الرئيسية | دراسات أُسس | الإدارة المحلية في اليمن

الإدارة المحلية في اليمن

والتجارب العالمية البارزة

15 يونيو 2025
د. محمد عبد الله الأشول

ملخص

تسعى هذه الدراسة إلى تشخيص واقع الإدارة المحلية في اليمن، من خلال تحليل التحديات البنيوية والتشريعية والتنظيمية التي تعيق فاعليتها، مثل تداخل الصلاحيات، غياب التنسيق بين المستويات المركزية والمحلية، وضعف الاستقلال المالي والإداري. وتعتمد الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، مستفيدة من مراجعة القوانين والتقارير الرسمية، ومقارنة التجربة اليمنية بنماذج دولية رائدة، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.

أظهرت النتائج أن غياب الإصلاح المؤسسي، وتضارب التشريعات، وضعف البنية المؤسسية والقدرات المحلية، ساهم في إضعاف أداء السلطات المحلية، وفي فشلها في تلبية احتياجات المواطنين. وتوصي الدراسة بضرورة تبني إصلاحات شاملة، تشمل تحديث الأطر القانونية، تعزيز استقلالية الوحدات المحلية، بناء القدرات البشرية، وإعادة النظر في التقسيم الإداري. كما تؤكد أهمية التدرج في تطبيق اللامركزية، وتفعيل الرقابة، وتوسيع دور المجتمع المدني والقطاع الخاص في التنمية المحلية.

كلمات مفتاحية: الإدارة المحلية - اللامركزية - التنمية - اليمن - المجالس المحلية - ولاية - مقاطعة - محافظة - مديرية - الإصلاح الإداري.

Abstract

This study aims to assess the state of local governance in Yemen by analyzing the structural, legal, and institutional challenges that hinder its effectiveness-such as overlapping authorities, weak coordination between central and local levels, and limited financial and administrative autonomy. Using a descriptive-analytical methodology, the research draws upon national laws, official reports, and comparative insights from successful models like those of the United States and the United Kingdom.

The findings reveal that the lack of institutional reform, conflicting legislation, and underdeveloped local capacities have weakened local governance performance and its ability to meet citizens’ needs. The study calls for comprehensive reforms, including updating legal frameworks, empowering local units, enhancing human resources, and revising the territorial division based on scientific principles. It also stresses the need for a gradual transition to decentralization, stronger accountability mechanisms, and greater involvement of civil society and the private sector in local development.

Keywords: local governance – Decentralization – development – Yemen – local councils - State – County – Governorate – District – administrative reform.

1- الإطار العام

1-1 . المقدمة

يشهد العالم اليوم متغيرات وتطورات سياسية وتكنولوجية وبيئية واقتصادية، اجتمعت لتشكّل بيئة أكثر تحديًا لنماذج التنمية في مجتمعاتنا مقارنة بأي وقت مضى. وقد تحولت مهمة الدولة من مفهوم الحراسة وضمان الأمن والعدل إلى تحقيق الرفاهية، حيث تلتزم تجاه شعبها ومواطنيها بتقديم عدد من الخدمات، وعلى سبيل المثال لا الحصر: خدمات التعليم والصحة، وتأمين مستوى جيد من الدخل، وتوفير فرص العمل، والحماية من العجز والشيخوخة. بل إن بعض الدول مضت إلى أبعد من ذلك، بالعمل على تحسين تجربة المتعاملين وإسعادهم، عبر منظومة ترتكز على الموظف الفخور بتقديم الخدمات الحكومية المتميزة، والجهة الحكومية المتفانية في إسعاد المتعاملين، والمتعامل المبادر والإيجابي. وفي العصر الحالي، أصبح مؤشر تقديم الخدمة المتميزة للمواطنين عنصرًا رئيسًا في الحكم على كفاءة نظم إدارة الدولة.

وكرد فعل لهذه المتغيرات، تسعى كل دولة في العالم إلى تطوير أنظمتها الحكومية لتواكب التحولات العالمية والثورات التكنولوجية، فكان لزامًا عليها أن تعتمد نظام الإدارة المحلية لتجاوز تلك العقبات، من خلال منح الإدارات المحلية مسؤولية تقديم بعض الخدمات للجمهور باستقلال نسبي عن السلطة المركزية، وإشراك المواطنين عبر ممثليهم في المجالس المحلية في وضع السياسات المحلية المتعلقة بتقديم هذه الخدمات. وقد أثبتت التجارب أن مشاركة الشعوب في اتخاذ القرارات تترك أثرًا فاعلًا في تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاجية. وكلما كان مصدر تقديم الخدمات أقرب إلى السكان، كانت النتائج أفضل في تلبية احتياجاتهم وإشباع رغباتهم.

وقد سعت اليمن، شأنها شأن العديد من الدول، إلى تبني نظام السلطة المحلية، وتعزيز قدرات نظم الإدارة المحلية، والعمل على تضافر الجهود الشعبية والرسمية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية. غير أن هذه التجربة واجهت إشكالات ومعوقات وصعوبات أثرت سلبًا على مستوى أداء أجهزة السلطة المحلية في مختلف المحافظات والمديريات. وبناءً على ذلك، يسعى هذا البحث إلى التعرف على واقع الإدارة المحلية في اليمن، وتشخيص أبرز التحديات التي أعاقت تطورها، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في مجال الإدارة المحلية.

2-1. مشكلة البحث

يعاني اليمن من أزمات حادة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والسياسية. ووفقًا لتقرير التنمية المستدامة الصادر عن الأمم المتحدة، والذي يرصد التقدم في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، حلّ اليمن في المرتبة «163» من بين 166 دولة، بمؤشر بلغ 46.8 درجة، متراجعًا بشكل كبير عن مستواه في عام 2010 والذي سجل فيه 49.5 درجة، مما يعكس تدهورًا هائلًا في مؤشرات التنمية المستدامة نتيجة الأزمات السياسية والحرب.[1] كما توقع تقرير البنك الدولي، في أحدث إصداراته للمرصد الاقتصادي، أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لليمن بنسبة 1.0٪ خلال عام 2024، وذلك بعد انكماشه بنسبة 2.0٪ في عام 2023، وتحقيقه نموًا متواضعًا بنسبة 1.5٪ في عام 2022. وبين عامي 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضًا بنسبة 54٪ في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مما دفع غالبية السكان إلى دائرة الفقر. ويُضاف إلى ذلك أن انعدام الأمن الغذائي بات يؤثر على نحو نصف السكان، مع ارتفاع ملحوظ في معدلات الوفيات بين صفوف الشباب.[2]

وقد أكدت العديد من الدراسات والتقارير أن الإدارة المحلية تلعب دورًا محوريًا في عملية التنمية المحلية، باعتبارها الأقرب إلى المواطنين والأقدر على تلمس احتياجاتهم. ويُعد تحقيق تنمية وطنية شاملة أمرًا يتطلب تجاوز المسعى التقليدي للمؤسسات المركزية، لا سيما في الحالات التي تعجز فيها الحكومة المركزية عن الإلمام الكامل بحقائق أوضاع وحاجيات المواطنين في المحليات. ويرى بعض الباحثين أن التنمية المحلية هي تنمية تنطلق من قاعدة الهرم الاجتماعي، إذ تبدأ على المستوى المكاني المحلي، ثم الإقليمي، فالمستوى الوطني. وبناءً على ذلك، يكون من حق الإدارة المحلية إدارة الشؤون المحلية، ووضع الخطط والتنظيمات اللازمة لتحقيق أهداف الإدارات والمصالح المحلية. وهو ما يستدعي وجود نظام متكامل للإدارة المحلية، يُعتمد عليه كوسيلة فعّالة لمساندة الحكومة المركزية في أداء رسالتها بفعالية وكفاءة، عبر تبني مبدأ اللامركزية الإدارية.

وبرغم الجهود الحكومية المبذولة منذ صدور قانون السلطة المحلية عام 2000، وما تضمنته المنظومة الدستورية والتشريعية من مزايا عديدة لدعم هذا التوجه، إلا أن تجربة الإدارة المحلية رافقتها إشكالات ومعوقات أثرت سلبًا على مستوى أداء أجهزتها، ولم ترتقِ إلى مستوى الطموحات التنموية التي أُنشئت من أجلها. وقد تفاقمت هذه الإشكالات بفعل الحصار والحرب المستمرة على اليمن، مما أسهم في اتساع فجوة الاحتياجات التنموية في ظل شح الموارد المتاحة. وأدى ذلك إلى وضع الحكومة أمام تحديات جسيمة تتطلب بذل جهود مكثفة لمواجهة الاحتياجات المتزايدة للسكان، والاستجابة للطلب المتنامي على الخدمات العامة، مع ضمان توفير موارد مستدامة قادرة على تلبية هذه المتطلبات بجودة وكفاءة.

وهذا يتطلب دراسة تحليل واقع الإدارة المحلية في اليمن والتعرف على جوانب القوة والضعف فيها والتحديات التي تواجه تطويرها، حتى تواكب التطورات والتحولات التي حدثت على المستويين العالمي والمحلي والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة.

3-1 . أسئلة البحث

  1. ما واقع الإدارة المحلية في اليمن؟ وما أبرز نقاط القوة والضعف فيها، وما أهم التحديات التي تواجه تطويرها؟
  2. ماهي الدروس المستفادة من التجارب العالمية الرائدة في إصلاح الإدارة المحلية؟
  3. ما هي المقترحات التطويرية لإصلاح منظومة السلطة المحلية في اليمن؟

4-1 . أهداف البحث

  • تحليل واقع الإدارة المحلية في اليمن وإبراز نقاط القوة والضعف فيها، وتحديد أهم التحديات التي تواجه تطويرها.
  • دراسة التجارب العالمية الرائدة في إصلاح الإدارة المحلية والاستفادة من بعض دروسها.
  • تقديم بعض المقترحات التطويرية لمنظومة السلطة المحلية في اليمن.

5-1 . منهجية البحث

يعتمد هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي، حيث يقوم هذا البحث بوصف واقع الإدارة المحلية وكذلك استخلاص أهم الدروس التي يمكن الاستفادة منها للدول الرائدة في الإدارة المحلية. تم جمع المعلومات من العديد من المصادر والمراجع والتي من أهمها القوانين والمنشورات والتقارير الحكومية والدراسات المحلية والعربية والأجنبية، والعمل على تحليلها ودراستها لمقاربة موضوع البحث بشكل علمي أكثر.

1-6. حدود البحث

تم تطبيق هذا البحث على الإدارة المحلية في اليمن، والوقوف على اهم النجاحات والإخفاقات في اصلاح الإدارة المحلية، كذلك تم دراسة تجارب دول رائدة ومتميزة في هذا المجال. وقد تم اختيارها كونها التجربة الأقدم زمنيًا والأنجح تطبيقيًا، وهذا ما يستهدف البحث تحقيقه.

7-1 . خطة البحث

يتكون المبحث الأول من الإطار العام للدراسة والذي يتضمن مقدمة موجزة، مشكلة البحث وتساؤلاته وأهميته وأهدافه وكذلك منهجية البحث وخطته، إضافة الى الدراسات السابقة والمصطلحات ذات العلاقة بالبحث، كما تناول المبحث الثاني تحليل واقع الإدارة المحلية في اليمن، وفي المبحث الثالث تم دراسة التجارب العالمية الرائدة في الإدارة المحلية والاستفادة من بعض دروسها والنتائج والتوصيات التي يمكن أن تسهم في إصلاح الإدارة المحلية في اليمن.

