في فلسطين. وزارة الاقتصاد القومي، السلطة الفلسطينية، ص. 3-4. findevgateway.org
  • Lim, H. H. (2007, 13 April). Opening Remarks by Mrs. Lim Hwee Hua, Minister of State for Finance and Transport at the 3rd SME Credit Bureau Conference, 13 April 2007. Minister for Finance, Singapore. mof.gov.sg
  • Hank, L. (2008). SMEs Development Policy Environment and Challenges in Singapore. في L. Hank, SME in Asia and Globalization ص. 276 . إندونيسيا :ص. 266–286؛ مع إشارة إلى Economic Research Institute for ASEAN and East Asia. : eria.org
  • Ibid: p. 276.
  • حمزة، عبدالحفيظ، ودنبري، لطفي (2019) (التجربة السنغافورية في تجاوز الفقر وتحقيق التنمية-رؤية تحليلية سوسيو- اقتصادية لأسرار النجاح) مجلة علوم الإنسان والمجتمع، م8، ع4: (67-83).
  • ماهر، شيرين (2017) (سنغافورة رحلة نجاح العقول) مجلة آفاق آسيوية، م1، ع1: 165.
  • U.N Development Program (UNDP). (2013). Human Development Report 2013. hdr.undp.org
  • المنار، فيصل، وشاهين، عبد الحليم(2017) (تجارب تنموية رائدة-ماليزيا نموذجًا)، سلسلة دراسات تنموية، المعهد العربي للتخطيط، ع54
  • بن حته، الياس (د.ت) (مشروع الإسلام الحضاري والتجربة التنموية في ماليزيا: دراسة في دور القيم الإسلامية في التنمية)، ط1، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية –برلين المانيا: (28-29).
  • سالم، فتحية (د.ت) دور الموارد البشرية في تحقيق التنمية والاستقرار السياسي: التجربة الماليزية نموذجا، ط1، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية –برلين المانيا: 85.
  • صباح، كزيز، ومربعي بلقاسم (د.ت) (إدارة التنوع الإثني في ماليزيا ودوره في بناء الدولة)، ط1، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية –برلين المانيا: (53-54).
  • Malaysia beyond (2020) ekonomi.gov.my
  • كاملي، زهيرة (د.ت) التجربة الاقتصادية والتنمية المستدامة في ماليزيا، ص (106-108).
    - بن الدورت، محمد الأمين النوري (2000) (الحركة الإسلامية في ماليزيا، نشأتها، منهجها، تطورها)، ط1، دار البيارق، القاهرة، ص 100.

إخفاء المراجع

المراجع