الرئيسية | دراسات أُسس | التداخل والتجاوز في المهام والاختصاصات في الإدارة العامة باليمن

التداخل والتجاوز في المهام والاختصاصات في الإدارة العامة باليمن

25 سبتمبر 2025
د. عبدالوهاب عبد القدوس الوشلي

ملخص

أدى التقاسم السياسي للسلطة في اليمن إلى تضخمٍ على مستوى الهيكل العام للدولة، نتج عنه تضخم قانوني أنتج ظاهرة التداخل في المهام والاختصاصات بين الجهات الحكومية حيث ولأسباب سياسية تم إنشاء وزارات ووحدات وهيئات إدارية لها مهام متشابهة، في فترات سابقة، ويمثل التداخل والتجاوز في المهام والاختصاصات أحد أبرز التحديات الإدارية في الدول التي تسعى إلى تطوير جهازها الحكومي ورفع كفاءته. وتؤثر هذه الظاهرة سلبًا على تنفيذ السياسات العامة، وتؤدي إلى ازدواجية الجهود وتكرار الإنفاق وتضارب القرارات. ما دفع صانع القرار السياسي في صنعاء إلى ترشيق الحكومة ودمج وزارات الدولة في حكومة (التغيير والبناء) في 18 أغسطس 2024 بعدد 19 وزارة، في سابقة تاريخية في اليمن، تشير إلى توفر الإرادة السياسية نحو الإصلاح المؤسسي، فخلال ثلاثة عقود ونصف تشكلت أكثر من 13 حكومة، لم يقل عدد الحقائب الوزارية في أي حكومة عن 35 وزارة، وقرار تشكيل حكومة التغيير والبناء بهذا العدد من الوزارات هو الخطوة الأولى التي يجب أن تلحقها استكمال هيكلة الهيئات والمؤسسات وتوصيف كل وظيفة، لمعالجة ظاهرة التجاوز والتداخل في الاختصاصات والمهام، كون الإدارة العامة نسق هيكلي ضمن مكونات الدولة الحديثة تتمتع بخاصية التنفيذ، وعلى كل عنصر من عناصرها يؤدي وظيفة إيجابية داخل النسق الإداري، وفي الخطوة الثانية يتم مراجعة وضبط وتعديل المنظومة القانونية المتعلقة بالإدارة العامة القائمة كاملة، ووضع النظم القانونية الجديدة المنظمة للعمل في الحكومة وفق الشكل الهيكلي الجديد.

إننا أمام قضية، تمس مستقبل اليمن وتقدمه وإذا لم تعالج مثل هذه القضايا اليوم في ظل العدوان والحصار فإن القطاع الحكومي في اليمن سيستمر في مواجه التحديات وتركيز المؤسسات الحكومية على العمليات والإجراءات أكثر منه على النتائج. وانشغال القيادات العليا بأمور إدارية تنفيذية. وقلة الوقت المتاح للتخطيط الاستراتيجي ووضع السياسات. وضعف مستوى التنسيق بين المؤسسات الحكومية في تعاملها مع القضايا والمواضيع والخدمات التي تشترك فيها أكثر من مؤسسة وازدواجية المهام والمسؤوليات. وعدم تخصيص الموارد المالية والبشرية تبعًا لأهداف استراتيجية.

كلمات مفتاحية: اليمن، الإدارة العامة، التداخل في الاختصاصات، الإصلاح المؤسسي، الفساد الإداري.

Abstract

The political distribution of power in Yemen has engendered an expansion of the State's overall structure, resulting in a form of legal inflation manifested through the duplication and overlap of functions and competencies among governmental authorities. For political reasons, ministries, units, and administrative bodies with parallel mandates were established in previous periods. Such overlap and encroachment in functions and jurisdictions stand among the most significant administrative challenges confronting states endeavoring to reform their governmental structure and enhance its efficiency. This phenomenon has had a detrimental effect on the implementation of public policies, giving rise to duplication of efforts, unnecessary expenditures, and contradictions in governmental decision-making.

Given these circumstances, the competent political authorities in Sana’a undertook, on 18 August 2024, the streamlining of the Council of Ministers through the consolidation of ministerial portfolios, thereby establishing the “Government of Change and Reconstruction,” composed of nineteen ministries only. This constitutes an unprecedented measure in the history of the Republic of Yemen and is indicative of the existence of a demonstrable political will to advance institutional reform. Over the preceding three and a half decades, no fewer than 13 successive governments were constituted, none comprising fewer than 35 ministerial portfolios. The establishment of the Government of Change and Reconstruction with such a reduced number of ministries represents an initial phase, to be followed by the comprehensive restructuring of agencies and public institutions and the formal delineation of functions and responsibilities, with a view to eliminating duplication and overlap in competencies. Public administration, as an organic component of the modern State, is characterized by its executive function; each of its constituent elements must therefore discharge a constructive role within the administrative system. A subsequent phase necessarily requires the review, harmonization, and amendment of the existing legal system governing public administration is conducted, and new legal regimes are established to regulate governmental operations under the new structural form. This matter pertains directly to the future and progress of Yemen. Failure to address such structural and legal challenges, particularly under the prevailing conditions of aggression and blockade, will continueto face challenges, with its institutions will continue to focus predominantly on processes and procedures rather than on substantive outcomes; senior leadership will remain unduly absorbed by executive and administrative matters, thereby limiting the scope for strategic planning and policy formulation; institutional coordination will remain deficient in the discharge of shared competences, functions, and services; and financial as well as human resources will continue to be allocated without due reference to strategic objectives.

Keywords: Yemen, public administration, overlap of competencies, institutional reform, administrative corruption.

1. الإطار العام

1-1. مقدمة

إن ممارسة السلطة اليوم في الدول القائمة على سيادة القانون تقتضي الكثير من الانضباط والحكمة والدراية، بحيث لا تخرج هذه الممارسة عن نصوص الدستور والقانون، من هنا تبرز أهمية وضع قواعد قانونية ضابطة للاختصاص بكل وضوح ويسر كمرجعية تحول دون الشطط في ممارسة الاختصاص وتقود إلى احترام القانون في الدولة. فالخلل في التشريع وممارسة الاختصاص قد يؤدي إلى زعزعة وحدة المجتمع وتقويض الدولة.

الحديث عن الاختصاصات والمهام يعني الحديث عن جوهر الإدارة العامة وآليات اتخاذ القرار فيها وتنفيذ الأعمال منها، والاختصاص في الإدارة العامة يعني الولاية لممارسة الأعمال وإصدار القرارات، فعند اليابانيين أن سر تقدمهم نجاح إدارتهم وتحديد الاختصاصات بوضوح للوحدات الإدارية بالدولة وموظفيها أحد أهم أركان جودة الإدارة العامة لديهم، وإشكالية تنازع وتداخل الاختصاصات والمهام بين المرافق العامة من أهم الموضوعات في الميدان القانوني الإداري لارتباطه بإدارة الشؤون العامة للبلاد، وانعكاسه سلبًا على الحياة العامة (إداريًا وقانونيًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا... إلخ).

من أهم المشاكل التي تعاني منها الدولة تداخل وتشابك الاختصاصات بين وزارات وأجهزة وهيئات ومؤسسات الدولة ويؤدي هذا التشابك إلى ازدواجية البرامج والأدوار وتنازع الاختصاصات إضافة إلى إرهاق ميزانية الدولة المالية بتكرار الإنفاق كما أن التنمية الإدارية تعتمد وبشكل أساسي على الإدارة الفاعلة بغرض تطوير الأداء الإداري وتجويده، ومن أبرز أوجه تطور القطاع العام هو معالجة التداخل والازدواجية التي تعاني منها مختلف قطاعات الإدارة، وفي المقابل فان فصل الاختصاص ساعد على ترقية الفاعلية والكفاءة في إنتاج المصلحة العامة وأداء مستويات عالية من الخدمة الفردية والجماعية للمجتمع.

وقد عاش الجهاز الإداري للدولة في اليمن خلال 35 عام حالات توسع وحالات انكماش بسيط، وطغيان العامل السياسي على العامل الإداري، منذ الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 ودمج المؤسسات الدستورية للدولة لدولتين، مرورا بحرب الخليج الثانية 1991 وتأثيرها على دول المنطقة والتي أفضت إلى حرب صيف 1994 في اليمن وأحداث 2011 وما أفرزته المبادرة الخليجية وأحداث 21 سبتمبر 2014 إلى العدوان على اليمن في 26 مارس 2015 التي استمرت إلى الآن وتشكيل حكومتين في الخارج والداخل وانقسام البلد، وتغليب العامل السياسي على العامل الإداري وصولًا إلى تشكيل الحكومة الأخيرة في أغسطس 2024 بـ 19 وزارة.

إن مشكلة التداخل والتجاوز في الاختصاص هي إشكالية ناتجة عن التكرار بين أعمال أكثر من جهة إدارية في ممارسة الاختصاص نفسه، كما هو الحال في اليمن فعلى سبيل المثال، في قطاع المياه هناك تضخم هيكلي يفرز تداخل (وزارة المياه والبيئة وزارة الزراعة والري، وزارة الثروة السمكية، هيئة الموارد المائية هيئة تنمية مياه الريف، المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي،... إلخ) وتعدد التشريعات المنظمة لهذه الجهات الحكومية. وغني عن البيان إن الأوان لهذا النوع من التداخل غير المنظم في الصلاحيات الذي له آثار سلبية على أكثر من مستوى.

إن التداخل والتجاوز في الاختصاصات والمهام بين وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة ووحداتها المختلفة باليمن. لم يأخذ حقه من التخطيط والتنسيق، والمراجعة والتصويب، لتطوير الأداء الإداري وتجويده، ومن أبرز أوجه تطوير القطاع العام هو معالجة التداخل والازدواجية التي تعاني منها مختلف الجهات الحكومية باليمن، الأمر الذي يتطلب سرعة معالجة التداخل والتجاوز في المهام والاختصاصات للإدارة العامة بمشروع وطني شامل ومراجعة كلية للتشريعات الإدارية.

2-1. أهمية الدراسة

تأتي الأهمية الوطنية الداخلية في تحقيق أهداف التنمية وتقديم الخدمات للمواطن بجودة ويسر ما يعزز مشروعية الحكم، والأهمية الدولية الخارجية المتعلقة بالعون الدولي والاستثمار وغيرها. وتنبع أهمية دراسة ظاهرة تجاوز الاختصاصات في الحكومة كونه يُعد انتهاكًا للضوابط الدستورية والقانونية، ويمكن أن يؤدي إلى عواقب سلبية على كافة المستويات والحقوق والحريات والاستقرار السياسي. ومن المهم وضع آليات فعّالة لمنع هذه التجاوزات وضمان احترام السلطات لصلاحياتها المحددة.

إن عدم تحديد وتوزع الاختصاص بين هيئات الإدارة وأجهزتها، من أهم العوامل المساعدة على نشوء حالة اللا توازن التي تحد من فاعلية الأداء الإداري الكفؤ وتأخر عجلة التنمية، وذلك لارتباطها بالاختلالات الظاهرة في جهاز الحكومة أثناء ممارسة العملية الإدارية وما يتبع ذلك من غموض والارتباك الملازم للمسؤولين بمختلف مواقعهم في السلم الإداري، أثناء محاولة فهمهم لما أنيط بهم من اختصاصات ومهام، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تشتت الجهود وارتباكها وتتعثر عجلة التنمية. كما أن التنمية الإدارية تعتمد بشكل أساسي على الإدارة الفاعلة لقطاع الحكومة. إن عملية فك التداخل والازدواجية في مهام واختصاصات الأجهزة الحكومية، مهمة جدًا وتؤدي حتمًا إلى ترشيد الإنفاق وتوفير الجهود وتعزيز دولة الحق والقانون، وتبسيط إجراءات الخدمات المقدمة للجمهور، وتطوير الجهاز الوظيفي، وتوجيه الأجهزة الرقابية للعمل بالرقابة بالأهداف بدلًا من الرقابة بالإجراءات، وتبني سياسة تقديم الأجهزة الحكومية لخدمة متكاملة، وتبني الضوابط الخاصة بالشفافية.

3-1. منهجية الدراسة

ففي الجانب النظري نتطرق لمفهوم ظاهرة التداخل في الاختصاص والآثار السلبية الناجمة عن التداخل في الاختصاص وفي الجانب التطبيقي نتناول أبرز الأسباب المؤدية للمشكلة ومظاهرها في اليمن. وعن المنهجية والمنهج المتبع في الدراسة: فإشكاليات البحث الرئيسية لموضوع البحث التساؤل حول معرفة أهمية تحديد الاختصاصات، وإيضاح ظاهرة التجاوز والتداخل للمهام والاختصاصات كمشكلة إدارية وآثارها، وأين تتجلى مظاهر الاختلال للتداخل والتجاوز في المهام والاختصاصات في جهاز الدولة باليمن، وكيف يمكن الإصلاح لهذا الخلل، وما هي المعالجات التي اتخذتها الدول التي سبقتنا في هذا المجال.

تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي في هذه الدراسة، ونرى أنه المناسب في إثراء هذا الموضوع. كما تم تقسيمها تقسيمًا منهجيًا ثنائيًا، تضمّن مبحثين هما:

  • المبحث الأول (الإطار النظري): والذي يناقش مفهوم وآثار التجاوز والتداخل في المهام والاختصاص.
  • المبحث الثاني (الإطار التطبيقي): والذي يناقش أسباب ومظاهر الاختلال للتداخل والتجاوز في المهام والاختصاصات في الجهاز الإداري لليمن.

وخلصت إلى الخاتمة (النتائج والتوصيات).