8-1 . مفاهيم ومصطلحات البحث

1-8-1 . مفهوم الإدارة المحلية

تعددت آراء الباحثين حول تعريف الإدارة المحلية؛ فقد استخدم الفقه الإنجليزي مصطلح «الحكم المحلي» للتعبير عن مفهوم الإدارة المحلية، وعرفها بأنها «حكومة محلية تتولاها هيئات محلية منتخبة، تضطلع بمهام إدارية وتنفيذية تتعلق بالسكان المقيمين ضمن نطاق جغرافي محدد، ولها الحق في إصدار القرارات واللوائح المحلية.[3] كما عبر بعض الباحثين عن الإدارة المحلية بمصطلح «اللامركزية المحلية»، باعتبارها هيئات محلية تمارس اختصاصات إدارية وتتمتع باستقلال ذاتي. ووفقًا للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، يُشير مفهوم الإدارة المحلية إلى مجموعة المؤسسات والآليات والعمليات التي يُعبر المواطنون من خلالها عن مصالحهم واحتياجاتهم، ويعملون على حل خلافاتهم وممارسة حقوقهم والتزاماتهم على المستوى المحلي. وتقوم الإدارة المحلية الجيدة على مجموعة من المرتكزات الأساسية، أبرزها: مشاركة المواطنين، والشراكة مع الجهات الفاعلة الرئيسة على المستوى المحلي، وتعزيز قدرات هذه الجهات في مختلف القطاعات، إضافة إلى الشفافية وتدفق المعلومات، والمساءلة، والتوجه المناصر للفئات الفقيرة.[4]

وقد اعتبر الدستور اليمني المعدّل في عام 2001، وفي المادة «4» منه، أن السلطة المحلية هي إحدى السلطات الدستورية التي يمارس الشعب من خلالها سلطاته وحقوقه باعتباره مالك السلطة ومصدرها، حيث يمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، أو بشكل غير مباشر عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية أو عن طريق المجالس المحلية المنتخبة.[5]

ونخلص من ذلك إلى أن الإدارة المحلية تمثل أسلوبًا إداريًا يهدف إلى تحقيق اللامركزية في إدارة الإقليم الجغرافي، بما يسهم في تنميته، وحفظ النظام فيه، وتصريف شؤون سكانه. وتقوم الإدارة المحلية على مجموعة من الأسس، أبرزها: تمتعها بالشخصية الاعتبارية، ووجود مجالس محلية منتخبة أو معينة، أو مزيج من الاثنين، على أن تكون هذه المجالس المنتخبة مستقلة في أداء مهامها، مع خضوعها للأطر القانونية التي تضعها الحكومة المركزية.

2-8-1 . مفهوم التنمية المحلية

تُعد التنمية المحلية أحد أوجه التنظيم المجتمعي، حيث تركز على بناء بنية تحتية من العلاقات والمسارات والنظم التي تُمكّن المجتمع المحلي من حل مشكلاته الخاصة ذاتيًا، والتجاوب مع احتياجاته من خلال عمليات التخطيط والتنفيذ والمراقبة والتطوير المستمر. وقد عرفها بعض الباحثين بأنها عملية يتم من خلالها دمج الجهود الحكومية مع الجهود الشعبية على مستوى المحليات، عبر استغلال الموارد المتاحة، بهدف الوصول إلى أعلى مستويات الرفاهية لتلك المجتمعات. كما يمكن تعريف التنمية المحلية بأنها مفهوم حديث لأسلوب العمل المجتمعي، يهدف إلى رفع مستوى المعيشة، وتلبية احتياجات ورغبات المجتمع، وتحقيق التوازن والتلاحم بين أفراده، وذلك عبر استغلال الموارد المحلية المتاحة بكفاءة.

9-1 . الدراسات السابقة

تتميز التنمية المحلية المستدامة بكونها نظامًا متكاملًا يشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتتسم بأنماطها التنموية بالعقلانية والرشد، مع السعي إلى بناء مجتمع تحكمه أطر أخلاقية وإنسانية. وقد أكدت دراسة «علّاوي» أن التنمية المستدامة تمثل أسلوب حياة ونمط معيشة، وتتطلب من الهيئات الرسمية والمحلية تطوير أساليب إدارة متكاملة تتعامل مع المجتمع بوصفه نظامًا مترابطًا اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا.[6] كما خلصت دراسة «الكثيري» إلى أن التنمية المحلية الفعالة هي تلك التي تستجيب لاحتياجات المواطن المحلي، وتلبي متطلباته الذاتية، وتُمكنه من تقليل اعتماده على المستويات الأعلى في معيشته وتطويرها.[7]

وعن العلاقة بين التنمية والإدارة المحلية فقد اكدت عدد من الدراسات بأن الإدارة المحلية تلعب دوراً حاسماً في تنمية المجتمع، وذلك من خلال توفير الخدمات الأساسية مثل إمدادات المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية، حيث أكدت دراسة «Tanimu & Garba» بأن مشاركة الحكومة في مبادرات تنمية المجتمع يمكن أن تحسن من جودة حياة السكان وذلك من خلال تعزيز النمو الاقتصادي والحد من الفقر والإدماج الاجتماعي للناس.[8]

وتوصلت دراسة «Shimi Dorji» إلى أن أهمية الإدارة المحلية تكمن في قدرتها على توفير الخدمات والبنية التحتية والدعم اللازم لتحسين ازدهار ورفاهية السكان في المجتمعات القريبة. وأشارت الدراسة إلى أن من أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجه إدارات الحكومة المحلية انخفاض مشاركة الشباب، وضعف مستويات الشفافية والمساءلة.[9]

وتُعدّ خدمات الإدارة المحلية ضرورية لخلق بيئة مواتية للنمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي بشكل عام، حيث إن قرب الحكومات المحلية من أرض الواقع يتيح لها تحديد احتياجات مجتمعاتها بدقة والاستجابة لها بشكل أكثر فاعلية. وفي هذا السياق، أوصى «Islam» في دراسته بأن الإدارة الحكومية المحلية يمكن أن تحفز النمو الاقتصادي من خلال توفير البنية التحتية، والاستثمار في رأس المال البشري، وتهيئة بيئة داعمة للشركات. كما أكد أن الحكومات المحلية تستطيع تعزيز النمو الاقتصادي عبر وضع سياسات تشجع الاستثمار وريادة الأعمال.[10]

علاوة على ذلك، يرى «Akpomi & Igbudu» أن إدارة الحكومة المحلية قادرة على تعزيز تنمية المجتمع من خلال إشراك المواطنين في عمليات صنع القرار، وضمان أن السياسات والبرامج تلبي احتياجات المجتمع الفعلية، بالإضافة إلى العمل بشكل تعاوني مع أصحاب المصلحة الآخرين، مثل المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني.[11] وفي السياق ذاته، يشير «Koma & Mela» إلى أن الشراكات بين إدارات الحكومة المحلية وأصحاب المصلحة تساهم في تعزيز تنمية المجتمع، عبر تبادل الموارد والخبرات والمعرفة.[12]

كما يرى عدد من الباحثين أن وسائل الإعلام المحلية تؤدي دورًا حاسمًا في تشكيل الخطاب العام وتعزيز المشاركة المجتمعية، من خلال إتاحة الوصول إلى المعلومات، وتشجيع النقاش العام، وخلق قنوات للمواطنين للتعبير عن قضاياهم وهمومهم. ويساعد هذا النهج على بناء الثقة بين الحكومات المحلية والمجتمعات، وتعزيز الشعور بالملكية والمسؤولية.[13]

كما ينبغي العمل على بناء قدرات أفراد المجتمع لتمكينهم من المشاركة الفاعلة في المبادرات التنموية، وذلك من خلال توفير برامج التدريب والتعليم، وتطوير المهارات القيادية، وخلق الفرص المناسبة لمشاركة أفراد المجتمع في عمليات التخطيط وتنفيذ المشاريع التنموية.[14] وفي هذا السياق، توصلت دراسة الصاري إلى أن نجاح عملية التنمية المحلية في ليبيا يتطلب منح الإدارات المحلية دورًا فاعلًا، وتفعيل قوانين الحكم المحلي، ونقل الاختصاصات إلى السلطات المحلية، بالإضافة إلى توفير مقومات الاستقرار السياسي والاقتصادي، والعمل على تحديث التشريعات ذات العلاقة بالإدارة المحلية.[15]

وخلصت دراسة «الماوري» إلى أن النزاع والحرب في اليمن قد أسفرا عن آثار متعددة على مستوى الإدارة المحلية، تفاوتت طبيعتها من محافظة إلى أخرى. ففي حين شهدت بعض المحافظات تعزيزًا في سلطتها وتناميًا في دورها بتقديم الخدمات، عانت محافظات أخرى من تراجع دورها وضعف صلاحياتها، نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية وشح الموارد، مما انعكس سلبًا على مستوى تقديم الخدمات العامة في المحليات. وقد أوصت الدراسة بضرورة مراجعة منظومة الإدارة المحلية وإصلاحها خلال المرحلة المقبلة، باعتبار ذلك خطوة أساسية نحو إعادة البناء في مرحلة ما بعد الحرب.[16]

وتوصلت دراسة «الجبور» إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في الأردن تتمثل في الفجوة القائمة بين السياسات المرسومة والممارسات الفعلية؛ إذ يبدو النموذج الإداري لا مركزيًا من الناحية النظرية، بينما يعمل في الواقع بشكل مركزي. وعلى الرغم من إنشاء هياكل حكومية محلية، إلا أنها تفتقر إلى المشاركة المحلية الحقيقية. وأشارت الدراسة إلى الحاجة إلى معالجة شاملة للقوانين وطبيعة المشاركة، مع تطوير وتحديث نظام اللامركزية من خلال إعادة النظر في التشريعات، مع مراعاة التفاوت والاختلاف بين المناطق والمحافظات عند تشكيل المجالس المحلية والبلدية. كما أكدت الدراسة على أهمية تعزيز الوعي بأهمية الاستقلال المالي، وضرورة تكييف البرامج المطروحة بما يتلاءم مع خصوصيات المناطق الريفية والحضرية.[17]

أما دراسة «شنتير» فقد خلصت إلى أن الاستفادة من مزايا اللامركزية في مصر لا تتحقق إلا من خلال تعزيز أداء الوحدات والتنظيمات الأساسية للإدارة المحلية، وتمكينها من القيام بأدوارها بفعالية. وأكدت الدراسة أن الأمر لا يتطلب إعادة اختراع نظام محلي جديد، بقدر ما يستلزم إيجاد صيغة واضحة وقابلة للتنفيذ لتنظيم العلاقة بين المركز والمحليات، بما يضمن توازن اختصاصات الإدارة المحلية مع مسؤولياتها في تحقيق التنمية المحلية، ومعالجة إشكالية التفاوت بين المجتمعات المحلية.[18]

ويرى «يونس قرواط» أن الإدارة المحلية تمثل الحلقة الوسيطة التي تربط بين الحكومة المركزية والمواطن المحلي، وتمارس من خلال المهام المنوطة بها والصلاحيات المخولة لها دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى المحلي. ويتجلى ذلك من خلال توسيع فرص المشاركة في وضع الخطط، والكشف عن متطلبات المجتمع المحلي، وممارسة مبادئ الحكم الصالح، إلى جانب إدارة الموارد المحلية وترشيد استخدامها في إطار ممارسة نشاط اقتصادي محلي يحترم قدرات البيئة. كما تسهم الإدارة المحلية في توفير المتطلبات الأساسية لأفراد المجتمع، وحماية البيئة المحلية ضمن حدود الصلاحيات المقررة لها.[19]

وجاءت نتائج دراسة «الجوري»، التي استهدفت قيادات وأعضاء المجالس المحلية ومديري المكاتب التنفيذية في مديريات أمانة العاصمة صنعاء، لتوضح أن تطبيق مبادئ الحكم الرشيد جاء بدرجة متوسطة، مع ضعف ملحوظ في تطبيق مبدأي الشفافية والمساءلة. كما أظهرت الدراسة أن السلطة المحلية تعاني من شح الموارد المالية المحلية، وضعف القدرة على تنمية الموارد الذاتية، والاعتماد الكبير على الدعم المركزي المحدود، مما انعكس سلبًا على أدائها وأدى إلى تدني مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. وأوصت الدراسة بضرورة بذل مزيد من الجهود لتعزيز تطبيق مبادئ الحكم الرشيد داخل السلطة المحلية، مع التركيز على تحقيق الشفافية من خلال نشر البيانات والمعلومات عبر الإنترنت، وتعزيز مبدأ المساءلة بوضع الآليات اللازمة لمحاسبة الموظفين المقصرين. كما دعت إلى تعزيز مشاركة المواطنين ومنظمات المجتمع المدني في عمليات التخطيط والرقابة على تنفيذ المشاريع وتقديم الخدمات المحلية، بالإضافة إلى التوجه نحو تطبيق الإدارة المحلية الإلكترونية، والعمل على نشر ثقافة الحكم الرشيد في أوساط المجالس المحلية.[20] وخلصت دراسة «بشير شايب» إلى أن الدولة الحديثة تسعى دائمًا إلى اختيار الأسلوب الأمثل في التنظيم الإداري لأقاليمها، بهدف الاستجابة لمتطلبات شعبها وتقريب الخدمات الأساسية إليهم، بما يلبي احتياجاتهم اليومية من صحة وتعليم ومياه وكهرباء وغيرها من الخدمات. وغالبًا ما تبدأ الدول في اعتماد تنظيم إداري مركزي في المراحل الأولى، ومع توسع وتطور المتطلبات المحلية لشعوبها، تلجأ إلى تبني نظام اللامركزية، بغرض التخفيف من أعباء الإدارة على السلطة المركزية، والتفرغ لمهام سياسية واقتصادية أكثر إلحاحًا، وذلك من خلال تفويض عدد من صلاحياتها إلى مجالس محلية منتخبة.[21]