2. الإطار النظري للدراسة

نتناول في المبحث الأول من هذه الدراسة، الجانب النظري لبيان المفاهيم العامة، ذلك هو المطلب الأول، والذي سيليه آثار الظاهرة محل البحث وعدد من التجارب الدولية لحل المشكلة الإدارية في المطلب الثاني، كما يلي:

1-2. ماهية الاختصاصات وتجاوزها في الإدارة العامة

لتحديد مفهوم مشكلة تجاوز الاختصاصات في مجال التنظيم الإداري في إطارها الخاص، نرى تحديدها في إطارها العام على اعتبار أن إشكالية التداخل في الاختصاص هي في نهاية التحليل، جزء من ذلك المفهوم العام لها ونورد هنا المفاهيم المتعلقة بالدراسة كالتالي:

1-1-2. ماهية الاختصاصات

الاختصاصات هي مجموعة مهام وصلاحيات تقوم بها وحدة تنظيمية دون غيرها حددها القرار الإداري الصادر بشأن تنظيم الجهة وتأتي من الأهداف الرئيسة والاختصاصات العامة التي حددها قانون استحداث أو تأسيس الجهاز الحكومي.[1]

الاختصاص هو صلاحية قانونية لموظف معين أو جهة إدارية محددة في اتخاذ القرار الإداري تعبيرًا عن إرادة الإدارة.[2]

1. الاختصاص في القانون العام:[3]

إن توزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية، هو من الأفكار الأساسية التي يقوم عليها نظام القانون العام ويراعى فيها مصلحة الإدارة التي تستدعي أن يتم تحديد المهام لكل وزارات وهيئات ومكونات السلطة التنفيذية، وتقسيم العمل للموظفين حتى يتفرغ كل موظف لأداء المهام المناطة به على أفضل وجه، كما أن قواعد الاختصاص تحقق مصلحة الأفراد من حيث أنه يسهل توجه الأفراد إلى أقسام الإدارة المختلفة ويساهم في تحديد المسؤولية الناتجة عن ممارسة الإدارة لوظيفتها.

ويقصد بالاختصاص: «القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة الأعمال والتصرفات التي يكون للإدارة أن تمارسها قانونًا وعلى وجه يعتد به.»

والقاعدة أن يتم تحديد اختصاصات كل وحدة إدارية وكل عضو إداري فيها بموجب القوانين والأنظمة ولا يجوز تجاوز هذه الاختصاصات وإلا اعتبر القرار الصادر من الوحدة الإدارية وهذا العضو باطلًا.

وقواعد الاختصاص تتعلق بالنظام العام، لذلك لا يجوز لصاحب الاختصاص أن يتفق مع الأفراد على تعديل تلك القواعد، وإلا فإن القرار الصادر مخالفًا لهذه القواعد يكون معيبًا بعيب عدم الاختصاص، ويكون لصاحب الشأن أن يطعن بهذا العيب أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء ولا يسقط الدفع بهذا العيب بالدخول في موضوع الدعوى، ويجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحلها، وعلى القاضي أن يحكم بعدم الاختصاص تلقائيًا لو لم يثيره طالب الإلغاء.[4]

في علم الإدارة هناك أهداف ومهام واختصاصات، بمعنى أن يكون لكل وحدة إدارية اختصاصاتها، مما يمنع الازدواجية والتضارب في إنجاز الأعمال، كما أن أي عمل يقوم به أكثر من شخص يجب أن يتم توزيع هذا العمل بينهما حتى ينجز في وقته وباحترافية، يتضح هنا ضرورة ممارسة الإدارة لعملها في إطار تحديد واضح لاختصاصاتها قد كان بمثابة هاجس يطغى على اهتمامات مؤسسات الدولة، بغية جعل البنيات الإدارية قادرة على القيام بالعمليات المطلوبة منها والحصول على نسبة مقبولة من تنفيذ المقررات الإدارية، دون وجود أي تداخل أو ازدواجية في الاختصاص بين الوحدات والمستويات الإدارية. لذلك فتحديد الاختصاصات الإدارية عادة ما يشكل جانب لا يستهان به من مخططات الإصلاح الإداري.[5]

2-1-2. أنواع الاختصاصات[6]

يمكن القول إن الاختصاصات هي المحرك الرئيس لأي قرار في مؤسسات الدولة، وهذا يتطلب من كل مؤسسة تعريف وتحديد نوع المهام المطلوب إنجازها واتخاذ القرارات تبعًا لكل مستوى وظيفي من مستوياتها. ومن هذا الفهم يمكن تقسيم الاختصاصات إلى خمس أنواع رئيسية هي:[7]

  1. الاختصاصات الحصرية: وهي الاختصاصات التي يُحددها قانون دولة ما نظام حكم أو دستور وهذا يعني حصر وتحديد وتعريف وتوزيع المهام التي يجب أن يقوم بها كل مستوى من مستويات النظام السياسي.
  2. الاختصاصات المُقيدة أو المشروطة: يقصد بهذه الاختصاصات أنَّ المسؤول يكون ملزمًا بما يضعه له القانون (النظام) من شروط وضوابط لاتخاذ قرار معين أو القيام بعمل ما، وفي هذا الوضع لا يمتلك المسؤول إلا صلاحية التثبت من توفر هذه الشروط والضوابط وتنفيذها بمعنى آخر، أن النظام يفرض على المسؤول آليات وأساليب محددة لاتخاذ قراراته، ولا يترك له حرية التقدير، ويشترط عليه استيفاء الشروط التي نص عليها النظام، وأحيانا لا يكون للمسؤول الحرية في الامتناع عن اتخاذ القرار أو اتخاذ قرار آخر.
  3. الاختصاصات المشتركة: وهي الاختصاصات المتاحة لكل الجهات أو المستويات الحكومية المختلفة في الدولة. وهذا النوع من الاختصاصات يوجد بكثرة في الأنظمة اللامركزية للحكم وخصوصًا الأنظمة الاتحادية. فعلي سبيل المثال، تجد الحكومة المركزية لها حق فرض الضرائب، وفي نفس الوقت، يعطي الدستور نفس الحق للحكومات الإقليمية والمحلية، ومن جهة أخرى، ينص دستور العديد من الدول على أن تكون السلطات المتعلقة باعتماد الميزانية مشتركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
  4. الاختصاصات التقديرية: بمعنى إلى جانب الاختصاصات الحصرية والمقيدة والمشتركة للسلطات هناك اختصاصات تقديرية أيضًا، إذ لا تخلو أغلب القرارات في إصدارها من عنصر التقدير. وفي هذه المهام يُعطي للمسؤولين حرية اتخاذ إجراءات قانونية في الأحوال التي لا يفرض عليهم النظام قيود مُسبقة، بشرط أن يكون للسلطات الرقابية والقضائية حق المراقبة والمساءلة القانونية لهذه القرارات والتصرفات الصادرة عن المسؤولين. وبمعني آخر، أن المهام التقديرية هي سلطات تُترك للمسؤولين خلال تنفيذ أعمالهم، وتسمح لهم باتخاذ أية إجراءات أخرى يرونها مناسبة بشرط إلا تتعارض مع النص الصريح للنظام، وهي مهام يتمتع بها المسؤولين في حال غياب نص قانوني واضح وصريح يعالج قضية ما، سواءً في الظروف الاعتيادية أو الاستثنائية. وهنا يجب التذكير بإن الإدارة، من حيث المبدأ، لا معنى لها دون وجود مهام تقديرية، إلا أن الخطورة في غياب النص القانوني (النظامي) للحالات المستجدة والطارئة قد يُتيح فرص للمصالح الشخصية على حساب المصلح العامة، وعليه فلا بُدَّ أن تكون المهام التقديرية خاضعة دائمًا للشفافية والرقابة والمحاسبة.
  5. الاختصاصات الممنوعة أو المحظورة: وهي الاختصاصات التي يُمنع المسؤولين من ممارستها. وعليه فلا بُدَّ أن تحصر وتعرف بكل دقة في القوانين الأنظمة الأساسية للدول. فعلى سبيل المثال، تمنع دساتير الدول الحديثة، السلطات المحلية والإقليمية من تأسيس جهاز للشرطة، أو تكوين حلف أو معاهدة لأن ذلك من الاختصاصات الحصرية للسلطات المركزية. وقد شبه بعض الفقهاء قواعد الاختصاص في القانون العام بقواعد الأهلية في القانون الخاص لأن كلاهما يقوم في الأساس على القدرة على مباشرة التصرف القانوني.

ويتضح الاختلاف من حيث المقصود في كل منها، فالهدف من قواعد الاختصاص حماية المصلحة العامة أما قواعد الأهلية فالهدف منها هو حماية الشخص ذاته، وأن الأهلية في القانون الخاص هي القاعدة، أما عدم الأهلية فاستثناء على هذه القاعدة، ويختلف الاختصاص عن ذلك في أنه يستند دائمًا إلى القانون الذي يبين حدود أمكان مباشرة العمل القانوني، وأن سبب عدم الأهلية يتركز في عدم كفاية النضوج العقلي للشخص بينما يكون الدافع في تحديد الاختصاص هو العمل على التخصيص وتقسيم العمل بين أعضاء السلطة الإدارية.

3-1-2. مفهوم قاعدة الاختصاص

يقصد بها القدرة قانونًا على مباشرة عمل إداري معين. فالقانون هو الذي حدد لكل موظف نطاق اختصاصه، وبالتالي فقواعد الاختصاص هي من صميم عمل المشرع ليحدد لكل سلطة اختصاصها ومجال عملها بما في ذلك السلطة التنفيذية على اختلاف هياكلها الإدارية الكثيرة منها، المركزية والمحلية والمرفقية.[8] كما تعرف قاعدة الاختصاص أنها القدرة أو الصفة القانونية على ممارسة وإصدار قرار إداري معين باسم ولحساب السلطة الإدارية، فالقاعدة التي تهيمن على سير الإدارة العمومية حسب هذا التعريف هي أنه لا يمكن لأي عون إداري القيام أعمال إدارية باسم الجماعة الإدارية إذا لم يقلد الاختصاص المطابق.[9] ولما كانت قواعد الاختصاص عمل منوط بالمشرع إذ هو الذي يحدد المهام والوظائف ويوزع الأدوار لمختلف السلطات الإدارية ترتب عن ذلك نتيجة قانونية مفادها أن قاعدة الاختصاص هي من النظام العام حيث لا يجوز الاتفاق على مخالفتها تحت أي ذريعة من الذرائع كأصل عام إلا إذا خول القانون جهة الإدارة نقل اختصاصها إلى جهة إدارية أخرى على سبيل الاستثناء المنصوص عليه.

ومن التعريفات لنظرية الاختصاص يتضح أنها: السلطة أو الصلاحية التي يتمتع بها متخذ القرار في إصدار قراره من الناحية النوعية الزمانية والمكانية وهي مثابة الرخصة القانونية التي تمنح الموظف العام حق ممارسة نشاط معين أو اتخاذ تصرف معين على صورة تضمن شرعية التصرف وقانونيته، وعلى هذا الأساس اقتضي تدرج الهرم الإداري من المشرع تحديد وتوزع الاختصاصات داخل الهرم الإداري بصفة لا تترك للموظف أو الهيئة سلطة الخروج عنها، كما أن قواعد الاختصاص تقوم على أساس الجمع بين عنصرين احدهما موضوعي والأخر شخصي ومحورهما هو تحقيق الارتباط بين تصرف معين وشخص معين، أو تحديد عضو الإدارة المختص الذي يحق له إصدار القرار الإداري في الزمان والمكان المحددان قانونًا.[10]

والاختصاص حسبما عرفه بعض الفقه، هو الأهلية أو القدرة القانونية الثابتة لجهة الإدارة والأشخاص التابعين لها لإصدار القرارات محددة من حيث موضوعها أو نطاق تنفيذها المكاني أو الزماني.[11]

4-1-2. تجاوز الاختصاصات

1-4-1-2. مفاهيم:

مفهوم التداخل والتجاوز: يقصد به ممارسة أكثر من جهة حكومية لنفس المهمة أو المسؤولية أو تدخل جهة في اختصاص جهة أخرى.

حينما يغتصب من لا ولاية له، سلطة إصدار قرار إداري ويصدره أو ممارسة عمل إداري ما ويمارسه دون سند قانوني له ووجود سند قانوني يحدد هذا الاختصاص لغيره. ويقصد بعيب الاختصاص خرق القواعد التي تحدد الجهة المختصة بالقيام بتصرفات معينة - بمعنى أنه إذا قام المشرع بتحديد اختصاص ما أوكل به إلى فرد معين أو إلى هيئة بذاتها بدون مشاركة أو أوكل به إلى عدة موظفين أو هيئات ليمارسه كل على حده، أو أشترط لممارسة اختصاص ما شاركه عدة أفراد أو هيئات وتعاونها معا، بحيث لا يكون العمل الإداري صحيحًا إلا بموافقتهم جميعًا وإذا صدر العمل أو التصرف الإداري من جهة مخالفة للجهة التي حددها المشرع للقيام بذلك العمل فأن تصرفها يعتبر صادر ممن لا يملك هذا الحق لأنها غير مختصة به وبالتالي يكون قابلًا للإلغاء لتوفر عيب الاختصاص، وعيب الاختصاص يعتبر الوجه الوحيد من أوجه الإلغاء الذي يتعلق بالنظام العام، وهو يتخذ صورًا مختلفة.[12]

التداخل في الاختصاص: هو الحالة التي يقوم فيها أكثر من جهاز إداري بتقديم خدمات متماثلة لنفس أصحاب المصلحة،[13] والمقصود بتنازع الاختصاصات هو: تداخل وتشابك المهام والمسؤولية بين مؤسسات الدولة ومحاولة كل مؤسسة انتزاع ما تعتقد انه من حقها والهروب من مسؤولياتها.[14] والتجاوز في المهام والاختصاصات في الإدارة العامة هو قيام شخص أو جهة إدارية بمهام تتجاوز نطاق صلاحياتها المحددة قانونًا وأنظمتها، مما يؤدي إلى خلل في التنظيم الإداري ومخالفة لمبدأ توزيع الأدوار، وقد يؤدي إلى بطلان القرارات الصادرة أو التعسف في استخدام السلطة. وتتطلب معالجة هذا التجاوز الالتزام بتوضيح وتحديد الاختصاصات وفقًا للقوانين والأنظمة، وضمان تطبيق مبدأ المواجهة والدفاع، والمراقبة الإدارية والقضائية.