2- واقع الإدارة المحلية في اليمن

1-2 . الحماية الدستورية للإدارة المحلية

تناول الدستور اليمني موضوع السلطة المحلية في الفرع الثالث من الفصل الثاني للباب الثالث، وكان ذلك في أربع مواد «145، 146، 147، 148»، نصّت على تقسيم أراضي الجمهورية اليمنية إلى وحدات إدارية يحدد القانون عددها وحدودها وتقسيماتها، وفقًا لأسس ومعايير علمية معتمدة. كما بيّن القانون طريقة ترشيح وانتخاب واختيار رؤساء هذه الوحدات وتحديد اختصاصاتهم واختصاصات رؤساء المصالح فيها. ونص الدستور كذلك على تمتع الوحدات الإدارية بالشخصية الاعتبارية، وأن يكون لها مجالس محلية يتم انتخابها انتخابًا حرًا ومباشرًا ومتساويًا على مستوى المحافظة والمديرية، تمارس مهامها وصلاحياتها ضمن نطاق الإدارة المحلية. وتُعنى هذه المجالس باقتراح البرامج والخطط والموازنات الاستثمارية للوحدات الإدارية، بالإضافة إلى الإشراف والرقابة والمحاسبة على أجهزة السلطة المحلية وفقًا للقانون. كما يحدد القانون طريقة الترشيح والانتخاب للمجالس المحلية، ونظام عملها، ومواردها المالية، وحقوق وواجبات أعضائها، ودورها في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية، مع التأكيد على اعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية كأساس لنظام الإدارة المحلية.[22]

كما نص الدستور اليمني على أن الوحدات الإدارية والمجالس المحلية تشكل جزءًا لا يتجزأ من سلطة الدولة، وأن المحافظين مسؤولون ومحاسبون أمام رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، وتُعد قراراتهما ملزمة لهم ويتوجب عليهم تنفيذها في جميع الحالات. وقد بيّن الدستور أن القانون هو الذي يحدد آلية الرقابة على أعمال المجالس المحلية. كما نص على أن تتولى الدولة تشجيع ورعاية التطوير التعاوني على مستوى الوحدات الإدارية باعتباره من أهم وسائل دعم التنمية المحلية.

وبرغم أن الدستور خصص أربع مواد فقط لتنظيم السلطة المحلية وأسند إلى القانون واللوائح التنفيذية تفصيل بقية الجوانب، إلا أنه تميز برسم الإطار العام لنظام الإدارة المحلية، مع اعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية كأسلوب للعمل الإداري الحكومي. وقد اعترف الدستور بالاستقلالية الاعتبارية للوحدات الإدارية على مستوى المحافظات والمديريات، ومنحها الحق في تشكيل مجالس محلية منتخبة انتخابًا حرًا ومباشرًا ومتساويًا، مع تمكينها من موارد مالية خاصة، مع إخضاع ممارستها التنفيذية للرقابة المركزية. واستنادًا إلى مقياس كاترين، الذي يقيس قوة التنظيم الإداري اللامركزي بناءً على مصدر التشريع، حيث تعتبر اللامركزية قوية إذا وردت نصوصها في الدستور، ومتوسطة إذا نص عليها القانون فقط، وضعيفة إذا جاءت ضمن الأوامر الإدارية؛ فإنه بتطبيق هذا المقياس على التجربة اليمنية، نجد أن تخصيص أربع مواد دستورية للسلطة المحلية يؤكد أن اللامركزية في اليمن تستند إلى أساس دستوري، وبالتالي يمكن وصفها بأنها لامركزية قوية.[23]

وفي دراسة مرجعية أعدها مستشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، جابرييل فيرازي، أثناء إعداد وصياغة الاستراتيجية الوطنية لتعزيز اللامركزية[24]، أوضح أن قانون السلطة المحلية قد تناول الجوانب السياسية للسلطة المحلية بوضوح وجلاء، لكنه كان أقل وضوحًا فيما يتعلق بمفهوم اللامركزية الإدارية. ومع ذلك، اعتبر أن القانون يمثل تقدمًا نسبيًا، كونه يتحدث عن شكل قوي من أشكال اللامركزية الإدارية، وهو ما يعرف في المصطلحات الدولية بنقل المهام الإدارية.[25]

ولترجمة المبادئ العامة التي تضمنها الدستور حول السلطة المحلية واللامركزية المالية والإدارية إلى واقع عملي، صدر قانون السلطة المحلية رقم «4» في فبراير 2000 [26] تلاه إصدار اللائحة التنفيذية للقانون بموجب القرار رقم «296» لسنة 2000 [27]، ثم اللائحة المالية للسلطة المحلية الصادرة بالقرار رقم «24» لسنة 2001 [28] كما صدرت اللوائح التنظيمية للمحافظات والمديريات بموجب القرار رقم «265» لسنة 2001 [29]بالإضافة إلى القانون رقم «18» لسنة 2008 الذي تضمن تعديل بعض مواد قانون السلطة المحلية.[30]

نستنتج مما سبق أن هناك إطارًا تشريعيًا ينظم السلطة المحلية في اليمن، ويمثل الأساس القانوني الذي يقوم عليه نظام الإدارة المحلية، رغم ما يشوبه من بعض التناقضات والتداخلات في عدد من فقراته. ومع ذلك، لم تتمكن السلطات المحلية من تطبيق هذا الإطار بصورة فعالة على أرض الواقع، وبما يضمن تلبية الاحتياجات المحلية، وتحقيق تطلعات المواطنين، والالتزام بالمعايير الدولية ذات الصلة.

2-2. ممارسة السلطة المحلية للمهام والاختصاصات

حدد قانون السلطة المحلية ولائحته التنفيذية مهام واختصاصات المجالس المحلية، مع توزيع واضح للمهام بين السلطات المركزية والسلطات المحلية. حيث تركزت مهام السلطات المركزية في رسم السياسات العامة، واقتراح مشاريع القوانين، وسن اللوائح التنظيمية، بالإضافة إلى الإشراف على سير العمل في الأجهزة التنفيذية بالوحدات الإدارية، وتولي مهام التدريب والتأهيل للعاملين، وتنفيذ المشاريع ذات الطابع الوطني العام. أما على مستوى المحافظة، فقد تركزت مهام السلطات المحلية في أداء دور الأجهزة المركزية في مجال تنفيذ الأنشطة، كل في نطاق اختصاصه، والإشراف الفني على الأجهزة التنفيذية المماثلة في المديريات. وعلى مستوى المديرية، تضمنت المهام إدارة وتجهيز كافة المشاريع التنموية والخدمية المدرجة في الخطة والموازنة السنوية للوحدة الإدارية.[31]

وعلى الرغم من أن القانون حدد بوضوح مهام الأجهزة المركزية ومهام السلطات المحلية، إلا أن التحديات العملية لا تزال قائمة، ولعل أبرزها استمرار تدخل الأجهزة المركزية في العملية التنفيذية، حيث تواصل تمويل وتنفيذ مشاريع أصبحت، وفقًا للقانون، من اختصاص السلطات المحلية. كما أن دور الأجهزة المركزية في توضيح السياسات العامة، وفي مجالي التدريب والتأهيل، لا يزال محدودًا. وتفاقمت هذه الإشكالية نتيجة وجود حالة من عدم التناغم بين أجهزة السلطتين المركزية والمحلية، ويرجع ذلك أساسًا إلى تضارب بين قانون السلطة المحلية والعديد من القوانين واللوائح التنفيذية الأخرى. ورغم أن المادة «173» من قانون السلطة المحلية نصت صراحةً على إلغاء أي حكم يتعارض مع أحكامه،[32] تشير التقارير إلى وجود أكثر من «80» تشريعًا يتعارض مع هذا القانون ويحتاج إلى تعديل لضمان انسجامه مع نص وروح قانون السلطة المحلية ولوائحه التنفيذية، خاصة فيما يتعلق بتفعيل الدور التنموي للسلطة المحلية.[33]

وقد أدت هذه الأوضاع المختلة إلى نشوء حالة من عدم الوضوح والفهم فيما يتعلق بالأدوار التي يجب أن تمارسها الأجهزة المركزية والمحلية في تقديم الخدمات العامة، حيث تختلف الممارسات من جهة إلى أخرى، بل ومن محافظة إلى أخرى، ومن مديرية إلى أخرى. تعقيدًا وإرباكًا استمرار بعض الأجهزة المركزية في تبني قوانين ولوائح وقرارات تتسم بميل مركزي، مما يستدعي إعادة النظر في قوانين ونظم الإدارة العامة النافذة، بالإضافة إلى ضرورة مراجعة اللوائح التنظيمية للأجهزة المركزية بما يتسق مع مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية، إلى جانب إصلاح مواد قانون السلطة المحلية.[34]

ومن خلال ذلك، يمكن الاستنتاج بأن السلطات المحلية في اليمن تفتقر إلى تطبيق حقيقي لمبدأ اللامركزية، سواء من حيث حجم المهام أو نوع الصلاحيات الإدارية الممنوحة لها. إذ يُبين القانون أن أجهزة السلطة المحلية تعد وحدات تابعة للسلطة المركزية، تقوم بتنفيذ المهام التي تُنقل إليها، وتتولى تقديم الخدمات، بينما يظل المحافظون محاسبين ومسؤولين أمام رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، وتكون قراراتهما ملزمة لهم. وهذا يدل على أن اللامركزية في اليمن تُمارس بوصفها استثناءً، إذ تبقى جميع السلطات بيد الحكومة المركزية، التي تقوم فقط بتفويض بعض الصلاحيات الإدارية المحددة بموجب قانون السلطة المحلية. كما أن الوحدات الإدارية المحلية لا تمتلك سلطة تشريعية مستقلة، بل تقتصر وظيفة السلطات المحلية المنتخبة على القيام بدور إشرافي ورقابي على الأجهزة التنفيذية التابعة للدولة.

3-2 . التقسيم الإداري للسلطة المحلية

أكد الدستور اليمني، في المادة «146»، على أن يقوم التقسيم الإداري للمحافظات والمديريات استنادًا إلى دراسات علمية تراعي مجموعة من العوامل والمحددات، بحيث يتم أخذ العوامل السكانية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والطبيعية بعين الاعتبار أثناء عملية التقسيم، وذلك بهدف تعزيز الوحدة الوطنية، وتحقيق النمو الاقتصادي، وترسيخ الأمن والسلام الاجتماعي. ويترتب على ذلك ضرورة الالتزام بالمعايير التالية:

  • عدد السكان وكثافتهم: بحيث يسهم التقسيم الإداري، وكذلك التقسيم الداخلي للمناطق الانتخابية، في تعزيز كفاءة وعدالة التمثيل السكاني.
  • الواقع الاقتصادي للمنطقة: من خلال مراعاة جدوى النشاطات الاقتصادية، وتحقيق التكامل المنطقي بينها، بما يمكن الوحدة الإدارية من إنجاز أهداف التنمية المحلية وتنمية الموارد الذاتية.
  • الواقع الاجتماعي للمنطقة: بما يضمن أن يسهم التقسيم الإداري في تحسين التلاؤم الاجتماعي والترابط بين مختلف الفئات المكونة للنسيج السكاني المحلي.
  • الواقع الطبيعي للمنطقة: لتحقيق تكامل طبيعي متناسق بين مكونات الوحدة الإدارية، بما يمكنها من إدارة مواردها الطبيعية بكفاءة، ويقلل من احتمالات النزاعات مع الوحدات المجاورة حول السيطرة على هذه الموارد.[35]

ينقسم اليمن إداريًا إلى تقسيمين رئيسيين هما: المحافظة والمديرية. ويبلغ عدد المحافظات 22 محافظة، تشمل أمانة العاصمة صنعاء ومحافظة أرخبيل سقطرى. وتُعد المحافظة الوحدة الإدارية الأساسية ضمن التقسيم الإداري للجمهورية اليمنية، حيث تتكون كل محافظة من عدد من المديريات يتفاوت بحسب حجم المحافظة ومساحتها وعدد سكانها. ويبلغ إجمالي عدد المديريات في اليمن «333» مديرية.

وفي المناطق الريفية، تتكون المديرية من مجموعة من العُزَل، التي يختلف عددها من مديرية إلى أخرى. وتتكون العزلة بدورها من مجموعة من القرى، وتُعد القرية أصغر وحدة سكنية مستقرة. وقد تتبع القرية عدد من المحلّات، والمحلّة تُعرف بأنها تجمع سكاني ثابت ومستقر يتبع إحدى القرى عندما تتحقق إحدى الحالتين التاليتين: أن تقع بالقرب من القرية ويكون الساكنون فيها من أبناء تلك القرية، أو أن تقع ضمن امتداد ممتلكات أهالي هذه القرية دون أن يفصلها عنها حدود إدارية أو ممتلكات تابعة لقرية أخرى.

وفي حالة الحضر: تتكون المديرية إما من مدينة صغيرة أو من مجموعة من الأحياء والحي يتكون من مجموعة من الحارات المتجاورة.

شكل «1»
التقسيم الإداري في الجمهورية اليمنية
صورة الشكل «1»

ويرى الباحثون بأن التقسيم الإداري إلى مستويين من المستويات المحلية «المحافظة والمديرية» يتفق مع المعايير الدولية الحديثة للامركزية والتخطيط للتنمية والتنظيم الإداري للتقليص من الهرم الإداري وإسناد مسئوليات تقديم الخدمات إلى المستويات الإدارية القريبة من المستفيدين وهو اتجاه عدد من الدول المتطورة للتقليص من الوحدات المحلية في مقابل منحها صلاحيات أكبر وأوسع. غير أن التجربة في اليمن أثبتت أن وجود مستويين للسلطة المحلية أحدهما يتبع الآخر «المديرية تتبع المحافظة» ولكل منهما الشخصية الاعتبارية كان سبباً في عدم وضوح العلاقة بينهما وكيفية التنسيق بين أجهزتها التنفيذية فالمديريات بمستوياتها وتكويناتها تضع خطة وموازنة لأحد أجهزتها التنفيذية لا تتفق مع الخطة والموازنة التي يضعها الجهاز التنفيذي على مستوى المحافظة مما أحدث شللاً في نشاط أحدهما على حساب الأخر.

يكتنف التقسيم الإداري في اليمن مجموعة من الصعوبات، يعود بعضها إلى وجود تقسيمات إدارية غير قائمة على اعتبارات علمية، فيما يرتبط بعضها الآخر بعوامل طبيعية وجغرافية واقتصادية، بالإضافة إلى صدور قرارات أدت إلى تفتيت بعض المدن الرئيسية، التي كانت تشكل وحدة جغرافية متماسكة، إلى عدة مديريات بتداخل حدودها الإدارية. وقد نتج عن ذلك تجزئة السلطة المحلية، وتفكك العملية التخطيطية، وارتفاع تكاليف الإدارة، مما حمّل الموازنة العامة للدولة أعباء مالية إضافية غير مبررة.

فعلى سبيل المثال، هناك تباين واضح من حيث عدد السكان بين المحافظات والمديريات المختلفة، إذ يبلغ عدد سكان أكبر محافظة، وهي «أمانة العاصمة صنعاء» نحو «3,979,000» نسمة، مقارنةً بأصغر محافظة «أرخبيل سقطرى» التي لا يتجاوز عدد سكانها «44,120» نسمة. كما يعيش أكثر من نصف سكان اليمن في أربع محافظات فقط «صنعاء، تعز، الحديدة، إب». كذلك يتجلى التفاوت في المساحة الجغرافية، حيث تبلغ مساحة أكبر محافظة، حضرموت، نحو «193,000» كم²، مقابل «130» كم² لأمانة العاصمة صنعاء.

ويُضاف إلى ذلك التفاوت الشديد في التوزيع النسبي للسكان بين الحضر والريف، حيث يقيم نحو 30٪ من سكان اليمن في المناطق الحضرية مقابل 70٪ في المناطق الريفية نظرًا للعوامل الطبيعية والاقتصادية. ومن خلال ذلك، يمكن استخلاص أن التقسيم الإداري في اليمن لم يشهد تغييرًا جوهريًا عقب عملية الإصلاح التي رافقت تطبيق نظام السلطة المحلية، إذ ما زال يعتمد إلى حد كبير على التقسيم الإداري القائم قبل تحقيق الوحدة اليمنية. وقد استند التقسيم الحالي إلى قرارات سابقة ذات طابع تاريخي، أو جاءت استجابةً لمطالب اجتماعية آنية، دون إجراء مراجعة شاملة مبنية على أسس علمية.

وكان من المتوقع، بناءً على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني في أواخر العام 2014، أن يتم تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم هي: إقليم آزال، إقليم الجند، إقليم تهامة، إقليم حضرموت، إقليم سبأ، وإقليم عدن. إلا أن هذا التقسيم لم يتم تطبيقه، نتيجة جملة من الأسباب، أبرزها الانتقادات الموجهة لآلية تحديد الأقاليم دون إجراء دراسات شاملة ومتخصصة تراعي الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب اندلاع الحرب الأهلية اليمنية، وتوقف العملية السياسية..

4-2 . الاستقلال الإداري والمالي

الأصل في أي نظام محلي هو استقلال الوحدات الإدارية، سواء من الناحية الإدارية أو المالية؛ إذ يوفر الاستقلال الإداري للمحليات القدرة على صناعة القرارات التنموية التي تعبر عن الرأي العام المحلي، وتشكل قناة فاعلة للتعبير عن المشكلات والتطلعات المجتمعية. في المقابل، يُمكّن الاستقلال المالي الوحدات المحلية من الاستثمار في التنمية المحلية، ومعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وسد احتياجات المجتمع المحلي من السلع والخدمات الأساسية.

وقد حدد قانون السلطة المحلية في اليمن الموارد المالية للوحدات الإدارية بأربعة مصادر رئيسية، هي: الموارد المحلية، والموارد المشتركة على مستوى المحافظة، والموارد العامة المشتركة، والدعم المركزي بشقيه الاستثماري والجاري. كما منح القانون المجالس المحلية سلطات واسعة في تحديد أولويات الاستثمار والتطوير بما يعزز دورها في تحقيق التنمية المحلية.

وبرغم ذلك إلا أن المجالس المحلية في اليمن تفتقر إلى تطبيق فعلي لمبدأ اللامركزية المالية على المستوى المحلي، حيث لا تمتلك القدرة الكافية على تدبير الموارد المالية اللازمة لتسيير أنشطتها التنموية والخدمية. وتعاني المجالس المحلية من محدودية في مصادر التمويل المحلي، وتعتمد بشكل أساسي على الإعانات الحكومية كمصدر رئيسي لتمويل احتياجاتها.

وقد تم ربط موازنات السلطة المحلية بالموازنة العامة للدولة، وإخضاعها للأحكام ذاتها التي تنظم الإنفاق الحكومي، دون منح المجالس المحلية مساحة لاجتهاد مستقل في تحديد أو استحداث موارد مالية جديدة. بل إن القانون حدد كذلك أوجه إنفاق الموارد ولم يترك للمجالس حرية التصرف في ذلك.

فبحسب المادة «126» من قانون السلطة المحلية، تتولى الأجهزة التنفيذية في الوحدة الإدارية، تحت إشراف ورقابة المجلس المحلي، جباية وتحصيل كافة الموارد المالية المبينة في القانون وأي ضرائب أو رسوم أخرى ذات طابع محلي يتم فرضها بموجب القوانين والقرارات النافذة، على أن يتم توريدها بانتظام إلى الحسابات المخصصة لذلك.

كما نصت المادة «127» على أن مكاتب وزارة المالية والمصالح الإيرادية التابعة لها لا تخضع لإشراف المجالس المحلية فيما يتعلق بالموارد المركزية، وهو ما يعني أن مصلحة الضرائب وفروعها تظل تابعة للسلطة المركزية. وتجدر الإشارة إلى أن جميع الأوعية الضريبية تُعتبر موارد للسلطة المركزية، باستثناء ضرائب الريع العقاري، وضرائب استهلاك القات، وضرائب كسب العمل للمهن الحرة، التي تُعد من الموارد المحلية.

كما نص قانون السلطة المحلية، في المادة «129»، على أن يكون لكل وحدة إدارية خطة وموازنة سنوية مستقلة تشمل إيراداتها ونفقاتها، ويتولى رئيس الوحدة الإدارية تنفيذ هذه الموازنة باعتباره الآمر بالصرف، وذلك وفقًا لقواعد تنفيذ الموازنة. كما نصت المادة «137» على أن تتولى الوحدات الإدارية مباشرة كافة التصرفات المالية دون الحاجة للرجوع إلى السلطات المركزية، شريطة ألا يتعارض ذلك مع قواعد تنفيذ الموازنة.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن قواعد تنفيذ الموازنة، وفقًا لأحكام القانون، تظل من اختصاص السلطة المركزية، مما يحدّ عمليًا من الاستقلال المالي للوحدات الإدارية. ويُضاف إلى ذلك أن بعض أنواع النفقات يتم احتجازها من قبل السلطة المركزية، ممثلة بوزارة المالية، ولا يجوز للوحدات الإدارية التصرف بها أو صرفها إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من السلطة المركزية، وهو ما يقيد قدرة السلطات المحلية على إدارة مواردها المالية بشكل مستقل.

نستخلص مما سبق أن الموارد المحلية للمجالس المحلية في اليمن تكاد تكون ضئيلة إلى حد لا يُذكر، مما يجعل دعم وتنمية المصادر الذاتية للموارد المحلية مسألة بالغة الأهمية. فالاعتماد المفرط على الإعانات الحكومية المركزية يعيق استقلال السلطات المحلية، ويحد من قدرتها على ترتيب أولوياتها وتنفيذ المشروعات التي تلبي احتياجات المجتمعات المحلية.

وللحفاظ على استقلالية المجالس المحلية وتعزيز فاعليتها، يصبح من الضروري أن تمتلك مواردها الذاتية الكفيلة بتمويل مشاريعها وتلبية الطلبات الخدمية والتنموية، دون الاعتماد المفرط على القروض أو المساعدات الحكومية، بما يضمن رفع مستوى الخدمات وتحقيق تنمية محلية مستدامة.

5-2 . الرقابة المحلية على السلطات المحلية

تطبق السلطة المحلية في اليمن مبدأ الفصل بين الشق التقريري والشق التنفيذي للسلطة المحلية، على غرار مبدأ الفصل بين السلطات المعمول به على الصعيد المركزي. ويتمثل الشق التقريري في المجالس المحلية المنتخبة على مستوى المحافظة والمديرية، والتي تتولى وضع السياسات واتخاذ القرارات المحلية. أما الشق التنفيذي، فيتمثل في الأجهزة التنفيذية التي تمثل فروع الوزارات والمؤسسات المركزية في المحافظة والمديرية، مع استثناء أجهزة السلطة القضائية، ووحدات القوات المسلحة، وفروع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فيما يتعلق بمهامها الرقابية، بالإضافة إلى أي مرافق ذات طابع عام على المستوى الوطني يصدر بتحديدها قرار جمهوري.