تعريف التجاوز: هو خروج عن نطاق السلطات والصلاحيات المحددة لكل موظف أو جهة إدارية في القانون أو اللوائح التنظيمية. ويعتبر عيبًا في القرار الإداري، حيث أن قواعد الاختصاص تتعلق بالنظام العام ولا يجوز الاتفاق على تجاوزها.

2-4-1-2. أنواع تجاوزات الاختصاصات

وتجاوز الاختصاصات في الحكومة هو مصطلح يُستخدم لوصف الحالة التي تتجاوز فيها سلطة أو هيئة حكومية معينة صلاحياتها المحددة لها بموجب الدستور أو القوانين أو اللوائح. هذا التجاوز يمكن أن يحدث في مختلف المستويات الحكومية، سواء كانت على المستوى الفيدرالي أو المحلي، ويمكن أن يتخذ أشكالًا متعددة،[15] مثل:

  • تجاوز الاختصاصات التشريعية: عندما تتخذ السلطة التشريعية قرارات أو قوانين تتجاوز فيها صلاحياتها الدستورية أو تتعارض معها. مثل مخالفة إجراءات إصدار التشريع ومثل عدم توفر النصاب القانوني لإصدارها.
  • تجاوز الاختصاصات التنفيذية: عندما تتخذ السلطة التنفيذية إجراءات أو قرارات تتجاوز فيها صلاحياتها المحددة بموجب الدستور أو القوانين. مثل قيام السلطة التنفيذية بالتعدي على القانون والدستور ومبدأ المشروعية والقيام بأعمال أو إصدار قرارات مخالفة، وقد ظهر الاتجاه الجديد لمجلس الدولة في قضية شهيرة هي قضية الدكتور (جيرارد) النائب الشيوعي عندما أعلن فوز القائمة الشيوعية بعد تشاجر المتنافسون في انتخابات مجلس مدينة (مول) إلا أن المحافظ اصدر قرارًا بانعدام العمليات الانتخابية ثم اصدر قرارًا آخر بإعادة تلك الانتخابات وبالفعل أجريت الانتخابات من جديد إلا أنها أسفرت عن هزيمة القائمة الشيوعية. طعن الدكتور (جيرارد) وزملاؤه في القائمة الشيوعية بانعدام قرار المحافظ الصادر بانعدام الانتخابات السابقة حيث يتضمن تدخلًا في اختصاصات السلطة القضائية وعلى خلاف ما ذهب إليه مفوض الحكومة رأى المجلس أن المحافظ قد تدخل بقراره في مسألة يختص بالفصل فيها القضاء الإداري وأنه نظرا لجسامة اعتدائه على اختصاص قاض الانتخابات فقد وصف القرار الصادر في 27 إبريل سنة 1953 بأنه باطل وكأن لم يكن أو باطل ولا أثر له وهما تعبيران يفيدان أن القرار منعدم.[16]
  • تجاوز الاختصاصات القضائية: عندما تتخذ السلطة القضائية قرارات تتجاوز فيها صلاحياتها القضائية أو تتدخل في شؤون السلطة التشريعية أو التنفيذية. مثل إصدار أحكام تعيين موظفين لا تتوفر فيهم شروط الوظيفة العامة وهو اختصاص قانوني أصيل للإدارة، وتتجاوز رقابة المشروعية إلى رقابة الملائمة.

3-4-1-2. صور لتجاوز الاختصاصات والمهام

التداخل والتجاوز: تداخل وتجاوز المهام الاختصاصات هي مشكلة إدارية أو تنظيمية في مكان العمل أو في إطار مؤسسي معين. ويمكن أن يؤدي إلى العديد من المشاكل، مثل:

  • الارتباك والفوضى في سير العمل. وتكرار الجهود بشكل غير ضروري. وتضارب القرارات. وانخفاض الكفاءة والإنتاجية.
  • تنازع الاختصاصات: وهو تداخل وتشابك المهام والمسؤوليات بين مؤسسات الدولة. والحديث على الاختصاصات يعني الحديث عن جوهر الإدارة وآليات اتخاذ القرار، والتي يقود تعريفها بشكل واضح ودقيق إلى:
    • تحديد من هو متخذ القرار.
    • عدم استطاعة متخذ القرار التهرب من مسؤولياته.
    • إمكانية مساءلة ومحاسبة المخالفين ومحاربة الفساد.
    • ضمان نجاح العمل المؤسسي وتسهيل مهام المؤسسات المستقبلية.
  • التكرار الوظيفي: وجود أكثر من جهة حكومية تقوم بذات الوظيفة أو النشاط أو تتداخل معه، مما يؤدي إلى تكرار في الجهد، وتضارب في المسؤولية، وتشتت في الموارد. (وزارة الزراعة ووزارة المياه والبيئة ووزارة الثروة السمكية وكذا هيئة الموارد المائية... إلى آخره بصنعاء سابقًا).
  • تضارب الاختصاصات: هو غياب تحديد دقيق لصلاحيات كل جهة، أو وجود أكثر من جهة تملك سلطة قانونية أو فعلية على نفس الملف الإداري أو الخدمة. على سبيل المثال: وزارة الأوقاف ووزارة الإرشاد والحج وكذا الهيئة العامة للأوقاف... إلى آخره بصنعاء).

5-1-2. مبادئ أساسية لتحديد الاختصاصات:[17]

كي يتم حصر وتعريف وتحديد الاختصاصات المطلوبة لمؤسسات الدولة وتوزيعها التوزيع المناسب وبأسلوب علمي، لا بُدَّ أن تنطلق هذه الاختصاصات من مجموعة مبادئ إدارية أساسية لعل من أهمها:[18]

  1. مبدأ تقسيم العمل: بمعنى لا بُدَّ من تجميع الوظائف والمهام المتشابه والمرتبطة مع بعضها البعض على أسس المعرفة والتخصص والكفاءة والمقدرة.
  2. مبدأ وحدة القيادة: بمعنى لا بُدَّ أن يكون لكل مسؤول رئيس واحد يتلقى منه الأوامر والتوجيهات، ويرفع له التقارير والاقتراحات، ويكون هو المشرف الوحيد على أعماله. ولكي يتحقق هذا المبدأ، لا يجوز السماح بتجاوز صلاحيات المسؤول الأعلى من قبل الأدنى، لأن ذلك يُسبب خلل خطير في النظام المؤسسي، ويُولّد الفوضى والإرباك، ويقود إلى التصادم والمشاحنات بين المسؤولين.
  3. مبدأ السلطة والمسؤولية: بمعني لا بُدَّ أن يدرك كل المسؤولين الارتباط الضروري والوثيق بين السلطة والمسؤولية، وهذا يعني أن ممارسة المهام يقترن دائمًا بتحمّل المسؤولية، وإن عدم اقتران ممارسة المهام بتحمّل المسؤولية يقود إلى صعوبة تحديد من هو المُقصّر والمُخطئ بشكل واضح عند ظهور فشل أو خلل ما في مراحل العمل التي تظهر فيها إشكالية تنازع الاختصاصات.
  4. مبدأ الفصل بين المهام: هذا يعني الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومن جهة أخرى الفصل بين السلطات المركزية والسلطات المحلية. ويعني في شركات الأعمال الكبرى، الفصل بين الرئيس التنفيذي والرئيس الإداري للعمليات، بحيث يصبح لكل سلطة من هذه السلطات المسؤولية الكاملة عن جزء من عملها ويتم منحها كل الاختصاصات اللازمة للقيام بالعمل الذي طُلب منها.
  5. مبدأ الرقابة والتوازن: لكي يتم تطبيق مبدأ الفصل بين المهام على أكمل وجه، لا بد أن يرافقه مبدأ “الرقابة والتوازن” بمعني أن يتم توزيع الاختصاصات، في النظام بين السلطات الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) على نحو لا يسمح لأي منها بالانفراد بصنع القرارات، ومن جهة أخرى، ألا تكون العلاقة بينهم على أساس الفصل الكامل بينها، وإنما هي علاقة مؤسساتية متمايزة وتتقاسم فيما بينها مهام مشتركة على أسس التخصص والتكامل والمسؤولية.
  6. مبدأ الوظائف لا الأشخاص: بمعنى أن يقوم التنظيم الإداري في مؤسسات الدولة على أساس الوظائف وليس الأشخاص الذين يؤدون هذه الوظائف، فالمسؤول يقوم بممارسة أعماله التي مُنحت له بسبب وظيفته، وذلك لأن توزيع الاختصاصات حتمًا سيفشل إذا رُبط بالأشخاص وليس بالخطط والبرامج والمشاريع. وعلى المسؤولين أن يعوا بإن أحد الأسباب الرئيسية لتنازع الاختصاصات حول العديد من القضايا الإدارية والتنموية هو ارتباط هذه الاختصاصات بمصالح الأفراد الذين يقودون ويتصرفون وكأنهم هم المؤسسة.
  7. مبدأ الشفافية: بمعنى الالتزام بالوضوح والمصداقية عند تواصل المسؤولين مع الآخرين حول الأمور والقضايا المتعلقة بأعمالهم، واستعدادهم للمساءلة والمحاسبة. كما إن ممارسة هذا المبدأ يقود إلى زيادة ثقة المواطنين في مسؤوليهم، وإظهارهم بأن ليس لديهم ما يخفوه، وأنهم قادرون على القيام بمهامهم. وعليه لكي يكون المسؤول شفافًا لا بُدَّ أن يتحدث بصدق ووضوح وأن يشرح ما يشعر به وما يفكر فيه بأساليب بسيطة واضحة.

وهنا يمكن القول، إنه من الضروري حصر وتعريف وتحديد اختصاصات كل مؤسسة عامة لكي يتم تفادي التنازع والتضارب والازدواجية في المهام. وذلك لأن تنازع الاختصاصات يقود دائمًا إلى صراعات وآثار سلبية، وسهولة التهرب من المسؤولية، ويشير إلى وجود خلل جوهري في التنظيم الإداري وتوزيع الأدوار، وسيقود حتمًا إلى فشل العمل المؤسسي الذي يعتبر أحد أهم ركائز الدولة.

وعليه، فإن الحل الأساسي والضروري لهذه الإشكالية هو الاهتمام بصياغة النصوص النظامية والقانونية؛ صياغة تُعرف وتوزع وتُحدد الاختصاصات بشكل بسيط وواضح لا يحتمل التأويل ولا التفسير، وقبل كل هذا، لا بُدَّ أن تنطلق هذه الاختصاصات من المبادئ الأساسية للإدارة العلمية وخصوصًا السبع التي ذكرت أعلاه.

2-2. آثار ظاهرة التداخل والتجاوز في الاختصاص وتجارب دولية لحلها

تجاوز الاختصاصات من قبل السلطات في الحكومة يعد انتهاكا للضوابط الدستورية والقانونية، وتؤدي إلى عواقب وآثار سلبية متعددة نبين هنا عدد منها. ثم نطل على عدد من الآليات التي عالجت بها عدد من الدول هذه الظاهرة.

1-2-2. آثار تجاوز الاختصاصات

يترتب على تجاوز الاختصاص في العمل الإداري بطلان هذا العمل للتعدي على مبدأ المشروعية واهتزاز ثقة المواطن بالمؤسسات الحكومية، وتتعرض هذه الأعمال أو القرارات للإلغاء من قبل القضاء وقد يترتب عليها تعويضات مالية لمن تضرر منها: الحكم الصادر حديثًا من المحكمة الإدارية بصنعاء في يوم الأحد 21 صفر 1433 هـ الموافق 150/1/2012 بإلغاء القرار الصادر من القائم بأعمال رئيس حكومة تصريف الأعمال (المقالة) بتعيين وكيل مساعد للشؤون المالية والإدارية لقطاع الشؤون المالية والإدارية بوزارة العدل حيث جاء في حيثياته: (وحيث أن تلك الدعوى قد تطرقت إلى القول بأن المنصب الذي صدر فيه القرار المطعون فيه ليس موجودًا في هيكلة الوزارة ما سمي وكيل مساعد مما جعل ذلك مخالفة للائحة التنفيذية بوزارة العدل .. ناهيك على أن القرار صدر من قبل مجلس الوزراء وليس وفقًا لما تطلبه نص المادة (30/ب) من قانون الخدمة المدنية قرار جمهوري، أضف إلى ذلك أن الحكومة في تاريخ صدور القرار كانت حكومة تصريف أعمال لا يحق لها التعيين أو العزل حتى تشكيل حكومة جديدة حسبما نص عليه قرار رئيس الجمهورية رقم (24) لسنة 2011 وتاريخ 20/3/2011 المتضمن إقالة الحكومة مما جعل القرار معيبًا بعيب عدم الاختصاص والشكل ومخالفة القانون واستنادًا إلى ذلك وإعمالًا لأحكام الشريعة الغراء فإن المحكمة الإدارية بأمانة العاصمة تصدر حكمها بما يلي: إلغاء القرار الصادر من القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء رقم (31) لسنة 2011 لعدم مشروعيته.[19]

وأجمع عدد من الباحثين والمختصين المهتمين[20] بإصلاح الإدارة العامة، على الأثر السلبي الناتج عن تجاوز الاختصاصات في الحكومة، والذي يمكن أن يؤدي إلى:

  • إرباك العمل الإداري: تجاوز الاختصاصات يجسد الخلل في التنظيم الإداري: يؤدي إلى صراعات إدارية وفوضى في العمل المؤسسي. يؤخر اتخاذ القرارات وتكرار الإجراءات وازدواجية العمل، وعدم اختصاص القرارات يجعل القرارات باطلة وإمكانية الطعن أمام القضاء بالقرار أو التصرف الإداري المشوب بتجاوز الاختصاص من صاحب المصلحة واستجابة القضاء لطلب الإلغاء. ويسبب ضياع المسؤولية القانونية.
  • تعطيل مسار التنمية:[21] عبَّر الدكتور محمد الكبيسي بوضوح ودقة عن تداعيات التداخل والازدواجية في مهام الوزارات الحكومية المختلفة وما يترتب على ذلك من تعطيل لمسار التنمية ومن هدر مادي وبشري.
  • تجسيد حالة الفساد:[22] تؤدي ظاهرة التجاوز والتداخل في الاختصاصات إلى تكرار الإنفاق المالي لنفس المشروع ما يؤكد أن هذه الظاهرة تعد أرضا خصبة للفساد.
  • إضعاف مبدأ المشروعية: تجاوز الاختصاصات يؤدي إلى تجسيد نموذج سيء من الحكومة أمام المواطنين ما يضعف مبدأ المشروعية، ويفقد الحكومة شرعيتها.
  • التهرب من المسؤولية: قد يُسهل التهرب من المسؤولية لغياب التحديد الواضح لأدوار كل جهة.
  • التعسف في السلطة: قد يؤدي إلى تعسف السلطة الإدارية في فرض سطوتها على المخالفين، مما يحرم الموظفين من حقوقهم.
  • انتهاك الحقوق والحريات: عندما تتجاوز السلطات الحكومية صلاحياتها، يمكن أن يؤدي ذلك إلى انتهاك حقوق الأفراد وحرياتهم.
  • فقدان الثقة: تجاوز الاختصاصات يمكن أن يؤدي إلى إضعاف أو فقدان الثقة من المواطنين في أداء الحكومة والسلطات العامة.
  • الاضطراب السياسي: يمكن أن يؤدي تجاوز الاختصاصات إلى اضطرابات سياسية وعدم استقرار في الحكم.
  • التأثير على العدالة: تجاوز الاختصاصات القضائية يمكن أن يؤثر على نزاهة وعدالة النظام القضائي.