وتمارس الحكومة المركزية الرقابة على المجالس المحلية في اليمن عبر عدة أشكال وهي:

  • الرقابة التشريعية: حيث يتولى مجلس النواب مناقشة موازنة السلطة المحلية والمصادقة على حساباتها الختامية، كما يضع التوصيات الملزمة لكل من السلطة المركزية والمحلية. ويشمل دوره أيضًا منح وحجب الصلاحيات، وتشكيل لجان تقصي الحقائق، وحضور اجتماعات المجالس المحلية. وقد منحت المادة «47» من القانون رقم «1» لسنة 2006، الخاص بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب، لجنة السلطة المحلية عددًا من الاختصاصات، من بينها الرقابة على تنفيذ قانون السلطة المحلية وقانون التقسيم الإداري واللوائح والقرارات المرتبطة بهما، بالإضافة إلى الرقابة على نشاط وزارة الإدارة المحلية والوحدات الإدارية ومجالسها المحلية والأجهزة والهيئات والجمعيات التابعة لها.
  • الرقابة القضائية: منح المشرع الحق في الطعن بالقرارات الصادرة عن أجهزة السلطة المحلية، حيث يمكن للسلطة المحلية اللجوء إلى المحكمة العليا في حال وجود خلاف مع السلطة المركزية. ومع ذلك، فإن قرارات مجلس الوزراء تعتبر نافذة وغير قابلة للطعن، وفقًا لنص المادة «147» من قانون السلطة المحلية. كما منح القانون المواطنين، سواء أفرادًا أو جماعات، حق الطعن في القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات المحلية. وعلى الرغم من ذلك، يبقى دور القضاء في هذا المجال محدودًا بسبب غياب المحاكم الإدارية المتخصصة، حيث تقتصر المنازعات الإدارية على شعبة مختصة بالقضايا الإدارية ضمن المحكمة العليا، دون وجود شبكة محاكم إدارية متكاملة.
  • الرقابة الإدارية والمالية: أفرد قانون السلطة المحلية الباب السابع منه لتنظيم الرقابة على أعمال الوحدات الإدارية، حيث نصت المادة «144» على خضوع جميع الأجهزة التنفيذية للوحدات الإدارية لرقابة سلطات الأجهزة المركزية أثناء أدائها لمهامها. ويمارس رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، ووزارة الإدارة المحلية، ووزارة المالية، ووزارة التخطيط سلطات رقابية كلٌ في مجال اختصاصه، بالإضافة إلى دور إشرافي على فروع أجهزتهم في المحليات كما أُلزمت بعض قرارات السلطة المحلية بالحصول على مصادقة السلطة المركزية، إذ نصت لمادة «295» من اللائحة التنفيذية لقانون السلطة المحلية على أن قرارات المجلس المحلي المتعلقة بالموازنات، أو بإنشاء رسم أو تحديد قيمته، أو بالمخططات العمرانية العامة، أو بالتصرف في الممتلكات بيعًا أو رهنًا، لا تصبح نافذة إلا بعد مصادقة أجهزة السلطة المركزية وبموجب القانون، يمتلك رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس الوزراء، صلاحية حل أي مجلس محلي إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، ويصدر قرار الحل بقرار جمهوري، على أن تتم الدعوة إلى انتخابات جديدة خلال ستين يومًا من تاريخ الحل. كما منح القانون الحق لكل وزير، كلٌ في مجال اختصاص وزارته، بممارسة صلاحيات رقابية تجاه الوحدات الإدارية، بما في ذلك الاعتراض على قرارات المجالس المحلية في حال تعارضها مع القوانين النافذة، وذلك عبر آلية وإجراءات محددة حددها القانون.
  • الرقابة الشعبية: يُعد وجود المجالس المحلية المنتخبة وسيلة رئيسية لضمان الرقابة الشعبية على مؤسسات الدولة التابعة للسلطة المركزية. وتتجسد الرقابة الشعبية المحلية من خلال عدة أدوات، أبرزها: رقابة الهيئة الناخبة عبر حرية اختيار المواطنين لأعضاء المجالس المحلية، ورقابة الأحزاب السياسية عبر توجيه ومتابعة ممثليها في هذه المجالس، بالإضافة إلى رقابة وسائل الإعلام عند قيامها بدورها بمهنية وموضوعية. كما يتيح النظام القانوني للمواطنين اللجوء إلى الهيئات القضائية في حال تعرضهم لأي تجاوزات من قبل الأجهزة المحلية. ومع ذلك، يكشف الواقع العملي في اليمن عن ضعف فعالية هذه الأجهزة الرقابية. ومن أبرز أسباب قصور رقابة المجالس المحلية: غموض الاختصاصات الممنوحة لها، وصورية السلطات والأدوار المسندة إليها، حيث وردت النصوص القانونية المتعلقة بها بعبارات عامة غير محددة تحديدًا دقيقًا. وقد أدى هذا الغموض إلى تداخل الاختصاصات وازدواجية الأداء بين المجالس المحلية والإدارة المركزية، التي احتفظت بسيطرتها الفعلية، كما ساهم في ذلك انخفاض كفاءة ومهارات وقدرات أعضاء المجالس المحلية.

3- التجارب العالمية الرائدة في برامج الإدارة المحلية

تُعد دراسة التجارب العالمية الرائدة في إصلاح الإدارة المحلية أداة مهمة لاستلهام الدروس والعبر، لاسيما من الدول التي استطاعت تحقيق مستويات عالية من الكفاءة في تقديم الخدمات للمواطنين. وقد تم التركيز في هذا السياق على تجربتي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، بالنظر إلى نجاحهما في بناء نماذج إدارية متطورة تستشهد بها أغلب البحوث العلمية والمنظمات الدولية كنماذج يحتذى بها للدول النامية.

1-3 . تجربة الولايات المتحدة الأمريكية

تمارس الولايات المتحدة الأمريكية نظام الحكم الفيدرالي، وتضم خمسين ولاية، تدير كل منها نظامًا للحكومة المحلية ضمن إطار النظام الفيدرالي العام. وتتألف الحكومة الفيدرالية من ثلاث سلطات مستقلة:

  • السلطة التشريعية.
  • السلطة التنفيذية.
  • السلطة القضائية.

وتمثل هذه السلطات بموجب دستور الولايات المتحدة من خلال الكونغرس، والرئيس، والمحاكم الفيدرالية، على التوالي. كما تُحدد سلطات وواجبات هذه الهيئات بموجب تشريعات الكونغرس، بما في ذلك إنشاء الإدارات التنفيذية والمحاكم الأدنى من المحكمة العليا.[36] وتنتقل السلطات التي لا تُسند صراحة إلى الحكومة الفيدرالية إلى حكومات الولايات والحكومات المحلية، وفقًا لمبدأ تفويض السلطات. وفي هذا الإطار، يلخص الجدول أدناه الطبقات المختلفة في كل فرع من فروع الحكومة.[37]

جدول «1»
طبقات نظام الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية

الطبقات

نظام الحكم

الجهة التنفيذية

الجهة التشريعية

الجهة القضائية

الطبقة الأولى

الفيدرالية

الرئيس

الكونجرس الامريكي

المحكمة العليا الامريكية والمحاكم الفيدرالية

الطبقة الثانية

الولائية

الحاكم

السلطة التشريعية للولاية

محاكم الولاية

الطبقة الثالثة

المحلية

رئيس البلدية

المجلس البلدي

المحاكم المحلية

تمارس الولايات المتحدة الأمريكية نظامًا فدراليًا للحكم، يقوم على تقاسم السلطات بين ثلاث مستويات رئيسية: الحكومة الفدرالية، وحكومات الولايات، والحكومات المحلية. وتُعد الحكومة المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية الطبقة الثالثة ضمن هذا النظام، حيث تتمتع بمجموعة من الصلاحيات السياسية والتشريعية والقضائية والتنفيذية.

ويُعزى اختيار هذا النمط من الحكم المحلي إلى الظروف السياسية والاجتماعية والتاريخية الخاصة بالمجتمع الأمريكي، الذي تأسس كمجتمع استيطاني قام على جهود المهاجرين، ويضم تنوعًا واسعًا من الأقليات العرقية واللغوية والقومية. وقد أتاح تبني النظام الفيدرالي استيعاب المصالح المتباينة والحقوق المتنافسة داخل المقاطعات الشاسعة، وشكّل وسيلة فعالة لضمان التعايش السلمي والتناغم بين مكونات المجتمع.

وقد ساهم في تطور الإدارة المحلية عجز الحكومة المركزية عن التخطيط الدقيق للمجتمعات المحلية، في حين امتلكت الوحدات المحلية القدرة على تشكيل وتطوير مناطقها، بل وإضفاء هوية جديدة عليها. وغالبًا ما طورت الحكومات المحلية حلولًا مبتكرة أصبحت لاحقًا نماذج يُحتذى بها من قبل محليات أخرى أو حتى من الحكومة المركزية ذاتها.[38] ورغم أن نظام الحكم المحلي في الولايات المتحدة الأمريكية يمنح مساحة واسعة من الاستقلالية والصلاحيات للوحدات المحلية، إلا أن هذه الصلاحيات تظل محدودة في إطار التزامها بالدستور الفيدرالي وأنظمته، إذ يُعرض أي تشريع أو تنظيم محلي للنقض في حال تعارضه مع الدستور.

يتكون النظام المحلي في أغلب الولايات الأمريكية من ثلاثة مستويات إدارية رئيسية:

  • المقاطعات: يتم إنشاء المقاطعة بموجب قانون صادر عن برلمان الولاية، بناءً على طلب جماعي من المواطنين. وتُدار المقاطعة من خلال مجلس مقاطعة منتخب لمدة تتراوح عادة بين سنتين إلى أربع سنوات، ويرأسه أحد أعضائه أو شخصية يتم انتخابها مباشرة من المواطنين. كما توجد لجان فنية فرعية تابعة لهذا المجلس لدعم مهامه الإدارية والتخطيطية.
  • المدن: يتم إنشاء المدن بموجب قانون من برلمان الولاية بناءً على رغبة الأهالي، ويُمنح لكل مدينة ميثاق ينظم إدارتها، ويُصدر وفق أحد الأساليب التالية:
    • الميثاق الخاص: ويُصدر لكل مدينة بشكل منفرد.
    • الميثاق العام: وهو تشريع موحد ينطبق على جميع مدن الولاية.
    • المواثيق المصنفة: حيث تصنف المدن وفقًا لعدد السكان أو المساحة، وتُوضع مواثيق لكل فئة.
    • المواثيق الاختيارية: وهي حزم قانونية تتيح للمدن اختيار الميثاق الذي يناسب ظروفها المحلية.
    • ميثاق الإدارة الذاتية: وهو مستوحى من النظام البريطاني، ويمنح المدينة الحق في إدارة مصالحها المحلية دون تدخل مباشر من السلطة التشريعية للولاية، ويُصدر بناءً على طلب الأهالي بموجب قانون من برلمان الولاية.
  • القرى: يُنشأ نظام القرى بناءً على إرادة المقاطعة، باستثناء ثماني ولايات تتكون بالكامل من قرى ريفية. وتُدار القرى عبر مجلس اجتماع عام له اختصاصات إدارية، بالإضافة إلى مجلس قرية منتخب إما كليًا أو جزئيًا وفقًا للأنظمة المحلية.[39]

ويختلف أسلوب بناء الهياكل التنظيمية للحكومة المحلية تبعًا للأسلوب المتبع في تنظيم الوحدات المكونة لها، والذي يتأثر بظروف كل دولة من الناحية السياسية والإدارية والبيئية. وتطبق الولايات المتحدة الأمريكية أسلوب الفصل بين الشق التقريري والتنفيذي للسلطة المحلية، على غرار مبدأ الفصل بين السلطات على المستوى الفيدرالي.

تأخذ أغلب الولايات الأمريكية بمبدأ التحديد الحصري للاختصاصات المحلية، بحيث تُحدد صلاحيات الوحدات المحلية بموجب قانون إنشاء كل وحدة. وعلى الرغم من اتباع هذه الطريقة-وهي ذات الطريقة المتبعة في المملكة المتحدة-إلا أن اختصاصات الوحدات المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية أوسع بكثير مما هو معمول به في بريطانيا. ويُعزى ذلك إلى أن بعض الولايات تطبق مبدأ «استقلالية الحكم الذاتي»، الذي يمنح الوحدات المحلية الحق في وضع أنظمتها الخاصة، واستقلالية تحديد صلاحياتها واختصاصاتها ومواردها.

وتتولى الهيئة الإدارية للمقاطعات في الولايات المتحدة مجموعة واسعة من المهام، أبرزها: الحفاظ على القانون والنظام العام، فرض الضرائب وإصدار السندات، رعاية السجناء وإدارة المؤسسات الإصلاحية، الحفاظ على الطرق العامة وصيانتها، تسوية قضايا العقارات، رعاية الأطفال المعاقين والمهمشين، دعم وتنظيم الأنشطة الزراعية، تنفيذ بعض مسؤوليات التعليم العام، تخطيط المقاطعات وتقسيم المناطق، تقديم خدمات الصحة العامة المختلفة، إدارة الخدمات العامة والأنشطة الترفيهية، معالجة المسائل التنموية المرتبطة بالإسكان.[40]

تتمثل أهداف نظام الحكم الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية في منع تدخل السلطة التشريعية للولاية في شؤون الحكومة المحلية، وتمكين المدن من اعتماد نوع الحكومة الذي يناسبها، وتزويدها بالصلاحيات اللازمة لتلبية الحاجات والخدمات المتزايدة للمواطنين. كما تتمتع الحكومات المحلية بصلاحيات واسعة في إعداد ميزانياتها، دون تدخل مباشر من حكومة الولاية في شؤونها المالية أو الإدارية.