2-2-2. تجارب دولية نجحت في حلّ مشكلة تجاوز الاختصاصات في الإدارة العامة

يجوز للإدارة كقاعدة عامة أن تتدخل في أي وقت لتعديل أو لتغيير القواعد التي تحكم المرفق حتى تكون مسايرة للظروف الاجتماعية والاقتصادية المتطورة، لما في ذلك من تحقيق للمصلحة العامة.[23] بهدف معالجة التدخل والتجاوز في الاختصاصات ضمان احترام المشروعية وحماية المصلحة العامة وتتمثل حماية المشروعية في ضرورة التأكد من التزام جميع الوحدات الإدارية بممارسة اختصاصاتها دون تجاوز أو تداخل فيما بينها والتزامها بالقواعد القانونية دستورية كانت أو قانونية أو لائحية.

هناك العديد من التجارب الدولية الناجحة التي يمكن الاستفادة منها في معالجة مشكلة تجاوز الاختصاصات في الإدارة العامة. وهذه التجارب الدولية يمكن الاستئناس بها وقد توفر رؤى قيمة ومعلومات مفيدة لمعالجة مشكلة تجاوز الاختصاصات في الإدارة العامة في اليمن، استقيناها من عدد من المواقع منها على سبيل المثال:

1. سنغافورة: تعتبر سنغافورة نموذجًا رائعًا في إدارة الشؤون الحكومية ومنع تجاوز الاختصاصات. وأنشأت لجنة «التنسيق المؤسسي» للفصل في النزاعات بين الجهات الحكومية. تعتمد على تقارير تحليلية دورية لتقييم كفاءة توزيع المهام. ونذكر بعض العوامل التي ساهمت في نجاح تجربة سنغافورة:

  • الاستقرار السياسي: تتمتع سنغافورة باستقرار سياسي كبير، مما يسمح للحكومة بتنفيذ سياساتها بفعالية.
  • النظام القانوني: يعتبر النظام القانوني في سنغافورة من أكثر الأنظمة قانونية في العالم، مما يضمن تطبيق القوانين بصرامة وعدالة.
  • الشفافية والمساءلة: تتميز الحكومة السنغافورية بالشفافية والمساءلة، مما يضمن مساءلة المسؤولين عن أفعالهم.
  • الرقابة القضائية: يلعب القضاء في سنغافورة دورًا هامًا في مراقبة دستورية القوانين والقرارات الحكومية.

2. الدنمارك: تعتبر الدنمارك أيضًا نموذجًا رائعًا في إدارة الشؤون الحكومية ومنع تجاوز الاختصاصات. نعدد بعض العوامل التي ساهمت في نجاح تجربة الدنمارك:

  • الديمقراطية التشاركية: تتميز الدنمارك بديمقراطية تشاركية، حيث يشارك المواطنون في صنع القرارات الحكومية.
  • الشفافية والمساءلة: تتميز الحكومة الدنماركية بالشفافية والمساءلة، مما يضمن مساءلة المسؤولين عن أفعالهم.
  • النظام القانوني: يعتبر النظام القانوني في الدنمارك من أكثر الأنظمة قانونية في العالم، مما يضمن تطبيق القوانين بصرامة وعدالة.
  • الرقابة القضائية: يلعب القضاء في الدنمارك دورًا هامًا في مراقبة دستورية القوانين والقرارات الحكومية.

3. نيوزيلندا: تعتبر نيوزيلندا نموذجًا رائعًا في إدارة الشؤون الحكومية ومنع تجاوز الاختصاصات. وهناك بعض العوامل التي ساهمت في نجاح تجربة نيوزيلندا:

  • الاستقرار السياسي: تتمتع نيوزيلندا باستقرار سياسي كبير، مما يسمح للحكومة بتنفيذ سياساتها بفعالية.
  • الشفافية والمساءلة: تتميز الحكومة النيوزيلندية بالشفافية والمساءلة، مما يضمن مساءلة المسؤولين عن أفعالهم.
  • النظام القانوني: يعتبر النظام القانوني في نيوزيلندا من أكثر الأنظمة قانونية في العالم، مما يضمن تطبيق القوانين بصرامة وعدالة.
  • الرقابة القضائية: يلعب القضاء في نيوزيلندا دورًا هامًا في مراقبة دستورية القوانين والقرارات الحكومية.

ومن أبرز ما قامت به نيوزيلندا:

  • فصل الوظائف السياسية عن الإدارية.
  • تحديد مؤشرات أداء واضحة لكل جهة حكومية.
  • تقليل عدد الجهات المتداخلة في أداء الخدمات.

4. ماليزيا: في منع تجاوز الاختصاصات بين الوزارات والجهات تعتبر ماليزيا نموذجًا رائعًا في إدارة التنمية والاستقرار السياسي. فقد استطاعت تحقيق معدلات نمو عالية وفرض نفسها كدولة نامية ناجحة، ويعود الفضل في ذلك إلى عدة عوامل مهمة:

  • الاستقرار السياسي: يتمتع النظام السياسي في ماليزيا بالاستقرار، مما ساهم في نجاح نموذجها التنموي. هذا الاستقرار يعود إلى كفاءة وفعالية الأداء الحكومي.
  • العدالة الاجتماعية والمساواة: تحرص الحكومة الماليزية على تحقيق مستويات عالية من العدالة الاجتماعية والمساواة، مما يعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
  • إدارة المجتمع المتعدد الأعراق والأديان: أثبتت ماليزيا قدرتها على إدارة مجتمع متعدد الأعراق والأديان، مما ساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي.
  • السياسات التنموية الفعالة: اعتمدت ماليزيا سياسات تنموية فعالة ساهمت في تحقيق معدلات نمو عالية وتقدم اقتصادي ملحوظ.

هذه العوامل مجتمعة ساهمت في جعل ماليزيا نموذجًا يحتذى به في مجال التنمية والاستقرار السياسي. يمكن للعديد من الدول حول العالم، وخاصة الدول العربية، الاستفادة من هذه التجربة الناجحة.

5. الولايات المتحدة: وضعت لجنة هوفر سنة (1947-1949) (273) توصية ركزت على إعادة تنظيم الأجهزة التنفيذية لتقليل الازدواجية.

6. كندا:

  • اعتمدت نموذج الإدارة بالأهداف لتحديد مسؤوليات كل جهة حكومية بدقة.
  • أنشأت هيئات مستقلة لمراقبة الأداء وتقييم التداخل بين الجهات الحكومية، وقامت بتفعيل دور مكتب «Ombudsman» للتحقيق في شكاوى التداخل، والذي تُمنح سلطاته لتقديم توصيات مُلزمة للجهات الحكومية.

7. المملكة المتحدة: أنشأت لجنة وزارية دائمة للفصل بين الوزارات والإدارات العامة، اعتمدت على معايير قانونية وسياسات عامة في إصدار الأحكام.

8. الإمارات العربية المتحدة: أنشأت لجنة «فض المنازعات الحكومية» بإشراف رئاسة مجلس الوزراء، والتي تتسم قراراتها بالسرعة والفعالية، وهي ملزمة لكافة الجهات.

9. السعودية:

  • تعمل على إصدار دليل صلاحيات عالي الدقة يوضح اختصاصات كل جهة.
  • تعزيز التنسيق بين الجهات عبر منصات إلكترونية مشتركة.
  • إعادة هيكلة الأجهزة الحكومية.
  • تعزيز الشفافية والمساءلة.
  • استخدام التكنولوجيا لتقليل التداخل وتحديد واضح للصلاحيات والمسؤوليات.

ختامًا، يمكن تلخيص أبرز العوامل التي ساعدت الدول في التخلص من هذه المشكلة وتخفيف آثارها بالتالي:

  • الإدارة الإلكترونية: تجربة سنغافورة في الإدارة الإلكترونية: نفذت سنغافورة نظامًا إلكترونيًا متكاملًا لتحسين كفاءة الإدارة العامة وتقليل التداخل بين الوزارات والهيئات الحكومية.
  • تحديد المسؤوليات: تجربة نيوزيلندا في تحديد المسؤوليات: اعتمدت نيوزيلندا نظامًا لتحديد المسؤوليات بوضوح لكل وزارة وهيئة حكومية، مما ساعد في تقليل التداخل وتحسين الشفافية.
  • تعزيز الرقابة والمساءلة: تجربة كندا في تعزيز الرقابة والمساءلة: أنشأت كندا هيئات رقابية مستقلة لمراقبة أداء الإدارة العامة وضمان الالتزام بالقوانين واللوائح.
  • تحسين التواصل بين الجهات: تجربة أستراليا في تحسين التواصل بين الوزارات: عززت أستراليا التواصل بين الوزارات والهيئات الحكومية من خلال إنشاء فرق عمل مشتركة وآليات للتنسيق.
  • إدارة الأداء: تجربة الدنمارك في تطبيق نظام إدارة الأداء: طبقت الدنمارك نظامًا لإدارة الأداء في الإدارة العامة، مما ساعد في تحديد الأهداف والمسؤوليات بوضوح وتحسين الكفاءة.

3. الإطار التطبيقي للدراسة (الحالة اليمنية)

بسبب ما يطبع الإدارة العمومية اليمنية من تعدد وغموض وتداخل وتجاوز المهام والاختصاصات، أفقيًا على مستوى وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة ورأسيًا على مستوى كل جهة ووحدة إدارية بوحدها، وعلى مستوى المركزي والمحلي، ووصول حالة التضخم الهيكلي والتشريعي إلى مستويات كبرى لا يمكن تجاهلها، فقد بلغ عدد الوحدات الإدارية للدولة أكثر من 350 وحدة،[24] وبلغت التشريعات المنظمة للإدارة العامة بالمئات.

وقد اتسمت التشريعات الحكومية المنظمة لعمل جهاز الإدارة العامة بالتقادم، وغياب اللوائح التنظيمية ولوائح التوصيف الوظيفي. ووجود تعارض وازدواج في العديد من تلك التشريعات، فعلى سبيل المثال تظهر الدراسات أن هناك العديد من القوانين واللوائح، تصل إلى ما يزيد عن ثمانين تشريعًا، التي تتعارض مع تشريعات السلطة المحلية.[25] وهو ما جعل الموظفين في حالة ارتباك، وأتاح فرصة الاجتهاد في تفسير النصوص وأدى إلى انتشار الفساد.[26]

ومع ظهور الرغبة لدى صانع القرار السياسي اليمني لإصلاح وضع الإدارة العامة، بإعادة هيكلة الحكومة بصنعاء (حكومة التغيير والبناء) وتقليصها إلى 19 وزارة فقط، حيث تم دمج الوزارات ذات الاختصاص الموضوعي الواحد وهي خطوة رئيسة لإصلاح جهاز الإدارة العامة بتحديد الاختصاص ومنع تعدده وتداخله، وشكلت اللجنة العليا للدمج برئاسة رئيس الوزراء، التي لا تزال تعمل بطريقة غير صحيحة حيث أعلنت أنها أنجزت حتى يوم 5 أغسطس 2025 (أثناء كتابة هذا البحث) عدد من اللوائح المنظمة لعمل الوزارات، بالمخالفة للمعمول به حيث يتوجب البدء بتعديل القوانين ثم نقوم بتعديل اللوائح، لكي لا يخالف الأدنى الأعلى ويُلغى لعدم الدستورية.[27]

سنتناول في هذا المبحث من الدراسة الحالة اليمنية، وسيكون ذلك في مطلبين، الأول: أسباب ومظاهر التداخل بالاختصاص في اليمن، والثاني: الإصلاح الهيكلي والتشريعي للاختصاص.