وفيما يتعلق بالمساءلة، فإن أي مسؤول تنفيذي لا يؤدي مهامه على الوجه المطلوب يكون عرضة للتصويت أو الإقالة من قبل المواطنين، مما يعزز من مبدأ الرقابة الشعبية. وتُعرف الحكومات المحلية بانفتاحها الإداري وحكمتها في الإدارة المالية. ومع ذلك، كشفت الدراسات أن الحكومات المحلية لا تتمتع باستقلال مالي مطلق، حيث تعتمد بدرجة كبيرة على حكومات الولايات في الولايات المتحدة، وعلى الحكومة المركزية في بريطانيا فيما يتعلق بإيراداتها.

ويُعد الهيكل الديمقراطي ركيزة أساسية لحماية الحكومات المحلية من تجاوزات السلطة المركزية، فبالرغم من أن الوحدات المحلية تُنشأ بموجب مواثيق أو تشريعات صادرة عن الولايات، إلا أنه لا يجوز لحكومة الولاية حل مجلس مقاطعة أو مدينة، باعتبار أن تفويض هذه الهيئات المحلية مستمد من إرادة المواطنين الذين انتخبوها. وعليه، فإن العلاقة بين الوحدات المحلية وحكومة الولاية تقوم على أساس التعاون والشراكة، وليس على أساس العداء أو السيطرة.

2-3 . تجربة بريطانيا

تأسست المحليات في المملكة المتحدة كنتيجة للتطورات الاجتماعية والسياسية للمجتمعات المحلية، مع قدر من الاستقلالية عن الحكومة المركزية. ويُعبر عن مصطلح الحكومات المحلية في بريطانيا بمصطلح «السلطات المحلية»، وقد تم إنشاؤها بموجب قوانين صادرة عن البرلمان تحدد وظائفها وواجباتها. وتؤدي السلطات المحلية في بريطانيا ثلاث وظائف رئيسية واسعة النطاق، وهي: الوظائف البيئية، ووظائف الحماية، والوظائف الشخصية.[41]

وتتبنى المملكة المتحدة نظام حكومة موحّد، حيث تخضع السلطات المحلية للرقابة من قبل الحكومة المركزية. ومع ذلك، جرت التقاليد البريطانية على الحد من تدخل الحكومة المركزية في شؤون المحليات إلى أدنى حد ممكن، مما سمح لوحدات الحكم المحلي بأن تكون من بين أكثر الأنظمة المحلية تطورًا على مستوى العالم. وتُمنح السلطات المحلية في بريطانيا مساحة واسعة لأداء وظائفها باستقلالية طالما أنها تقوم بذلك بكفاءة ووفق معايير مبررة. وعلى الرغم من وجود ضوابط وإشراف من قبل الحكومة المركزية، إلا أن السلطات المحلية تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال الديمقراطي والحكم الذاتي.[42]

وقد أكد ياسين العيثاوي، في دراسته المعنونة «الحكومات المحلية... دراسة في النموذج البريطاني»، أن من أبرز الأسباب التي قادت إلى نجاح تجربة الحكم المحلي في بريطانيا هو عامل القِدم والتدرج في تطور الحكم المحلي، سواء من حيث المهام أو الوظائف، مما أسهم بشكل رئيسي في تحقيق أهدافه المنشودة. كما أشار إلى أهمية عامل الخبرة والتراكم المعرفي للمؤسسات المحلية، إلى جانب تفاني العاملين فيها، وحرصهم على أداء واجباتهم بشفافية وكفاءة فيها.[43]

ويتكون هيكل الحكومة المحلية في المملكة المتحدة من عدة مستويات، تشمل:

  • المقاطعات.
  • البلديات الحضرية: والتي تتفرع إلى أحياء المقاطعات ومجالس الأحياء خارج المقاطعات والمدن الكبرى، السلطات الريفية المحلية.
  • مجالس الأبرشية.

ويضم كل مستوى من هذه المستويات ثلاث مكونات رئيسية هي: المجلس المحلي، والجهاز التنفيذي، وموظفو الخدمة المدنية.

يتم توزيع الاختصاصات بين الحكومة المركزية والمحليات في المملكة المتحدة على أساس التحديد الحصري لاختصاصات السلطات المحلية، حيث تُعتبر مصلحة محلية كل ما ورد النص عليه صراحةً في قوانين الإدارة المحلية، فيما تُعد المصالح غير المذكورة ضمن اختصاص الحكومة المركزية باعتبارها مصالح قومية أو وطنية عامة. ويُعد هذا الأسلوب هو السائد في بريطانيا.

وبرغم وجود تقسيم واضح للمهام بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية، إلا أن السياسة المتبعة تقوم على منح الحكومات المحلية قدرًا واسعًا من الاستقلالية في توفير الخدمات المطلوبة داخل مجتمعاتها المحلية، حيث تتدخل هذه الحكومات في العديد من المجالات، بما في ذلك التعليم، والتخطيط العمراني، ورصف الطرق، والنقل، والإسكان، والصرف الصحي، وجمع النفايات، والخدمات الاجتماعية.

وتطبق بريطانيا أسلوب الدمج الكلي للهيئات والأجهزة المحلية، والذي يقوم على أساس دمج الشقين التقريري والتنفيذي «التشريع– التنفيذ– الرقابة» في هيئة واحدة مسؤولة عن إدارة وتنظيم شؤون السلطة المحلية. ووفق هذا الأسلوب، يكون المجلس المحلي هو الهيئة الوحيدة المسؤولة عن كافة مهام الإدارة المحلية، ويضطلع بثلاثة أدوار رئيسية:

  • إصدار القرارات المحلية باسم المجلس المحلي.
  • تنفيذ هذه القرارات عبر الموظفين التابعين له والمسؤولين أمامه وفقًا لاختصاصاتهم.
  • مراقبة ومساءلة الموظفين في الإدارات المحلية في حال تأخر التنفيذ، أو سوء الإدارة، أو ارتكاب مخالفات إدارية أو مالية.

ويُعد من أهم مميزات هذا الأسلوب وضوح تحديد الصلاحيات والمهام، مما يعزز من فاعلية الرقابة والمساءلة، بالإضافة إلى إسهامه في تقليل تكاليف الإدارة. غير أن من أبرز عيوبه أنه يستلزم نمطًا متقدمًا في مجالات الإدارة والديمقراطية لضمان كفاءته ونجاحه.

تضطلع كل وحدة محلية في المملكة المتحدة بالمسؤولية الأساسية في إدارة شؤون العاملين بها، بما في ذلك إجراءات التعيين والنقل والفصل. ويختص المجلس المحلي بشؤون الموظفين المحليين، ويقوم، في مقدمة مهامه، بتعيين كبار الموظفين في المجلس المحلي، وذلك بناءً على اقتراح اللجنة المختصة وموافقة أغلبية أعضاء المجلس. ومع ذلك، وبالنظر إلى أهمية بعض الوظائف المحلية الحساسة، مثل وظيفة مدير التعليم أو مدير الأمن، يُشترط للحصول على التعيين موافقة الوزير المختص، مثل وزير التعليم أو وزير الداخلية. وبرغم ما تتمتع به المجالس المحلية من استقلالية إدارية في إدارة شؤون موظفيها، إلا أنها تبقى خاضعة للقوانين المركزية ذات العلاقة، مثل قانون المعاشات.[44]

1-2-3 . الرقابة على المجالس المحلية البريطانية

نظرًا لأن اختصاصات المجالس المحلية البريطانية محددة قانونًا وعلى سبيل الحصر، فإن مجال الرقابة عليها يظل محصورًا في بعض الجوانب فقط، مما منح هذه المجالس قدرًا من الحرية والاستقلالية في إدارة شؤونها. ويُعزز هذا الاستقلال أيضًا الخبرة الطويلة التي تتمتع بها الإدارة المحلية في بريطانيا. وتُمارس الرقابة على المجالس المحلية في مجالات محددة وفق الآتي:

  • رقابة البرلمان: حيث يتدخل البرلمان في إنشاء الهيئات المحلية، وتوسيع اختصاصاتها أو تقليصها. وعلى الرغم من إمكانية تدخله، إلا أن الواقع العملي يُظهر أن تدخل البرلمان غالبًا ما يكون إلى جانب دعم الهيئات المحلية.
  • الرقابة القضائية: يُعد النظام القضائي الإنجليزي قضاءً موحدًا، مما يجعل القاضي العادي مختصًا بالفصل في نزاعات الهيئات المحلية. وتمتد رقابته القضائية إلى توجيه الأوامر والنواهي لهذه الهيئات، بما في ذلك قبل إصدار قراراتها الرسمية.
  • رقابة الحكومة المركزية: حيث تمارس الحكومة رقابتها على المجالس المحلية في عدد من الجوانب، منها:
    • المصادقة على اللوائح الداخلية عبر الوزير المختص.
    • الإشراف على تعيين وترقية وتأديب بعض الموظفين المحليين.
    • مراقبة المشاريع التي تستفيد من الإعانات الحكومية.
    • مراقبة الرسوم المحلية والموافقة على الاقتراض لتمويل المشاريع المحلية.
    • مراقبة أداء المرافق العامة التابعة للوزارات المختلفة، مع تقديم تقارير دورية إلى البرلمان حول مستوى الأداء وسير العمل.[45]

جدول «2»
مستويات الإدارة المحلية في الدول المختلفة

العنصر

اليمن

الولايات المتحدة الأمريكية

بريطانيا

اللامركزية

دستورية جزئيًا «4 مواد فقط»

مكرسة بالدستور الفيدرالي

مكرسة عبر تقاليد قانونية وتشريعات برلمانية

صلاحيات المحليات

محدودة وتابعة للمركز

واسعة ومستقلة مع قيود دستورية

واسعة نسبيًا مع رقابة محدودة

انتخاب القيادات المحلية

جزئي «مجالس فقط، لا يتم انتخاب المحافظين»

انتخاب مباشر للعديد من المواقع

انتخاب مباشر وتعيين بعض المواقع بتنسيق حكومي

التشريعات المنظمة

قانون السلطة المحلية «2000»، وتعديلاته

مواثيق الولاية + القوانين الفيدرالية

القوانين البرلمانية والمواثيق المحلية

التمويل الذاتي

ضعيف «اعتماد على الدعم المركزي»

متوسط إلى جيد حسب الولاية

متوسط مع دعم حكومي قوي لبعض الخدمات

شكل «2»
مستويات الإدارة المحلية في الدول المختلفة
صورة الشكل «2»
شكل «3»
نسبة الاعتماد على التمويل المركزي في الإدارة المحلية
صورة الشكل «3»

3-3. الدروس المستفادة من التجارب العالمية

من خلال دراسة تجارب كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة في إصلاح وتطوير نظم الإدارة المحلية، يمكن استخلاص الدروس والعبر التالية:

  • منح القانون الحكومات المحلية صلاحيات واسعة لإدارة شؤون وحداتها المحلية، مع استثناء ما نص عليه صراحةً لصالح السلطة المركزية أو ما لم يتم النص عليه ضمن اختصاصات المجالس المحلية. وقد أسهم هذا التحديد الدقيق للاختصاصات في وضوح توزيع المهام بين السلطات المركزية والمحلية، مما ساعد على مواكبة الظروف والمستجدات غير المتوقعة، ورفع من كفاءة تقديم الخدمات، وسهّل من عمليات الرقابة والإشراف.
  • يعود نجاح تجربة الحكم المحلي في بريطانيا إلى قِدم وتدرج هذا النظام من حيث تنوع المهام والوظائف، بالإضافة إلى الاهتمام المتواصل الذي أبدته الحكومات البريطانية عبر التاريخ بالإدارات المحلية على مستوى الأقاليم والمقاطعات. وقد شكل هذا التراكم الخبراتي والمعرفي الأساس المتين لتحقيق الأهداف التنموية المرجوة.
  • تتمتع الحكومات المحلية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بدرجة من الاستقلال النسبي، كما أن تشكيلها وإدارتها يتم بطريقة ديمقراطية تتيح تمثيلًا شعبيًا حقيقيًا. وقد ساهم هذا النمط في تعزيز كفاءة الأداء، وتحقيق جودة أعلى في تقديم السلع والخدمات العامة. ويبرز اتجاه شائع في النظامين يتمثل في أن وحدات الحكومة المحلية، مهما كان حجمها الإقليمي أو السكاني، تُشكَّل ديمقراطيًا أو تمثل إرادة الشعب المحلي.
  • تضطلع كل وحدة محلية بالمسؤولية الأساسية في إدارة شؤون العاملين بها، خصوصًا فيما يتعلق بعمليات التعيين والنقل والفصل. وقد منح هذا الاستقلال الوظيفي للوحدات المحلية القدرة على ضمان ولاء العاملين لها، وتعزيز استقلاليتها المؤسسية. وتؤكد هذه التجربة أن الحكومات المحلية تشكل النسيج الأساسي للجسم الإداري للدولة، إذ بدون وجود حكومات محلية فاعلة، تفقد الدولة جزءًا كبيرًا من حيويتها وقربها من المواطنين.
  • أُنشئ نظام محاسبي موحد خاص بالحكم المحلي، مما أسهم في جعل عملية إعداد التقارير وجمع المعلومات المالية أكثر سهولة ودقة، مع مراعاة الظروف الخاصة لأجهزة الحكم المحلية.
  • عملت تلك الدول على فك الارتباط العضوي بين الموازنة المحلية والموازنة العامة للدولة، بحيث أصبح للموازنة المحلية هيكل مستقل وإجراءات إعداد وإقرار خاصة بها، تخضع للمصادقة من قبل المجالس المحلية. وقد سمح ذلك لوحدات الحكم المحلي بإجراء تعديلات على خططها التنموية وموازناتها خلال السنة المالية، سواء بالزيادة أو النقصان، أو من خلال نقل الاعتمادات بين المشاريع بما يتلاءم مع المستجدات المحلية أو الظروف الطارئة التي تفرض إعادة ترتيب أولويات الإنفاق.
  • سعت الحكومات في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى تعزيز التعاون مع الوحدات المحلية والمجتمع المدني في تفعيل صلاحيات تعبئة الموارد الذاتية، وتنشيط الحرف التراثية، ودعم الجمعيات التعاونية، بالإضافة إلى إحياء دور الأقاليم الاقتصادية وهيئات التخطيط الإقليمي بغرض توسيع فرص الاستثمار المحلي ضمن الإطار العام للخطة الاستثمارية الوطنية.
  • رغم النجاح المؤسسي الذي حققته الحكومات المحلية، إلا أنها لا تزال تفتقر إلى الاستقلال المالي الكامل. إذ يعتمد الجزء الأكبر من إيرادات الحكومات المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية على الدولة، وفي بريطانيا على الحكومة المركزية. وغالبًا ما تكون المنح المالية المقدمة للوحدات المحلية مشروطة بقيود تحدد استخداماتها، مما يقيد سلطاتها التقديرية. وعليه، يُعد الإفراط في الاعتماد على التمويل الحكومي من المستويات الأعلى بمثابة تحدٍ مزمن يحد من قدرة الحكومات المحلية على تحقيق استقلال مالي حقيقي في كل من النظامين.
  • تُعد شحة الموارد المالية وعدم كفايتها للوفاء بالتزامات الدولة تجاه مواطنيها ظاهرة عالمية تكاد تشمل جميع دول العالم دون استثناء. وبناءً على ذلك، يظل باب الاجتهاد مفتوحًا أمام الحكومات والهيئات المحلية لابتكار وسائل وأساليب جديدة لخلق موارد محلية ذاتية، بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والعادات السائدة في كل مجتمع محلي. ولا ينبغي أن تتخذ الحكومات المركزية أو السلطات العليا موقفًا يقيد هذه المبادرات أو يشكل حجر عثرة أمامها، بل يجب أن تتيح المجال أمام الوحدات المحلية لتعزيز قدراتها الذاتية المالية، بما يسهم في تحقيق التنمية المحلية المستدامة وتخفيف العبء عن كاهل الموازنات العامة للدول.

ولتوضيح الفوارق الكمية بين الإدارة المحلية في اليمن وتجارب الدول الرائدة، يبين الجدول التالي مقارنةً تحليلية لأهم المؤشرات ذات العلاقة:

جدول «3»
طبقات نظام الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية

المؤشر

اليمن

الولايات المتحدة

بريطانيا

نصيب الفرد من موازنة المحليات «سنويًا»

< 25 دولارًا

2,000–3,000 دولار

2,500–3,200 دولار

نسبة الصلاحيات الممنوحة للمحليات

< ٪30

> ٪60

٪50–٪60

نسبة التمويل الذاتي

< ٪15

٪50–٪60

٪40–٪50

اعتماد المحليات على التمويل المركزي

> ٪85

~٪40

~٪50

نسبة تغطية الخدمات العامة بواسطة المحليات

< ٪25

> ٪75

> ٪70

المصدر: إعداد الباحث بالاعتماد على تقارير OECD وUNDP وWorld Bank وNational League of Cities.

يتضح من كل ما تم مناقشته في هذا الباب أن محدودية التمويل الذاتي وانخفاض الصلاحيات في اليمن يمثلان فجوة رئيسية مقارنة بالتجارب الدولية الرائدة، مما يستدعي مراجعة جذرية للبنية المالية والإدارية للسلطات المحلية اليمنية.

4- النتائج والتوصيات

1-4 . النتائج:

  • لا تزال القوانين واللوائح النافذة لمعظم الوزارات المركزية، التي يفترض أن تنتقل أنشطتها إلى السلطة المحلية، قائمة على مفاهيم الإدارة المركزية. كما أن بعض أجهزة السلطة المركزية لا تزال تمارس اختصاصات فروعها في المحليات، وتقوم بتمويل وتنفيذ مشاريع تنموية أصبحت بموجب نظام السلطة المحلية من اختصاص السلطات المحلية. ولم تُسجل حتى الآن مؤشرات إيجابية باتجاه تعديل التشريعات المتعارضة مع متطلبات نظام السلطة المحلية.
  • يعاني التنظيم الإداري المحلي من عدم ملاءمته لاتجاهات وسياسات التنمية الحديثة، حيث لا توجد هياكل تنظيمية معتمدة للأجهزة التنفيذية في المحليات، تقابلها هياكل وظائف واضحة تُمكّن هذه الأجهزة من تنفيذ أنشطتها التنظيمية بكفاءة.
  • تواجه المحليات خللًا هيكليًا في القدرات البشرية، يتمثل في سوء توزيع القوى العاملة بين المستويين المحلي والمركزي، وصعوبة اجتذاب الكوادر المؤهلة للعمل في المحليات، إضافة إلى محدودية الإمكانات المتاحة للتدريب والتأهيل ونشر الوعي بنظام السلطة المحلية. كما تفتقر المحليات إلى سياسات ونظم حوافز مشجعة لانتقال الكفاءات المتخصصة والاحترافية إلى المستوى المحلي. ويزيد من تفاقم المشكلة قصور النصوص القانونية، التي لا تمنح المحليات الحق الكامل في تحديد احتياجاتها من الوظائف واختيار الكوادر المناسبة ومحاسبتهم بناءً على أدائهم أو الاستغناء عنهم عند الحاجة.
  • لم تتمكن الحكومة المركزية من تمكين السلطة المحلية فعليًا من ممارسة المهام والأنشطة المنقولة إليها. فقد ظلت الكوادر، والإمكانيات والتجهيزات اللازمة، والاعتمادات المالية الكافية، وقواعد البيانات والمعلومات الحيوية، متمركزة بيد السلطات المركزية. وأدى هذا القصور إلى تفريغ أهداف السلطة المحلية من مضمونها، حيث عجزت الأجهزة المحلية عن تقديم خدمات ذات جودة وكفاءة، وفشلت في تلبية مصالح المواطنين والمستفيدين من هذه الخدمات.
  • لا يوجد في اليمن قانون حديث للتقسيم الإداري مبني على أسس علمية تراعي الاعتبارات السكانية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية، مما جعل التقسيم الإداري القائم غير قادر على تلبية طموحات واحتياجات المجتمعات المحلية.
  • تتسم الهياكل المحلية بميول واضحة نحو التضخم ومحاكاة الهياكل المركزية، مع إغفال خصوصيات الوحدات الإدارية «سواء كانت محافظات أو مديريات». كما أدى افتتاح أجهزة تنفيذية جديدة بطريقة عشوائية وبدون دراسات جدوى أو تخطيط مدروس، إضافة إلى تجزئة بعض المدن الرئيسية إلى أكثر من مديرية، إلى التأثير سلبًا على اقتصاديات السلطة المحلية وإرباك العملية التخطيطية للتنمية المحلية.
  • لم تواكب المنظومة القانونية الحالية الأساليب الحديثة للرقابة والمساءلة، كما لم يتم تفعيل دور المجتمع المحلي في مراقبة أداء السلطة المحلية وإيصال آرائه ومقترحاته، مما ساهم -إلى جانب عوامل أخرى- في إضعاف المراقبة الشعبية وتقليص المشاركة المجتمعية في الاطلاع على قرارات السلطة المحلية وتقييمها.
  • تعاني عملية التنمية المحلية من محدودية مشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وعدم استثمار الموارد المجتمعية المتاحة بشكل فعّال، مما أدى إلى تنامي روح الاتكالية وانتظار التدخلات الرسمية من قبل المجتمعات المحلية بدلاً من تبني مبادرات ذاتية.
  • تعاني الإدارة المالية المحلية من ضعف واضح سواء من حيث حجم المخصصات المالية أو من حيث تناسب الموارد مع المهام الموكلة للسلطات المحلية. ويُعد الاعتماد شبه الكامل على التمويل المركزي من أبرز العوامل التي قوضت استقلالية السلطة المحلية وأضعفت قدرتها على تخطيط وتنفيذ برامجها بشكل مستقل.
  • تعاني الموازنات المحلية من ضعف في المرونة الإدارية، كما أن الدعم المركزي المتاح لا يكفي لتلبية احتياجات التنمية المحلية بالشكل المطلوب، مما يؤثر سلبًا على كفاءة تنفيذ المشاريع وتحقيق التنمية المنشودة.
  • لا يتم اعتماد مشاريع التنمية على مستوى الوحدات الإدارية وفق خطط مدروسة تستجيب لمتطلباتها وأولوياتها التنموية، بل تعتمد غالبًا على المحاصصة ومدى نفوذ أعضاء المجالس المحلية، بناءً على المصالح الفردية ومواقع السكن، مما يؤدي إلى تعثر تنفيذ العديد من المشاريع نتيجة الخلافات الداخلية بين أعضاء المجالس.
  • يركز أعضاء المجالس المحلية جهودهم بشكل أساسي على متابعة جوانب الاستخدامات «النفقات»، مع غياب جهود حقيقية وفاعلة لمتابعة تحصيل الموارد المحلية وتنميتها أو توسيع أوعيتها الإيرادية.
  • لم يتم تمكين السلطة المحلية من الحصول على حصتها الكاملة في الموارد العامة المشتركة، وهي المبالغ التي يتم تحصيلها مركزيًا باسم التعاون والمجالس وصناديق التطوير المحلية. ويُلاحظ استمرار مراكز المحافظات في الاستحواذ على جزء كبير من هذه الإيرادات، فيما يُعاد توزيع مبالغ تقل عن المحصل الفعلي. كما لا تزال المحافظات تقوم بتنفيذ وتمويل مشاريع داخل المديريات دون منح الأخيرة صلاحياتها الكاملة في التحصيل والتوريد والتنفيذ، مما أضعف حوافز المديريات لمتابعة التحصيل وتطوير الإيرادات المشتركة.
  • لا يوجد دور رقابي حقيقي وفاعل للمجالس المحلية، سواء على مستوى المديريات أو المحافظات، على أداء الأجهزة التنفيذية. وغالبًا ما يتخذ التدخل من قبل أعضاء المجالس شكل تدخل مباشر في صميم عمل الأجهزة التنفيذية، ويرجع ذلك إلى افتقار نسبة كبيرة من أعضاء المجالس إلى التأهيل الكافي والفهم العميق للقوانين والتشريعات المنظمة. كما يغيب الدور الرقابي الفاعل على الممارسات السلبية داخل المجالس المحلية، مثل سوء استخدام الموارد، أو تبديدها، أو الإعفاء غير القانوني من تحصيل بعض الموارد، أو تجاوز الصلاحيات في فرضها أو تحصيلها، أو تجنيب الموارد في حسابات غير رسمية، أو الصرف المباشر منها دون رقابة.
  • تعاني السلطة المحلية من الشكوى المستمرة من الروتين الحكومي الذي يعرقل سير أعمالها، وتعدد الإجراءات الرسمية، إلى جانب انتشار مظاهر المحاباة والمحسوبية والولاءات الشخصية في تعيين الموظفين، وغياب الشفافية والرقابة الفاعلة، مما أدى إلى تفشي الغموض في أساليب العمل وتزايد مظاهر التسيب الإداري.
  • تفتقر وحدات السلطة المحلية بشدة إلى البنية التحتية والتجهيزات الفنية اللازمة لاستيعاب متطلبات الإدارة المحلية وأداء أعمالها بكفاءة.