1-3. أسباب ومظاهر التداخل بالاختصاص في الحكومة اليمنية

1-1-3. أسباب التداخل والتجاوز في الاختصاصات

من أهم أسباب مشكلة التداخل والتجاوز في الاختصاصات في اليمن:

1. تغليب السياسي على الإداري:

  • المحاصصة الحزبية: منذ أول حكومة لدولة اليمن الموحد عام 1990 حكومة العطاس المعلن عنها بتاريخ 22 مايو 1990، وحتى حكومة خالد بحاح 2014، تشكلت 11 حكومة، تضمنت فيها وزارات تراوحت بين (32-42) وزارة. وبعد العدوان على اليمن في 26 مارس 2015 تشظّت الحكومة إلى حكومتين واحدة في صنعاء وأخرى في الخارج. إن المحاصصة الحزبية في الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية كغنائم بين الأحزاب من أبرز السلبيات التي تقوض أداء الحكومات وتعيق مهامها وهو ما يخالف مبدأ التداول السلمي للسلطة الوارد بالمادة (5) من الدستور، وظهرت الأنانية الحزبية بصورة سيئة والتي جعلت الحزب فوق الوطن، واستغلت الوظيفة العامة لصالح الحزب الحاكم منتهكة التحريم الدستوري[28] والقانوني الذي يحرم استغلال الوظيفة العامة لصالح حزب سياسي، فعلى سبيل المثال عام 2011 وظف حزب المؤتمر الشعبي العام عدد ستين ألف شخص من أعضائه، وعام 2012 وظف حزب الإصلاح عدد مئة ألف شخص من أعضائه. أدى هذا العبث بمؤسسات الدولة لأسباب سياسية إلى ترهل الهيكل الإداري وتداخل الاختصاصات بين الوزارات والجهات حتى على مستوى الوزارة والجهة الواحدة، وهذا التضخم الهيكلي بتعدد الوحدات الإدارية أيضًا أدى لاختيار قيادات إدارية غير مؤهلة علميًا من الأعضاء المنتمين للحزب، واستنزاف الخزينة العامة للدولة وهدر أموالها.
  • الطلب الخارجي: جاء إنشاء العديد من الوحدات بناء على طلب خارجي فعلى سبيل المثال: إنشاء القضاء التجاري بناء على طلب منظمة التجارة العالمية، وإنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بناء على طلب منظمة الشفافية الدولية، وإنشاء وزارة حقوق الإنسان بناء على طلب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهكذا تحاول الأنظمة السيئة تجميل وجهها أمام الخارج على حساب أوطانها.

2. الاختلال التشريعي:

الفجوة بين التشريع والتطبيق: فقد حددت المادة (66) من الدستور اليمني أن مجلس النواب هو السلطة التشريعية للدولة وهو الذي يقر القوانين، كما أعطى الدستور بالمادة (120) يصدر رئيس الجمهورية بناء على اقتراح الوزير المختص وبعد موافقة مجلس الوزراء القرارات واللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين وتنظيم المصالح والإدارات العامة، على ألا يكون في أي منها تعطيلًا لأحكام القوانين أو إعفاء من تنفيذها... إلى آخره.[29]

السلطة التشريعية للدولة هي المختصة بإصدار القوانين، والحكومة مختصة بإصدار اللوائح وفقًا للمادة (129) من دستور الجمهورية اليمنية والحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة، وتتكون من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء الأعضاء في مجلس الوزراء بموجب المادة (130) من الدستور، ومجلس الوزراء كوحدة واحدة مسؤول تضامنيًا أمام رئيس الجمهورية وأمام مجلس النواب بموجب المادة (123) من الدستور.[30]

وتنقسم اللوائح الإدارية إلى أنواع كثيرة، ذكر منها دستور الجمهورية اليمنية: اللوائح التنفيذية واللوائح التنظيمية، وتعريفها كالتالي:

  • اللوائح التنفيذية جاءت في المادة (120) من الدستور اليمني، وهي من أهم وأشهر اللوائح الإدارية على الإطلاق إذ تبدو فيها الصفة التنفيذية للسلطة الحكومية والإدارية ويقصد بها اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية بقصد وضع التفصيلات والجزئيات أو الإجراءات العملية من أجل تنفيذ القوانين.[31]
  • اللوائح التنظيمية هي اللوائح المتعلقة بتنظيم المرافق والمصالح العامة تضمنها الدستور اليمني بالمادة (120) منه، وجعلها من اختصاص رئيس الجمهورية ويطلق على هذه اللوائح تعبير قرارات تنظيمية للمرافق والمصالح العامة ومن أمثلة هذه اللوائح لقرار الجمهوري الصادر بإنشاء وتنظيم وزارة جديدة أو تنظيم وزارة قائمة أو مصلحة أو غيرها.[32]

وهنا يتضح لنا عدد من الأسباب الهامة التي تؤدي إلى تداخل الاختصاصات بين الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وبأنه قانوني وتشريعي، يمكن تلخيصها كالتالي:

  • عدم وجود مراكز قانونية متخصصة تتبع البرلمان (مجلس النواب) في مراجعة القوانين المقدمة للبرلمان قبل عرضها على المجلس للمناقشة، وكذا عدم وجود مركز قانوني متخصص يتبع رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء يقوم بمراجعة وإعداد اللوائح التنفيذية والتنظيمية مع الجهة المعنية بالتشريع قبل إصدارها من رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء.
  • تعدد الجهات التي تعد مشاريع التشريعات (قوانين/لوائح) وغياب الخبراء في مرحلة إعداد مشاريع القوانين واللوائح:
  • غياب المتخصصين أساتذة القانون الإداري الأكاديميين عن اللجان القانونية، وقيام موظفين خبرتهم لا تناسب المهمة بإعداد مشاريع قوانين ولوائح جهاتهم ومحاولة إعطاءها كل الصلاحيات حتى وان خرقت قوانين ولوائح أخرى.
  • عدم اتباع الإجراءات العلمية لإعداد قانون أو لائحة[33] قبل الإجراءات الدستورية، تكليف المشتغلين بوظائف تنفيذية باللجان القانونية مثل اللجنة العليا للدمج ما يمكن أن يؤدي إلى قصور في التشريعات خصوصًا أن اغلب أعضائها يشغلون مناصب تنفيذية عليا بالحكومة منشغلين بمهام وظيفتهم.[34]
  • إعداد مشاريع القوانين واللوائح من قبل موظفين غير مؤهلين لذلك ولا يراعون التعارض والتضارب والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية... إلى آخره.
  • كثير من القوانين المنظمة للجهاز الإداري تأتي مختصرة بشدة ويتم إحالة التفاصيل إلى اللوائح والاجتهادات القانونية، ووجود صيغ مبهمة في النصوص مثل مصطلح المهام المستعمل بكثرة في القوانين للدلالة على الاختصاص يعني في الحقيقة الأعمال المختلفة المتفرعة عن كل اختصاص، ومن الواضح الإبهام في اختصاصاتها.

2-1-3. مظاهر تداخل الاختصاصات بالإدارة العامة في اليمن

تشهد حكومة صنعاء، شأنها شأن معظم الأنظمة الإدارية في الدول ذات البنى غير المستقرة، اختلالًا إداريًّا بنيويًّا يتجلى في التكرار الوظيفي الهيكلي وتضارب الاختصاصات بين الوزارات والهيئات والمؤسسات. هذه الظاهرة لم تعد مجرد خلل إداري تقليدي، بل تحوّلت إلى عائق إداري هيكلي حقيقي يهدد كفاءة الجهاز الحكومي، ويُفرغ فكرة المرفق العام من محتواها كمؤسسة تنموية تخدم المواطم بكفاءة وعدالة، ولعل من أبرز مظاهر التداخل في الاختصاصات في الإدارات اليمنية ما يلي:

1. التضخم التشريعي:

سبق لنا في مطلع الإطار التطبيقي للدراسة، أن أشرنا إلى أن الدراسات أكدت وجود تقادم وتعارض وتضارب وازدواج في التشريعات المنظمة للإدارة العامة باليمن، فعلى سبيل المثال هناك ثمانون تشريعًا تتعارض مع قوانين السلطة المحلية، وعلى ذلك قس، وبالاطلاع على منظومة التشريعات للإدارة العامة لليمن نجد أن هناك تضخم تشريعي فعلى سبيل المثال:

  • قانون الوقف: اللائحة التنفيذية لقانون الوقف - اللائحة المالية للأوقاف - قانون إنشاء الهيئة العامة للأوقاف والإرشاد.[35]
  • مجموعة تشريعات الخدمة المدنية عدد من القوانين واللوائح.
  • مجموعة تشريعات التعليم العالي عدد من القوانين واللوائح.
  • مجموعة تشريعات التعليم العام عدد من القوانين واللوائح.
  • مجموعة تشريعات التعليم الفني والتقني عدد من القوانين واللوائح.
  • مجموعة تشريعات الإدارة المحلية عدد من القوانين واللوائح.
  • مجموعة تشريعات الطبية عدد من القوانين واللوائح.
  • مجموعة التشريعات الأمنية عدد من القوانين واللوائح.

2. التضخم الهيكلي:

بحسب التقارير الحكومية فقد حيث وصلت الأجهزة الحكومية باليمن إلى 350 وحدة إدارية (وزارة وهيئة ومؤسسة وصندوق ومصلحة ومجالس عليا ولجان)[36] كل هذا خلف تركة ثقيلة من التخلف الإداري والاقتصادي للحكومة، ومن إفرازات واقع الإدارة العامة في هذا الخصوص، حالة التضخم الهيكلي، بروز ظاهرة وحدة الاختصاص مع التباين في نمط الأجهزة الإدارية سواء كانت هذه الأخيرة موازية لبعضها البعض في التصنيف العمودي للهيئات الإدارية، أو كانت خاضعة لنظام التوزيع التنازلي بين الفروع والكيانات القانونية العامة، حيث ينطوي ضمن هذه الشبكة النظامية سلطات إدارية عليا تعلو على سلطات إدارية أدنى، وعلى الرغم من محاولة النصوص التشريعية توزع الاختصاص بنوعية المكاني والزمني، إلا أن تشارك وتشابك العلاقات الإدارية داخل الإدارة العامة قد يؤدي إلى تدخل هيئة إدارية في اختصاص هيئة إدارية أخرى، ولعل أبرز مثال على ذلك تدخل وزير معين في صلاحيات وزير آخر لتشابه بعض القطاعات الوزارية في المهام.[37] ففي موضوع المياه مثلًا تتشابك (وزارة المياه والبيئة ووزارة الزراعة وهيئة الموارد المائية ومؤسسة المياه والصرف الصحي وهيئة تنمية مياه الريف والسلطة المحلية) في ذات الموضوع، هنا تبرز أهمية تحديد المهام والأهداف بوضوح في علم الإدارة، حيث إن لكل وحدة إدارية اختصاصاتها ما يمنع الازدواجية والتضارب في تنفيذ المهام على اعتبار أن من أسباب تدني الإنتاجية في أي منشاة هو تداخل الاختصاص بين الوحدات الإدارية، المفضي إلى إعاقة الإنجاز وظهور مؤشرات الصراع بين أطقم الهياكل التنفيذية للمؤسسات العمومية.

ونذكر هنا انه تم إعادة هيكلة الوزارات في حكومة البناء والتغيير بصنعاء لتقليل الازدواجية وتداخل الاختصاصات هو برنامج حقيقي لتطوير القطاع الحكومي، يهدف لتحسين أداء الوزارات، والمؤسسات الحكومية، وتوجيهها للعمل نحو الأهداف الاستراتيجية المتوسطة وبعيدة المدى. ونحن بدورنا نشد على يد القيادة للمضي في هذا النوع من التوجه المحمود والإصلاح المطلوب. لأن تحقيق واستدامة النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والسياسي في اليمن يعتمد بشكل أساسي على مقدرة وفعالية إدارة الوزارات والمؤسسات الحكومية للسياسات والبرامج التنموية المختلفة، بهدف رفع معدل الرفاهة الاجتماعية ومستوى إحساس الفرد بالأمان.

إن الدستور اليمني واضح فقد حدد في المادة (130) بأن «رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون بالتضامن أمام رئيس الجمهورية وأمام البرلمان عن تنفيذ السياسة العامة للحكومة، وكل منهم مسؤول مسؤولية فردية أمام الرئيس والبرلمان عن أداء واجباته وممارسة صلاحياته». وبسبب التداخل والازدواجية في عمل الأجهزة الحكومية، تتنصل كل جهة من القيام بما هو مطلوب بحجة أنها تقع في اختصاص جهات أخرى وبالأخص عندما يتطلب الموضوع اتخاذ أي قرار مهما كان نوعه. إن استمرار مثل هذا التداخل يعني في أبسط صوره أنه: (1) لا يوجد تعاون بين الوزراء. (2) الوزراء يبحثون عن الروتين الطويل والممل حتى لا يرتكبوا أي خطأ يؤدي إلى عزلهم. (3) عدم القدرة على إنهاء المشروعات المفتوحة التي تخدم المجتمع وتزيل المعاناة حيث أنها تتطلب اتخاذ قرارات. (4) تعقيد تقديم الخدمات بما يصعب الحياة اليومية للمواطنين في التعامل مع أجهزة الدولة.

3-1-3. مظهر من مظاهر تجاوز الاختصاصات في المؤسسات الدستورية في اليمن

حكومة صنعاء الحالية في اليمن تواجه تحديات عديدة تؤثر على فعاليتها ونجاحها. تجاوز الاختصاصات في اليمن يمكن أن يظهر في عدة مجالات، خصوصًا في النظام القضائي والإداري. ونعطي مثال لبعض المظاهر الرئيسية للتجاوز بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية كل من جهته:

1-3-1-3. مظاهر تجاوز السلطة القضائية للسلطة التنفيذية
  • تجاوز مأموري الضبط القضائي لسلطاتهم: يحصل أن يتجاوز مأمورو الضبط القضائي في اليمن سلطاتهم المحددة في قانون الإجراءات الجزائية، مثل القبض على الأشخاص دون أمر من النيابة العامة أو تفتيش المساكن دون إذن قضائي.
  • تداخل الاختصاصات بين السلطات: يحصل أن يحدث تداخل بين اختصاصات السلطات القضائية والإدارية، مما يؤدي إلى تجاوزات في ممارسة السلطة.
  • عدم احترام الإجراءات القانونية: عدم الالتزام بالإجراءات القانونية المحددة في قانون الإجراءات الجزائية، مثل عدم تقديم المتهم إلى القضاء في غضون 24 ساعة من تاريخ القبض عليه.
  • تجاوزات في مرحلة جمع الاستدلالات: يحصل أن يحدث تجاوز في مرحلة جمع الاستدلالات، مثل جمع المعلومات بطريقة غير قانونية أو بدون إذن من النيابة العامة.
  • عدم احترام الحريات الشخصية: يمكن أن يحدث تجاوز في حق الحريات الشخصية، مثل القبض على الأشخاص دون سبب أو تقييد حريتهم دون أمر قضائي.

من المهم أن يتم تعزيز الرقابة والمساءلة لضمان عدم تجاوز الاختصاصات وضمان احترام الحقوق والحريات. كما يرى بعض الفقهاء - ونحن لا نختلف معهم - بإنه يمكن حل هذا التداخل عن طريق التمييز بين ثلاث حالات:[38] إذا قصد المشرع من إناطة الاختصاص للهيئة الإدارية الخاصة منع تدخل الهيئة الإدارية العامة في ذلك، كما في إنشاء شرطة سكك الحديد في فرنسا كي تختص بمسائل الأمن والسلامة الصحية داخل سكك الحديد فليس للهيئة الإدارية العامة عند ذاك مثل المحافظ أو رئيس البلدية إصدار أي قرار يتعلق بسكك الحديد. كما يرى بعض الفقهاء أن تدخل الهيئة الإدارية العامة في اختصاص الهيئة الإدارية الخاصة يكون ممكنًا إذا كان ذلك مكملًا لها، ويضرب مثالًا على ذلك الحكم الصادر من مجلس الدولة الفرنسي في قضية (لوتيسيا) في 18 كانون الأول 1959 التي أجيز فيها للعمدة أن يتدخل بمنع عرض فيلم سينمائي حصل على موافقة وزارية بسبب الطابع غير الأخلاقي للشريط ووجود ظروف محلية تمنع من عرضه.

وفي البعد الوطني ومشروعية النظام فان انتهاك اختصاص السلطة القضائية يعد جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتقادم وفقًا لمواد الدستور الفصل الثالث السلطة القضائية (149-154). أما في البعد الدولي فقد وضعت الجمعية العام للأمم المتحدة سبعة مبادئ يتعين توافرها في السلطة القضائية في الدولة حتى يمكن وصفها بأنها تتمتع بالاستقلال المنشود. وهذه المبادئ هي:[39]

  • تكفل الدولة العضو في الأمم المتحدة استقلال السلطة القضائية فيها ويجب أن ينص على ذلك دستورها أو قوانينها. وعلى جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام استقلال السلطة القضائية ومراعاته. <>وكفالة استقلال السلطة القضائية يعني أن أي أمر يخل بهذا الاستقلال فإن الكفيل - وهو الدولة - يكون مسؤولًا عن نتائجه. فوجود أي مؤثرات تؤدي إلى تبعية أو عدم إمكانية قيام مرفق القضاء بدوره أو القائمين على المرفق بدورهم أو حتى القيام بذلك دون المتوقع، فإن السلطة القضائية بذلك تكون غير مستقلة ومن قم يتوافر إخلال بكفالة الدولة مما ينتج عنه تحمل المسؤولية الدولية، وهذه المسؤولية تكون في مواجهة الشخص الشاكي أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، أو أمام دولة الشاكي في حالة تبني الأمر من قبلها.

  • تكون للسلطة القضائية في الدولة العضو الولاية على جميع المسائل ذات الطابع القضائي، كما تنفرد السلطة القضائية باختصاص البت فيما إذا كانت أية مسالة معروضة عليها للفصل فيها تدخل في نطاق اختصاصها بحسب التعريف الوارد في القانون. <>أعترف هذا المبدأ للسلطة القضائية أنها وحدها صاحبة اختصاص في المسائل ذات الطابع القضائي، وكذلك في تقرير اختصاصها على مسألة معروضة عليها من عدمه. غير أنه يلاحظ أنه بينما أقر هذا المبدأ للسلطة القضائية الاختصاص على جميع المسائل ذات الطابع القضائي، جعل حق السلطة القضائية في تقرير الاختصاص على مسألة ما تنحصر فقط في المسائل المعروضة عليها للفصل فيها. ومن ثم فإن المسائل التي لا تصل إلى القضاء لا تستطيع السلطة القضائية تقرير اختصاصها عليها من عدمه وذلك كإنشاء محاكم خاصة لنظر قضايا معينة.

2-3-1-3. مظاهر تجاوز السلطة القضائية لاختصاص السلطة التنفيذية

وفقًا لأحكام الدستور النافذ، لا يجوز لأي سلطة التنازل عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في الدستور والقانون، كما لا يجوز لها التدخل في اختصاصات سلطة أخرى. وقد تضمن الدستور اليمني الحالي 162 مادة موزعة على خمسة أبواب، أبرزها الباب الثالث الخاص بتنظيم سلطات الدولة (المواد 62-154)، حيث يضم ثلاثة فصول: الفصل الأول للسلطة التشريعية (المواد 62-104)، والفصل الثاني للسلطة التنفيذية (المواد 105-144) الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة فروع؛ الأول لرئاسة الجمهورية (106-128)، والثاني لمجلس الوزراء (129-144)، والثالث لأجهزة السلطة المحلية (145-148). أما الفصل الثالث فقد خُصص للسلطة القضائية (المواد 149-154).

وفي ما يتعلق بتعدي القضاء على الاختصاص الأصيل للإدارة، نلاحظ صدور عدد من الأحكام القضائية عن المحكمة الإدارية بصنعاء خالفت القانون الواجب التطبيق، وتجاوزت حدود السلطة التنفيذية لتحل محلها. فقد حكمت هذه المحكمة بتعيين موظفين وأعضاء هيئة تدريس في الجامعة، في حين أن هذا الاختصاص يعد أصيلًا للجامعة نفسها. إذ تحكم الجامعات منطلقات قانونية خاصة نص عليها القانون رقم (18) لسنة 1995 بشأن الجامعات اليمنية وتعديلاته، ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم (32) لسنة 2007، حيث تحدد هذه النصوص آليات تعيين عضو هيئة التدريس وتنظم مسؤولياته وواجباته وحقوقه وإنهاء خدمته. وبذلك تكون المحكمة قد تجاوزت اختصاصها المقرر بالرقابة على المشروعية والإلغاء، إلى ممارسة رقابة الملاءمة، وهو ما يشكل خروجًا على حدود وظيفتها القضائية.

2-3. الإصلاح الهيكلي والتشريعي للاختصاص

إن عملية الإصلاح لظاهرة التداخل في الاختصاصات تتطلب الاهتمام لمسألة ترشيد بنيات واختصاصات إدارات الدولة، حينما اعتبرت أن إصلاح الهياكل الإدارية هو بمثابة الوسيلة الفعالة للقيام بإصلاح جذري، وذلك بإعادة النظر في البنيات التي يرتكز عليها نشاط النظام الإداري، عن طريق تحديد اختصاصات الوزارات وتنظيمها وتوزيع الاختصاصات بين الوحدات الرئيسة على المستويين المركزي والمحلي، وذلك لتجنب الازدواجية في العمل. نكلف الحكومة بالعمل على تصحيح كافة الاختلالات في المجال الإداري وإلغاء الازدواج الوظيفي.

في هذا المطلب نطرح عدد من الرؤى لمعالجات ظاهرة التداخل والتجاوز في الاختصاص في فقرتين: تنظيم الإدارة العامة بإعادة الهيكلة، إصلاح التشريعات المنظمة.

1-2-3. تنظيم الإدارة العامة بإعادة الهيكلة

تداخل الاختصاصات وتضخم المؤسسات التي وصلت إلى 350 وحدة إدارية بحسب التقرير السابق ذكره، يعوقان تفعيل الإدارة العامة في اليمن. ففي الإدارة اليمنية هناك تداخل وازدواج في الأنشطة، وهناك أنشطة في الأجهزة لا رابط ولا تنسيق بينها، وهناك عدم وضوح في الأهداف التي يراد تحقيقها. وتمت التوصية بإعادة التنظيم على مبدأ جمع الخدمات والنشاطات المتماثلة وإزالة الازدواج، وتقليص عدد الأجهزة التنفيذية بما يزيل تضخم تلك الأجهزة مع التركيز على توافر الفاعلية في أدائها والتنسيق في نشاطاتها والخدمات التي تقدمها، ما يوجب العمل على إعادة النظر ودراسة الهيكلية الإدارية والتنظيمية لأجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، والتركيز على تقليص التضخم في الأجهزة والمؤسسات الذي أفرزته الأوضاع السابقة. أن الهيكل الإداري السابق للدولة لم يكن مبنيًا على أساس إداري صحيح وإنما مبنيًا على تقسيم الحقائب الوزارية بين الأحزاب السياسية المتنفذين ذوي الولاءات الضيقة والمقربين من صناع القرار. تحجيم التوسع في إنشاء الوحدات الإدارية والاقتصادية المستقلة التابعة لوحدات الجهاز الإداري للدولة للحد من شتات نطاق الإشراف تقليلًا للنفقات، وتلافي تدني مستوى الإنتاجية في أية إدارة يتم التداخل بين الاختصاصات بين الوحدات الإدارية، الذي يعيق العمل، ويخلق الصراع في الإدارات بعضها مع بعض، وبين الأشخاص القائمين على العمل في المنشأة الواحدة، وجد انه وحتى الآن هناك تداخل بين الإدارات. وهذه الإشكالية يفترض أن تحل ويتم تحديد الاختصاصات وعدم التداخل بينهما.[40] وذلك من خلال تجميع الأنشطة المتجانسة في تقسيمات واحدة وتلافي ازدواج أو تداخل الاختصاصات بين مختلف الوحدات الإدارية، وتمكين الموظفين من الأداء المتميز عن طريق محاسبتهم على النتائج وإشراكهم في صنع القرارات وإكسابهم المهارات وتوفير بيئة العمل الملائمة لهم. ويصاحب إعادة هيكلة الوزارات الاهتمام بالموظف اليمني عن طريق إعطائه الأجر الكافي للمعيشة في ظل العدوان والحصار ثم إعادة تدريبه وتأهيله، وإكسابه مهارات جديدة، ورفع معدلات الأداء والإنتاجية له، وتزويده بالإمكانات التي تساعده على أداء وظيفته.

تعتبر الهياكل الإدارية مجموعة من الوحدات المنظمة تهدف إلى ترجمة الاستراتيجيات والسياسات العمومية، وتسهيل وتيسير تنفيذ البرامج والمشاريع. واعتبارا لذلك فإن هذه الوحدات يجب أن تتلاءم مع المهام الحديثة للإدارة لتمكينها من الاستجابة لمتطلبات بيئتها وتلبية حاجيات المرتفقين.

بإعادة النظر في أهداف إنشاء الهيئات والمؤسسات العامة وضبط معايير التقسيم الإداري للهيئات والمؤسسات وغيرها من الهيئات الإدارية واستمرار إعادة الهيكلة فيها وفقًا لهيكل الحكومة الجديد بما يساهم في ترشيق التضخم الحاصل وتكرس الفصل المرن في الاختصاص الحائل دون حصول الاشتراك في تنفيذ المهام على نحو منع تأثر التداخل في الاختصاص والتعاون في استكمال الجوانب التنظيمية الناقصة أو معالجة التداخلات في ظل الظروف الاستثنائية والعبء الكبير، من الأمور التي تسهل تنفيذ المهمة وتحد من تفاقمها، حيث أن ثقافتنا تحثنا على الإصلاح الإداري وأن نكون سباقين في هذا. كما تحثنا في المستوى نفسه على المزيد من الاحترام المتبادل، والمزيد من التنسيق، ليقوم كلٌ بدوره، لا سيما أن الموقف حاليًا في بلادنا موقف جهادي وإخوان على الجهاد وكسر العدوان، حتى لا تُفهم بعض التصرفات غير المقصودة بشكل خاطئ.[41]

إن عملية تنظيم إدارات الدولة يتطلب وضع معايير محددة وإطارًا مرجعيًا واضحًا، يستجيب للتطورات التي عرفها هذا المجال، وكذا المتطلبات الملحة لإدارات الدولة في إعادة هيكلة مصالحها بالسرعة والمرونة التي تقتضيها الحاجيات المتجددة للمرافق العمومية على المستويات المركزية والجهوية والإقليمية، وبالاستناد إلى أنماط جديدة في تدبير الوحدات الإدارية وجملة من القواعد التي يقوم عليها التدبير الحديث كالتحسيس بالمسؤولية والقرب من المواطن والشفافية وجودة المرفق العام.

وانسجامًا مع ذلك، يتعين على الحكومة إعداد قانون ينظم قواعد عمل القطاعات الوزارية والهيئات العامة، ويحدد المبادئ الأساسية لترشيق البنية الإدارية، مع مراجعة النصوص المتعلقة بإعادة الهيكلة والمصادقة عليها. ولتحقيق الأهداف المنشودة، ينبغي أن تتم عملية إعادة الهيكلة مع مراعاة:

  • تجميع المهام والاختصاصات المتشابهة في بنية واحدة.
  • التناسب بين حجم المهام وطبيعتها وبين البنية الإدارية المنشأة.
  • التوزيع العادل للموارد البشرية على مختلف الوحدات، مع تشجيع الحركية والتدريب المستمر.
  • منع تداخل الاختصاصات بين البنى المختلفة داخل القطاع نفسه.
  • وضوح الأثر المالي لإعادة الهيكلة، مع تقليص النفقات وترشيدها قدر الإمكان.
  • تحقيق التوازن بين الوحدات ذات المهام الأساسية وتلك المكلفة بالدعم.

2-2-3. إصلاح التشريعات المنظمة

بعد الإصلاح الهيكلي المشكلة ستستمر طالما وان القوانين واللوائح غير متناسقة، فهي تؤدي إلى تكرار الصلاحيات خاصة في ظل ضعف التنسيق المؤسسي الذي يجعل كل جهة تعمل بمنظورها الخاص دون رؤية تكاملية من الجهات الأخرى الأمر الذي يتطلب معالجات قانونية وتشريعية، ما يعني معه البدء بمراجعة التشريعات لتعديل القوانين واللوائح وعمل مشاريع قوانين جديدة.