2-4 . التوصيات

لكي تضطلع الإدارة المحلية بدورها المنشود في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتطبيق اللامركزية كنهج عملي في المحليات ضمن توزيع عادل ومتوازن للموارد، وفي ظل دولة موحدة وقوية، يوصي الباحث بما يلي:

  1. تعزيز الإطار التشريعي والمؤسسي:
    • التزام حكومي واضح بتبني اللامركزية، يظهر في السياسات والاستراتيجيات والبرامج الحكومية مع متابعة تنفيذها بجدية.
    • إصلاح منظومة التشريعات وتعديل القوانين واللوائح القائمة وفق خطط ودراسات مسبقة، وبما يتماشى مع قانون السلطة المحلية.
    • تحديد كيان مؤسسي يتولى مواءمة السياسات المركزية مع الاحتياجات المحلية وضمان التنسيق الكامل بين مختلف الأجهزة.
    • تفعيل قانون السلطة المحلية بما يضمن انتخاب المحافظين مباشرةً من المواطنين، ومنح السلطات المحلية صلاحيات أوسع ودقيقة تمنع التداخل واللبس.
  2. بناء قدرات الموارد البشريةوالإدارية:
    • وضع استراتيجية وطنية لتنمية قدرات الموارد البشرية للوحدات المحلية على المستويات الفردية والمؤسسية والاجتماعية.
    • تطوير أساليب اختيار وتأهيل القيادات المحلية ورفع كفاءتها وفق معايير حديثة.
    • إنشاء معاهد متخصصة للإدارة المحلية لتزويد الموظفين بالمعارف والمهارات اللازمة لأداء مهامهم بفعالية.
    • اعتماد نظام حديث للأجور والمرتبات يتواءم مع التغيرات الاقتصادية ويراعي الجدارة والكفاءة.
  3. تطوير البنية التحتية الداعمة للحكم المحلي:
    • استكمال بناء وتجهيز مباني المجمعات الحكومية على مستوى المحليات.
    • إنشاء مراكز معلومات متطورة بالمجالس المحلية لدعم اتخاذ القرار وإدارة البيانات بكفاءة.
  4. دعم التخطيط والتنمية المحلية المتكاملة:
    • نقل مهام ووظائف التنمية إلى وحدات السلطة المحلية مع تحديد واضح للاختصاصات.
    • دراسة التقسيم الإداري للدولة بناءً على معايير موضوعية وقاعدة بيانات شاملة، وإجراء التعديلات اللازمة لتعزيز العدالة والكفاءة والتنافسية.
    • إعادة هيكلة الوحدات المحلية لتعكس الأنشطة والعمليات الحيوية المطلوبة بكفاءة عالية.
  5. تنشيط الرقابة والمساءلة المجتمعية والرسمية:
    • تطوير وإرساء أسس الرقابة والمساءلة الرسمية والمجتمعية على وحدات الحكم المحلي وتفعيلها.
    • تعزيز أداء الأجهزة الرقابية وتكاملها لتحقيق كفاءة أجهزة الدولة المركزية والمحلية.
  6. تعزيز المشاركة المجتمعية والقطاع الخاص في التنمية:
    • تطوير تشريعات داعمة لتعزيز المشاركة المجتمعية واستخدام طاقات المرأة والقطاع الخاص في عملية التنمية.
    • ربط أفراد القبيلة بمؤسسات الدولة والمجتمع المدني، وتشجيع مساهمتهم الإيجابية في تنفيذ الخطط والمشاريع التنموية.
    • تشجيع العمل التعاوني والمبادرات الأهلية لتنفيذ مشاريع مدرة للدخل، وتحفيز المواطنين للتحول من مستهلكين إلى منتجين ومُدخرين.
  7. دعم التنمية الاقتصادية المحلية:
    • تشجيع الوحدات المحلية على تنفيذ مشاريع خدمية وإنتاجية تلبي احتياجات الأهالي، مثل تغليف المنتجات الزراعية وتصنيع الألبان ومشتقاتها.
    • إنشاء بنك أو صندوق للتنمية المحلية يعمل على تعبئة المدخرات وتوجيهها نحو الاستثمار الإنتاجي الحقيقي، مع تجنب اقتصاره على النشاط المصرفي التقليدي.
    • منح المحافظات نصيبًا عادلاً من الموارد المالية الوطنية، وتعزيز استقلاليتها المالية بتمكينها من فرض الضرائب والرسوم المحلية وتنمية إيراداتها الذاتية.
    • تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع التنمية المحلية، مع تركيز دور الحكومة المركزية على وضع السياسات العامة فقط.
  8. التحول الرقمي ودعم الحكومة الإلكترونية:
    • تطوير استخدام تكنولوجيا المعلومات لاستكمال قاعدة بيانات موظفي الدولة والتحول إلى تطبيق الحكومة الإلكترونية.
    • تبني مفهوم الحكومة الإلكترونية على مستوى الوحدات المحلية لتحسين الكفاءة الإدارية، تسريع تقديم الخدمات للمواطنين، وخفض التكاليف التشغيلية.

إخفاء المراجع

المراجع

  • خطة التنمية المستدامة لعام 2030، الأمم المتحدة، (2015).
  • World Bank. (2023). Yemen Economic Monitor: Navigating increased hardship and growing fragmentation. Retrieved from worldbank.
  • القديمي. حمود محمد، مفهوم السلطة المحلية وعلاقتها بالمفاهيم المشابهة، ورقة مقدمة بتاريخ: 10/05/2010، متاح عبر مفهوم السلطة المحلية وعلاقته بالمفاهيم المشابهة
  • المجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدورة العادية الأولى (2011)، 31/1-3/2، البند الرابع من جدول الأعمال المؤقت بعنوان (رد الإدارة على تقييم مساهمة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تعزيز الإدارة المحلية)، نيويورك.
  • دستور الجمهورية اليمنية المعدّل بعد استفتاء 20 فبراير 2001.
  • علاوي. عثمان سلامة محمد (2022)، دور الإدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية المستدامة» المجلة العربية للنشر العلمي، ع (41)، 2/3/2022.
  • الكثيري. مسعود بن سالم بن محسن (2019)، دور الإدارة المحلية في تطوير التنمية بسلطنة عمان رسالة دكتوراه غير منشورة. جامعة محمد الأول- المملكة المغربية.
  • Tanimu, B. M., & Garba, M. (2019). The role of local government in community development in Nigeria. European Journal of Social Sciences, 58(2),pp. 123–134.
  • Dorji, C. (2024). The role of local government in community development: The status-quo and way forward. Journal of Emerging Trends and Novel Research, 2(1),pp. 10–20.
  • Islam, M. R. (2017). Local government administration and economic development: An analytical study on Bangladesh. Journal of Governance and Public Policy, 3(2),pp. 25–43. GovPilot
  • Akpomi, M. E., & Igbudu, D. D. (2019). Local government and community development in Nigeria: A theoretical analysis. Journal of Public Administration, Finance and Law, 12(1), pp. 84–99.
  • Ibid.
  • السعايدة. إيمان نايف أحمد (2023)، دور وسائل الإعلام المختلفة والبلديات في تنمية المجتمع المحلي، مجلة المجتمع العربي لنشر الدراسات العلمية، الإصدار (4)، يناير/2023.
  • القديمي، مفهوم السلطة المحلية ....، مرجع سابق.
  • الصاري. ملاك عز الدين صالح, الوالي طه محمد (2023)، واقع التنمية المحلية في ليبيا في ظل الإدارة المركزية.
  • الماوري. أحمد (2023)،الإدارة المحلية في ظل النزاعات - الحالة اليمنية، دورية حكامة، المجلد الرابع، ع (7)، ص 35، 20/1/2024.
  • الجبور. هبة سليمان فنيخر (2022)، اللامركزية الإدارية في الإدارة المحلية، المجلة العربية للنشر العلمي الأردن.
  • شنتير. محمد عبد الهادي (2022)، اللامركزية وعدم المساواة الجغرافية في مصر منذ 2014 م -مبادرات الإصلاح العربي.
  • قرواط. يونس (2016)، أهمية نظام الإدارة المحلية في تحقيق التنمية المحلية المستدامة دور البلدية في تحقيق التنمية المحلية المستدامة في الجزائر، المعيار7 (2)، ص.286-295، متاحة على الرابط: https://asjp.cerist.dz/en/article/58519
  • الجوري. محمد عبد الاله محمد(2024)، واقع تطبيق مبادئ الحكم الرشيد في السلطة المحلية في الجمهورية اليمنية، دراسة ميدانية على السلطة المحلية بأمانة العاصمة – صنعاء.
  • شايب. بشير (2015)، الإدارة المحلية والحكم المحلي والفروق بينهما، المجلة الأفريقية للعلوم السياسية.
  • دستور الجمهورية اليمنية المعدّل....، مرجع سابق.
  • Karin. (n.d.). Legal aspects of decentralization. Paper presented at UNDP Workshop, Amman.elibrary.acbfpact.org
  • مشروع الاستراتيجية للحكم المحلي (2015)، وزارة الإدارة المحلية 2008.
  • فيرازي. جبرائيل، اللامركزية القطاعية وتحديد الوظائف، دراسة مرجعية لإعداد وصياغة الاستراتيجية الوطنية لتعزيز اللامركزية، البرنامج التجريبي لدعم اللامركزية والتنمية المحلية، مارس 2006.
  • قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000.
  • اللائحة التنفيذية لقانون السلطة المحلية الصادرة بقرار رقم (296) لسنة 2000.
  • اللائحة المالية لقانون السلطة المحلية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم (24) لسنة 2001، بتاريخ: 13/3/2001.
  • اللائحة التنظيمية لدواوين المحافظات، الصادرة بالقرار الجمهوري (265) لسنة 2001، بتاريخ: 15/10/2001.
  • القانون رقم (18) لسنة 2008 بشأن تعديل قانون السلطة المحلية في اليمن.
  • اللائحة التنفيذية لقانون السلطة المحلية الصادرة بقرار رقم (296) لسنة 2000.
  • القانون رقم (18) ... 2008، مرجع سابق.
  • مشروع الاستراتيجية ...2015، مرجع سابق.
  • قرار مجلس الوزراء رقم 121 لسنة 2003، بشأن التشريعات النافذة الواجب تعديلها باتجاه اللامركزية ونظام السلطة المحلية، اكتوبر2003.
  • مشروع الاستراتيجية ... 2015، مرجع سابق.
  • Adah, O. (2022). Local government systems in United States of America and Britain: A comparative analysis and lessons for Nigeria. AKSU Journal of Administration and Corporate Governance, 2(3), 37–48. Retrieved from https://aksujacog.org.ng/articles/22/08/local-government-systems-in-united-states-of-america-and-britain-a-comparative-analysis-and-lessons-for-nigeria/aksujacog.org.ng
  • Manjo, Y. G. (2024). Comparative local government administrations: Case studies from Nigeria, Britain, United States, France, India, and Tanzania. Abuja: National Institute for Policy and Strategic Studies Press.
  • Khalifa, M. (2023). The administration of local governments in the United States. World Research of Business Administration Journal, 3(1), 12–18. scholar.google.com.br
  • Ohiole, O. K., & Ojo, I. S. (2014). Local government autonomy and democratic government: A comparative analysis of Nigeria and United States of America. Journal of Policy and Development Studies, 9(1), 45–54.
  • Karaca Belli, T., Belli, A., & Saruhan, A. (2024). A study on the administrative and political structure route. Route Educational & Social Science Journal, 11(2), 130–141. ressjournal.com
  • GovPilot. (2023). Challenges local governments face in 2023 and beyond. Retrieved from https://www.govpilot.com
  • Sandford, M. (2024). Local government in England: Structures. Commons Library Research Briefing, 6 June 2024. Retrieved from UK Parlimant
  • العيثاوي. ياسين محمد حمد، الحكومات المحلية... دراسة في النموذج البريطاني، أستاذ دكتور في كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد.
  • Wilson, D., & Game, C. (2011). Local Government in the United Kingdom (5th ed.). Basingstoke: Palgrave Macmillan. Bloomsbury Publishing
  • Hallaj, O. A. (2015). Yemen. In M. Harb & S. Atallah (Eds.), Local Governments and Public Goods: Assessing Decentralization in the Arab World (pp. 199–220). Beirut: Lebanese Center for Policy Studies. Decentralization Net

إخفاء المراجع

المراجع