وبالنظر إلى أهمية مرحلة النصوص المنتظمة لاختصاصات الوزارات، فإنه يتعين تتبع هذه المرحلة بعناية وباستمرار من طرف اختصاصيين في التنظيم الإداري باتصال مع المسؤولين عن مختلف الإدارات، ولهذا وجب إسناد مهمة إعداد تلك النصوص إلى رجال القانون مختصين يجمعون بين الكفاءة والتجربة والمعرفة القانونية اللازمة.[42]

ومن أجل تجاوز هذه الأزمة في التداخل في الاختصاصات فإنني أرى أن يسند إلى وزارة الشؤون القانونية بإعداد مشروع وطني يحدد فيه اختصاصات كل إدارة على حده، وبالنسبة لتحديد الاختصاصات الداخلية فيوكل بها إلى الإدارة العامة للشؤون القانونية الموجودة حاليًا في كل وزارة يمنية.[43]

ولهذه الغاية فإن توضيح الاختصاصات الإدارية يجب أن ينصب بالخصوص على تحديدها بدقة من خلال النصوص، وذلك بتعريف الصلاحيات المخولة لكل هيئة وكل عون عمومي حتى تكون كل سلطة إدارية على بينة بالدقة والوضوح اللازمين بكافة الصلاحيات التي تدخل ضمن اختصاصاتها، وأن تحقيق هذا الهدف يجعل من الضروري وفي مرحلة أولى بأعمال مبدأ التخصص الوزاري الذي بموجبه يتم التمييز بين مختلف الوحدات الإدارية. خاصة في الحقبة المعاصرة حيث أصبحنا نشهد تكاثر الوزارات التقنية التي تتجه المهام الموكول إليها إلى التداخل والتقارب من بعضها البعض، لذا فأن كل وزارة يجب أن تتوفر لديها فكرة واضحة ومحددة بدقة عن المهمة الموكول إليها، ومن ثم فإنه يستحسن اللجوء إلى استعمال المذكرات التوضيحية والدوريات الداخلية الموجهة والمفسرة للنصوص للوصول إلى أفضل استغلال ممكن لتلك النصوص. والتالي تحقيق توزيع أمثل للاختصاصات حتى يتم تفادي كل تداخل ممكن وكل تنازع فيما بينها سواء داخل الوزارة أو بين وزارتين أو أكثر.

البدء بعمل مشاريع قوانين جديدة وتعديل القوانين المنظمة والمتعلقة بالوزارات السابقة للتعديل الحكومي والدمج لحكومة أغسطس 2024 قبل البدء بإعداد اللوائح المنظمة لأن الترتيب النسقي رأسيًا للمنظومة القانونية تبدأ بالدستور أعلى الهرم ثم يليه القانون ثم يليه اللوائح، ويجب ألا يخالف الأدنى الأعلى وإلا وصم بالبطلان لعدم الدستورية.

فالدستور هو القانون الأسمى الذي ينشئ وينظم السلطات العامة في الدول ويحدد اختصاص كل سلطة وكيفية ممارستها لاختصاصها، كما يقرر حقوق والتزامات الأفراد وحرياتهم، كما أنه يقوم بتحديد البناء الاجتماعي والاقتصادي للدولة، يبدأ تحديد الاختصاصات من الفصل بين السلطات بالدستور.

3-2-3. اللجوء إلى التحكيم الحكومي

اللجوء إلى التحكيم الحكومي كوسيلة عاجلة لفض الاشتباك والتداخل في الاختصاص وفق قانون قضايا الدولة ولائحته التنفيذية بعد تعديله وفق إعادة الهيكلة للحكومة في أغسطس 2024، وتعريف التحكيم الحكومي: آلية لتسوية النزاعات بين الجهات الرسمية داخل الدولة، غالبًا ما تكون ذات طابع إداري أو تنظيمي، وتستند إلى مرجعية قانونية محددة. ويوُعد التحكيم الحكومي أحد الأدوات الإدارية الحديثة التي يمكن أن تسهم في تنظيم العلاقة بين أجهزة الدولة، وتجنب التداخل في المهام والاختصاصات. وقد أثبتت التجارب الدولية أن تنظيم التحكيم الداخلي بين الجهات الحكومية يرفع كفاءة الأداء، ويُعزز حوكمة القطاع العام. ومن هنا، توصي هذه الدراسة بتفعيل هذا النظام وفق أسس قانونية ومؤسسية واضحة لضمان التنفيذ الفعلي والعادل. فهي من آليات حل الإشكالات التي تظهر كنزاع اختصاص بين جهتين بالدولة، آلية التحكيم الحكومي لحل ظاهرة التداخل والتجاوز في المهام والاختصاصات بالجهات الحكومية بالدولة، وفقًا لأحكام مواد القانون واللوائح التنفيذية والتنظيمية المقرة.

ويمكن للتحكيم الحكومي أن يساهم للحد من التداخل والتجاوز في الاختصاصات داخل القطاع الحكومي، فالتحكيم بشكل عام وسيلة قانونية بديلة ويمكن للتحكيم الحكومي أن يكون أداة لحل الخلافات والنزاعات الحكومية الناتجة عن التجاوز والتداخل في الاختصاصات بين الجهات الحكومية المختلفة والتي تشكل معضلة تعيق تنفيذ السياسات العامة وتحد من فعالية العمل المؤسسي واتخاذ القرارات اللازمة والمناسبة من الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل في وقتها المناسب وذلك لوجود أكثر من جهة تدعي الحق في ذلك مما يؤثر سلبًا على سير العمل الحكومي بالشكل المطلوب.

ويمكن للتحكيم الحكومي أن يكون واحدًا من الحلول والمعالجات ولكي يؤدي التحكيم الحكومي دوره في حل هذه المشكلة ينبغي أن يستند إلى منظومة حكومية وألية واضحة ومحدده وهيئة مستقلة تعنى بالتحكيم الحكومي، من خلال مراجعة قانون قضايا الدولة[44] ولائحته التنفيذية[45] وإضافة مهمة جديدة للمكتب القانوني وتعزيز وضعه وارتباطه برئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية وتجديد مهامه بالإضافة للمهام الموجودة واعتماده مسار تحكيمي حكومي إلزامي قبل اللجوء إلى الجهات القضائية.

كما يستدعي الأمر مراجعة دورية للتشريعات الحكومية وقوانينها ولوائحها، بإشراف المكتب القانوني، لضمان وضوح الاختصاصات وتجنب التداخل بينها. ويُتوقع أن يسهم التحكيم الحكومي في تخفيف العبء عن القضاء، وتحسين مستوى التنسيق بين الأجهزة، وتعزيز الثقة المؤسسية، وتقليل النزاعات المتكررة، إضافة إلى ضمان التفسير الحيادي للتشريعات واللوائح.

ومن المهم أيضًا إلزام الجهات الحكومية بإجراءات التحكيم الداخلي في المكتب القانوني قبل رفع أي نزاع اختصاصي إلى القضاء، مع دعم المكتب القانوني بكادر أكاديمي متخصص، وتدريب الكوادر القانونية والإدارية على مبادئ التحكيم وحوكمة الاختصاص.

4-2-3. آليات ومبادئ نستأنس بها

  • تحديد الاختصاصات يعني الحديث عن جوهر الإدارة وآليات اتخاذ القرار، وأن تحديدها وتعريفها التعريف الواضح والدقيق يقود إلى:
    1. تحديد من هو متخذ القرار.
    2. عدم استطاعة متخذ القرار التهرب من مسؤولياته
    3. إمكانية مساءلة ومحاسبة المخالفين ومحاربة الفساد،
    4. ضمان نجاح المؤسسة وتسهيل مهامها المستقبلية.
  • استكمال الدمج المؤسسي الهيكلي للحكومة، وعمل توصيف وظيفي موحّد يربط كل وظيفة بمهمة محددة وصلاحية دقيقة. حيث يجب أن تُحدد الاختصاصات لكل موظف أو جهة بوضوح بموجب القوانين والأنظمة.
  • إصدار «الدليل الوطني لاختصاصات الجهات الحكومية»، يتم تحديد صلاحيات كل وزارة وهيئة بدقة. إعادة تعريف الاختصاصات بوثيقة وطنية مرجعية.
  • إعادة النظر في تشكيل اللجنة العليا للدمج لتعزيزها بكوادر مؤهلة ومتخصصة لتنفيذ مهمتها، في دراسة كافة الهياكل الحكومية وتوصيفها. وإعادة توزيع الصلاحيات داخل الوزارات والهيئات وبين الوزارات والمحافظات وفق نموذج حوكمي هرمي: المركز (السياسات العامة) والمحافظة (التنفيذ) وهذا يقلل من تكرار العمل.
  • يكون الوزراء وقيادات الهيئات والمؤسسات العامة مؤهلين تمامًا لمراكزهم وان يكونوا على دراية تامة بالمبادئ الإدارية وبالقدرة على إدارة العمل بالدولة، ويكونوا مسؤولين بشكل تام عن أداء الحكومة وتعزيز الشفافية والمساءلة: تعزيز الشفافية في العمل الحكومي ومساءلة المسؤولين عن تجاوزاتهم. واتخاذ إجراءات صارمة لضمان تطبيق العدالة.

مع تبين من جوانب هامة في ثنايا الدراسة، نظيف في الخاتمة عدد من النتائج، والتوصيات كما يلي

4. النتائج

  • من أسباب ضعف الأداء للإدارة العامة في اليمن وجود التضخم الهيكلي والتضخم التشريعي الذي أدى إلى ظاهرة التداخل والتجاوز على مستوى أفقي بين الجهات الإدارية وعلى مستوى رأسي داخلي للجهات ذاتها وأيضًا ما بين المركزي والمحلي.
  • من أسباب التضخم الهيكلي الذي أنتج التي أنتجت مشكلة التداخل والتجاوز في الاختصاصات: تغليب السياسي على الإداري، وهنا يتضح أهمية ضرورة توفر إرادة سياسية للإصلاح وممارسة الإدارة لعملها في إطار تحديد واضح لاختصاصاتها، بهدف جعل البنيات الإدارية قادرة على القيام بالعمليات المطلوبة منها والحصول على نسبة مقبولة من تنفيذ المقررات الإدارية، دون وجود أي تداخل أو ازدواجية في الاختصاص بين الوحدات والمستويات الإدارية، هو ما يوجب إعادة النظر ودراسة الهيكلة الإدارية والتنظيمية لأجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، لتقليص التضخم من خلال الاستمرار في دمج الوحدات المتداخلة اختصاصاتها، استكمال لما تم في رأس حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء في 18 أغسطس 2024 وتم دمج الوزارات إلى 19 وزارة.
  • إن معالجة التكرار الوظيفي وتضارب الاختصاصات في الحكومة ليست مجرد إصلاح إداري تقني، بل هو إعادة تأسيس لمفهوم الدولة نفسها كمنظومة خدمية فعالة. لن يُكتب النجاح لأي عملية إعادة بناء مؤسسي ما لم تبدأ أولًا من تحديد من يفعل ماذا؟ ولمن؟ وكيف؟ وفي أي مستوى من الدولة. وهنا تأتي الحوكمة لا كخيار إداري بل كضرورة وجودية لبقاء الدولة.
  • يتضح أن ظاهرة التداخل في الاختصاص بشكل عام تكيف على أنها أزمة قانونية تشريعية وتضارب وفراغ قانوني بالدرجة الأولى، حيث تم إعداد القوانين واللوائح من قبل موظفين غير مؤهلين لذلك ولا يراعون التعارض والتضارب والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية... إلى آخره، وافتقار البرلمان الذي يصدر القوانين وكذا الحكومة التي تصدر اللوائح، إلى مراكز قانونية متخصصة تعد القوانين واللوائح، خصوصًا أن السلطة التنظيمية وهي الحكومة عند ممارستها لاختصاصها المتعلق بسن التشريع الفرعي الخاص اللوائح التنفيذية والتنظيمية والضبطية خصوصًا في مجال توزع الاختصاص ووضوح الصلاحيات، ولذلك فإن عوارض التكامل بين الجهات ومنها التداخل في المهام تظهر وجود تضخم إداري والأداء معا، والمطلوب في هذه الحالة هو عقلنة وترشيد التشريعات الإدارية لتفادي التضارب في الصلاحيات وتضخم المصالح الإدارية.
  • إن عملية الإصلاح للجهاز الإداري للدولة في اليمن لمسألة تحديد الاختصاصات ووضع حلول لعدم تداخلها، يتطلب المراجعة الشاملة للمنظومة القانونية النافذة (الدستور - القوانين - اللوائح) وليس المراجعة الجزئية أو التعديل الشكلي، أي أن نعيد النظر في وظائف الدولة من أساسها وفي بنية النسق الإداري السياسي والمؤسساتي والمالي في اليمن، وكذا في آليات وضع وتدبير وتنفيذ السياسات العمومية، وهذا الأمر يعتبر ذا أولوية على اعتبار أهمية دور المؤسسات الدستورية واختصاصاتها وجهاز الحكومة بكل مكوناته.
  • اتضح غياب أساتذة القانون الإداري الأكاديميين عن اللجان القانونية واللجان التشريعية العليا بالدولة، ما يمكن أن يؤدي إلى قصور في التشريعات وفي تنفيذ مهام الوظيفة العامة خصوصًا أن اغلب أعضاء اللجان التشريعية يشغلون مناصب تنفيذية عليا بالحكومة منشغلين بمهام وظيفتهم.
  • التداخل في الاختصاص مفهوم إداري ليست حيادية ومنفصلة عن قانون السببية، بل أن نشوئها لأسباب ساهمت في تكونها وتفاعلها، منها الأسباب السياسية التي عصفت باليمن خلال 4 عقود مضت وغياب التخطيط والتنظيم وغياب الثقافة القانونية الإدارية وغياب المساءلة والمحاسبة في أعلى الهرم بالحكومة كما جاء من اشتراطات تعجيزية (موافقة ثلث أعضاء مجلس النواب) في قانون محاكمة شاغلي وظائف السلطة العليا.
  • الاهتمام لمسألة ترشيد بنيات واختصاصات قطاعات وإدارات الدولة، حينما تعتبر بأن إصلاح الهياكل الإدارية هو بمثابة الوسيلة الفعالة للقيام بإصلاح جذري، وذلك بإعادة النظر في البنيات التي يرتكز عليها نشاط النظام الإداري، عن طريق تحديد اختصاصات الوزارات وتنظيمها وتوزيع الاختصاصات بين الوحدات الرئيسية على المستويات: المركزي والمحلي، والأفقي على مستوى الوحدات، ثم الرأسي داخل كل وحدة، وذلك لتجنب الازدواجية في العمل وتكرار الإنفاق على نفس العمل في أكثر من جهة.
  • توضيح الاختصاصات الإدارية بدقة من خلال النصوص القانونية، في القوانين واللوائح التنفيذية واللوائح التنظيمية، وذلك بتعريف الصلاحيات المخولة لكل هيئة وكل موظف رسمي، حتى تكون كل سلطة إدارية بالدقة والوضوح اللازمين بكافة الصلاحيات التي تدخل ضمن اختصاصاتها، وأن تحقيق هذا الهدف يجعل من الضروري وفي مرحلة أولى بإعمال التخصص الوزاري الذي بموجبه يتم التمييز بين مختلف الوحدات الإدارية، خاصة في الحقبة المعاصرة التي تعيشها اليمن من عدوان وحصار، لذا فإن كل وزارة يجب أن تتوفر لديها فكرة واضحة ومحددة بدقة عن المهمة الموكول إليها، وتحديد الاختصاصات بدقة ووضوح يشكل جانب لا يستهان به في مخططات الإصلاح الإداري للدولة حتى ينجز الموظف العام عمله بالشكل المطلوب ولكيلا تضيع المسؤولية، يجب أن يعرف كل شخص في الكيان الإداري اختصاصاته مسؤولياته وواجباته.

5. التوصيات

  • نوصي بالارتقاء بالمكتب القانوني إلى مؤسسة تتبع رئاسة الجمهورية مع توسيع اختصاصاتها ومهامها لتكون جهة وحيدة تراجع مشاريع التشريعات بالتنسيق مع الحكومة والبرلمان، وإضافة اختصاص الفصل في الاختصاصات بين شخصيات المرفق العام إلى المكتب، وذلك من خلال التعديل القانوني اللازم لقانون قضايا الدولة ولائحته التنفيذية، مع رفد المكتب بكادر مؤهل علميًا وخبير ميدانيًا، وبالإمكانات اللازمة وعلى أن يتم إيكال المكتب المراجعة شاملة للترسانة القانونية (قوانين ولوائح) المنظمة لأعمال الحكومة، وتوحيدها في نسق قانوني واحد منسجم ومتسق بهدف تفادي التكرار والتضخم التشريعي وتوضيح الاختصاصات بشكل جلي.
  • ترقية الإطار التشريعي المنظم للاختصاصات الإدارية: من النصوص اللائحية إلى النصوص القانونية ذات الطابع التشريعي ما يضمن الحدود المطلوبة من الحماية خصوصًا مسألة التداخل في الاختصاص.
  • مراجعة التشريعات المنظمة للإدارة العامة قوانين ولوائح تنظيمية وتنفيذية وضبطية، وإعادة ضبطها وفق الهيكل الجديد للحكومة والوزارات وتحديد صلاحياتها وموظفيها وفق الهيكلة للحكومة في أغسطس 2024 وهي الخطوة الأولى التي تمت لضبط الاختصاصات يتبعها هيكلة بقية الوحدات الإدارية للحكومة التي بلغت أكثر من 350 وحدة، وبعدها ضبط التشريعات قوانين ولوائح، (ويتعين تتبع هذه المرحلة بعناية وباستمرار من قبل اختصاصيين في التنظيم الإداري والقانوني الإداري باتصال مع المسؤولين عن مختلف الإدارات، لهذا وجب إسناد مهمة إعداد تلك النصوص إلى رجال القانون مختصين يجمعون بين الكفاءة والتجربة والمعرفة القانونية اللازمة)[46]. وأرى أن يسند هذا المشروع إلى المكتب القانوني (وزارة الشؤون القانونية، سابقًا) وكلية الشريعة والقانون ومركز الدراسات القانونية بجامعة صنعاء، أي إشراك المجتمع الأكاديمي والنقابي في ورش تحليل وتوصيف الوظائف وتقييم الهياكل.
  • إعداد المشروع الوطني ليحدد فيه الاختصاصات على مستوى الوزارات والهيئات المختلفة كل على حدة، لتجنب التجاوز والتداخل الأفقي على المستوى الوطني في المهام والاختصاصات بين الوزارات والهيئات، من خلال مراجعة قوانين ولوائح إنشائها والمنظمة لأعمالها، وبالنسبة لتحديد الاختصاصات الداخلية لكل وزارة أو هيئة بمختلف مستوياتها الداخلية، توكل مهمة مراجعتها وتحديدها بدقة ووضوح للإدارة العامة للشؤون القانونية الموجودة بكل جهة. تحت إشراف المكتب والكلية والمركز.
  • ترسيخ الثقافة القانونية لموظفي الدولة: عمل برنامج قانوني توعوي للموظف العام من أعلى الهرم الوظيفي إلى أدناه بدورات وورش ونشرات والمذكرات التوضيحية والدوريات الداخلية الموجهة والموضحة والمفسرة للنصوص، للوصول إلى أفضل استغلال ممكن لتلك النصوص.
  • وضع لوائح وسياسات إدارية واضحة ومعلنة منشورة في الجهات الإدارية للدولة مستندة لقوانين ولوائح إنشائها، لتكون:
    • دليل توضيحي لمهام الموظفين ومسؤولياتهم وبالتالي فهي تمنع التداخل في الأعمال وتفصل المهام بين كل موظف وآخر وبين كل إدارة وأخرى بشكل أفقي ورأسي، مركزي ومحلي.
    • وثيقة إدارية وقانونية في نفس الوقت وذلك من خلال تحديدها للسلطات والصلاحيات وعلى ذلك الأساس تتم عملية المساءلة فيما بعد وإقامة الحجة واتخاذ العقوبة في حالة أي مخالفات أو تقصير. ومن الممكن استخدام تلك اللوائح كأدلة اثبات امام المحاكم والجهات القانونية الأخرى.
    • أداة مساعدة في منع الاجتهادات الشخصية والتقديرات الخاطئة وبالتالي تعتبر كرأي نهائي ومدروس للكثير من الأعمال التي تتعدد فيها الافكار والحلول.
    • عاملة على صناعة الوعي الإداري والثقافة التنظيمية لدى قيادات الجهات الإدارية وموظفيهم. وذلك لاحتوائها على مبادئ وتجارب وافكار محدثة ومفصلة بحسب نشاط الجهة الإدارية وطبيعة العمل فيها.
    • معيار لتقييم الموظفين ومقياس لمدى التزامهم وانضباطهم بالأعمال ووسيلة أثناء تقدير المستحقات لكل وظيفة وتعطى رسالة للأخرين بأن الموضوع ليس، شخصيا، وإنما تحت ضغوط الأنظمة واللوائح.
    • راسمة لحدود العلاقة فيما بين الموظفين من حيث الدوام وتقسيم المهام حيث يؤدي ذلك إلى تخفيف المشاكل وتحسين الأداء، وتنظيم الإدارة يساعد على التقليل من الأخطاء ويقلل التكاليف ويمنع التداخل والتجاوز في المهام والاختصاصات والمزاجية في اتخاذ القرارات العشوائية ويساعد على حل المشاكل ووضع الحلول والبدائل.

إخفاء المراجع

المراجع

  • عبد الله فهد العبد الجادر، «تشابك الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية: الأسباب والحلول»، مقال منشور، 31 أغسطس 2008.
  • عبد العزيز عبد المنعم خليفة، القرارات الإدارية في الفقه وقضاء مجلس الدولة (الإسكندرية: منشأة المعارف، 2007)، ص 49.
  • عزيز إدريس، إشكالية الشفافية داخل الإدارة العمومية المغربية. مذكرة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1997.
  • بحسب التشريع المقارن.
  • عزيز ادريس - إشكالية الشفافية داخل الإدارة العمومية المغربية - مذكرة لنيل دبلوم دراسات عليا في القانون العام 1997 - كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية - جامعة محمد الخامس أكدال.
  • محمد بالروين، «إشكالية تنازع الاختصاصات»، مقال منشور، أستاذ العلوم السياسية وعضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، 28 سبتمبر 2021.
  • موسوعة ويكيبيديا، Wikipedia
  • عمار بوضياف، القرار الإداري: دراسة تشريعية قضائية (الجزائر: جسور للنشر والتوزيع، 2007)، ص89.
  • ناصر لباد، الوجيز في القانون الإداري، ط 4 (الجزائر: دار المجد للنشر والتوزيع، 2010)، ص259
  • صفحة على فيسبوك، facebook.com/gharb، تمت الزيارة 12 أغسطس 2022.
  • سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية: دراسة مقارنة (القاهرة: دار الفكر العربي، 1984)، ص382.
  • مليكة الصروخ، القانون الإداري: دراسة مقارنة، ط 4 (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة، 1998)، ص524.
  • التنمية الإدارية، أغسطس 2022 الرابط.
  • محمد بالروين، «إشكالية تنازع الاختصاصات»، مقال منشور، أستاذ العلوم السياسية وعضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، 28 سبتمبر 2021.
  • ناصر لباد، الوجيز في القانون الإداري، ط 4 (الجزائر: دار المجد للنشر والتوزيع، 2010)، ص259.
  • رأفت دسوقي محمد، فكرة التحول في القرارات الإدارية. دار الفكر الجامعي، 2004، ص188 وما بعدها.
  • «مدونة البوطي»، albuthi.com/blog/3555.
  • محمد بالروين، «إشكالية تنازع الاختصاصات»، مقال منشور، أستاذ العلوم السياسية وعضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، 28 سبتمبر 2021.
  • حكم المحكمة الإدارية بالأمانة رقم (9) لسنة 1433ه - في القضية الإدارية رقم (4) لسنة 1433ه.
  • محمد الكبيسي، «التداخل والازدواجية والأجهزة الحكومية»، جريدة الشرق، 28 يونيو 2013. راشد الفضلي، «الازدواجية والتداخل في الوزارات والمؤسسات»، جريدة الشرق، 1 يناير 2014.
  • محمد الكبيسي، «التداخل والازدواجية والأجهزة الحكومية»، جريدة الشرق، 28 يونيو 2013.
  • راشد الفضلي، «الازدواجية والتداخل في الوزارات والمؤسسات»، جريدة الشرق، 1 يناير 2014.
  • مليكة الصروخ، القانون الإداري: دراسة مقارنة، ط 4 (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة، 1998).
  • تقرير الهياكل المؤسسية للدولة (صنعاء: المركز الوطني للمعلومات، 2012).
  • أحمد محمد الماوري، التقييم القانوني لنظام السلطة المحلية في اليمن ومقترحات التطوير. مؤسسة بيرغهوف، برلين، يناير 2018، ص12.
  • أحمد محمد الماوري، «إصلاح جهاز الإدارة العامة وتحديات إعادة بناء الدولة في اليمن»، مجلة حكامة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا، الدوحة، مجلد 2، العدد 4.
  • وفقًا لحكم المادة 153/أ من الدستور اليمني وأحكام المواد ذات العلاقة.
  • المادة (5) من الدستور اليمني: يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلميًا، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين.
  • مجموعة التشريعات اليمنية المتعلقة بوظيفة النيابة العامة (صنعاء: المكتب العام، 2003).
  • أحمد عبد الرحمن شرف الدين، الوجيز في القانون الإداري (صنعاء: مكتبة الصادق، 2013)، ص102.
  • أحمد عبد الرحمن شرف الدين، مرجع سابق، ص201.
  • أحمد عبد الرحمن شرف الدين، مرجع سابق، ص201.
  • راجع بحثنا المنشور على موقع المركز التأسيسي للدراسات والبحوث - صنعاء.
  • المرجع السابق.
  • القرار الجمهوري بالقانون رقم 43 لسنة 1447هـ بإنشاء الهيئة العامة للأوقاف والإرشاد، 20 أغسطس 2025.
  • تقرير الهياكل المؤسسية للدولة (صنعاء: المركز الوطني للمعلومات، 2012).
  • محمد الصغير علي، الوس في منازعات الإدارة (الجزائر: دار العلوم للنشر والتوزيع، 2009)، ص183.
  • التداخل بين اختصاصات هيئات الإدارة.
  • سامي عبد الله الدريعي، «مبدأ استقلال القضاء في العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية»، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، العدد 1، السنة 32 (مارس 2008)، ص113.
  • صالح غريب، «التداخل في الاختصاصات»، مقال منشور، 28 مارس 2011.
  • أحمد العماد، «تداخل وتجاوز في المهام والاختصاصات»، مقال منشور 8 مايو 2023، صحيفة لا.
  • عزيز إدريس، إشكالية الشفافية داخل الإدارة العمومية، مرجع سابق، ص216
  • سبق لي أن أوصيت بتكليف وزارة الشؤون القانونية بإعداد هذا المشروع، كما جاء في كتابنا: الفكر السياسي عند الرئيس - دار المجد للطباعة والنشر، الطبعة الأولى - فبراير 2001 - صنعاء - الجمهورية اليمنية. ص161
  • القانون رقم (30) لسنة 1996 بشأن قضايا الدولة.
  • قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (40) لسنة 1997 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 30 لسنة 1996.
  • عبد الله حداد، القضاء الإداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية 1993، ص121.

إخفاء المراجع

المراجع